|
كورونا ، تغريدة الإنسانية
شلال عواد العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 1 - 02:32
المحور:
حقوق الانسان
الأصل الإنساني واحد ، أبناء البشرية متساوون في اصلهم ، كلهم من آدم و حواء ، لا يستطيع أنسان أن يدعي خلاف ذلك ، و الإنسانية بما إنها من اصل واحد فانهم متساوون أُصلاء ، ليس فيهم هو أصيل و آخر اقل منه أصلاً أو نوعاً ، نعم تقسمت البشرية إلى شعوب و أمم لكن ليس على أساس انه فيهم الشريف و الضعيف ، السيد و العبد . و حيث إن الأنسان لم يُخير حين يولد في أي ارض و في أي حضن سيجد نفسه و لأي أمةً سينتمي و أي لسان سيتكلم و باي لون سوف تصطبغ جلدته ، فكل إنسان قد ولد من إنسانه تدعى امه لم يختارها ، لكن الكل على يقين إن أي إنسان على هذه الأرض مؤمن بشكل مطلق لا يقبل الشك أو الجدل في إن أمه هي أعظم النساء و أفضلهن و أحنهن و أجملهن و و و انه محظوظ انه قد نال هذا الشرف بان تكون هذه العظيمة أمه ، و يفتخر بها . والحال نفس الحال بالنسبة للامة التي خلق فيها ، وكذلك اللغة التي نطق بها أول مرة و الدين الذي اعتنقه عن أهله و أمته ، كلها تُعد من دواعي اعتزاز هذا الإنسان ، بل انه يستغرب و لا يستطيع أن يتخيل لو كان وجوده في أسرة أخرى و مجتمع آخر و أمة أخرى و يتكلم لغة غير لغته التي وجد نفسه ينطق بها ، فهذا الانتماء عقيدة و اعتزاز عند الإنسان لا يمكن زحزحتها كإيمانه و اعتزازه بأمه و يقينه بانها افضل ما حظى به و رزقه الله به . و خلاصة القول إن كان الأم و الوطن و اللغة و الدين و اللون ليس خياراً ذاتياً لنا ولم نختاره نحن، إلا انه قدراً محبب إلى القلب. و من هذا المنطلق و الشعور يجب أن يحترم الإنسان أخيه الإنسان في انتمائه إلى أمة أو قومية أو دين ما، لان ذلك يعتبر حق له و مصدر فخر و اعتزاز و انتماء، وان كان قدراً لم يتدخل فيه. و وفق هذا الحال وجدَ بعض الناس انفسهم أغنياء و بعض أخر وجد نفسه فقيراً ، و بعضهم أبيض و بعض آخر أسود و كذلك انتمائهم ، فقد يكون في دولة رأسمالية أو دولة اشتراكية ، أو أن يكون في دولة دينية أو علمانية ، ويجب أن لا يُعد هذا التقسيم عامل لتقسيم البشرية أو النظر اليها كطبقات واحدة أفضل من الأخرى . المؤسف إن ما ترسخ في الفكر الإنساني و موروثه من معتقدات هو على خلاف ذلك ، فقد تم فعلا تقسيم المجتمعات إلى طبقات ، فقراء و أغنياء ، و أحرار و عبيد ، و أصول عريقة و أخرى غير عريقة ، وأصبحت نظرة العالم مادية خاليه من المشاعر الإنسانية في التعامل ، ولذلك خالفت ما يجب أن يكون عليه التعامل الإنساني بين أبناء الإنسانية من تعاون و تآخي و تسامح ، و هذا ما نتج عنه السلوك الشرير في محاولة اختصار حق العيش الحر و الرغيد لفئة معينة دون أخرى و على حسابها ، و بذلك تقسمت البشرية في تكتلات و أحلاف على أساس عنصري و قومي و مصلحي ، و أصبحت كل فئة تؤمن بان الحق في العيش و الحياة من حقها أولا ، حتى و لو على حساب الأخر و معادته ، ولهذا توجه العالم إلى الاحتكار و بناء جيوش ضخمة و صنع و امتلاك ترسانات من الأسلحة النووية و الجرثومية و الأسلحة الفتاكة الأخرى ، و بهذا الأنانية قد خرج الإنسان عن اصله الإنساني إلى التشبه بالحيوانات المتوحشة و المفترسة . واليوم بعد أن ظهر فايروس كورونا ، و هدد كل أبناء الإنسانية دون استثناء ، أو أن يميز بين إنسان و آخر دولة و أخرى دين و آخر دولة غنية أو فقيرة اسود أم ابيض أمريكي أو روسي أوربي أو عربي مسيحي أم مسلم ، حيث ضرب طوق على كل إنسان و جعله حبيس بيته ، و جعل الكل لا يتمنون و لا يطلبون غير البقاء على قيد الحياة و أن يتكاف العالم اجمع و الإنسانية كلها من اجل الخروج من هذا المأزق الخطير . وقد يشكل هذا الوباء الخطير درساً عظيماً للإنسانية ، درسا عمليا تطبيقيا لا يعتمد على فلسفة و لا نظرية و لا ايدلوجية ، و ربما نجح هذا الفيروس في يقول للإنسانية بان أصلكم واحد و انتم متساوون و مصيركم واحد ، وعليكم أن لا يقتل أحدكم الآخر أو يهدده في عيشه أو يسرق ثرواته أو يحقد عليه .
#شلال_عواد_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كورونا... أثبت إن العالم في قارب واحد
-
أين دور الأمم المتحدة؟ هل مجلس الأمن ...طرفاً في قضية كورونا
...
-
المسؤولية عن وباء كوفيد -19… فيروس كورونا … من المسبب ؟
-
خريف كورونا عل سيعقبه ربيع اوربي ؟
المزيد.....
-
منظمة العفو الدولية: قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن أدا
...
-
إصابة 7 أشخاص بهجوم طعن بمركز للاجئين في برلين
-
اعتقالات وصدامات في احتجاجات للحريديم الرافضين لتجنيدهم
-
-ضغوط دبلوماسية- لمنع إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالان
...
-
حرب غزة.. حماس تدين صفقة الأسلحة الأميركية لإسرائيل: -دعم لا
...
-
ضابط صهيوني يزعم: كنا على بعد دقائق من اعتقال السنوار!
-
تاياني: العسكريون الإيطاليون مع الأمم المتحدة إلى غزة لبناء
...
-
روسيا تنسحب من اتفاقية مجلس أوروبا الإطارية لحماية الأقليات
...
-
الأونروا: 4 من كل 5 مدارس في غزة تعرضت للقصف
-
-تقدم وعشرات الأسرى-.. زيلينسكي يتحدث عن الوضع في كورسك الرو
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|