أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [ 31]- خلاصات















المزيد.....



الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [ 31]- خلاصات


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6522 - 2020 / 3 / 24 - 18:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(42)
عندما يكون الإله أعور*..
نحن لا نتذكر الماضي لجماله، بل لبشاعة حاضرنا- علي الوردي
(1)
ملامح نقدية للمجتمع المحمّدي الطاهر..
ملامح المجتمع المحمّدي تكشفت في النصوص المكيّة، في ترسيخ قواعد الاستبداد النظري والفكري العام، في النظر للآخرين. القرآن المفكك والمشوش والمرتبك، المزيف للأفكار والعقائد والتواريخ والشخصيّات، إنما هو كتاب يحتكر الحقيقة، ويقهر الناس عليها، ويدين مباشرة كلّ من لا يواليه ويصدقه، بل يرسله لنار جهنّم. أما في مرحلة يثرب، فاقترنت إدانته بالفعل البشري المباشر، وحكم النار في الآخرة.
وبكلّ بساطة، فالحكم على شخص بالنار وجهنم والتكفير، هو مصادرة الحق الإلهي في الحكم على النار والتحكم بهم، وفرز من يستحق الجنة، ممن يستحق النار.
وأسوة بتلبيس أبليس، يشيع في مجتمعات المسلمين ووسائل إعلامهم، ومن قبل عامتهم وشيوخهم، مثقفيهم وسوقتهم، سواء، نزعات التكفير والتشهير والإدانة بطبقات النار في الآخرة، أو التحريض على العنف والقتل الدنيوي. فهؤلاء جميعا.. وهم يتنكبون دورهم القرآني أو السلفي في اضطهاد الناس وإدانتهم، هم مشركون بالدليل والبرهان.
المشرك هو كلّ من أشرك بالله في وجوده وذاته، في إرادته ومشيئته، في حكمه وحقوقه، في معرفته وصلته بالبشرية.
فمن تكون أنت!.... حتى تتقمص دور الله وحقه، وتتسلط على الخليقة، ولو بكلمة!، فكيف حال القاتل والمفسد والقائم بتمثيل الجثث والتلاعب بها، أو تجارة الأعضاء، أو تجارة الرقيق والبغاء عموما.
اننا مجتمع عميان. ليس تماما. أننا نرى ونسمع ونعرف جيّدا بما يجري في مجتمعاتنا، وعلى كلّ المستويات، ثم نتجاهل ونتغافل ونتعامى وننافق الآداب العامة الفاسدة، وكأننا لا نعرف شيئا؛ بالأحرى، وكأن كلّ شيء على ما يرام، وعادي جدا، في الجبهة الشرقيّة..!.
لقد سكتنا طويلا.. طويلا.. حتى اطمئن المجرمون لغيابنا، لخنوعنا، لفسادنا. ولقد سعى عراقيون مع العملية السياسية الخيانية في كلّ مراحل بذاءاتها، بدء من استقبال الأميركان والمعارضة العميلة.. حتى ترسيخ نظام فاسد تقوده طقوس وسياسات ومؤسسات فاسدة.
كم شخص شارك في الانتخابات الأميركية على ضوء الشمعة، ومنحوا أصواتهم للسرسرية.. أعرف أشخاصا في أوربا، سافروا من بلد لبلد، حيث صناديق الاقتراع، لانتخاب السرسرية والخونة. كم مرّة تكررت لعبة الانتخابات، وانتخاب نفس الطغمة الطائفية الفاسدة، وإن تبدلت أسماء الكتل والأحزاب والوجوه، ولكن رؤوس الفساد ترسخت وتنمرت، وصارت دولة عميقة كما يقال.
منذ أول السقوط تم تسقيط حقوق المواطنين وإلغاء آداب الخدمات البلدية وآداب احترام البشر في دولة الاحتلال الحرة. وفي المقدمة منها خدمات الماء والكهرباء والنفايات والمواصلات والصحة والتعليم والمعاملات الرسمية..الخ. وفي كلّ ذلكم كان الناس يتطبّعون مع ممارسات الفساد ومليشياته.
بعد عقدين من نظام الفساد وحكومة النفايات، المفروض أن الناس اعتادوا وتطبّعوا وصاروا جزء من المنظومة. لكننا نرى بعض الناس تظهر في التلفزة وتشكوا الاهمال وغياب الخدمات والصحة ولامبالاة الحكومة بفوضى الأسعار والسلع الاستهلاكية الضرورية، وتؤشر لثقافة النفايات على الأرصفة وبرك المستنقعات والحفر في الشوارع.. وبعض المشتكين هم من أعضاء الحكومة.
هاته هي الدمقراطية.. دمقراطية اعلام يفتح الباب لشكاوي الناس.. ودمقراطية الحكومة في احتقار الناس وعدم المبالاة بهم وبآلامهم، بل وتكذيبهم وإدانتهم بدعوى عمالتهم لأميركا والسعودية وتركيا وقطر، لتشويه صيت النظام الدمقراطي في عراقستان، وثلم التجربة السياسية الطائفية المحسودة من الآخرين.
يقول أحد الشكاة، وهو شاب محترم يعمل (عتّالا): هو ش بقه، كلشي انتهه، شظل بعد، هه، شنريد!..
ومن عمق يأسه وإحباطه، تجد يقول بغتة: حتى الطرق سدّوهه.. جان انروح للكاظم ندعي عليهم!..
