|
المسؤولية الدولية عن التلوث البيولوجي
شلال عواد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 3 - 21:47
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
التلوث البيولوجي من اقدم صور التلوث التي عرفها الإنسان ، و يتمثل في وجود كائنات حية مرئية أو غير مرئية ، نباتية أو حيوانية ، تظهر آثاره في الوسط البيئي و الناتج عن الجراثيم و مختلف الطفيليات كالبكتريا أو الفايروسات و غيرها ، كما تظهر آثاره على صحة الإنسان من خلال انتشار أمراض كالطاعون و الجمرة الخبيثة و أنفلونزا الطيور . و التلوث الذي تقوم عليه المسؤولية الدولية ينبغي أن يكون عابرا للحدود و ليس محليا ً، و التلوث العابر للحدود يحدث بفعل الأنشطة التي تمارسها الدولة على إقليمها و تحت سيادتها فتفرز تلوث يمتد إلى المحيط البيئي لدولة أخرى أو لمناطق غير خاضعه لاختصاصها الإقليمي . و قد عرفته اتفاقية تلوث الهواء لعام 1979، بانه ذلك التلوث الذي يكون مصدره العضوي موجود كليا في أو جزئياً في منطقة تخضع لاختصاص الوطني لدولة و يحدث آثاره الضارة في منطقة تخضع للاختصاص الدولي الوطني لدولة أخرى و من هذ نستنتج إن التلوث عبر الحدود يستلزم وجود دولتين ، دولة ملوثة و دولة ضحية ، مما يولد صراعاً حول اختراق و انتهاك سيادة إقليم دولة أخرى ، لان القانون الدولي يعترف بالحقوق السيادية لكل دولة على إقليمها ، لكن دون التعسف في استعمال الحق من خلال ممارسة أنشطة تسبب التلوث العابر للحدود . و قد استوجب القانون الدولي في تقليل التلوث عبر الحدود أن يراعى مبدا النهج الوقائي ، وهذا المبدأ حديث نسبياً و ذي علاقة بالتعاون لمنع التلوث عبر الحدود ، وهو أن تقوم الدول بدراسة مسبقة للأنشطة التي تمارسها حتى لا تحدث أضرار على البيئة ، وقد تضمن هذا المبدأ كل من اتفاقية اسيو ، وبرنوك مدريد 1991 و إعلان ريو للبيئة و التنمية لعام 1992 . و تستمد المسؤولية الدولية عن التلوث البيولوجي قواعدها من قواعد و أحكام المسؤولية عن انتهاك القانون الدولي ، فالدول كأعضاء في المجتمع الدولي ينشئ لها حقوق و واجبات ، لهذا فإن أي إخلال بواجباتها يحملها تبعة الأضرار الناتجة عن هذا الإخلال . و إن الأساس التقليدي لمسؤولية الدولة عن النشاط الذي يتسبب في انتهاك قواعد حماية البيئة هو أن تتحمل الدولة المنسوب إليه النشاط ،المسؤولية القانونية عن أي ضرر يلحق في بيئة دوله أخرى . فالمسؤولية الدولية التقليدية تقوم على أساس الخطأ ، فالمسؤولية لا تترتب فقط بناءً على مخالفتها لالتزام دولي بل يجب أن يواكب هذه المخالفة و قوع الخطأ ، بالإضافة إلى قيامها على أساس العمل غير المشروع و كذلك على أساس آخر هو التعسف في استعمال الحق و كذلك مبدا حسن الجوار . و قد ثبت عدم استطاعة عناصر المسؤولية التقليدية على إيجاد حلول للمسائل القانونية في العلاقات الدولية المعاصرة ، وذلك ناتج عن التقدم العلمي الهائل الذي حدث في العالم , فكان لابد من البحث على أساس لتغطية خلات المسؤولية الدولية عن الأضرار العابرة للحدود ، لا يشملها مفهوم الخطأ و لا تدخل في عداد الأفعال غير المشروعة دولياً ، حتى تساير الأوضاع الجديدة المستحدثة و بذلك برزت نظرية المخاطر كأساس للمسؤولية الدولية عن التلوث الدولي . و إن مسؤولية التلوث على أساس المخاطر هي مسؤولية تترتب على عاتق الدولة بسبب الأضرار الناجمة عن أنشطتها ، فعلى الدول التي تقوم بأعمال المخاطرة بممارسة الأنشطة النووية و التجارب و البحوث البيولوجية و التي تعود بالربح أو النفع عليها ، أن تتحمل المسؤولية ، أي إن من يقوم بممارسة أنشطة أو أعمال خطرة عليه أن يتحمل المسؤولية عن المخاطر التي ترتبت عن ذلك دون الحاجة إلى إثبات خطا أو إخلال بالتزام دولي ، فالواقعة المنشئة للمسؤولية الدولية قد تكون مشروعة و لكن خطرة بطبيعتها و مكوناتها التي تتركب منها فتترتب المسؤولية على أساس المخاطر التي تحدثها على الدول الأخرى . ألا إن في مجال القانون الدولي قد تعترض تطبيق هذه المسؤولية بعض المؤثرات أو العوائق التي تعيق إقامة المسؤولية الدولية عن التلوث بصورة عامة و التلوث البيولوجي بصور خاصة ، و هو إن تحديد الطرف الذي احدث التلوث أو الذي تسبب فيه لا يمكن تحديده بسهولة ، كذلك إن تم تحديد هذا الطرف المسؤول عن التلوث سوف تظهر صعوبة أخرى تتمثل في عدم إمكانية تقدير الضرر بشكل دقيق ، ذلك إن هذه الأضرار واسعة و قد تكون مستمرة وجدت و ستستمر طويلاً و بذلك يصعب تقدير التعويض للدولة المتضررة ، و التعويض هو الجزاء الأول و الأهم في مثل هذه المسؤولية .
#شلال_عواد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كورونا ، تغريدة الإنسانية
-
كورونا... أثبت إن العالم في قارب واحد
-
أين دور الأمم المتحدة؟ هل مجلس الأمن ...طرفاً في قضية كورونا
...
-
المسؤولية عن وباء كوفيد -19… فيروس كورونا … من المسبب ؟
-
خريف كورونا عل سيعقبه ربيع اوربي ؟
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|