أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الشحماني - متى نشفى من أمراضنا وعُقدنا النفسية؟















المزيد.....

متى نشفى من أمراضنا وعُقدنا النفسية؟


أحمد الشحماني

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 23:12
المحور: حقوق الانسان
    


كانت حياتي وكل قواي موهوبة لاروع شيء في العالم الا وهو (النضال في سبيل الإنسانية)
نيكولاي استروفسكي ..
* * *
أقرأُ مانشيتات طويلة عريضة تخُّطها أفواهٌ جائعة لأقلامٍ يغلبُ عليها النزعة الإنطوائية الضيقة الأفق وقصور في الرؤية ..
ها هو العالم قد تحرر من قيود النظرة الأحادية, وقيود الدمعة الأحادية, وقيود الوجبة الأحادية, في الوقت الذي مايزال البعض منا ينتهجُ نهجاً غريب الأطوار, ويسلكُ طريقاً شائكاً ملبداً بغيومِ النزعةِ الضيقةِ الأفق ..
في الأزمات والنكبات والكوارث الطبيعية يختبرنا الله تبارك وتعالى عن مدى صبرنا ومحبتنا لبعضنا البعض الآخر ..
فايروس الكورونا الذي عصفت به رياح الأيام على حين غِرّة, ليس له عينان ولا شفتان ولا لسان, ومن حسنِ حظ الإنسانية إنهُ لا ينتمي لطائفةٍ معينة, ولا يتبعُ ديناً أو معتقداً معيناً, ولا يتحدث لغةً معينة, هو فايروس أعمى مثل الحب, وآهٍ من الحب حين يكون أعمى, وهو فايروس مدمر لكل البشرية, لا يميز بين ملحدٍ ومؤمن, ولا يعترف بمسلمٍ ومسيحي وبوذيٍ ويهودي, ولا يتعاطف مع الفتاة الشقراء ويصيب الفتاة السمراء, ولا يطرق أبواب الفقير ويترك الغني, ولا يعلن تمردهُ وعصيانهُ عند عتبةِ باب الوزير المشاكس ويترك العساكر من جنود الحاشية, ولا يتعاطف مع دونالد ترامب ويتخاصم مع فلاديمير بوتين, ولا يتواطىء مع كوريا الشمالية ويعصف ايطاليا وإيران والصين, ولا يستهزأ بالإسلامي الراديكالي المتشدد الفكر وينشد ويغني للعلماني والليبرالي والديموكراتي المنفتح بآرائه وأفكاره ..
هو فايروس يهاجم الكل, ويتصّيد الكل, ويغتال الكل حين يجد الأبواب مفتوحةً أمامهُ ..
هو كائنٌ أشبه بصاروخٍ عابرٍ للقارات لا تمسك به أذرع المصدات ..
هو كائنٌ متمرد يطارد الكل ليمسك بهم ويقتلهم ويلوكهم بأسنانهِ الفايروسية ..
وهنا أتساءل: ما الذي يجعل هؤلاء المصابين بفايروس النزعة الضيقة الأفق, وهم قليلون, مقارنة بملايين البشر الموزعين على خارطة الكرة الأرضية, أن يرفعوا أيديهم في دعواتهم ليل نهار لشفاءِ فئةٍ معينة من البشر؟ ..
متى نتحرر من أمراضنا وعُقدنا النفسية؟
بدلا من التوجه لله تبارك وتعلى بالدعاء للإنسانية وللمجتمع الإنساني في أرجاء المعمورة لينعم الله بلطفهِ وكرمهِ على الجميع بالشفاء والتشافي من هذا الوباء الخطير, لِما نلتصق بأمراضنا وعقدنا النفسية وندعو الله أن يشافي فقط فئة محددة من البشر, لما هذا البخل وضيق الأفق؟
حين يمرض المسلم في مجتمعاتنا الشرقية, أجدهُ يشدُ الرحال إلى مستشفيات (الكافرين) ليجد له علاجاً بين أيديهم, وهناك لا يسألهم إن كانوا مسلمين أو بوذين أو مسيحين أو يهود, ما ينشدُ إليه هو العلاج والتشافي, وحين يتشافى من علتهِ ومرضهِ, يتوجه إلى الله أن يشافي فئةً محددةً من البشر, تنتمي لدينٍ معين فقط, ما هذه العقلية المتخلفة المريضة؟
متى نتسامى ونتشافى من أمراضنا وعقدنا النفسية؟
متى يكون ديننا هو الإنسانية ومحبة الله من خلال عشقنا لمخلوق الله الإنسان بغض النظر عن دينهِ, وطائفتهِ, ومعتقدهِ, ولونهِ؟
الطبيب البوذي الذي تشدُ الرحال إليه, لا يسألك في عيادتهِ الطبية عن دينك إن كنت مسلماً, يهودياً, نصرانياً, او ملحداً, يسألك عن أعراض المرض لكي يجد لك علاجاً ناجعاً يساعدك في تخطي الأزمة ..
ماذا لو توجهنا بالدعاء إلى الله خالق السموات والأرض أن يشافي كل المرضى في أرجاء المعمورة وأن يخلصنا من هذا الوباء المتفشي في كلِ أرجاء المعمورة بدلاً من خصصة دعاءنا ودعواتنا وأدعيتنا المأثورة لنجعل منها أدعيةً رمزيةً ومحددةً فقط لشريحةٍ معينةٍ من البشر؟
لما لا نكون نحن - المسلمين - سباقين لننشد دعاءنا ودعواتنا وأدعيتنا لكلِ المجتمع الإنساني طالما أن الدين الإسلامي دين محبة وسلام وتسامح وتآزر, وأن نبينا, نبيُّ الرحمة والإنسانية لم يأمرنا بمحبةِ المسلمين فقط بل أمرنا بمحبة المجتمع الإنساني, بمحبة الإنسان أينما يكون ..
إن يتوجع من يعيش في الصين, هو ذات الألم الذي يشعرُ بهِ من يعيش في جنوب أفريقيا ..
إن يتقهقر ويمرض من يعيش في ايطاليا هو ذات التقهقر والحزن الذي يصيب من يعيش في باكستان والهند ومصر ..
الإنسانية جسدٌ واحد ..
الإنسان هو واحدٌ, والألم واحدٌ, والبلاء إذا حلَّ لا يميز بين عاقلٍ ومجنون, بين متوجعٍ وسعيد, بين مؤمنٍ وملحدٍ, فالإنسانُ هو واحدٌ في مشاعرهِ الإنسانية ..
الإنسان هو دمعةُ الوجود, هو عطرُ الوجود, هو روحُ الوجود ..
ألم يعلنها بوضوحٍ رجلُ العدالةِ الإنسانية وسفيرُ الإنسانية عليٌّ بن أبي طالب عليه السلام حين صرخ قائلا:
الناسُ صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ..
ما معنى نظيرٌ لك في الخلق؟
البعض منا, حين يتحدث عن الأدب العالمي, تجدهُ يهرولُ مسرعاً ليذكر اسماء كتاب غربيين, بوذيين, مسيحيين, يهود, ملحدين, ويجلسهم فوق رفوف ذاكرته, ويغدق عليهم بالمديح والإطراء دون أن ينبس ببنت شفه عن ديانتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم الدينية, وحين يجري مقارنة في العلوم الإنسانية, العلمية والطبية والهندسية يقفز من مكانهِ كما المجنون ليذكر اسماء عباقرة الطب الإنساني الذين صنعوا للإنسان عيادة طبية متكاملة, ويذكرعمالقة رجالات العمارة الهندسية ويهيلُ عليهم إكليل المحبة والأحترام والتبجيل, ولكنهم - هؤلاء البعض - ينزوون بعيداً عن الإنسانية حين يتوجب الأمر بالدعاء إلى الله للتخلصِ من الوباء الذي أصاب المجتمع الإنساني بالهلع, فتجدهم يعنّونون دعاءهم لفئةٍ محددةٍ من البشر وكأن الأرض ملكا فقط لهذه الفئة من الناس أو كأني بهم لا يريدون بقية البشر أن يتنعموا بعافيةٍ وأمان لأن بقية البشر بنظرهم ليسوا بشراً خلقهم الله من ذات الطينة الآدمية ..
أيها الإنسان, تواضع, وتذكر أن فايروس الكورونا أعمى مثل الحب, حين يهاجمك, لا يسألك إن كنت مسلما, يهوديا, ملحدا, بوذيا ..
وتذكر .. حين تعصفُ بك رياحُ العاطفة العمياء المدمرة, وتتعشق إمرأةً وأنت في قطارٍ, مهرولاً بك عبر مسافاتِ السفر, سفرُ العمر, لا تسأل قلبك إن كانت تلك المرأة التي تصَّيدها قلبك على حينِ غرة, وفتحَ لها نوافذ الاشتهاء, لا تسأل قلبك إن كانت مسلمةً, مسيحيةً, بوذيةً أو ملحدةً, المهم هي إمرأةٌ مصنوعةٌ من جمرِ الاشتهاء, ودمعةِ الحب, ورائحةِ الاغواء ..
متى نتحرر من أمراضنا وعقدنا النفسية ليرضى عنا الرب, الخالق المعبود, ويرحم بنا ويقول عنا بلسانِ محبتهِ ولطفهِ وكرمهِ: لقد نجحتم في إمتحانِ الإنسانية؟