الغريب، ان الوعي العراقي الداخلي، رغم كلّ الممارسات الوحشيّة التي تعرض لها، ومن قبل الجماعات الدينية، وعلى يد زبانيتها ومليشياتها، واستشراء المحسوبية والرشاء وبيع المناصب والسمسرة بالصفقات والخدمات العامة، لم يهتز شكّه بالمؤسسات الدينية، ولم يفقد ثقته بالمراجع الدينية؛ ولم يتغير تفكيره وخطابه الديني.
ولو رأى أمامه معمما في تلك اللحظة، سينحني ويقبل يده؛ ولو حضر مسؤول حزبي، برلماني، حكومي ، سيبدأ يتملقه ويدعو الله له بالحفظ والسعادة.. هل هي مشكلة وعي، خوف، جبن، نفاق، هشاشة شخصية.. أم ماذا..
هذا لا يعني أننا ضدّ هذا الشخص، لكننا نسعى ونتمنى عليه تطوير شخصيته وتفكيره وخطابه..
في أعلى واجهة المطعم التركي/(جبل أحد)، تعلق صورة كبيرة للسيستاني وشعاراته، محلقة فوق في مواجهة نصب الحرية لجواد سليم [1921- 1961م]. أما من تناقض في هذا؟. أين أنتم يا شباب المطعم والساحة، ومع من، وتحت من؟..
انزعوا الصور والشعارات والأعلام الديينة الطائفية، إن كنتم صادقين في مسعاكم.. أو.. سامحونا لأنا فرطنا في فهمكم.. وأعطينانكم إطارا أكبر بكثير.. من الواقع..!
في رواية ذنون أيّوب [1908- 1996م]: (اليد والأرض والماء)، يسعى شخص محام مع فلاح لاستخلاص أوراق أرض زراعية. يتفاجأ المحامي/(المستجدّ) بالبروقراطية الادارية وعنجهية الموظف، فيردّ عليه الفلاح البسيط: لا تهتم.. سهله. خلهه عليّه!..
يتساءل المحامي: شنو سهله. شنو خله عليّه. لعد آني شنو شغلي جاي؟..
لا ينصت الفلاح للمحامي. ينسلّ بغتة ويحشي المعاملة ببضعة دنانير، وينتهي كلّ شيء.
يستغرب المحامي بالنتيجة، ويقول: إحنه ما سوينا شي. شلون راح انغيّر الواقع!..
روايات ذنون أيوب تعود للعهد الملكي، أيام الحرب الباردة، أيام الرجعية والعمالة لبريطانيا. لكن العقلية والشخصية العراقية لم تتغير وتتطور أدواتها وأساليبها وطبائعها في التعامل مع الحياة والدولة ونيل استحقاقاتها من غير تنازلات ومساومات وانحناء. والعراقي اليوم لا يحصل على أدنى حاجاته واستحقاقاته الطبيعية من غير انحناء وارتشاء وتوسلات وأدعية مجانية معسولة.
فكرة الطبائع استوقفتني في شعر كمال سبتي [1955- 2006م] وفائز الحداد، وقدمت مسرحيات وقصص مهدي علي الراضي [1951- 2007م] زوايا أخرى للشخصية في (مدن الشمع).
لقد أعادت دولة السقوط، العراق والمجتمع العراقي إلى براثن القرن السابع والثامن الميلادي، إلى براثن الصراع الأموي العلوي وتداعياته وأوهامه. ونجحت منظومة الإعلام الشيشي المنحط في الحطّ من مستوى الشخصية والعقلية العراقية البغدادية إلى ما دون مستوى الجهل والتخلف.
وأنا هنا لا أتحدث عن الأجيال الجديدة ولا عن مجتمعات الجنوب؛ إنما أعني طبقة البيرقراطيا الإدارية والأكاديمية في عراق ما بعد الستينيات. أجيال تطوير الجهاز الإداري والقانوني والتعليم العالي لخطط التنمية السبعينية: تأنيث الإدارة، تأنيث التعليم، دخول المرأة الأكاديمية في القضاء والأمن والجيش والمخابرات.
المرأة.. وهي الأم والجدّة والمتقاعدة اليوم، في عقدها الستيني والسبعيني، تتجلل بالسواد والسبحة الطويلة، ولا يمرّ إسبوع لا تقوم فيه بزيارة الأضرحة الدينية في الكاظم أو كربلاء والنجف، ولا تراقب غر الفضائيات الدينية المنحطة دون أن تعرف أو تشك في أصحابها ومشاريعها. كيف انقلبت ثياب المرأة هاته وعقليتها من السبعينيات إلى خيمة سواد وسخام وتغطية شعرها إذا خرجت داخل البيت إلى الحديقة!.
بالمقارنة بالأزمة السورية، وهي أدنى بكثير من سيناريو تدمير العراق الراهن، ثمة نقلة نوعية في مستوى وأنماط تفكير الشخصية السورية؛ وما أعنيه تحديدا الموقف من (الدين) والخروج من عفونة العبودية العمياء. سوريا تكاد تعادل نصف العراق مساحة، ونسمة. ولكن مستوى الوعي الثقافي: الوطني والديني، هو أضعاف ما في العراق.
النظام السوري منحاز رسميا لايران منذ (1980م)، ولكن قادة ايران ليست لهم حرية الحركة على أرض سوريا. والمجتمع السوري يعتز ببلده وأرضه، ويرفض أي وجود ايراني على مستوى الأشخاص على أرضه. وفي هذا الإسبوع تم نقل قتلى ايرانيين من سوريا. بينما يتمتع الايراني بسلطة مطلقة داخل العراق، والعراقي مجرد عبد للايراني، ومواطن بلا كرامة، مقارنة بمرزبانات الطائفة.
