انور الموسوي
مهندس كاتب وصحفي
(Anwar H.noori)
الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 30 - 06:36
المحور:
المجتمع المدني
سارعت الحكومة البريطانية مؤخرًا بتعيين وزيرة لمواجهة تحدٍّ مجتمعي يتزايد خطره يومًا بعد الآخر، ألا وهو تزايُد نِسَب الشعور بالوحدة والعزلة بين أفراد المجتمع، وذلك على خلفية وجود 8 ملايين بريطاني، غالبيتهم رجال في عمر 35 عامًا يعانون الوحدة، ما دعا "لجنة جو كوكس" إلى وصف الأمر بالوباء الصامت في تقريرها الصادر بمناسبة شهر الرجل في مايو الماضي.
أظهر استطلاع الرأي الذي أجرته اللجنة في المجتمع البريطاني بمشاركة 1200 رجل، أن 11% منهم يشعرون بالوحدة بشكل يومي.
"جعلوني وحيدًا".. هكذا أرجع المشاركون السبب في وحدتهم إلى الظروف المتعلقة بالابتعاد عن الأصدقاء والأهل بنسبة 18%، أو الانفصال والبطالة بنسبة 17% لكلٍّ منهما، وأخيرًا وفاة أحد أفراد العائلة بنسبة 17% أيضًا.
سبقت هذه الحالة, التجربة الأسترالية بتنفيذ برنامج للتواصل مع هذه الفئة، في محاولة لكسر حاجز الوحدة لديهم. فهل يستحق الشعور بالعزلة أو الوحدة كل هذه المخاوف؟ وما الذى يستطيع العلم الإسهام به للحد من مخاطر هذه الظواهر المجتمعية؟
إن أعداد هذا التقرير نتابع من خلاله حالة قد تكون بعيدة في أسبابها لكن النتائج النفسية هي-هي نفسها, أي التبعات المؤثرة في شخصية الفرد والمجتمع من جانب الحالة النفسية الناجمة عن وباء كورونا المستجد.
لابد من التفريق بين العزلة والوحدة, والعزلة الاجتماعية الطوعية هذا اهم ما نحتاجه ضمن هذا التقرير.
العزلة Isolation) ):- هي حالة من الانعزال بمعني عدم وجود اتصال مع الناس، وقد يتسبب في العزلة العلاقات السيئة، فقدان أحباء، اختيار متعمد، أمراض معدية، اضطرابات نفسية، اضطرابات عصبية عضوية، أو ظروف العمل.
الوحدة:- الوحدة تكون شعور خارج عن الإرادة، أي أن الشخص يشعر بالوحدة وهو كاره لهذا الشعور، ويُصاب به رغماً عنه، بعكس العزلة التي تكون اختيارية، أي أن الشخص ينعزل عن الناس بمحض إرادته.تستجيب الوحدة للعزلة.
العزلة الاجتماعية الطوعية/ الاضطرارية :- وهي احدى أنواع العزلة عن المحيط, التي تمارسها المجتمعات أو المجموعات بصورة جماعية طوعية أو اضطرارية نتيجة لطارئ معين, في بلد ما كأن يكون حظرا للتجوال, أو نشوب حرب, أو وباء معين وقد تطول وقد تقصر بحسب طبيعة الطارئ.
ومن المرجح أننا نتكلم الأن ضمن مسار العزلة الاجتماعية الطوعية أو الاضطرارية نتيجة لوباء كورونا المستجد كوفيد-19 ,لذلك فان الانطباق الحاصل الأن هو حول مصطلح ((العزلة الاجتماعية الطوعية/ الاضطرارية)).
