|
كورونا تقلب علي المواجع
فلك محمد
الحوار المتمدن-العدد: 6525 - 2020 / 3 / 28 - 23:00
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
قبل سنة من الان وبينما كنا في المستشفى لإجراء بعض الفحوصات لأمي، جاءتنا الطبيبة في قسم النساء، لتخبرنا انا واخي وبكل برودة اعصاب الخبر الذي غير كل حياتنا وخيم الحزن على دارنا "الفاجعة" كانت إصابة امي بمرض السرطان" ذاك الخبر المفجع الذي ما زلت تحت آثار صدمته حتى الان ... تائهة، ضائعة ،وحائرة . يالله !!لم أتصور أن الأمر بهذه المرارة، سمعت، ورأيت الكثيرين ممن اصابوا بهذا الداء اللعين "السرطان" وعن معاناة ضحاياه ، وعن آلامهم، كنت اشعر بآلم حقيقي عند رؤية وسماع تلك القصص فكلمة (السرطان)وحدها كافية ان تصيبك برجفة ورهبة وألم .. لكن أن تسمع وتقرأ وترى لا يقارن الحال بإصابة احب انسانة على قلبك . امي الحبيبة أصيبت بالسرطان كان وقع الخبر علي كالصاعقة هزت كياني وكسرت جوانحي، ،افقدني التوازن وامتص كل خلية فرح من وجداني . فخبر مرض أمي جعلني اتخبط واضيع واضيع الطريق .لمن الجأ ولمن اشتكي فإمي هي مخزن احزاني، وصندوق أسراري ،ورفيقة درب وسنيني ،ووطني ،فوجودها وحده ودعائها يمداني بالقوة والاطمئنان .انا الان ضعيفة لا اقوى على شي. تبخرت كل أحلامي وبات كل شي يسوده السواد ،كيف لا وهي الشعلة التي تنور حياتي ، هي الوحيدة التي ألجأ إليها وارتمي في حضنها حينما تقسو الدنيا وترمي بثقلها علي . يالله !! كيف سأعيش من غيرها؟ ومن يدعوا لي من بعدها ؟ من يطمئن علي كل ساعة ؟ من يرتب فوضى حياتي ؟؟ بعثرة اوراقي؟؟ من يذكرني بمواعيدي؟؟ من ؟؟.....بينما تلك التساؤلات والافكار تتلاطم في راسي ويخلط الحابل بالنابل في المخ والمخيخ عندي ودموع الحزن والالم تتذارف على خدودي، سمعت صوت يهمس ...الموت علينا حق وكلنا على هذا الطريق.....اي موت ؟؟؟ نعم، الموت علينا حق، كما اعتدنا القول لكن لا.....ليس امي فحينما يكون الأمر متعلقا بالحبيبة . فالموت يكونوا اكثر إيلاما ،ومفجعا وعلقما ،...لحظات بداية ....تمنيت لو انها نهاية لكل شي ...حتى لهذه الحياة نعم لأي حياة تخلوا من وجود الحبيبة .. فارقت للحظات هذا العالم بضجيجه ،وتمنيت معه مفارقة الحياة ، فخير مرض امي اخذ من عمري عمر ،امي الانسانة البسيطة المتزنة التي كانت تجذب انتباه الجميع بلطفها وحنانها الدافق الذي لاينقطع ، وحديثها الجميل المرفق دائما بالدعاء للجميع دون تكلف ، امي المسكونة بالخير وحب الجموع .امي الذي لا يشبع من الحديث عنها وعن طيبة قلبها ، ولا نصوص و اقتباسات تصفها بل لا تكفي كل أبجديات الارض للكتابة عنها .. امي التي كانت ضحية تقاعس العاملين في مجال الصحة في إحدى المستشفيات هنا في السويد ،او الاصح لعدم وجود كوادر طبية كافية فيها، وإن وجد، فلا يوجد وقت لإجراء فحوصات طبية لمرضى جدد ،بسبب كثرة االمرضى الموجودين مسبقا. أمي لم تكن لتصل لهذه المرحلة الخطيرة والتي هي الاخيرة لو لا التقاعس بعدم إجراء الفحوصات اللازمة لها .فهذا ما قالته لي الدكتورة حينما صرخت في وجهها لماذا لم تقوموا بإجراء الفحوصات في الوقت المناسب حينما كانت امي تتردد ومنذ اكثر من سنة الى هنا واكتفيتم بإعطائها المسكنات،فأنتم من اوصلتم امي الى هذا الوضع . كان جوابها وببساطة : بسبب وجود الكثير من المرضى لم نستطع إيجاد موعد لإجراء صورة اشعة لها وهذا ما جعل صحة امي وغيرها ممن اعرفهم تتدهور وتصل للمراحل الاخيرة. مناسبة الحديث عن مرض امي هو التعبير عن حجم العجز الذي تعانيه دولة السويد في استقبال مرضى وإجراء الفحوصات االلازمة لهم .وهنأ اقصد المرضى العاديين او الذين يترددون بشكل دوري االى المشافي.. فكيف يكون الحال مع وباء مثل كورونا الذي تتزايد ضحاياه بالدقائق والثواني وعدد الوفيات يزداد يوما بعد يوم... . مشاهد االمصابين بفيروس كورونا في المشافي السويدية قلب علي المواجع من جديد، لما فعلوه مع امي وزاد من سخطي اكثر على السلطات السويدية ،وانا ارى مايجري من تخبط وعجز في قطاعها الصحي وعدم قدرة الدولة على احتواء جميع المرضى والاكتفاء فقط بالقول :"البقاء في البيوت" رغم وجود حالات تستدعي المشفى إلا أن الكثير من المشافي تعجز عن استقبالها بسبب نقص الكوادر وأسِرَّة في المستشفيات .. سويد التي تعتبر بمقدمة الدول المتحضرة "كورونا "تكشف الغطاء عن هشاشة قطاعها الصحي، الذي لايخفى عن الكثيرين ..