كورونا وإسرائيل ونحن

محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)

الحوار المتمدن-العدد: 6528 - 2020 / 4 / 3 - 10:35
المحور: القضية الفلسطينية
    

--- يتذمر بعض الإسرائيليين من الإجراءات التي اتخذتها حكومتهم لكبح انتشار فيروس كورونا, هذه الإجراءات التي جعلتهم -كما يقول جدعون ليفي الصحفي في هآرتس- " يتذوقون طعم جهنم الذي أذاقوه للفلسطينيين".
ومع ذلك, لا يوجد ما يشير إلى تبدل الحال, فمنذ يومين سأل مذيع أحد الأطباء الإسرائيليين عن مدى انتشار فيروس كورونا في " الوسط العربي" و هل الإصابات بينهم أكثر أم أقل من اليهود , فيجيب الطبيب دون تفكير: " للأسف إصاباتهم أقل"

--- قبل ذلك: يصف الجندي الإسرائيلي شلومي في شهادته على قتله شابٍ فلسطيني سنة 2004 بقوله" رأيته بالمنظار.. أطلقتُ عليه النار , رأيته يطير عالياً ثم يخرُّ ساقطاً, شعرت كأني إله, أحسست بفحولتي, وبمتعة تشبه تعاطي الأدرينالين, أو قل مثل نشوة الجنس. في المساء أشعلتُ سيجارة ثم جلستُ أتابع جنازته على قناة الجزيرة"

--- ليست إسرائيل فقط عدو ليس كمثله شيء, بل هي أشبه ما يكون بحليف الشيطان عندما بتعلق الأمر بالشأن العربي والفلسطيني, مثل ما يمكن أن نفهمه من التحليل الذي نشرته كسنيا سبطلوف الباحثة في " معهد دراسة السياسات الخارجية والعلاقات الإقليمية لإسرائيل -ميتيفيم" والعضوة السابقة في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست على موقع صحيفة معاريف( 18-3-2020) تحذر بموجبه من أن انتشار فيروس كورونا في المنطقة يمكنه المساهمة في سقوط أنظمة عربية حاكمة مما يسبب تدهوراً في " البيئة الاستراتيجية " لإسرائيل, فانهيار الأنظمة الصحية في الدول العربية المحيطة بإسرائيل سيجعل من هذه الأنظمة عاجزة عن مواجهة الفيروس, مما يزيد من مخاطر قيام حركات احتجاجية شعبية ضدها مما يؤثر على استقرارها, الأمر الذي من شأنه أن يزيد من منسوب تهديد بيئة إسرائيل الإقليمية.
والسؤال الذي ينبغي الإجابة عليه حالياً- بزعم سبطلوف- " هل بوسع أنظمة الحكم في الدول العربية المحيطة أن تصمد وتتجاوز تأثيرات الأزمة المالية التي تعصف بالعالم إثر تفشي فيروس كورونا"؟. وهي ترى أن الإجابة تبدأ من خلال مطالبة صنّاع القرار في تل أبيب بإبداء الحرص على متابعة الأوضاع في كل من الأردن ومصر باعتبارهما مرتبطين بإسرائيل باتفاقيات سلام وعلاقات استراتيجية وتعاون أمني في " مواجهة الإرهاب" مشيرة إلى أن الأوضاع الداخلية فيهما سيؤثر حتماً على أمن إسرائيل و مكانتها الاستراتيجية. كما طالبت الغرب بضرورة الاستنفار لمساعد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحديداً على اعتبار أن " انهيار النظام المصري سوف يشكل ضربة قوية لكل الجهود الرامية لمواجهة الإسلام المتطرف", كما شددت على وجوب ألّا تحول الأزمة التي يعاني منها العالم دون تقديم رزمة مساعدات كبيرة لمصر في الوقت الحالي, نظراً لتعقيد الأمور في مصر على الصعيد الداخلي نظراً لأن " سلوك نظام السيسي لا يتسم بالشفافية بشأن أرقام الإصابات بفيروس كورونا", فكل من يعرف الأوضاع في مصر, يدرك-بسهولة- الواقع " البائس" لمؤسسات القطاع الصحي وعدم اعتماد مصر على وسائل صحية حديثة لجهة التعامل مع المرضى. وأشارت سبطلوف أنها تتوقع أن تتعرض مصر لأضعاف ما وصلت إليه الأمور في إيطاليا, بسبب قلة الإمكانيات وعجز الدولة عن فرض العزل الذي يمكن أن يقلص فرص الإصابة. أما بالنسبة للأردن فالأوضاع بالغة الصعوبة, فعدد الإصابات في الفيروس الذي أعلنت عنه الحومة قد لا يعبّر عن واقع الحال هناك. ومن الواضح أن الأنظمة العربية الحاكمة أظهرت عجزاً بنيوياً في مواجهة التحديات الوطنية المحلية قبل تفجر أزمة كورونا, فما بالك الآن؟ فتفاقم الأزمة السكانية في مصر تعدّ هاجساً حقيقياً لنظام السيسي باعتباره تهديداً للأمن القومي للبلاد, كما أن لبنان يوشك أن يعلن إفلاسه, في الوقت الذي يواجه فيه العراق أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى تفجر الاحتجاجات الجماهيرية التي مازالت مفاعيلها تحول دون تشكل حكومة حتى الساعة دون أن يغيب عن بالنا موجة التبرم الشعبي واسعة النطاق في الأردن بسبب ارتفاع الأسعار و ازدياد مستويات البطالة وهذا ما سوف تشكل تهديداً استراتيجياً لإسرائيل فضلاُ عن الانهيار الفعلي لسورية كدولة.
تستنتج سبطلوف أن على إسرائيل أن تكون مستعدة لإمكانية أن يؤدي انتشار كورونا إلى سقوط و انهيار الأنظمة العربية المحيطة مما يؤدي إلى نشر الفوضى " التي ستمثل ذريعة للمسّ بأمن إسرائيل".

#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات