ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1577 - 2006 / 6 / 10 - 07:41
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
تمضي عقود من الزمن ولا يزال السوريين مبعثرين , في شتى بقاع الأرض, فالأرض التي ولدوا عليها , حذفت من أذهانهم وتحولت إلى أرض يباب , ربما لأنها ضاقت بهم ذرعاً فنفتهم , أو هم من ضاق منها ذرعاً فنفوها من تفكيرهم , من ينفي من ؟ ولماذا كل هذا النفي؟ سواء كان قسرياً أم طوعياً .
الإجابات عن هذه التساؤلات كثيرة , ولا تتوقف, لكن الشيء المثير للقلق أن من طبيعة البشر , وعلى اختلاف أعراقهم انهم محكومين بالعواطف والمشاعر , تجاه ذويهم وأرضهم التي احتضنتهم وهم صغارا , كيف ينسونها بهذه السهولة ؟
عود على بدء , إن السوريين باتوا اليوم أشبه بأسراب البط المهاجرة , بحثاً عن الدفء , عن ما يروي ظمأها , وبنفس الوقت هرباً من بطش الطبيعة وقوانينها المشرعة أصلاً لصالح القوي على حساب الضعيف , إنه لهروب مفاجأ لم تشهده سورية قبلاً بتاريخها الطويل العريق , فالمتعارف عليه أن العالم هو من يحدد وجهته قاصداً سورية , أمّا اليوم فأن المعادلات والموازين انعكست وانقلبت رأساً على عقب , وتحول السوريون من مقصود إليهم إلى قاصدين صوب عالم آخر , وأرض أخرى.
البعض من السوريين فقد معنى الوطن , نتيجة الذوبان في المغتربات , كونها أضحت تشكل الملاذ الآمن لهم من سنوات الشقاء الطويل , فكلمة وطن تذكرهم بالشقاء , فتجدهم دائماً يهربون من لفظة وطن , البعض الآخر خرج بمحض إرادته بحثاً عن ما هو أفضل , بعد أن سئم من واقع التعقيدات اليومية الغير منتهية , وهو يفكر بين الحين والآخر بالعودة إلى دياره الأولى , لكنه اصبح أيضا محكوماً بحواجز وحدود لا ينبغي تخطيها , حدود فرضها المغترب عليه , كثمن لخروجه من وطنه , وأن عاد إليه قد يلقى مصيراً مجهولاً , وأن بقي في مغتربه بقيت الحدود مرتسمة أمام مخيلته .
بوجود هذه الحدود وجد السوريون أنفسهم أمام مشكلة عالقة , يصعب حلها , ويستحيل القول ألا حلول لها , فثمة من يعتقد أن الحل يكمن بتحطيم الحدود المادية التي صنعتها قوانين الدول وتشريعاتها, وثمة من يرى أن الحدود المعنوية (النفسية) هي من ينبغي تحطيمها أولاً, دون تحطيم النفس , وإلا فقدنا الشعور ودخلنا في
اللا شعور , كون الحدود المعنوية لا ضابط ولا رقيب عليها إلا ضمير الإنسان , وبالتالي له الحق المطلق في تحطيمها , في حال تم ذلك فعلاً , وقتها نستطيع القول أن هاجس القلق والخوف من المجهول , الذي طالما لا حق السوريون طويلاً في منفاهم , بدأ يتحطم شيئاً فشيئاً , وعكس ذلك يشير إلى استمرار مآسي الغربة ومأساة السوريين منها ومن حدودها المغلقة .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