قد تكون الآن الدراسات النفسية والسيكولوجية غير متاحة بشكل دقيق أو معدومة حول الأعراض والنتائج النفسية التي يسببها هذا الفيروس من النتائج السلبية على سيكولوجية الفرد والمجتمع كأعراض ثانوية يسببها هذا المرض من الناحية النفسية فضلا عن الإصابة نفسها. لكن من المرجح أن النتائج السلبية النفسية للعزلة التي يطرحها علماء النفس هي ذاتها في التأثير على نفسية الفرد والمجتمع, على الرغم من اختلاف المسبب لكن النتيجة واحدة على الأقل في صورة من صورها وهذا ما سنعتمده كمعيار في النتائج المستقبلية ضمن هذا التقرير.
فيكون ترتيب الأعراض النفسية بالشكل التالي :-
1- المصابون بفيروس كورونا والأعراض النفسية المصاحبة لهم (( حجر قسري ))
2- المشكوك بحالة الإصابة لديهم بفيروس كورونا والأعراض النفسية المصاحبة لهم (( حجر احترازي ))
3- الأصحاء والأعراض النفسية المصاحبة لهم (( حجر طوعي أو اضطراري ))
سنأخذ الصنف الأخير فقط ونجري عليه البحث والدراسة ضمن أعداد هذا التقرير لكون هو الأعم من جهة ومن جهة أخرى تقييدا باختصار الشرح.
الأصحاء والأعراض النفسية المصاحبة لهم (( حجر طوعي أو اضطراري ))
إن المخاوف من انتشار هذا الوباء ووفقا لإرشادات الأجهزة المختصة الطبية فان الإجراء الوقائي الحقيقي والمعمول به تاريخيا وعالميا هو أجراء الحجر الطوعي وان كان اضطراريا, فهل فكرنا ما هي الأعراض النفسية المصاحبة لذلك الحجر على نفسية الفرد ذاته, وعلى المجتمع بشكل عام.
يشير الدكتور فارس كمال نظمي دكتوراه علم النفس الاجتماعي وعضو في عدد من الجمعيات الأكاديمية العراقية والأجنبية. ((إن الدراسات النفسية المتراكمة منذ أكثر من عقد من الزمن في بلدان عديدة، أن عقلانية السلوك الاجتماعي في مجال التعامل مع الأزمات والكوارث، تضمحل إلى حد كبير، كلما يشعر الناس أنهم فاقدون للقدرة على توجيه حياتهم الشخصية والتحكم بمساراتها بسبب هشاشة مؤسسات الدولة وفسادها من جانب، وكلما واجهوا –إدراكياً- أوضاعاً سياسية مضطربة لا يمكن التنبؤ بمالاتها من جانب آخر. ))
وهذا ما يعطينا الانطباع الأولي الإدراكي حول هشاشة الوضع النفسي الجماعي ضمن المجتمع العراقي في مواجهة هذا الفيروس على المدى الطويل.
ان العالم اليوم يقف ضمن مسار (الآخر) , وهذا ما اعني به أننا اصبحنا أخرون, أي كل منا لديه نزعة التحفظ ضد الآخر, هذا التحفظ يعبر عنه " بالوقاية " من ( الاختلاط , الملامسة , الاقتراب...) العالم ومن ضمنه العراق تولدت لديه بحسب الوقاية نظرة الريبة والشك بدافع الوقاية, فقد يكون هذا الآخر مصاب أو حامل للمرض فيجب الانزواء عنه أو عدم التقرب منه ومخالطته وكذلك هي النظرة نفسها تقع على صاحب الفكرة نفسها, أذن بات العالم والأفراد الآن ينظر بعين التخوف من الآخرين, لا بدافع عدم الثقة أو بنوع من أنواع عدم الاكتراث لكن بدافع الوقاية هذه مقدمة أولى لشيء افظع!, لكن هذه الوقاية ستنعكس على طبيعة تلك العلاقات الاجتماعية وطبيعة التواصل الحميمي بين الأصدقاء وحتى بين الأهل والأقارب, الجميع الآن أخرون, ونحن بالنسبة لهم اخرون!.