#أحمد_الشحماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجعُ مازالَ يطاردني
- هيفاء الأمين ومطرقة الإلتباس في لغة المفردات
- من دفاتر الذكريات ... (4)
- من دفاتر الذكريات .. (3)
- برهم صالح وعادل عبد المهدي وحكاية وطن
- أنا لستُ يوسف
- من دفاتر الذكريات ... (2)
- الطغاة والفاسدون يتشابهون في سلوكياتهم
- المتباكون
- الناخب العراقي بين العاطفة والعقل
- الحقيقة المؤلمة . .
- الثلوج هي بكاء الطبيعة بدموع بيضاء
- مارين لوبن وعاصفة الإستياء اليهودي . .!
- دونالد ترمب وبداية المشوار. . .!
- «باراك أوباما في دائرة الأتهام» . . .
- خالد العبيدي . . . «لقد كنت متأخرا في هجومك»
- كونوا نيلسون مانديلا . . .!
- تراتيل في معبد السياسة العراقية المضحكة . . . !
- السياسة في العراق ولعبة الحية والدرج . . .!
- ماذا تعني استقالة وزراء التيار الصدري . . ؟


المزيد.....




- مقتل واعتقال 76 ارهابيا في عملية فيلق القدس بجنوب شرق ايران ...
- -الدوما-: مذكرة الجنائية الدولية لاعتقال نتنياهو ستكشف مدى ا ...
- الداخلية الفنلندية توقف إصدار تصاريح الإقامة الدائمة للاجئين ...
- الإعلام الإسرائيلي يواصل مناقشة تداعيات أوامر اعتقال نتنياهو ...
- هذه أبرز العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
- الأمم المتحدة: إسرائيل منعت وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لق ...
- مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه ...
- كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم ...
- سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي ...
- سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد الشحماني - متى نشفى من أمراضنا وعُقدنا النفسية؟