أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة - الفصل الرابع من بحث - وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير -















المزيد.....



مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة - الفصل الرابع من بحث - وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير -


ناظم الماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6521 - 2020 / 3 / 23 - 16:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة - الفصل الرابع من بحث
" وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير "
(ملاحظة : البحث بأكمله ، نسخة بى دى أف ، متوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن منذ جانفي 2020 و الرابط هو
) http://ahewar.org/rate/bindex.asp?yid=15298
---------------------------------------------------------------------------------------------------------
" إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكية التقليدية ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطورها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليدية ."
( ماركس و إنجلز ، " بيان الحزب الشيوعي " )
------------------------------
" هذه الإشتراكيّة إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتوريّة الطبقيّة للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه ".

( كارل ماركس ، " صراع الطبقات فى فرنسا من 1848 إلى 1850" ، ذكر فى الأعمال المختارة لماركس و إنجلز ، المجلّد 2 ، الصفحة 282 )
-----------------------------------
" يحدث الآن لتعاليم ماركس ما حدث أكثر من مرّة فى التاريخ لتعاليم المفكّرين الثوريّين و زعماء الطبقات المظلومة فى نضالها من أجل التحرّر . ففى حياة الثوريّين العظام كانت الطبقات الظالمة تجزيهم بالملاحقات الدائمة و تتلقّى تعاليمهم بغيظ وحشيّ أبعد الوحشيّة و حقد جنونيّ أبعد القحّة . و بعد وفاتهم تقوم محاولات لجعلهم أيقونات لا يرجى منها نفع أو ضرّ ، لضمّهم ، إن أمكن القول ، إلى قائمة القدّسيّين ، و لإحاطة أسمائهم بهالة ما من التبجيل بقصد " تعزية " الطبقات المظلومة و تخبيلها ، مبتذلة التعاليم الثوريّة بإجتثاث مضمونها و ثلم نصلها الثوري . و فى أمر " تشذيب " الماركسيّة على هذا النحو تلتقى الآن البرجوازيّة و الإنتهازيّون داخل الحركة العمّاليّة . ينسون ، يستبعدون، يشوّهون الجانب الثوريّ من التعاليم ، روحها الثوريّة . و يضعون فى المقام الأوّل و يطنبون فى إمتداح ما هو مقبول للبرجوازية أو يبدو لها مقبولا ."
( لينين ، " الدولة و الثورة " )
-----------------------------------
" إنّ ديالكتيك التاريخ يرتدى شكلا يجبر معه إنتصار الماركسيّة في حقل النظريّة أعداء الماركسيّة على التقنّع بقناع الماركسيّة. "
( لينين ، " مصائر مذهب كارل ماركس التاريخيّة " )
--------------------------------------
" إنّ الإستعاضىة عن الدولة البرجوازية بدولة بروليتارية لا تمكن بدون ثورة عنيفة "

( لينين ، " الدولة و الثورة " – الصفحة 23 )
----------------------------------
" إنّ الماركسيّة هي أيضا تطوّرت في غمرة النضال . ففي بادئ الأمر كانت الماركسيّة تصطدم بهجمات من كلّ نوع و تعتبر عشبة سامة . و هي في الوقت الحاضر و في أجزء شتّى من العالم ما تزال تتعرّض للهجمات و تعتبر عشبة سامة ..."
( ماو تسى تونغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " )
-------------------------------------
" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدّم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية. و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."
( ماو تسي تونغ ، " خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية " ، 12 مارس/أذار 1957 ؛ " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " الصفحة21-22)


" إنّ الإستيلاء على السلطة بواسطة القوة المسلّحة ، و حسم الأمر عن طريق الحرب ، هو المهمّة المركزية للثورة و شكلها الأسمى . و هذا المبدأ الماركسي - اللينيني المتعلّق بالثورة صالح بصورة مطلقة ، للصين و لغيرها من الأقطار على حدّ السواء ".