خطوة بسيطة أخرى نحو تلك الإجراءات الاحترازية كمثال يصاب احدهم نتيجة عدم الاكتراث ومخالطة من يحب أو من يصاحب من أصدقاء وبازدياد تلك العينات المصابة, حتما سنكون أمام واقعية عدم الثقة! وهذا هو الأدراج المخيف ضمن هذه السلسلة لو طال أمد هذا الوباء.
نحن الآن أمام معركة ثقة من عدمها, معركة الانعزال والتأقلم مع واقع أخر غير منسجم تماما مع طبيعة النفس البشرية, ولا مع كيان الأنسان ككائن اجتماعي, ولذلك فان الانعكاسات الوخيمة " النفسية " لتلك الجائحة ستكون كارثية وغير مسبوقة لو طال أمد هذا الوباء, إذ سيصبح العالم برمته "زومبي" يخاف بعضه ولا يتبادل الحميمية المعهودة ضمن نطاقه الاجتماعي الواقعي, بل يتبادلها على مسافة لا تقل عن مترين في احسن الأحوال, أو ضمن وسائل التواصل, وهذه انعطافه نفسية يجب أن تدرس بشكل معمق ووضع حلول أنية لها فيما لو استمر هذا الوباء.
فما بالك ببلد مثل العراق؟ الذي يعاني أصلا مختلف الإشكالات النفسية ولاكتئابيه ضمن المجتمع, وهناك ردة فعل تسمى "بعدم الاكتراث مما سيحصل" وهذه ليست حالة تمثل الشجاعة وقوة الشكيمة بل هي ظاهرة يفسرها الدكتور فارس كما نظمي في مقال له فيقول :- ((لعل هذا ما يفسّر سلوك الكثير من الفئات الاجتماعية ما دون الوسطى في مناطق عديدة من العالم ومنها العراق، في إظهارهم لعدم اكتراث نسبي في اتخاذ إجراءات وقائية كافية ضد وباء كورونا، إذ يعبّر هذا البرود الانفعالي حيال احتمالية الموت عن نزعةٍ اكتئابيه جماعية ناتجة عن فقدان هذه الفئات لقدرتها على التحكم بمسارات حياتها، فتسعى لتعويض ذلك الفقدان دفاعياً ولاشعوريا باستخدام آليات الإنكار أو الاستخفاف أو الاستعراض أو التعويل الغيبي على شفاعات "منقذ)).
لا مفر من "الكساد الاجتماعي:-
لأنه من التبعات التي لا يمكن تجنبها في ظل التوصيات الصحية الراهنة. الحجر المنزلي له تبعات سلبية بحسب البعض، إذ قد يؤدي إلى انهيار التواصل الاجتماعي، خصوصا بالنسبة للأفراد الأكثر تهديدا بالعزلة والوحدة، بينهم المسنون وذوو الاحتياجات الخاصة أو من يعانون من أمراض. إذ إن الحجر المنزلي كلمة باتت شائعة في 2020، فهي تدل على تغيير أنماط وسلوكيات الحياة الاجتماعية لإبعاد الإصابة، لكن قد يكون لهذا النوع من العزلة آثارا جانبية على الأفراد.
قالت الأخصائية في أمراض الشيخوخة بجامعة جونز هوبكنز، سينثيا بويد، لموقع "Vox" الأميركي
بويد شاركت في إعداد تقرير كبير للأكاديميات الوطنية للعلوم حول عواقب العزلة الاجتماعية والوحدة على كبار السن، توصل فيه الباحثون إلى أنه حتى قبل فيروس كورونا، كانت عبارة العزلة الاجتماعية تنطبق على حوالي ربع كبار السن، وقال 41 في المئة منهم إنهم يشعرون بالوحدة.
توصل التقرير إلى أن "العزلة الاجتماعية مرتبطة بزيادة كبيرة في خطر الوفاة المبكرة بمختلف الأسباب" بما في ذلك "خطر الإصابة بالخرف بنسبة 50 في المئة".
