عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 00:02
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
إشتَقْتُ إلى أُمّي ، و"إلى خُبزِ اُمي " ، كما يقول درويش ، فذهبتُ لزيارتها منذ الصباح الباكر ، مُستخدِماً الطُرق "النيسمية" المتشابكة والمُعقّدة والمُتراميةِ الأطراف.
كنتُ أتحايَلُ على دوريّات الشرطة ، والأمن الوطني ، وقيادة عمليات بغداد ، واستخبارات الداخلية ، وخليّة الأزمة ، للوصول إلى دارها القريب ، "لافّاً" رأسي "لَفّاً" مُحكَماً بـ "يشماغٍ" بائد ، كان جدّي يتلفّعُ به في ثورةِ العشرين "المجيدة".
لم أرغب في أن يرى وجهي شباب الحيّ ، أنا الذي "هِرَيتهُم هَري" بالفيسبوك بدعوتي المحمومة إلى"التباعد الإجتماعي" ، وبهاشتاكَاتي المتكرّرة عن "خلّيك بالبيت" ، و"أكَرُص نفسك"، و "إذا إنتَ تريد تموت يطُبّك مَرَض، المُهم حياة عائلتك المُشرِقة، و مستقبل أحفادك المُضيء".
دخلتُ بيت أُمّي ، وبدأَ الحَضْنُ و "البوسُ" الممنوع.
وسريعاً .. دار بيننا الحوار الآتي:
- يُمّة تدرين الأمير تشارلز إنصاب ؟
- وأُمّه اليزابيث ، يَوَل ؟ لتكَول بعدها طَيْبَة ؟؟؟
- إي يام .. وخوفاً على وليم وهاري وأحفادها ، إنهِزمَتْ من قصر بكنغهام ، و "هَجّتْ" لقلعة وندسور.. الحياة قصيرة وعزيزة يُمّة.
- والصين يابه ؟
- الصين شبيها ؟
وإذا بأُمّي تنهضُ من نصف رقدتها كاللبوة ، وتهتفُ في وجهي ، والرذاذُ الكورونيُّ "المُباركَ" يتطايرُ من فمها "المُقدّس" : - غصْباً على عيون العِدا .. الصين تُبقى صامدة !!َ
ثُمّ أردَفَتْ (وأُمّي لا تعرِفُ أبويها عندما تُرْدِفْ):
- شوف يَوَلّ . هاي الصين أُمنا ، وأبونا ، وشقيقتنا ،وأُختنا بالرضاعة ، واللي يصيبها يصيبنا .. وماكو غيرها أحّدْ يِسْحَلْ ترامب سَحِل ، و يطيّح حظّ الإمبريالية الأمريكيّة ، ويأدِّبْ الرأسماليّة المُتوَحّشة !!!
- وإنتِ إشخاشّ بجيبج يُمّه ؟
- إنته من الله خِلَقَكْ .. "كومبرادوري" مُنبَطِح ، متعرُف أفضال ماوتسي تونج على خوالك ، من جانَوا ماركسيّين ماويّين ، وكَبُل ميصيرون ماركسيّين إسلامويّين!!!!!.
- يُمّه إنتي متأكدة مبيج أعراض إفلَونزا .. شويّة مغَص .. لَعْبانَة نَفْسِج ؟؟؟
كان "الفلاح" قد نسيَ في حديقتها الصغيرة "مِنجَلاً" بروليتاريّاً سحيقاً في القِدَم .. أخرجَتهُ من تحت "الجرباية" ، ورمتهُ بإتجاهي .
عندها لاحظتُ أنّها كانت ترتدي تحتَ فوطتها السوداء التي تصِلُ إلى خِصرها ، "سفاري" رصاصي، كان أبي يرتديهِ في أيّام "النضال" السابق ، مع الرفيق "المُجاهد" شو إنْ لاي.
لم أعرِف كيف وصلتُ إلى الشارع ...
وهناك تلّقفتني قوّة من مكافحة الإرهاب .. وها أنذا "محجورٌ" لديها ، منذ صباح اليوم.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