أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد كموني - أنت المسؤول














المزيد.....


أنت المسؤول


سعد كموني
كاتب وباحث

(Saad Kammouni)


الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 10:02
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بل أنت المسؤول
إنها إذْ تلحّ علينا هذه الظاهرة الفيروسية الطبيعية، وتكاد تسلِّمنا للقبور، وتمعن في إجبارنا على تغيير عاداتنا السلوكيّة والذهنية، فتدفع بنا إلى التأمّلِ في المستقبلِ الغامض تأسيساً على واقع الحجْر والعمل من المنزل لمن استطاع إليه سبيلا؛ تتفلّت آلية التفكير من قواعدها الراسخة منذ زمن، وتذهب في عشوائية مرتبكة على غير هدى من أمرها.
والسؤال هنا، هل في مقدور الإنسان بعد ما استنفدَ كلّ قدراته، أن يكون مسؤولا عن حياته وبيئته؟ هل في مقدور الإنسان أن يهزمَ هذا الفيروس؟ وإن هزمه؛ فما الذي يضمن أنّ الفيروسات القادمة لن تقوى عليه؟
فاجأني الرئيس الإيطالي إذْ قال: " فقدنا السيطرة، انتهت حلول الأرض، ننتظر رحمة السماء". مئات السنين والكنيسة تناضل لاسترداد مكانتها باعتبارها بوّابة السماء الإيطالية، حتى يخرج الرئيس على حسابه عبر وسائل التواصل، خافضاً رأسه، ورافعاً العشرة. وقد كانت الكنيسة حتى البارحة تعيش في ما يشبه العزلة بإزاء القوانين التي تجعل كلّ فرص التمرّد ممكنة!
إذن، يعلن فشل العلمنة، والعلم، يعلن فشل "غاليليو"، و "كامبانيللا" و"غرامشي" و"إيكو".... وهذا ليس مهمّاً، بل المهمّ أنه يعلن فشل المختبرات، والأطباء، والصيادلة ، ولا يترك الأمر ليأخذ الاتجاه الممكن؛ بل يعلن اتجاها واحداً هو رحمة السماء. هل نجحت السماء حتى الآن في كبح جماح كورونا؟ أم أنه عليها أن تنتزع اعتراف جميع الرؤساء في العالم، وجميع الفلاسفة، وجميع العلماء، وجميع الشعراء والنقاد؟؟؟؟؟ وبعدها تتقدّم السماء لنجدة أهل الأرض!!!قد يكون العلم قد فشل حتى الآن، ولكن هل يعني هذا انتصار الأدعية والصلوات والنذور والمناولة؟
قد يأتي من يقول إنّ الإيمان يخفّف من المعاناة، وهو محقٌّ في ذلك، ولكن هل هذا هو الحل؟ أو هل هذا هو المرجوّ في مواجهةِ جائحةٍ ظالمة لا ذنب للمؤمن فيها؟
في كلّ الأحوال، لا يمكنني أن أوافق على استقالة الإنسان من مسؤولياته في هذه المحنة، أو في سواها. فالله بحسب القرآن الكريم يقول "وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا" وإذا توقفنا عند هذه الآية الكريمة نجد أن الفعل قد تم تأكيده بالإطلاق، وهذا من منطق العربيّة، إذ تُقدّم الفعل مقيّداً بالزمان، فإذا أريد تأكيده يكون من المنطق أن نطلقه من الزمان، فالاسم آكد من الفعل في الدلالة على الحدث لتحرره من قيد الزمن، وعليه يكون بحسب أساليب القول في اللغة العربية، أن يتم تأكيد الفعل بمصدره، وأنه في هذه الآية لم يتم التأكيد بمصدر الفعل، فالآية لم تقل "والله أنبتكم من الأرض إنباتا"، كما أخرجكم إخراجا، أو أرسلكم إرسالا؛ فإنه قد عدَل عن ذلك لتكون المفردة "نباتا" ، التي هي مصدر، ولكن ليس للفعل "أنبت"، إنما للفعل "نبت"، ما يعني أن تقدير الكلام أنبتكم من الأرض فنبتتم نباتا، وفي هذا دليل على أن الفاعل الثاني ليس هو الفاعل الأول، أنبتكم الله، بينما نبتتم هو أنتم.
وإذا كان الأمر كما فهمت، فإن نبات الإنسان في الأرض وتطوره وفساده وصلاحه فيها إنما هو شأنه وحده. فلا يتنازلن إنسانٌ عن مسؤولياته بحجةِ التعبّد إلى الله والتقرب بالصلاة والصيام وما شاكل من الشعائر. فإنّ صلاة الإنسان وقربه من الله يتحقق بمقدار سعيه إلى صيانة نفسه ودرء مفاسد شهواته عنها. وصلاةُ العلماء في مختبراتهم تكمن في مواصلة البحث من أجل خير الإنسانية، لأن "الخلق عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله" وصلاة الساسة في أن يكفّوا عن الكذب والادعاء بأنهم حريصون على مجتمعاتهم.
جميلٌ أن يلوم الإنسانُ نفسه، غير أنّ اللوم ينبغي أن ينصب على سلوكه مع البيئة التي نبت فيها فأفسدها ، لا على سلوكه مع ربه، فالله أنبته، وعليه نبات نفسه. والأكثر أهميةً من لوم نفسه هو الإصرار على الحياة؛ فهو أقرب إلى الله من التزلف الشعائري.
فيا حبذا لو أجلت يأسك قليلاً؛ فإنك سياسيٌ فاشل، ولست عالم جرثوميات. متى يتحملِ الإنسانُ مسؤولياته، حتماً سينتصر.



#سعد_كموني (هاشتاغ)       Saad_Kammouni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهافت التأويل العلمي عند زغلول نجار وآخرين


المزيد.....




- الملكة رانيا والشيخة موزة وإمام الأزهر يشاركون بقمة حول الطف ...
- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد كموني - أنت المسؤول