وتزيد العزلة الاجتماعية من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 29 في المئة، وخطر الموت بالسرطان بنسبة 25 في المئة، واحتمال التراجع الوظيفي بنسبة 59 في المئة و32 في المئة من خطر الإصابة بسكتة دماغية.
واطلع الباحثون على عشرات الدراسات وتوصلوا إلى علاقة ثابتة بين العزل الاجتماعي والاكتئاب والقلق والتفكير في الانتحار.
زيادة خطر الموت
جاء في تقرير عبير فؤاد لموقع مجلة "للعلم" التابعة لـ "ساينتفك أمريكان" لا تقتصر تأثيرات الوحدة والعزلة الاجتماعية على الجانب النفسي فقط، وإنما تتجاوزها إلى صحة العقل والقلب وتراجُع المناعة والقدرة على مواجهة العدوى، وصولًا إلى زيادة خطر الموت بنحو 26% لدى كبار السن، وفق تقرير "السياسات العامة والشيخوخة" الصادر مطلع العام الحالي، في يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي لفت الانتباه إلى أن الروابط الاجتماعية الضعيفة تضاهي في خطرها على الصحة ضِعف خطر السمنة أو تدخين 15 سيجارة يوميًّا.
كما أن الأشخاص المعزولين اجتماعيًّا يزيد تعرُّضهم للإصابة بالاكتئاب والخَرَف بنحو ثلاثة أضعاف أو أكثر مقارنةً بغيرهم. ويزداد مع الوحدة أيضًا الشعور بالخمول بنحو 2- 3 مرات، وهو ما قد ينتج عنه ارتفاع القابلية للإصابة بالسكر بنحو 7%، والقابلية للصدمة بنحو 8%، والقابلية للإصابة بأمراض القلب بنحو 14%..
اللامعيارية:-
منذ مدة ليست بعيدة قامت منظمة الصحة العالمية مطلع الشهر الحالي إلى نشر سلسلة توصيات للصحة العقلية للسكان، سواء للأشخاص المعزولين أو المسنين أو العاملين في القطاع الطبي.
ومن بين هذه النصائح: التصدي للأخبار الكاذبة بسبب تأثيرها السلبي على السكان، وتشجيع الحوار في حالات الضغط النفسي.
وتقول الطبيبة النفسية فاطمة بوفيه إنه مع تفشي الفيروس وتدابير الحجر المنزلي "نلاحظ وصول مرضى جدد يعانون أصلا مشكلات نفسية، هذه الفترة تعرضهم لأوضاع عاطفية صعبة يتعين عليهم إدارتها".
وتعدد الطبيبة النفسية قائمة المشكلات ومكامن القلق المسجلة لدى مرضاها في الاستشارات (عن بعد)، وهي تشمل "الخوف من الموت ومن الإصابة بالعدوى، ومن فقدان الأحبة، إضافة إلى الخلافات في داخل العائلات أو المجموعات الضعيفة أساسا، والضجر والانغلاق وعدم القدرة على استباق الأمور وتراجع المداخيل وعدم القدرة على التنقل والانعزال والاضطرار إلى الوقوف مع الذات".
المقام الأول هي اللامعيارية (مصطلح أطلقه أولا عالم الاجتماع دوركايم) والقلق من انهيار الروابط الاجتماعية وغياب المعايير والهلع المتصل بعمليات النهب، إضافة إلى الخوف من انتقال العدوى والذي يعززه الطابع الخفي للفيروس".
هيكليات مغلقة
كذلك يسود قلق آخر يرتبط بالخوف من الموت جوعا، مما يفسر تهافت المستهلكين على تخزين المنتجات الأساسية، وهو دليل على وجود رد فعل حيوي لا إرادي، وأيضا الشهية الجنسية وهي الشهية على الحياة عندما نخاف من الموت أو من العيش في الوحدة أو فقدان الأحبة.
