|
الخروج من النهضة الزائفة؟/1
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 13:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عبدالاميرالركابي ظل المجال المعروف بالعالم العربي والشرق المتوسطي، يعاني على مدى يتعدى القرنين من الزمن إشكالية أساسية تمحورت حول هدف "اللحاق بالغرب" ودخول العصر، هذا الاشكال كان وليد مايعرف بالتنبه لصعود الغرب وحداثته وثورته الالية المصنعية، ومااتصل بها من منجزشامل في العلوم والاداب وطرائق العيش، بالمقابل كانت المنطقة الواقعة على الطرف الشرقي من المتوسط، ماتزال محكومة لوطاة الانقطاع التاريخي بعد دورة صعود ثانية استمرت مابين القرن السابع والثالث عشر، ختمت بسقوط بغداد عاصمة الدورة المذكورة. وقتها كانت الاليات التاريخية هنا شبه متوقفه، او في حالة تراجع، و تباطوء قصوى، نتج عنها ترد شامل، لم يكن من المتوقع خلاله ظهور مايمكن ان يجعلها تقف امام الحضور والانقلاب الغربي النوعي التاريخي، او تتعرف عليه بما يقتضية الامر الحاصل من متطلبات النظر، او الاستقبال التفاعلي الإيجابي، وبالأخص العقلاني غير الممكن، ولا الوارد توفره، على الأخص وان المنطقة كانت وقتها تعاني لهذه الجهة، ولأول مرة من وطاة تحد اخر اهم واخطر من ذلك الطاريء الوافد، كان يتجلى في حلول زمن التعرف على الذات وعلى المكنون التاريخي المجتمعي ادراكيا، بعد ان انتهى منذ الدورة الثانية، وبالذات مع الثورة النبوية الأخيرة الجزيرية المحمدية، نمط التعبير النبوي الالهامي الحدسي عن الذات، والذي لم يعد قابلا للاستمرار، ولا للحياة، مع انه وبسبب حالة الانقطاع الحالي قد ظل سائدا ومستعملا بصفته الممكن المتاح والمتطابق مع الحقيقة البنيوية بغض النظرعن كونه أداة منتهية الفعالية، ماتزال تحتفظ بصلاحية يمكن ان تعرف متبقيات وارث الذاتية المنطفيء خلال زمن الانهيار،او الانقطاع التاريخي الاجتراري. ويمكن والحالة هذه تصور شساعة المسافة الفاصلة بين العقل كما هوماثل في هذه المنطقة بحالته التي هو عليها اليوم، وبين ماهو امامه وبمواجهته، على صعيد التحديين ونوعهما، الذاتي الانقلابي الاستثنائي المتصل بالدورة الثالثة، غير المسبوق تاريخيا، والمتمثل بالانتقال من العبقرية الحدسية النبوية الالهامية المنتهية الصلاحية، الى الادراكية العليّة الحدسية، مع مقابلها الغربي الانقلابي بالقياس للاشتراطات المتعارف عليها حتى حينه. وعند هذه النقطه كان ومايزال من الواجب التوقف عند أولا مايمكن تاجيله، او هو مؤجل بالضرورة، وبين مايمكن تجاهلة، ومحاولة الرد عليه، او التاقلم مع مايفرضه من مناخات واجواء، بمعنى ان المنطقة كان من الممكن ان تظل كما هي، او كما هي عليه، تسير بحسب إيقاع دوراتها التاريخيه، الى حين تنضج يوما اسباب الانتقال الى الدورة الثالثة، بعد ان تكون مستلزماتها قد تهيات، مع انها كانت وكما كان عليه الحال دائما بحاجة الى المحفزات الشرقية منها والغربية او هما معا. ولم يكن الوضع الذي نتحدث عنه لهذه الجهة فريدا، فالمنطقة سبق لها من قبل ان مرت بطور انقطاع طويل، استمر من سقوط بابل في القرن السادس قبل الميلاد. لتقع تحت الهيمنه الفارسيه الرومانيه، واستمر الحال على ماهو حتى القرن السابع الميلادي، يوم وقوع الثورة الجزيرية التحريريه، ومااعقبها من عودة الاليات الرافدينيه المتوقفة بفعل وطاة الاحتلال الفارسي وعوامل ذاتيه اصيله، للفعل الامبراطوري الكوني من جديد، ووقتها وخلال القرون