أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كمال غبريال - عزاء واجب لقناة الخنزيرة















المزيد.....

عزاء واجب لقناة الخنزيرة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 1577 - 2006 / 6 / 10 - 11:10
المحور: الصحافة والاعلام
    


تقتضي منَّا الشهامة العروبية (المزعومة)، أن نتقدم بغير خالص العزاء إلى قناة الخنزيرة، في مقتل المجاهد والقتَّال الكبير أبو مصعب الزرقاوي، رغم أن قناة الخنزيرة لا تنتظر عزاء من أمثالنا، وقد أخذ مذيعوها الأشاوس يعزون أنفسهم بأنفسهم، ويعزون جماهيرهم الغفيرة في كل أنحاء عالمنا العربي، المضروب بالكراهية والتعطش للدماء.

خطاب قناة الخنزيرة يوم 8/6/2006 طريف، ويبعث على ابتسام، يمتزج في قلوب كل البشر الأسوياء بفرحة عميقة، لتخلص الإنسانية من واحد من رموز الشر في عالمنا المعاصر، رغم أن تلك القناة يحسب لها فضل ترويج أدوية ارتفاع ضغط الدم، بما تنفثه علينا من قراءات مشوهة للأحداث، وبمن يستدعيهم مذيعوها من ضيوف، يقدمونهم لنا على أنهم محللين سياسيين أو مفكرين استراتيجيين، فإذا بهم لا يتقنون غير التدليس والمغالطات، ولا يبرهنون إلا على جهلهم المزري، وقدرتهم الببغائية على ترديد ذات العبارات النمطية المنحولة من عواء الذئاب.

مذيعو الخنزيرة الليلة يبدون طرفاء ظرفاء، وقد أخذوا زمام المبادرة، مخفين انكسارهم داخل قلوبهم (سوداء اللون)، وبدءوا في تعزية أنفسهم وجمهورهم:

فالمقاومة مستمرة ولن تنكسر بسقوط عظيمها.

عائلة الزرقاوي تقيم عرساً لدخول ابنها الجنة.

شرف للمقاومة أن يقف رئيس أكبر دولة يتباهى بمقتل المجاهد العظيم.

لكن هل نجح السيدات والسادة مذيعو الخنزيرة فعلاً في إخفاء حزنهم وانكسارهم؟

أتمنى أن يقرأ هؤلاء السادة تلك الكلمات، فسوف يجدون فيها العزاء الحقيقي:

لا مبرر للحزن والأسى، فأنتم يا سادتي لم تصنعوا زرقاوياً واحداً، فأداؤكم الحرفي والمخلص لتوجهات قناتكم قد نجح نجاهاً باهراً في أن يروج للأيديولوجية الزرقاوية بين الشباب العربي، وصار الآلاف من الشباب يتوق كل منهم لأن يكون زرقاوي المستقبل، وإن فقدنا زرقاوي في ساحة الجهاد فكلنا هذا الرجل، وإن مات لنا مجرم فكلنا مجرمون، وإن وارينا التراب حاقداً كارهاً للبشرية، فكلنا حاقدون كارهون، وإن اغتالوا سفاك دماء فكلنا إلى الدماء متعطشون!!

أنتم بلا مبالغة الفريق العربي الوحيد الذي حقق أهدافه بكفاءة جديرة بالاعتبار.

أولاً أنتم استخدمتم منتجات التكنولوجية الغربية لتضربوها في مقتل: لقد ضربتموهم يا أبطال الخنزيرة بسلاحهم، الكاميرات وأجهزة البث والأقمار الصناعية وتكنولوجيا الاتصالات، كل هذه الأسلحة التي اخترعها الكفار وأعداء العروبة، استخدمتموها أنتم بكفاءة نادرة لضرب هذه الحضارة في منطقتنا، وبلغ نجاحكم ليس فقط منع تسلل هذه الحضارة المعادية إلى أرضنا المقدسة، بل وصل نجاحكم إلى تخريج أعداداً هائلة من المجاهدين المقاتلين الانتحاريين، القادرين على الذهاب إلى مصدر تلك الحضارة وعقر دارها، في نيويورك ومدريد ولندن، والبقية تأتي، وسيثبت المجاهدون العرب قدرتهم وكفاءة قناتكم المجيدة في تجنيدهم.