الإزاحة الجيلية :-
أنها عمومية لكنها مستهدفة لهذا الوباء, على نحو الحصر وضمن هذا التقرير, أيضا هذا المصطلح تعبيرا رمزيا ممكن أن يكون شاملا وعاما بقصدية أو دون قصدية كالحروب والمجاعات والفقر والكوارث الطبيعية والأوبئة... الخ فإننا نجد في كل منها أزاحه لمجموعات معينة وبقاء أخرى.
إن فيروس كورونا هو احد أنواع هذه الإزاحة لست بصدد مناقشة القصدية والتعمد في انتتاج هذا الفيروس كحرب بيولوجية من عدمه, كونه وباء طارئ على الكرة الأرضية.
لكن أيضا النتيجة واحدة إن هناك إزاحة جيلية حصلت وستحصل نتيجة لهذا الفيروس, تلك الإزاحة وبحسب ما اطلعنا في معطيات التقرير أعلاه ستكون مستهدفة متوسط الأعمار التي تتراوح بين 35 فما فوق وذلك لاهم سبب أن الأعمار المتقدمة تعاني أصلا من أمراض مزمنة وضعف في المناعة, فضلا عن التداعيات النفسية التي يسببها الفيروس وأصحاب الأعمار المتقدمة هم الأكثر عرضة للإصابة بتلك المتلازمات النفسية من غيرهم وعليه فان الإزاحة الجيلية ستكون اكثر وفرة من حصة هؤلاء وللأسف الشديد.(( يُقدر عدد كبار السن الموجودين - حاليًا - في العالم، والذين تتعدى أعمارهم 60 عامًا فما فوق، أكثر من 800 مليون مُسن./ وزارة الصحة السعودية 5/8/2018 )).
إجراءات/ الخط الساخن:-
فتحت نيويورك خطاً ساخناً للصحة النفسية ويهدف هذا الخط الساخن في التعامل مع "الصدمة النفسية" بسبب فيروس كورونا الجديد.
ووفقاً لموقع "بيزنس إنسايدر" أعلن حاكم نيويورك أندرو كومو عن إنشاء خط ساخن مجاني للصحة النفسية ويعمل به 6000 متخصص في الصحة النفسية، وجميعهم من المتطوعين. وأضاف كومو أيضًا إن "فيروس كورونا هو مسألة حياة أو موت لكن يجب ألا تستهين بالصدمة العاطفية التي يشعر بها الناس، والمشاكل الصحية النفسية التي يواجهونها في الوقت الحالى."
توصيات :-
من المهم أن تعتمد الأجهزة المعنية والمختصة وخاصة المتخصصة بالجانب النفسي لو طال أمد هذا الحجر الوبائي إلى الحالة النفسية والتداعيات المقلقة لهذا الفيروس على الأفراد والمجتمع, يضاف لها إن المجتمع العراقي يعاني الأمريين من جانب الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية وفقدان جانب الأمل والرفاهية وإفراغ المكبوتات الشخصية في سياقات امنه, فان المعضلة تزداد خطورة ورعبا لو اندمجت تلك الأمور مع هذا الحجر المقيت لذلك مراعات الوضع النفسي لكل المستويات ووضع الخطط الصحية الملائمة هو امر ذو أهمية جديرة بالملاحظة والعمل على تحقيقها.
يخلص هذا التقرير عن وجهات نظر ليست على المستوى المهني الطبي, لكنها ذات أهمية من الجانب المنطقي.
1- بالإضافة إلى نشر الوعي الصحي لتجنب الإصابة بوباء كوفيد-19 يجب مراعات نشر الوعي النفسي وتقديم المساعدة, ضمن النشرات الصحية والبرامج التثقيفية وفتح قنوات اتصال مع مختصين نفسانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووضع أرقام هواتف للتعامل مع الحالات النفسية الطارئة وبسرية تامة حفاظا على كرامة ومشاعر الأنسان.