الفاصلة بين التاريخين، لم يكن لاحد ان يفعل أي شيء، او يقدم على عمل يخرق حالة التردي التي كانت سائدة، بحيث يسرع او يبطء إيقاع الاليات التاريخية، او يقترح لحركتها ونهوضها اشتراطات من غير كينونتها وعمل الياتها ماتواجهه من تحد، ونوعه، ومصادره المباشرة،مع فارق جوهري، كان يتمثل في حينه في انعدام الرغبة في التمثل بالمحتل، او اعتباره نموذجا يراد التشبه به، واللاقتراب الى ماقد حققه وارتقى اليه، هذا بينما كانت المنطقة تنطوي على ذكرى وارث منجز دورتها الأولى التاسيسية الراسخ، وعلو مكانتها، واشعاع منجزها على مستوى المعمورة، الامر الذي لم يكن لفارس او الرومان ان يضاهوه، او يظهروا بمظهر من يفكر بتجاوزه نحو طور او نموذج اعلى، ان لم يكن العكس هو الصحيح، فالذي كان وقتها يحكم علاقة المحتلين بالأرض التي يسيطرون عليها، يقارب بالمقارنة باليوم نوعا من العلاقة المعاكسة لما هو حاصل اليوم. وهذا الجانب كان حريا بان يحصرالعلاقة بالمحتلين الفرس والرومان وقتها بجانب واحد من التناقضية، بلورت وكرست الابراهيمية النبوية الالهامية الحدسية كصيغة تعبير اعلى واكمل عن الذات الشرق متوسطية في حينه، وفتحت الباب، لابل اوجبت قراءاتها الثلاث الكبرى، التاسيسية شبه التنظيرية الموسوية، والمسيحية الشامية اللاحقة المضادة للرومانية، وأخيرا النبوية المحمدية الاحترابية الاستثنائية الطاقة والقدرات التحريرية "الفتح"تكوينا وبنية (1)، وهو ماقد تبدل جوهريا اليوم، لالسبب أساس، ولا كما لما يشاع ويراد تكريسه عن حيازة اوربا لموقع المحرك الأول الأعلى دينامية، انما لان اوربا الحديثة قد حققت بفعل التراكمات، ونوع بنيتها، واثر الدورتين الشرق متوسطيتين الأولى والثانية، القفزة الالية، ناقلة العالم الى الطور الثاني من المنتجية، على انقاض الطور اليدوي. والانقلاب او التحول المذكور وماترتب عليه من إعادة صياغة الحياة والعلاقات، ووضع الانسان اجمالا، كان من البديهي ان يكرس نوعا من الرغبة في تحقيق مثل هذا الانتقال، كما كان من البداهة ان يتخذ مثل هذا الميل شكلا أولا تبسيطيا، يعززه ويضعه في خانة ومسار وحيد يعززه اتجاه الغرب القصدي، وجموحه لان يصير ويبقى الى مالا نهاية بموقع القيادة الكونية الابدية، بغض النظر عن قصور رؤية الغرب نفسه لمنجزه وماحققه، وافاقه، ومكانه في التاريخ، ومآلاته التي لايمكن كشف النقاب عنها لاسباب موضوعية، تخص علاقة العقل بالظاهرة المجتمعية، واستمرار المفارقة الموضوعية الاصلية الحاكمه لعلاقة العقل بالمجتمعية، وتدنيه وقصورة ازاءها ابتداء والى اليوم، برغم تحقق بعض المنجز الذي من شانه فتح الباب امام بداية تلافي العقل لقصورة التاريخي على هذا الصعيد ( انبثاق مايعرف ب "علم الاجتماع" اخر العلوم"). وتلعب دورا هنا، وفي مجال الرغبة في التماهي مع الاخر،دورا أساسيا، اختلافات مواقع ومكان الأمم والمواضع في التاريخ، ونوع منجزها ومكانها ضمن الجهد الإنساني (2) فتتباين اشكال ومستويات ونوع مقاربات الشعوب لهذه الناحية، غير ان لاجمالي هذه الحالة التي تتخذ شكلا يعم المعمورة، حالة استثناء بالذات على مستوى المحرك الأول، ومصدر الالية المجتمعية البشرية،هي من دون شك بحر متوسطية، يسعى الغرب لتكريس شكل وحيد من اشكالها، يراه في متوالية ( الاغريق ـ الرومان ـ الغرب المصنعي الحديث الراسمالي ) في حين تغيب احتمالية متواليه مقابلة واتسمت على مر التاريخ بالتفاعليه الحيوية والفعل في اوربا والشرق