( ماو تسى تونغ ، " قضايا الحرب و الإستراتيجية " نوفمبر- تشرين الثاني 1938؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني )

" فى عالم يتميّز بإنقسامات طبقية ولامساواة إجتماعية عميقين ، الحديث عن " الديمقراطية " دون الحديث عن الطبيعة الطبقية لهذه الديمقراطية ، بلا معنى وأسوأ. طالما أنّ المجتمع منقسم إلى طبقات ، لن توجد " ديمقراطية للجميع " : ستحكم طبقة أو أخرى وستدافع عن وتروّج لهذا النوع من الديمقراطية الذى يخدم مصالحها و أهدافها. المسألة هي : ما هي الطبقة التى ستحكم وإذا ما كان حكمها ونظام ديمقراطيتها، سيخدم تواصل أو فى النهاية القضاء على الإنقسامات الطبقية و علاقات الإستغلال والإضطهاد و اللامساواة المتناسبة معه ."
(بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، المقولة 22 من الفصل الأوّل ، ترجمة شادي الشماوي ، مكتبة الحوار المتمدّن )
----------------------------
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية.

( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005)
مقدّمة :
في إطار جهدنا الدؤوب الذى لا يعرف الكلل للقيام بالواجب الشيوعي الثوريّ الذى من أوكد مهامه في الوقت الراهن نقد و تعرية التحريفيّة و الإصلاحيّة بوجه عام و تحريفيّة و اصلاحيّة المتمركسين في القطر و عربيّا بوجه خاص للتحرّر من براثنهما و نشر الشيوعية الجديدة كإطار نظري جديد للمرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية ، تتنزّل هذه القراءة النقديّة الماركسية لوثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال الذى إنعقد في ديسمبر من سنة 2018 ؛ وهي ليست باكورة أعمالنا بهذا المضمار بل هي مواصلة و تتمّة و تتويج لمقالات سابقة صغناها للغرض نفسه و شملت نقدا لكتابين للناطق الرسمي باسم هذا الحزب و لم نتركها حبيسة الرفوف.
و يقوم بناء هذه القراءة النقدية الجديدة على ما نعدّه من أهمّ المسائل في الخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب ، أي على الأعمدة التالية التي سنتناول بالبحث بالقدر اللازم في هذا المقام ، دون إسهاب أو إطناب :
دحض أسس الهجوم المسعور الرجعي المتواصل على الماويّة :-I
1- هجوم مسعور على الوقائع و الحقائق التاريخيّة الماويّة و على علم الشيوعية
2- الوقائع محلّيا و عالميّا أثبتت و تثبت صواب الأطروحات الماويّة و خطل الترّهات الدغمائيّة التحريفيّة الخوجيّة لحزب العمّال
نقد لجوانب من المنهج الخوجي المثاليّة الميتافيزيقيّة المناهضة للمادية الجدلية و الماديّة التاريخيّة :-II
1- الإطلاقيّة المثاليّة الميتافيزيقيّة
2- لا حتميّة في النظرة الماركسيّة الأرسخ علميّا
3- قراءة غير مادية جدليّة لمسألة ستالين و الإنقلاب التحريفي فى الإتّحاد السوفياتي
الهدف الأسمى هو الشيوعيّة و ليس الإشتراكيّة : -III
1- شيء من اللخبطة الفكريّة لدى حزب العمّال التونسي في علاقة بالشيوعيّة
2- الثورة و دكتاتوريّة البروليتاريا في الخطّ التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال التونسي
3- الشيوعيّة و ليست الإشتراكية هي الهدف الأسمى للحركة الشيوعية العالميّة
مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة :-IV
1- الدولة الجديدة و الجيش و الأمن وفق الفهم التحريفي الخوجي لحزب العمّال
2- مغالطات بصدد دولة الإستعمار الجديد بتونس
3- الدولة و الدكتاتوريّة بين الفهم الماركسيّ و الفهم التحريفي
مرّة أخرى ، ثورة أم إنتفاضة شعبيّة ؟-V
1- نقاش طفيف لشعار " المؤتمر الوطني الخامس " ، " إلى الثورة "
2- دفاع مستميت عن كونها ثورة و إعترافات بنقيض ذلك ، بأنّها ليست ثورة !
3- الثورة و تحريف حزب العمّال للينينيّة
4- الفهم الماركسي الحقيقي للثورة و تداعياته
- لخبطة فكريّة و مغالطات و بثّ للأوهام البرجوازيّة :VI
1- لخبطة فكريّة بشأن طبيعة الثورة في تونس
2- مغالطات بيّنة بشأن القضاء على الإستبداد و بشأن لجان حماية و الجبهة الشعبيّة
3- تهافت تكتيك الحرّيات السياسيّة
حزب العمّال التونسي حزب خوجي تحريفي إصلاحي على حافة الإنهيار :-VII
1- خطاب ليبالي برجوازي
2- مزيدا عن التفسّخ الإيديولوجي لحزب العمّال
3- حزب مفلس و على حافة الإنهيار
--------------------
و هذه النقاط المحوريّة مرفوقة بخاتمة مقتضبة غاية الإقتضاب .
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------