2- على أجهزة الدولة المعنية متابعة وتشخيص تلك الحالات والمراقبة, التعامل مع البشر بلطف, وعدم إبراز جانب القوة أو التعنت لغرض عدم إشاعة الرعب والهلع بين المجتمع والأفراد, واستخدام وسائل تطمينيه عند الفحص أو الاختبار, والتعامل الحسن مع المواطنين ولا يشعروهم وكأنهم يفتشون عن مخدرات في أجسادهم, فهذا خطأ فادح من شانه أن يحبط المعنويات ويولد سلوكا عكسيا للأفراد " عدوانيا " وهذا له انعكاساته المقلقة في التعاون معهم من جانب, ومن جانب أخر خفض مستوى الهرمونات المسؤولة عن المعنويات مما يؤثر سلبا على المناعة.
3- الجهات المعنية من الواجب التصدي لحملات التضليل وإشاعة الأخبار الكاذبة والمفزعة ومراقبة ومحاسبة من يعمل على إشاعة أو استثمار هذا الوباء لأغراض نفعية وايقاع المجتمع في دوامة من الرعب والهلع.
4- من اهم ميكانزمات الدفاع هو الأمل, إشاعة روح الأمل من قبل الجهات المختصة, ومن قبل المؤثرين والمختصين, ورجال الدين والتفاؤل هو دافع مهم لتقوية المناعة ومنع الإحباطات النفسية والتداعيات السيكولوجية النفسية للمجتمع ككل.
5- تجنب الاستماع للأخبار بصورة دورية ومستمرة من قبل الأفراد, وتجنب مشاهدة واستماع الأخبار والمشاهد التي تعرض الأنسان إلى القلق والخوف والرعب من ضمنها الأفلام والمشاهد المرعبة. الخ
6- ازمه وتعدي, هذا الشعار يجب أن يرفع دوما ويكون واقعا ضمن العقل الجمعي للمجتمع, ولتكن هناك شعارات تلائم هذا المفهوم كأمثال ( بيدك مصيرك أرجوكم ابقوا على قيد الحياة ), ( لا تيأس فثمة نور في أخر الوباء وسننجح في الوصول اليه ), ( ستنتهي هذه المحنة وسنحتفل جميعا حتى الصباح ), ( سنخرج اقوى من هذه الأزمة , انك قادر على اجتياز تلك العزلة ستخرج منتصرا)... الخ
7- تعزيز العلاقات الاجتماعية والأسرية من خلال التواصل الاجتماعي اليومي, وتكثيف ذلك لرأب صدع الفراغ الذي تشكله العزلة الصحية.
8- ابتكار أساليب تسلية أيا كان نوعها دام كانت مسلية لسد جانب التفكير بالمزاج السيئ, وعدم الركون مطلقا إلى استمرار التفكير بالعواقب, ومحنة الجلوس بالبيت, وتحويل تلك العزلة إلى عزلة إيجابية من خلال ابتكار وسائل نافعة أو مسلية لغرض سد الوقت وأغلاق منافذ التفكير بالسئم نتيجة للوقت المهدور في فراغ العزلة.
9- عدم النظر إلى المصابين كونهم وصمة عار أو مشكلة فنية يواجهها الكوب, هذا أيضا خطأ فادح, التعامل مع المرضى بصورة طبيعية, إذ من الخطأ تسويق جانب الرعب وصناعة الخوف لتحقيق الحظر للتجوال ونشر صور الدفن للمصابين بهذا الفيروس, على اقل تقدير إكراما " للميت " إن لم يكن إكراما أيضا للأحياء وعدم نشر الرعب والهلع بينهم فاحترام مشاعر الناس امر مهم, كما انه مهم من الناحية المعنوية إذ يقلل مستوى تحفيز هرمونات المناعة.