كم عراقي وطني اليوم، يعتبر (الدين) سبب مأساته ومصائب بلده؟..
كم عراقي وطني اليوم، يعتبر (عليّ) و(حسين) ومنظومة (أهل البيت الأطهار المعصومين) هم أس ضياع العراق وتخريبه وتشظيه وفقدان سيادته وكرامته، منذ (655م)؟..
العراق يفتخر بالقبور المطلاة بالذهب، يفتخر بأكبر مقبرة في العالم.. فكيف يتحرر من في القبور؟..
في العشرينيات توفرت فرصة للتخلص من القبور، تصدى لها الانجليز بطائراتهم..
عراق اليوم والغد بحاجة متجددة للحجاج [661- 714م] وفيصل العتبي [1880- 1931م]، أو ينتهوا في غيّهم!.
لن يتحرر العراق ولن يدرك العراقي معنى الحرية والكرامة والسيادة.. إذا لم يقلع أعلاف العلوية/(654م) ودسّ العجم/(538 ق. م.) في بلد الرافدين.. إذا كان أهلا للامتحان.. وأهلا لأهلية الأوطان..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إله أعور: استعارة من الميثولوجيا الهندية
* علي الوردي: لاعب جمباز أخطر من أدونيس.

(2)
بين نبيّ ووليّ..
قواسم مشتركة متعددة بين محمّد وعليّ، على صعيد الأخباريات؛ فلكلّ منهما سيرة مزودجة على طرفي نقيض؛ ولكلّ منهما روايات وأحاديث، ليست خارجة عن المنطق والعقل، وإنما تطير لها الفيلة.
عليّ كان ذراع محمّد اليمنى في البلطجة. كان له دور رائد في تحطيم رموز العبادة في بطن الجزيرة، والبطش بكهنتها وتصفية من لا يستعبد نفسه لمحمّد. كان أداة البطش الأولى لمعارضي النبيّ، والذين ينزعج من وجودهم أو كلامهم عنه. وكان قائد المجازر ضد يهود خيبر ويثرب والجزيرة.
شخصيّة عليّ الموالية والمنحازة لمحمّد، اختلفت بعد موت فاطمة، بعد أسابيع من موت النبيّ. لكن.. كيف ماتت بهذا التوقيت الحساس؟.. هل ماتت حزنا ولمّا تكمل الثلاثين من عمرها؟.. أم ماتت بفعل فاعل، ودفنت في مكان مجهول؟..
عليّ بن عبد مناف.. ذلك البار، الزاهد، التقي، الطاهر، المكرّم الوجه، المعصوم.. هو أيضا البلطحي، القاتل، السفاح، الشتّام، اللعّان، قذّاف الأعراض الشهواني وعدوّ النساء. ومن مآثره: اثنتان: الشقشقيّة، السلقلقيّة!.
يعرف الناس الكثير عن محمّد، فضائله وفضائعه؛ ولكنهم لا يعرفون عن عليّ غير سيرته الفاضلة وورعه الفائض المزعوم.. أما فضائعه وقبائحه ففي بطون الكتب التي يتداولها العلماء دون العامة؛ وبشكل سوّغت الدعاية الشعبيّة لأهل البيت الأطهار الأبرار، أصحاب إمتياز مفاتيح الجنان، ومفاتيح مدينة العلم، وأولياء الناس- بالوراثة- حتى يوم القيامة.
لاحظ وقارن الرياء في مسمّيات الصحف والفضائيات الشيشية، والمترددة في ثنايا خطبهم التحشيشية، وهم رؤوس الفساد والتزوير والكذب والمناكيح على مدى تاريخهم..
أعرف أن الحبّ أعمى. والحبّ جنون. والحبّ سحر. والحبّ سفه يلغي العقل. ولكني لا أعرف، كيف تتحول الخطيئة إلى فضيلة، والجريمة إلى قداسة، والبذاءة إلى جمال، والحقد الغالي/(من غلوّ) إلى سموّ.
عليّ هو ابن عمّ محمّد/(زعم أخباري)، شبهه تماما، لولا قصر قامته، وصلعه. ولهذا اشتبه أمرهما على (دحية الكلبي)*، فوضع الرسالة في المكان الخطل. وكذلك كان حسن بن عليّ [624- 670م] على شبه النبيّ تماما، قال فيه أبو بكر [573/ 632- 634م]: [بأبي شبيهٌ بالنبيّ.. ليسَ شبيهاً بعليّ]. وجاء وصف عليّ: حسن أشبه بالنبيّ، من وجهه إلى سرّته؛ وحسين أشبه بالنبيّ ما دون ذلك!.
وهنا لابدّ من سؤالين..
أولا: ما علّة الغلوّ/(لغو) والمبالغة والالحاف في تسويق الأفكار والأحداث وتعظيم/(تقديس) الشخوص..
ثانيا: ما أهمية الشبه والتشابيه والمشابهة بالشكل والظاهرة وما وراءهما..
المبالغة هي دالة الكذب. الكذاب يعتمد المبالغة والقسم. ومن يتحجج بميل العرب للمبالغة وفنون المبالغة، فقد سبقنا للقول، باشتهار العرب بالكذب.