وصولا الى الصين، يمكن ان تكون مقدماتها ( سومر/ بابل /الابراهيمية "دورة أولى" ـ الجزيرة العربية / الكوفة /بغداد /الانتظارية المهدوية "دورة ثانية") ذابا الى الفصل الاستكمالي بدورة ثالثة، تكون "دورة "فك الازدواج" المجتمعي وبدء التحول" المجتمعي البشري. وقد يكون الوهم الأكبر في التاريخ كما ترسخ في بضعة القرون الأخيرة، اقران البشر بصورة قاطعه لما يعرف ب "التقدم" التاريخي، بالانقلاب المادي، وتعيينا في حالتنا التي نحن بصددها، اعتبار الانتقال الى الالة غاية ودرجة عليا نهائية، ربما ضمن مسارات وحركة التاريخ أولا، ورهن هذا النوع من الانقلاب ومترتباته المجتمعبة الطبقية بنوع مجتمعية بالذات، هي من دون شك الاوربية التي عرفت القفزه المذكورة، ولايفكر الكائن البشري والاوربي، أولا باحتمالية ان لايكون الانتقال الصناعي احاديا او من فصل واحد، هذا كحد ادنى ثمة مايتعداه الى البعيد، نحو مقتضيات التحولية المجتمعية التي هي سر الظاهرة المجتمعية، المرتبطة باليدوية الإنتاجية العليا لابالآلية، وهنا سيتحتم علينا التواجه مع اعتراضات سيجدها العقل السائد الأحادي خارجه على المعقول والمنطق، بالاخص اذا ماذهبا الى القول بان المجتمعية الازدواجية الرافدينية التحولية التكوين والبنية، ترفض كينونة وبنية، اشتراطات الاليه المصنعية، ولاتنتجها، وانها قد احالتها الى اوربا عندما شارفت على بلوغها أيام العباسيين وبغداد عاصمة السوق الراسمالية الريعية العالمية في وقتها، لان التصنيعية تناقض جوهراوتؤدي الى قتل اليات "التحوّل" وتبطلها؟ ـ يتبع ـ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) من البلاهات التحديثية الكبرى التي عرفتها منطقتنا ابان مايعرف بالتحديثية الزائفة مايعرف ب " القومية العربية" على النمط والمثال الأوربي، المفهوم المناقض بنية ودلالة ومنطويات لنمط التعبيرية في موضع احتشاد الأنماط المجتمعية الشرق متوسطي، الابراهيمي التوحيدي النبوي الالهامي الحدسي. (2) يكرس الغرب في النظر الى الصيرورة المجتمعية الكوكبيه مفهوم "الحضارة" بما يوحي بالديمومة الأحادية، بدل إحالة الحياة الى "التحولية"، والغرب هنا يفعل مايحتاجه لاجل إضفاء صفه العلو في سلم أساس، يجعله المميز على صعيد الجهد الإنساني المجتمعي، بما انه يقف اليوم على اعلى قمة"الحضارة" الاليه ومترتباتها واثرها الشامل على الحياة.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداءات الديمقراطيين: -حلاوه بقدر مثقوب-
-
-فهد- نزيل ثقافة الموت/ خاتمه
-
اشباه القرامطه يرطنون بالروسيه/ملحق ج
-
حزب -فهد- والازدواج/ملحق ب
-
اعدام-فهد- والمخابرات الغربية والازدواج/ ملحق أ
-
ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة/2
-
ال-محمدان- الزائفان ونخبة الحداثة
-
ثورة ضد الايهام الديمقراطي؟
-
(1) تشرين: الثورة و- قرانها-/4
-
(1) تشرين: الثورة و- قرآنها-/3
-
(1) تشرين : الثورة وقرآنها/2
-
(1) تشرين: الثورة و-قرآنها-/1
-
خرافتا الديمقراطية والدولة المدنية؟
-
التحرير الثاني: و-التفارقية الرباعيه-ب/9
-
تحريران: بالمحمدية واليوم بالابراهيمية الثانية أ / 8
-
عالم برؤيتين: ونٌذر- آخر الزمان-
-
ابراهيمية ثانية بلا بيان اول؟ج/6
-
بلاد الابراهيميتين والنهضة الزائفة؟ب/5
-
العبقرية والاتباعية وثورة تشرين العراقية؟أ/4
-
النهضة الزائفة وتجليها العراقي الاسوأ/3
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|