10- تصوير غلق المراقد المقدسة وتسويقها بهذا الشكل ذلك امر أيضا فيه عدم احترام لطوائف مذهبية عديدة وكبيرة ضمن المجتمع, ومؤثر عقائديا ونفسيا على تلك المجموعات, فاحترام مقدسات الآخرين وعدم تصويرها بالشكل التسويقي الايدلوجي بهذا الشكل هو امر معيب, ومثير لمختلف ردود الفعل النفسية المضطربة, والشكوكية, والوسواسية , والتنمرية أيضا ومردوده عكسي تماما على نفسية وصحة الأفراد والجماعات على حد سواء, فضلا عن عدم إيهام الناس بان هناك معركة تجري بالعالم بين العلم والدين الآن!, فمن سيكون الرابح؟ الأمر ليس بهذا الشكل وليس هناك معركة أصلا, ولكل مقام مقال ولكل زمان رجال ولكل حالة مختصين ومتحدثين يدلون بدلوهم ضمن اختصاصهم, فزج هذا الوباء في أمور معتقديه دينية لغرض جعله خصيم للموروث الديني, هذه سخافة ولا احترام لمقدسات الآخرين.
11- العلم يأخذ مجراه ضمن الإرشادات والتوصيات الطبية والفنية, بلا اعتراض من أي طرف غير مختص, وهذا منطق عقلي, كما إن العقائد التي يؤمن بها أهل المذاهب تأخذ أيضا مجراها الروحي في نفوس معتنقيها "" بشرط عدم التزاحم "" بين العلم والدين, ليكون أمام الفرد والمجتمع سلاحين بدلا من سلاح واحد هو العلم والأخذ بالإرشادات الطبية والصحية مع الالتزام بالموروث الديني وطلب الرحمة من الذات المقدسة فلا يوجد تعارض منطقي بين هاتين الفكرتين ومن يضع بينهما حاجز له رايه المحترم لكن بشرط عدم ازدراء معتقدات الآخرين, واحترام أسلحتهم للوقاية من هذا الوباء وهذا ماله آثاره الروحية والنفسية المهمة في تقوية المناعة وزيادة جرعات الأمل والتفاؤل. فبدلا من التركيز على مجريات الواقع الوبائي ذهب البعض لترويج معركة خارج اطار الواقع بين العلم والدين, بينما لا معركة ولا خصومة ولاهم يحزنون. إيقاف العلاقات الجدلية الآن بين أي صراع ممكن إن تخوضه البشرية بين العلم والدين لأنه يضعف من المناعة التحفيزية للمقاومة للمرض لدى الأفراد, ويلهي عن مواجهة الوباء, الآن ليس محل نزاع ولا محل تشكيك في تلك القضايا وهي خارج النسق حاليا, الاهتمام بمواجهة الوباء حصرا هو العمل الأكثر إثارة الآن, والأكثر إنتاجا من غيره وتأجيل تلك الصراعات إلى مناسبات فكرية أخرى بعد الانتصار على هذا الوباء ليدلو كل من أراد بدلوه الفكري والعقائدي, وبهذا الصدد يقول الدكتور فارس كمال نظمي ((ولذلك يبدو أمراً متسرعاً اليوم أن نجزم بالقول إن الوباء الكوروني سيُحدث تبدلات جوهرية في البناء السياسي والديني للعالم، إلا أنه بلا ريب سيسهم –برفقة جدلية مع عوامل أخرى- في طرح تساؤلات جذرية صادمة تمهد لتطورات نوعية كبرى قادمة)).
إن نهاية هذا الفيروس ستكون وشيكة, وسننتصر حتما عاجلا أم أجلا في هذا التحدي, وسنعود إلى حيث مجتمعنا الواقعي باقل }إزاحة جيليه في العراق{, ونامل أن يكون مجتمعنا اكثر حميمة وتماسكا وحبا وتسامحا من ذي قبل على عكس التقارير والقراءات التنبئية, إن هذا ما نأمله.
#انور_الموسوي (هاشتاغ)
Anwar_H.noori#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