عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 13:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كان أخاً وقريباً وصديقاً ..
إستهواه العمل السياسي في باكورة شبابه بداية السبعينات وإنخرط فيه ،فكان مثالياً في إنتمائه لليسار العراقي( الحزب الشيوعي العراقي تحديداً ).. تماماً ، مثلما هو مثالي في أناقته وإعتنائه بمظهره بل وفي أخلاقه وسمو روحه .. إستمر في دراسته الثانوية في منتصف سبعينيات القرن الماضي ، وبعد حلّ الجبهة الوطنية تغيّرت الأوضاع وإبتدأت السلطة تلاحق الوطنيين ،فقرّ قرارُه الهروب خارج العراق ،فكانت محطته في إيطاليا ولكن أجنحة روحه ظلت تهفو محلقة في سماء العراق وخاصة مدينته الحبيبة ( الثورة ) ، فعاد الى العراق ليستطلع الأوضاع فيه ،فمرّ بنا على عجالة وأخبرني بأنه بدأ يدرس اللغة الإيطالية وبذات الوقت يعمل في مطعم ليتدبر لقمة عيشه ، كانت زيارته للعراق قصيرة ،إذ عاد مرة أخرى الى إيطاليا وبعدها عاد مرة أخرى الى العراق ، لكنني لم ألتقِ به . وآخر مرة إلتقيته مصادفة على عجالة ودون موعد ،حين كنت جالساً في مقهى البرلمان في شارع الرشيد بإنتظار صديقي الأديب الراحل مهدي علي الراضي الذي قيل بأنه إنتحر في شقته في سوريا. كنت جالساً قريباً من باب المقهى ،ففوجئت بدخوله الى المقهى ، وقف قريباً من الباب وهو يتصفح الوجوه داخل المقهى،كان واضحاً انه يبحث عن شخص بعينه فلم يجده ثم أراد أن يخرج فبادرته بالتحية ودعوتُه للجلوس لكنه أعتذر قائلاً بأن لديه مشوار ضروري ثم خرج .كانت تلك هي آخر مرة رأيته فيها . لكني كنت أتتبع بعض أخباره من هنا وهناك، واسأل عن أحواله ، وفاتني هنا أن أذكر بأن أهله قد إنتقلوا من مدينة الثورة الى منطقة شارع فلسطين . وفوجئت بسماعي خبر إلقاء القبض عليه حين قرر العودة الى العراق من إيطاليا ، ولا أعرف السبب الذي دعاه للعودة رغم سياسة الملاحقة التي كانت تتبعها سلطة البعث ضد الشيوعيين وغيرهم ، المهم ، كثرت ،بل وتضاربت الأقوال عمّن تابعه في سكناهم الجديد خارج مدينة الثورة ووشى به لدى السلطات ، لكن عموماً ، لم يقف أهله على مصيره ، وإن كان معلوماً ، إذ من المؤكد انه اُعدم كبقية الشباب الذين زجّت بهم السلطات داخل المعتقلات . فالرحمة لروحه الطيبة ولمَن شاركه دربَ الأحرار الذين لاقوا ذات المصير .. وفاتني أيضاً أن أذكر بأنه لم يكن متزوجاً ، إذ لم يكن مهتماً بهذا الأمر ،فشغله الشاغل كان تطلعه الدائم لتغيير أوضاع بلده المحكوم بالبطش بأن يراه وقد تغيرت أوضاعه بما يليق بعيش الإنسان حراً وكريماً ..
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