ولا يختلف البند الثاني في علته عن الأول. ان الشبه الولادي هو معيار سطحي شائع لإثبات الشرعية العائلية/(الصلة البيولوجية).
من طرائف واقعنا الاجتماعي، زيارات الجيران والمعارف عندما يولد طفل جديد في المحلة. حيث يظهر تعليق سوقي في صيغة مدح أو تساؤل: هل هو يشبه أمه أو أباه؟.. عيناه شبه فلان وشعره شبه كذا. والمعنى المضمّر من ورائه، هل هو أبن شرعي للعائلة، أم وراء الأجمة شيء!.
قد يكون هذا موروثا اجتماعيا قديما، محليا أو دخيلا، لا مجال لاستغرابه في مجتمع مثل العراق، منفتح ومطلق في كلّ اتجاه. ولا غرابة ان الحكم الوصفي الصادر يأخذ بعدا إعلاميا يتوارده الملأ: فلانة صار لها ولد عيناه شبه والده!.. فلان ولدت له بنت وجهها طبق الأصل من أمّ أمها..
وفي سياق موضوعنا، يكون السؤال: هل فاطمة امتداد بيولوجي لمحمّد النبيّ؟.. هل عليّ هو من نفس العائلة البيولوجية لمحمّد؟.. ولا تنس ان كلا من عبد مناف وعبدالله هما ولدا عبد المطلب من امرأة واحدة/(فاطمة بنت عمرو المخزومية) فيكون الامتداد البيولوجي بينهم مضمونا. لكن الصفات الوراثية لا تنتقل لجميع الأطفال جبرا وبالتساوي، إنما تنتقل لفرد أو بضعة دون الكلّ، وتنتقل جزئيا وليس جملة.
والعلّة هنا تتصل، بنسب (كتم/ محمّد) الضعيف من جهة الأبوين، وقد وردت ثلاث روايات من جهة الأب: [كندة، خزاعة، عبد المطلب]، وثمة احتمالات أخرى: [بحيرا، سلمان الفارسي، تاجر طارئ على سوق مكة].
هذا من جهة الماضي، أما الغاية المستقبلية، فهي تأكيد وضمان وراثة بيت النبوّة وامتيازاتها في الوجاهة والامارة والامامة والولاية والمكاسب المالة والسياسية، التي لما تزل الطغمة الفاطمية العلوية والشيعة الامامية تلعب بها وتتاجر حتى اليوم،وهي ذريعة استبداد طغمة الفساد المجوسية بمقاليد العراق، واعتبارهم إياه بلدا بلا شعب ولا هوية..
لقد سفح العراق أربعة عشر قرنا من كرامته ودمه على مذابح العلوية القرمطية، وهدر خمسة وعشرين قرنا تحت ابتذال الديموغرافيا المشوّهة، وجاءت بدعة التشيّع المصطنعة، وسيلة سياسية لتبرير نفوذ طهماسب [1514/ 1524- 1576م]حامية التشيع في العراق.
يقول توينبي [1889- 1975م] في (تاريخ البشرية) ان ميزة الامبراطورية الايرانية عن سواها، أنها لا مركزية الإدارة من جهة، وأنها لا دينية من جهة أخرى. ودليله لذلك أنها لم تعتنق الزرادشتية ديانة رسمية لها، بل اضطهدت نبيّها زرادشت؛ كما قتلت النبي ماني [216- 276م] شرّ قتلة، واضطهدت أتباعه.
لكن تحوّل ايران إلى امبراطورية دينية عقب اجتياح العرب لأراضيها، لم يستوقف توينبي مليا. فالممالك الغزنوية [962- 1187م] والسلجوقية [1037- 1194م] والقجرية [1722- 1925م] كانت سنيّة المذهب؛ والبويهية [932- 1056م] والصفوية [1501- 1721م] والخمينية [1978م- ؟] شيعية إماميةاثني عشرية كما تشهد اليوم ذروتها وأفولها في آن.
هل اعتقدت أن بلاد العرب الكبرى يسلس قيادها لها، إذا تجلببت بالإسلام، كما حظى المغول [1258- 1335م] والعثمانيين [1299- 1925م] ردحا من الدهر؟.
هذا هو لغز/ امتحان المواجهة الراهنة، والشرط الوحيد لخروج المنطقة من عنق الزجاجة!..
عند البحث عن عروس بالواسطة، تعمد (الخَطبة) لاعتماد أجمل صورة للفتاة؛ أحيانا تؤخذ صورة فتاة أخرى جميلة شقراء، ليراها العريس وينخلب لبّه، وما يحدث بعد الزفاف والدخلة، يكون بالضربة القاضية!..
ثمة نسخة أخرى لفن الخداع الاجتماعي، هو طبقات الماكياج والميك آب والآوت لوك المعاصرة، التي تقلب كيان الفتاة ولونها ولون عينيها ورائحة شعرها وجسدها، لتقلب مجسات العريس الغريزية على رأسه، ولا تترك له ذرة شعور يفلت فيها من أسار اللحظة الكونية.
بل أن مرآة العروس ودولاب الماكياج يوضع لصق السرير، فلا تعتدل جالسة حتى تلتقط الفرشاة والقطن وتبدأ في ارتداء قناعها السرّي.. وكم يحتاج العريس الأبله، ليكتشف بعد أعوام أن عروسه الشقراء الساحرة، ليس أنثى، وأنه كان مخدوعا طيلة الوقت.