فقبل يومين كان هناك مناشدة لأحد الدكاترة : وهو يتوسل الى الناس بالبقاء في البيوت كي لا ينتشر الوباء اكثر ويصبح الوضع أسوأ من إيطاليا..فهناك حيث يختار الطبيب من سيموت بسبب النقص في الكوادر والمستلزمات الطبية . الكثير من الدول الاوربية قاربت ايطاليا بإعداد المصابين بسبب تقاعس الحكومات وعدم تدارك الكارسة في الوقت المناسب كما فعلت الصين من حجر صحي وانعزال المحافظات عن بعضها البعض ومنع التجوال وغيرها من إجراءات وقائية. لا يبدو في المنظور القريب ان الساسة والمسؤولين ياخذون الوضع على محمل جد ولا قرار عن حجر صحي او غيره ،فهل ينتظرون حدوث كارسة انسانية كما حدث ويحدث مع جارتها ايطاليا ؟؟. وهل هناك من وضع خطط لاحتواء الكارسة ان وقعت ؟؟وكيف ؟ ففي جميع المحافظات السويدية لا توجد سوى ٩٠٠ غرفة للعناية المشددة . اما عن بقية الاقسام فحدث ولا حجر فالنقص موجود خلقة ولله الحمد ....الأمر الذي دفع برئيس الوزراء ستيفان لوفين بطلب مساعدة الجيش والذي قام بدوره مشكورا لوضع مشافي عسكرية مؤقتة لمعالجة المصابين ، الذين وللآن لم يتجاوز أعدادهم بضعة مئات.. فكيف سيكون الحال ان خيم إرهاب كورونا على عشرات الالف لا سمح الله.؟؟؟. الحديث عن الحجر الصحي على مدينة استوكهولم وغيرها من المدن الكبيرة خلق جدالا واسعا وتخبطا لدى الساسة بين مؤيد ومعارض لها.... ،لكن الى الآن لا توجد بوادر جدية لوضع الحجر الصحي على ااستوكهولم والتي تعتبر منبع الوباء .. بينما كورونا تتابع انتشارها وتكاثرها و تسرح وتمرح وسط افتقار لأبسط مستلزمات صحية ووقائية لمقاومتها....
يطيل الحديث عن المصابيين بالكورونا ووسائل مقاومتها . لكن دعونا من عصر كورونا و لنحلم قليلا بعصر مابعد الكورونا ..... وهل هذه الأزمة الكورونية من شأنها أن تساهم في تغيير الافكار والمشاريع الاقتصادية المستقبلية السائدة لكلا من الشعوب والحكومات على سوا ؟؟؟ هل تتجه الحكومات لإقامة مشاريع صحية متينة ومتماسكة ؟؟؟؟،بدلا من تصريف المليارات من الدولارات على أسلحة دمار شامل لتدمير الدول الأخرى!!!! وهل الشعوب الأوروبية تستيقظ من سباتها وتشعر بمعاناة غيرها من باقي الشعوب التي تموت باسلحة دولها باعداد تفوق اعداد الوفيات بفيروس الكورونا بكثير؟؟؟ هل تسود أنظمة يكون هدفها خدمة وتنمية وتطوير الانسان واسعاده اولا ؟ واصلاح ما تم من تدمير وتشويه لإنسانيته؟؟ وهل يسود السلام قريتنا الكونية ؟؟؟؟؟...هل ستغير كورونا وجهة البشرية وأفكارها وتعيد لها روحها الذي سلب منها من قبل قلة قليلة من أصحاب رؤوس الاموال ومصاصي الدماء ... ...احلام بقيد الانتظار…
#فلك_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روج آفا حيث الحب والخوف
-
التقاء أمة الكفر مع أمة الإسلام في نبع(الارهاب)
-
عارية ام عراة !!
-
حوار مع الفنان بيشوا
-
الثقافة العراقية في مواجهة حرائق داعش .. في اعادة اعمار مكتب
...
-
تقرير حلقة 2
-
استهتار السلاح واختطاف أفراح – فلك محمد - تقرير
-
دفاعاً عن رجلً من هذا الزمان
-
ظروف المرحلة وخبز الحزب وزاده
-
في الرد على السيد عبد الرزاق عيد
-
عن المرأة والادارة الذاتية في روج آفا ..حوار مع سينم محمد
-
من قنديل، سرحد ايمانوس*: نناضل من اجل السلام واخوة الشعوب في
...
-
انا كافرة
-
المرأة وحجاب الحزب الثوري
-
الربيع الكردي المؤجل في شرق كردستان
-
إرهاب مارك أو فوضى الصفحة الزرقاء
-
حوار
-
بانوراما كوبانيكراد
-
حوار مع الناطق باسم لجنة الشؤون السياسية في برلمان كانتون ال
...
-
داعش اعلى مراحل القاعدة
المزيد.....
-
تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر
...
-
مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية
...
-
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
-
زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
-
موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
-
المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور)
...
-
ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة
...
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|