ثانياً لقد نجحتم ليس فقط في صناعة نجومية الزرقاوي، لكن في صناعة نجومية نموذج الإرهابي: فلم يكن مجهودكم المضني في التأكيد على بطولة الزرقاوي لصالح الإرهابي المغدور وحده، وإنما تعدى أداؤكم النضالي العروبي إلى دائرة أوسع من مجرد أسماء وأشخاص محددين، إلى النموذج ذاته ليصير هو المثل الأعلى لكل من يطمح من الشباب أن يحقق ذاته، سواء في الدنيا أو الآخرة، لقد تيقن كل من يسير على الدرب الزرقاوي أن اسمه سوف تردده بتوقير واحترام مذيعاتكم الأنيقات الجميلات، وسوف يلهج به مذيعوكم المفوهين، وسوف يستفيض في مدحه وتبرير جرائمه محللوكم السياسيين وخبراؤكم الاستراتيجيين، وعندما تطاله في وكره أيدي البغي والعدوان كما حدث مع الزرقاوي العظيم، فسوف يدخل الجنة، ليجد حور العين في انتظاره.

ثالثا نجاحكم منقطع النظير في التأصيل الفكري والترويج العملي لأيديولوجيا الكراهية والقتل: ولا يقلل من هذا النجاح سقوط مجاهد بطل هنا أو هناك، فطريقة عرضكم العروبية للأخبار، وإخفاء هذا الخبر وإبراز ذاك، والإلحاح بتكرار آخر، وبرامجكم الحوارية التي تنتقون أغلب ضيوفها من مزابل العروبة العامرة، والمؤامرات والتمثيليات الماهرة التي تحيكونها، لمحاصرة من تتصيدونهم من ضيوف مستنيرين، من عملاء الحضارة ومارينز الحداثة ومحبي الإنسانية، كل ذلك المجهود المضني والرائع نجح في توطين ثقافة الجهاد والكراهية والقتل في منطقتنا، كما نجح في وضع السدود المنيعة أمام المشروع الأمريكي الغربي لتحديث الشرق، والذي يرمي بالأساس لسلب هويتنا وأصالتنا العروبية البدوية المتعطشة للدماء.

رابعاً أنتم لم تصنعوا فقط نجوم الإرهاب، بل صارت قناتكم نجمة قنوات ومراكز الدعوة الإرهابية: صرتم النموذج الذي يلهث الجميع في أنحاء عالمنا العربي لمحاكاته، كم من القنوات والإذاعات والصحف تجعل منكم المثل الأعلى في الإعلاء من شأن الكراهية والقتل والتصدي لمشروعات التحديث، وكم من جرابيع العرب من يذهب إلى أقصى ما يستطيع من تطرف في خطابه، ليحظى بالظهور على شاشتكم المباركة، مصحوباً اسمه بلقب "محلل سياسي" أو "خبير استراتيجي"؟

وحسناً فعلتم أن أقمتم مدرسة لتخريج كوادر المذيعين من أبناء الشرق، لنقل مهارة التدليس والتزييف للأجيال الجديدة، فهم ذخيرة اليوم وجنود الغد، في معارك العروبة الممتدة مع الإنسانية ومع طواحين الهواء.

خامساً لقد نجحتم نجاحاً باهراً في إيصال صوت العروبة إلى العالم أجمع: لقد عرف العالم عن طريقكم يا أبناء العروبة وأبناء قناة الخنزيرة البررة كم يكره العرب أمريكا، وكم يعادون العالم الغربي، وكم يرفضون رفضاً باتاً كل مشروعاتهم لسلب هويتنا وإخراجنا من كهوفنا المقدسة، لنتغرب في الألفية الثالثة وقيمها المبتذلة، كما أعلمتمونهم أيضاً ماذا ننتوي أن نفعل بهم، وبأننا لن يغمض لنا جفن حتى نحول حضارتهم إلى أنقاض، وحتى نأتي بزعيمنا بن لادن، ليجلس على أنقاض البيت الأبيض، ويعزف فاصلاً منفرداً من العواء، لا يهم إزاء تلك الرسالة الخالدة في إيصال صوتنا للعالم أن تستغلها إسرائيل لتحرض العالم علينا، ولا أن تستخدم مراكز البحوث العالمية خطاب قناة الخنزيرة، لترفد مراكز صنع القرار بمبررات دك بلادنا بالقنابل زنة الألف رطل وصواريخ كروز، المهم أن يصل صوت العروبة وتهديداتها إلى كل بقاع الأرض.