هاته هي وظيفة جماليات اللغة وخرافة الإعجاز اللغوي والبلاغة والمبالغة والاسهاب والتكرار واللعب بتصاريف الألفاظ وموسقة الصلعمات والسلملات والرضوات مرتين وأكثر داخل الجملة والسطر، فلا تسأل عن عقل القارئ التلقيني متى يتعطل عن لغة الكلام، وينتحر في قرارة اللاوعي الديني.
ان الرجل العاطفي لا تجتذبه الأنثى بجمالها وطولها، وإنما بنفحة عطرها. وما من امرأة في العالم تذهب لرجلها بلا عطر. العطر هة كيمياء الأنوثة. العطر وحده يعطل حاسة الشم وكلّ مكانزمات الحواس، فلا شم ولا سمع ولا اتصال بالعالم الخارجي.
قال عثمان: لابد من وضوء قبل مسّ الكتاب. لا بدّ من تقبيله قبل تصفحه. لا بدّ من التعوذ والبسملة قبل القراءة. لا بدّ من من قولك: (قال الله تعالى) قبل ابتداء التلاوة. لابدّ من اللحن والغناء والتموسق في القراءة الصائتة والتجويد. ولا تجوز القراءة الصامتة والعادية، كأنك تقرأ كتابا عاديا.
ان السطر الأول في تحشيش المسلم، هو الاصطلاحات المجانية الجاهزة. ترديد الجمل القرآنية والفقهية الجاهزة. ذلك السكر الببغائي الذي يردده المسلم على الطريقة الملائية القديمة. لذلك كانت وسيلتي للتحرر من تحشيش الدين هو لمس الكتاب من غير وضوء /(لا يمسّه إلا المطهرون).
لم أجد هذا التقديس المزيف في المسيحية. الانجيل كلمة مجردة لا تذكر ملحقة بصفة. اسم المسيح يسوع لا تردفه صلعمة ولا عسلمة ولا هم يحزنون. الانجيل له احترامه عند الجميع. والمسيح واسم يسوع له قداسته من غير رياء ونفاق وتمثيل. الصلاة المسيحية ليست ببغائية ولا تحتاج وضوء. لكنها تقوم على وضوء القلب وختان القلب لا الجسد. ثمة مسافة انقلابية كبيرة بين الصلاة بالروح، والصلاة بالجسد. سيما تلك الحركات الجسدية المخزية والاستعراضية/(راجع: الموعظة على الجبل: مت 5- 7).
الإسلام أسس لثقافة عنصرية وطبقية غيبية وعبادة أشخاص محاطين بكلّ الامتيازات والمعصومية والحصانة فوق القانون والعرف وميثاق حقوق الانسان. ومن الهزل ان الدولة والدستور العلماني لم تتضمن بندا لالغاء الألقاب والمناصب الدينية والمميزة بين البشر، والمخالفة لمبادئ المساواة والعدل والحرية.
وقد كشف اعتقال شخص معمّم حجم الاستهتار الصادر من طبقة الفساد الحاكمة وهمجية المؤسسات الأمنية والمليشيات المجوسية. وهذا يؤكد للجميع وفي المقدمة للعراقين، ان اهل العمائم فوق القانون، كما أن ما يسمى بالبيت الشيعي والدولة العميقة هم فوق الدستور والقضاء، بحيث لم يجرؤ القضاء على مقاضاتهم، مقارنة بممثلي الموصل وتكريت.
ماذا نفعل بالإرث الإسلامي لكشف حقيقته: نقلبه إلى نقيضه!..
نعم = لا، لا = نعم، قداسة = وضاعة، طهارة = نجاسة، فضيلة = فضيحة، كافر = مؤمن، مشرك = مخلص لربّه، طيبات = خبيثات، أطهار = أنجاس، معصومية = رجس، امنوا = كفروا، أطيعوا = اعصوا، النبيّ = نبيّ الجنّ، الوليّ = وليّ الرجس، أولياء = أعداء مراءون... الخ.
في برامج التنوير واليوتوب، ينفق المتحدثون عامة وقتهم وجهدهم وهم يقرأون نصوص البخاري والطبري وأمثالهما وهم يرددون (صلعم، رض، ع)، مرتين في الدقيقة؛ وهذا أمر مردود عليهم، لأنّ ترديد الشيء داعية وخدمة له.
محمّد زرع الفتنة والدم والشقاق والاقتتال بين قبائل العرب وفي داخل كلّ قبيلة ضدّ نفسها. وعليّ سقاها وعمّق مجاريها، وأجرى أكبر مجزرة في دماء العرب والمسلمين، علما أنه لم يشترك في معركة ضد العجم، فكافأوه بتكريم وجهه!.
عليّ خاض كلّ حروبه في صفوف المسلمين، مقاتلا ضدّ العرب وصحابة محمّد، منهيا منهم من أفلت من مجازر أبي بكر وابن الوليد.
كان محمّد ثورة ضد العرب وثقافاتهم، وقاد عليّ ثورة ضدّ الإسلام وأتباع نبيّه..
محمّد ندّد بالوراثة والحكم الملكي الوراثي؛ وعليّ قاد الثورة ضدّ محسوبيات عثمان وملك بني أميّة؛ وإذ استقام له الأمر أجرى الحكم السياسي والسلطة الدينية وراثة في أبنائه وحاشيته، ثم قلب الحكم إلى إمامة وإمارة وراثية، يتوارثها أبناؤه وذريته دون شورى المسلمين.
