أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عدنان حسين أحمد - سقوط النمر الورقي














المزيد.....

سقوط النمر الورقي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 455 - 2003 / 4 / 14 - 06:01
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


•  / أمستردام
 

استفاقت بغداد هذا اليوم على غير عادتها وهي تزيح عن صدرها الكابوس الثقيل الذي ظل جاثماً عليها طوال أربع وثلاثين سنة. وربما كانت هذه المدة ستطول لو أن الدبابات الأنكلو – الأمريكية ظلت بعيدة عن شوارع بغداد. فلقد أبتلي العراق بنظام بربري، متخلف، لم يُعر ذرة اهتمام للإنسان العراقي سواء أكان عربياً، أو كردياً، أو تركمانياً، أو آشورياً. وربما كان صدام حسين عادلاً فقط في توزيع المآسي، والفواجع، والعذابات، والمحن المتلاحقة على أبناء الشعب العراقي الذين ظلوا طوال ثلاثة عقود ونصف العقد يئنون بصمت كبير لم يسمعه إلا الله، وكأن العالم برمته كان يصم آذانه عن صرخات الناس الأبرياء في العراق الذي أسماه بعض المنصفين بالسجن الكبير في عهد هذا النظام الوحشي. لقد سرق صدام السلطة في غفلة من الزمن، وآزره البعثيون من صنّاع الطغاة والبرابرة على الإيغال في هذه السرقة الكبرى من دون أي اعتبار لكرامة الإنسان العراقي الذي صودرت حريته، وكرامته، وعزته، وسُرقت ثرواته في وضح النهار، وأكثر من ذلك فقد أصبح حطباً لوقود نيران الحروب المستمرة التي أشعلها في الداخل وفي بلدان الجوار، بعد أن أجهز على القيم والعادات والتقاليد العراقية، وأحل محلها قيما ممجوجة تصب في خدمة النظام الواحد، الأحد، الذي يزدري حق الاختلاف، ولا يحترم الرأي الآخر، حاصراً ممارسة السلطة في حزب واحد، ثم انحسر مد هذه السلطة إلى العائلة الواحدة، فالفرد الواحد، المؤلّه، الذي ظل يكذب على الشعب العراقي ويوهمهم بأنه منقذ الأمة العربية، وحاديها إلى الانتصارات المتخيلة والتي اكتشف العراقيون زيفها صبيحة هذا النهار تحديداً، كما اكتشفوا من قبل انتصاراته الزائفة في " أم المعارك " وغيرها من الحروب مع طواحين الهواء، أو تلك التي كانت تدور رحاها على الورق، أو ربما في مخيلته المريضة، ومخيلة جوقات المطبلين الذين نفخوا في جوفه الفارغ حتى صبح بالوناً كبيراً ومع ذلك فقد تفجر في أول وخزة حقيقية صادفته طوال سنوات حكمة المقيت، فلا ندري في أي جحر يلوذ؟ هل تلقفته الأيادي الساحرة الخفية؟ أم ابتلعته الأنفاق السرية التي ظل يحفر بها في أعماق الأرض طوال سنوات حكمه المشؤوم؟ أم أنه سيلقى مصيره المحتوم على أيدي العراقيين الذين ينطبق عليهم التوصيف الدقيق " المعذبون في الأرض حقاً " ؟ من يصدّق أن ما حدث هو حقيقية دامغة تنشغل بها كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، لأنها أشبه بالحلم الذي يقذف صاحبه في متاهات الذهول؟ ها هم العراقيون الذين عانوا فوق ما تحتمله الطاقة البشرية من ظلم، وجور، وتعسف، واستبداد، يقوضون تماثيله في كل ساحة من ساحات بغداد بعد أن تلاشى الخوف المستديم من ذلك البعبع المرعب الذي كان ينبجس من المجهول، أو يقفز من الأمكنة المظلمة التي خلقها الجلاد في ذاكرتنا. لقد كان صدام صانعاً أمهر لجدران الخوف التي شيدها في داخلنا، نحن العراقيين، وكان متفنناً في خلق الأوهام الكبيرة التي أغرت ملايين المواطنين العرب بتصديقه، والتهليل باسمه ليل نهار، متناسين كوارث العراقيين وفواجعهم التي تهتز لها رواسي الجبال. في رمشة عين تداعى النمر الورقي تاركاً " مؤيديه وأنصاره ورفاقه " يتخبطون خبط عشواء بعد أن ضاقت بهم الأرض العراقية الواسعة، واكتشفوا أنهم مجرد ألعوبة يتلهى بها الدكتاتور المخضرم الذي خدع الملايين المملينة من العراقيين والعرب والمسلمين في مختلف رجاء العالم. نتمنى ألا يغيب صدام كما غاب بن لادن من قبل، وألا تتلاشى حاشيته، سيئة الصيت، التي ساهمت في تثوير عنجهيته، واستفزاز نزعته الإجرامية، كما تلاشت بطانة بن لادن وسواهم من مستعبدي الإنسان، ومحتقري البشرية في كل مكان. ونرجو ألا تأخذنا النشوة بعيداً ونغفل الوجود الأنكلو – أمريكي على أرضنا، بل ينبغي على كل مواطن عراقي ألا يرخي الطبع للوجود الأجنبي الذي يجب أن يغادر أرض العراق ما أن يستتب الوضع الأمني، وتستقر الحكومة الانتقالية التي تقع عليها مسؤولية تسيير الانتخابات الوطنية، الحرة، الشريفة، النزيهة التي تنشد عراقاً، حراً، مستقلاً، تعدديا، يستجيب لتطلعات العراقيين وطموحاتهم المشروعة في حياة كريمة لا تؤلّه أحداً بعد اليوم.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعاية والدعاية المضادة في الحرب على العراق
- سيئول ستشترك في الحرب ضد العراقمن أجل تعزيز علاقاتها بواشنطن
- مسرحية - المتشائل - في لاهاي
- حفل فني لمارسيل خليفة في هولندا
- منتدى الصحفيين العراقيين في ملتقاه الثاني. . توصيات، وميثاق ...
- هولندية مرشحة للبرلمان تتطاول علي شخصية الرسول (ص) - أمستردا ...


المزيد.....




- بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
- فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران ...
- مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو ...
- دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
- البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
- ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد ...
- بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
- مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
- مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو) ...
- الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عدنان حسين أحمد - سقوط النمر الورقي