سادساً نضالكم محمود في خدمة القضية الفلسطينية، قضية العرب والعروبة: فمن غيركم خدم القضية بكل هذا الإخلاص والتفاني، فأنتم أمهر من يحرض أبناء فلسطين على التحلي بالأحزمة الناسفة، وأنتم أفضل من يلطم الخدود عندما تتصيد إسرائيل قادة النضال والانتحار، تشجبون وتنددون وتفضحون الصهيونية والإمبريالية، ولابد أن تعترف لكم الأمة العربية بالفضل فيما تحققه القضية الفلسطينية حالياً من انتصارات، وصلت إلى اضطرار قادة الإرهاب الميامين إلى رفع شعار: "نجوع ولا نركع"، فيا أهلاً بالجوع ونحن نستمتع بمشاهدة عنتريات قناة الخنزيرة!!

سابعاً نجاحكم في إخفاء حسرتكم على بطلكم الزرقاوي، بروفة عملية لأيامكم السوداء التالية: فإن كنتم تتحدثون اليوم عن العرس الذي أقامته عائلة الزرقاوي ابتهاجاً بدخول ابنها الجنة، فالغد قريب ستنقلون فيه على الهواء مباشرة، العرس الذي ستقيمه عائلة بن لادن، كذا العرس الذي ستقيمه عائلة الظواهري، والقائمة ستطول وتطول، حتى آخر إرهابي يحمل على قفاه ماركة "صنع في قناة الخنزيرة"، ولا ننسى أن نتمنى لكم أن تكون أيامكم كلها أعراس من هذا القبيل!!

نتعشم من الأحباء مذيعي ومذيعات قناة الخنزيرة، أن يستردوا سريعاً توازنهم النفسي، بعد هذه الضربة القاصمة التي ألمت بهم، فأمامهم في الأيام القادمة مهمة عروبية مقدسة، هي صناعة وتلميع بطل ونجم جديد في عالم الإرهاب، يحل محل الزرقاوي المقبور، ليتوعد العالم الغربي عبر قناتكم المناضلة بالويل والثبور وعظائم الأمور.

أخيراً نعيد تقديم تعازينا غير القلبية لقناة الخنزيرة الرائعة، متمنيين لها دوام التدليس والتحريض على القتل والكراهية، وإلى اللقاء في حفلة العرس القادمة.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البهائيون في أرض النفاق
- المأساة المصرية وترمومتر لينا الفيشاوي
- طبيعة النظم وإشكالية التغيير
- الأقباط والليبرالية
- الصعود إلى الهاوية برعاية أمريكية
- مصر الخالدة تلفظ أنفاسها
- تحرير العراق وأحجار الدومينو المرتعبة
- ائتلاف حماس كاديما وبئس المصير
- أما الشعوب فلا بواكي لها
- الليبراليون الجدد ومقولاتهم المستغربة
- العِلمانية تلك النافذة المغلقة
- ثقافة الذئاب من العراق إلى السعودية
- حسنة لسيدك مشعل أفندي
- خيار المقاومة (القتل) وثقافة اليأس
- وكأن على رؤوسهم الطير
- الرقص على أنغام إرهابية
- الدين والتدين وتبادل المقولات
- أزمة الحداثة في الشرق
- المصريون وسيكولوجية الرعية
- حالة تخلف مستعصية - مشكلة أسلمة القبطيات


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - كمال غبريال - عزاء واجب لقناة الخنزيرة