بله، جعل نفسه وذريته فوق عداد المسلمين والبشرية؛ وانتهت شيعته لتجعل نفسها مضاهئة لله في وجوده، وأن الله خلق الكون لأجلهم كما هو في عقيدتهم الباطنية.. وهاته عقيدة وثنية قديمة، سبقت ظهور اليهودية والمندائية والمسيحية.. وإلا.. فأي دين هذا يقوم على الكذب والسيف واللطم والفساد..
وعندما فتح عمر بيت المال، كان أبناء محمّد أول صدارة مستلمي الخمس ،ولم يكونوا يومها بلغوا سنّ الرشد. ولما تزل مليارات موارد العراق تذهب للبيت الشيشي المجوسي المجرم، ويتسلط أهل العمائم على ريع البلاد وموارد الخمس وايرادات المزارات الدينية، بينما يشهد العراق حوالي ثلاثة ملايين من المشرّدين والشحاذين، فضلا عن أعداد خيالية من ضحايا البغاء وباعة الأعضاء البشرية.
العالم العربي قبل غيره، يعيش إسلاما فاقد الصلاحية؛ والمجتمعات العربية هم أكبر ضحايا البلطجة والطبقية الإسلامية المخالفة للأخلاق والقيم الأنسانية..
المبالغة في ماكياج اللغة، دليل خواء النص!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* دحية الكلبي: صاحب محمّد، ييوصف بالجمال الباذخ، ويرتدي ثيابا بيضاء دائما؛ يدخل على محمّد بغير اسئذان. وكان محمد يقول لمن حوله: ان جبريل على شبه دحية، ودحية شبه جبريل.

(3)
الكوفة: لعنة مدينة..
كلّ بلاد العالم وأمم الأرض تعتز بنفسها وحواضرها وحتى صحاراها ومياهها، وتلكم هي جغرافيا الوطن والاعتزاز القومي للفرد بذاته وكيانه السياسي وثقافته القومية. أقول.. كلّ ذلكم.. إلا العراق. عراق المهاترات والمستهترين والشذاذ والأفاقين وأبناء السبيل واللقطاء والسوقة.
العراق الذي فقد بكارته وكرامته من غير رجعة مع سقوط بابل، لم يعرف منذها تاريخا غير السقوط المتتالي والمتوالي والمؤدلج. العراق هو الوحيد العاجز عن رؤية ذاته واحترام حواضره المنسوبة لسجلات الاغتصاب والنسخ والمسخ والرجح والسفح.
هذا العراق هو البلد اللقيط بلا نسب ولا أصل ولا هوية ولا اعتزاز.
لا يوجد إدراك أو سؤال في العراق عن أصل العراق، أصل أهل العراق، أهل أصل العراق.. هل للعراق أصل أو أهل، غير (أهل البيت) طبعا..!
الفراعنة هم أهل مصر بلا منازع وورثتهم الأقباط..
الكنعانيون هم أهل الشام وورثتهم الأمويون..
الأمازيغ في شمال أـفريقيا، ولهم خصوصيتهم وثقافتهم لليوم..
الحبشة هي الحبشة منذ النجاشي وحتى اليوم..
من هم أهل العراق................؟؟!..
تقول امرأة ذات ولد(في اليوتيوب): أنها لا تعرف من هم آباء أطفالها، فجميع رجال العائلة ... هذا هو العراق.. عراق النخاسة.. عراق الناخس والمنخوس.. عراق مناخيس ومنخوسات ومناخس..!
[صعبٌ عليك أن ترفس مناخس]- (أع 9: 5)
وكان صديق راحل حاول أن فهم الشخصية العراقية، يكرر دائما: مبدأ العراقي هو، كلّ من (...) أمي، أقول له: عمّي!..
لذلك لا يوجد أباء في العراق، وجد (أعمام)، ويوجد (أخوال). والعراقيون دعوا (الأنجليز): العم أبو ناجي!..
والعمّ مقام الأب، والخال في اللغة الانجليزية في مقام العم.
التركمن ادعوا أن السومريين من التركمن،ودللوا لذلك بالمقاطع التركية والمغولية؛ والكرد دخلوا على الخط وقدموا نفس الذرائع باعتبارها لغة كردية، وقابلوا بعض المسميات، والفرس في الصدارة هم أصحاب امتياز شركة العراق من الألف للياء، وكل حضارات العراق هي منجزات ايرانية همجية، بما فيها قصص كلكامش ومسلة حمورابي والزلازل والهزات الأرضية التي تنعكس تردداتها في بيوت العراقين..
العراق هي بلد الكلّ إلا أهله. ولا أهل في العراق، ثمة سكان، يتوزعون الخانات والفنادق والبيوت التي هجرها أهلها.. ولكن العراق بلا أهل..
والعراقيون بلا لغة ولا هوية.. وهم يتحدثون كل لغة وينسبون أنفسهم لأي هوية..
في (امرأة القارورة) رسم سليم مطر شخصية فنتازية عمرها سلعة آلاف عام، بدأت من حمام في (العمارة/ ميسان) وانتهت طالبة لجوء في (جنيف).. محاولة تجميعية توفيقية ساذجة، لرسم هوية بلد/ (لا وجود له على أرض الواقع، ولا في ضمير إنسان)..
كلّ بلاد العالم قامت على الفروسية والاعتزاز القومي والدفاع عن الأرض. وحتى الأسماك والحشرات في تجارب لورنتز[1903- 1989م] تدافع عن محيطها البيئي وحدودها الجغرافية، وهو نمط صراعها الوحيد للمحافظة على حياتها ووجودها. أما العراقي فهو الشخص الذي يستقتل ويموت من أجل ايران، والاقطاع الديني الذي يبتزه منذ عشرات القرون.
وفي ذلك قال شاعر الأممية قبل أن يفقد ثوريته..
(حتى الدودة تعتزّ بثقب في الأرض.. الا أنتم...)
في عراق اللا أحد نشأت الكوفة والنجف وكربلاء وكلّ مراكز الرثاثة والحقد والدجل والعدوانية. محمّد استأثر بحواضر يهود الجزيرة، وعليّ الأقرع استبدّ بحواضر العراق ومسخها لديانة الرجس. ولا غرابة أن لا يعترف علي الوردي [1913- 1995م] بتواريخ الحواضر العراقية قبل (العلوية)، مؤرخا لها بمناسبات طارئة وهجينة على هواء العراق.
ها، لندرك أن العلمانيين لا يعرفون من ثيابهم وادعاءاتهم المجانية، وإنما من اجترار التقية والباطنية. وهو يحتل اليوم صدارة المرجعية الفكرية، لدوره في بناء عراق مسخ، يناسب (الأممية) المجوسية. ولا أذكره مرّة، حتى أستذكر قولته في (ابن خلدون) [1332- 1406م] وحقده المستغور في ذاته: (ابن خلدون أكثر مكافيلية من ميكافيلي)!. وهو طبعا لا يقصد (ميكافيلي)، ولكنه يعني (النفاق)!.
وهذا ما يجعلني أسحب تهمته على نفسه؛ فالوردي أكثر مكافيلية/(نفاقا) من ميكافيللي وابن خلدون!.. ولا أستعجل القول أو الحكم، لأقول أن علي الوردي هو أسوأ ما أنتجه القرن العشرون عراقيا، ولا يستحق من الذكر، غير طريقته القصخونية في سرد النكات، وإضحاك الناس.
مدينة (لنز) عاصمة النمسا العليا/(الحدود الشمالية الغربية)، كانت ممرا لقوافل الملحّ من غرب أوربا باتجاه الشرق. وكانت أراضيها العامرة بالبحيرات تتكون من هضاب من الأملاح والمواد الخام. دعاها الرومان (لنتسيا)، وفي حكم البافار صار لفظ الإسم (لنزه)، وبلغت ذروة مجدها عندما تخذها فردريك الثالث [1415- 1493م] عاصمة له، وكانت مركز تقاطع طرق التجارة والمواصلات الأوربية. وهي اليوم العاصمة الصناعية الثقيلة في البلاد.
فمنذ تشكل المدينة الأولي، لم تتغير تسميتها، رغم تعدد مراكز النفوذ وتعدد صياغات ممالك وسط أوربا. لا يوجد شيء إسمه (طمس) تاريخ مدينة. وأنا هنا أريد لفت النظر إلى نزعة همجية شوفونية فيما حصل في العراق والمنطقة. فالمحتل الهمجي المهزوم في داخله، لا يكفيه عدم استحقاقه لهواء الأرض الجديدة، فيقوم بطمس مسمياتها وثقافتها وتاريخها، ويجعل نفسه الهزيلة (مؤسسا) لمدينة يبالغ مرتزقة الحرف في تعظيم المنجز ونفخ المسعور.
ولا عتاب على سكان المنطقة، الذين سبق وصفهم آنفا. ان التاريخ هو السكان. تزوير تاريخ منطقة، هو مسخ كيان الساكنين فيها وحواليها. وهذا أحد أسباب تشوّه الشخصية والهوية والثقافة العراقية، التي يفتخر كثيرون بأنها شخصية انتهازية منافقة.
عندما احتلت جيوش سعد ابن ابي وقاص وسط العراق، جعل معسكر قواته في طرف (الحيرة) عاصمة مملكة المناذرة العراقية. ولا أدري مغزى وحكمة احتلال العرب لمملكة عربية راسخة، هي في حدّ ذاتها، كانت حاجزا بين العجم والعرب، كما كانت (الغساسنة) حاجزا عربيا بين نفوذ الروم والعجم والعرب.
وكلّ من المناذرة اللخميين والغساسنة من أصول قبلية يمنية لا مراء فيها. وهذا يفند ويسخف بطولات جيوش الإسلام الخاوية، ويمسخ تاريح الحكم العربي في الشام والعراق منذ القرن الثالث قبل الميلاد. وكان ملوك الشام على مذهب اليعاقبة وملوك العراق على مذهب النسطورية، في عصر الميلاد.
فهل قام الغزاة المسلمون بقتل النساطرة في العراق، أو مسخ عقائدهم تحت رحمة السيف، وهو ما ينطبق على غساسنة الشام. ان الشعوب الحيّة هي التي تنتفض لذاتها، ولا مبرر أو منطق لبقائنا عبيدا لتاريخ همجي شوفيني. ومن غير تغيير حثالة التاريخ الإسلامي الغازي، سيكون تحرير سكان العراق والشام ومصر ناقصا، بل خطيرا.
في زيارة سياحية الى باريس، تعلم توفيق الحكيم [1898- 1987م] أعظم فكرتين، ما زالت مغيّبة في الوعي والثقافة العربية: [عودة الوعي؛ عودة الروح]. وفي الثلاتينيات دعا طه حسين [1889- 1973م] ولويس عوض [1915- 1990م] لاعتماد اللغة الإغريقة لغة مصر الحديثة. وفي لبنان دعا سعيد عقل [1911- 2014م] لاستخدام العاميّة اللبنانية لغة كتابة رسمية.
وفي عراقستان، ثمة توجهات عملية في المكاتبات الرسمية والصحفية والفضائيات، للتمادي في استخدام (عاميّة) عراقية والتحلل من قواعد النحو والقواعد، في توجه مضمّر، لتخليع ثقافة العراق من الأصول العروبية.
تلك محاولات لاستجداء هوية، بديلة لثقافة الغزو الإسلامي. لكن تلك المحاولات لم تنجح ومها، كما تجد رواجا اليوم. وهي الأخرى بلا معنى، مع استمرار وتواصلية الثقافة والعبودية الدينية، كتيار رئيس أو طائفي. والواضح أن ما يحدث في عراقستان، هو ترسيخ التفريس والتشيّع، وتصفية ما يخالفها.
فالتجارب العراقية، مشوّهة وفوضوية دائما. ويبدو أن هذا البلد لن يخرج من حفرته، أو لن يستعيد ذاته وأصالته، ويضاهي ركب الأمم.
كيف يمكن اليوم ترجيح المركزية الحضرية لمدينة الحيرة: عاصمة المناذرة، ووضع حدّ لصورة الكوفة الصحراوية الهمجية وما خرج منها من سراطين وثعابين قرعاء ، وكانت مركزا لأكثر قراءين (القرآن) وعاصمة مدرسة النقل في اللغة والأدب والإسلام، مقابل مدرسة البصرة العقلية.
الكوفة ليست عاصمة العلوية ولا مركز التشيع الأول، إنما من بطانتها ظهرت مدينتا [النجف، كربلاء]، وسلسلة حواضر تحيط بمراكز العائلة الطارئة على تاريخ العراق.
هل توجد مدينة (دينية) في العالم؟.. كيف يكون الدين بصمة لمدينة؟.. وما معنى دين بلا أخلاق وقيم ومنجزات إنسانية؟.. ما هي الخدمة الإجتماعية والحضارية التي قدّمها عليّ أو حسين أو موسى، غير ترسيخ عبودية البشر وسوقهم بلا وعيهم لعبادة قبور وثنية ورموز بشرية، مرفوعة بأكاذيب وخراريف مصطنعة ومزيفة، ولا تقنع أحدا..
هاته المنطقة وسكانها العبيد والموتورون، قد تسببوا بتدمير العراق وأهله وثقافته ومستقبله. ولا بدّ من حملة وعي وتوجه وتحرير، تكون منهجا رئيسا لتيار ثقافي وسياسي جديد، لتغيير انطولوجيا العراق وواقعه المنحط ومستقبله المغيّب.
ان المدن الدينية المشوهة والخاوية، هي عواصم الجهل والانحطاط والعبودية وتجارة البغاء والرقيق فضلا عن انتهاكات حقوق الانسان والدستير المدنية؛ ولابدّ.. من صرخة إنسانية، لفتح السجون السرية وتحرير السجناء والمخطوفين والأسرى على أيدي الملشيات والحكومات الرسمية، علما، ان الحكم السائد منذ 2003م هو حكم مليشياوي وسخ، لكلّ مسؤول حكومي أو سياسي أو ديني، مليشيا خاصة به، أو تعامل مباشر مع مليشيات.
كفى شعارات وطنطنات وأهازيج شعرية ومهاويل خرافية.. افتحوا عيونكم ودافعوا عن كرامتكم المهدورة ومنظومة العالم المقلوب والزنخ التي تغطون فيها وبلا أمل. كفى كذبا، كفى عبودية، العنوا القفص الموضوعين فيه.. ويا ليت صرختكم الهزلية ضدّ شخص كويتي ، كانت ضدّ عدوكم وعدوّ بلدكم الحقيقي.
يا للخزي.. يا للوكسة..
أي سفر (مصخم) كتبتموه على أنفسكم..
كفى ذيلية ولواكَه للمحتلين.. تغيرتم على كلّ جنب عبر التاريخ.. وساهتم بكل جدارة في تنجيس بلد، كان يوما بلد الحصارة والتمدن.. فما كنتم غير فضلات العجم.. ولا تزعلوا من الحقيقة.. أنتم بحاجة للشجاعة.. وبئس الارتزاق على طاولة الخيانة..
إما.. أو.. هذا هو قدر العراق..
ولا عراق بلا عراقيين..
ولنتذكر أول مسرحية عراقية عقب الحرب: (بيت وسبع بيبان)/(الصحيح: بيت بلا حيطان) للفنان محسن العلي. وللأسف، لم تكن كوميدية، كما استقرت لدى كثيرين. هاته المسرحية هي التي يعيشها العراق تحت ظل رعاع العجم.
لكم أنت حزين يا وطني..
حتى أنك لا يبدو منك شيء جدير في غمامات أسرك وحزنك!..
أغمض عينيك للأبد.. فالعالم يريد أن ينام.. العالم ينحدر.. نحدر..
ولا حياء لمن أنادي....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* في الاحتلال الأميركي لبغداد [1998- 2003م] كتبت وأصدرت مجموعة شعرية بعنوان (منفيون من جنّة الشيطان)؛ فماذا أكتب اليوم، لوصف جحيم الخيانات..



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [ 30]- خلاصات
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [29]- خلاصات
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [28]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [27]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [26]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [25]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [24]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [23]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [22]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [21]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [20]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [19]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [18]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [17]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [15]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [13]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [12]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [11]


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [ 31]- خلاصات