IV- مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة

و فعلا ، من جديد ، نخوض في موضوع الدولة بين الفهم العلمي الشيوعي الثوري و الفهم التحريفي الإصلاحي لحزب العمّال الخوجي وهو سؤال طرح و زاد منسوب طرحه في المدّة الأخيرة بما هو موضوع في منتهى الأهمّية حيث هو من خطوط التمايز الجوهريّة و البارزة في التمييز بين الشيوعية الثوريّة حقّا والشيوعية الزائفة و قد لاحظنا في بحوثنا السابقة، إنطلاقا من الخلاصة الجديدة للشيوعية أو الشيوعية الجديدة ، أن من الكتب اللينينيّة الأكثر تشويها و تلاعبا بمضامينها الثوريّة على يد معظم أرهاط التحرفيين ، فضلا عن كتاب " ما العمل ؟ " ، كتاب " الدولة و الثورة " المنارة العظيمة في فهم الدولة و صلتها بالثورة البروليتارية العالمية من وجهة نظر علميّة شيوعيّة ثوريّة حقيقة . وفيه تعريف دقيق للدولة من وجهة النظر الماركسية :
" برأي ماركس ، الدولة هي هيئة للسيادة الطبقية ، هيئة لظلم طبقة من قبل طبقة أخرى ، هي تكوين " نظام " يمسح هذا الظلم بمسحة القانون و يوطده، ملطّفا إصطدام الطبقات."
( لينين ، " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 8)
و حتّى قبل وضع لينين كتابه هذا و بعد ذلك ، قد عمل ممثّلو البرجوازية و تحريفيّو و إصلاحيّو الأممية الثانية وسعهم لتحريف الفهم الماركسي المادي التاريخي للدولة و قد سجّل لينين نفسه الذى خاض نضالا لا هوادة فيه ضد إفلاس الأممية الثانية و من اجل فضحها و بناء أمميّة ثالثة ، ثوريّة ، في محاضرته عن الدولة سنة 1919 وعنوانها " الدولة "، مبلغ أهمّية و دلالة المسألة فقال :
" لا تكاد توجد مسالة شوّشها عن عمد و عن غير عمد ممثّلو العلم البرجوازي و الفلسفة البرجوازيّة و الحقوق البرجوازية و الاقتصاد السياسي البرجوازي و الصحافة البرجوازية بمقدار تشويشهم لمسألة الدولة ." و " لقد شُوّشت هذه المسألة هذا التشويش و عُقّدت هذا التعقيد لأنّها تمس مصالح الطبقات السائدة أشدّ ممّا تمسّها أية مسألة أخرى ( و لا يستثنى في هذه الناحية غير أسس علم الاقتصاد ). فمن شأن التعاليم بصدد الدولة أن تبرّر الإمتيازات الإجتماعيّة، أن تبرّر وجود الإستثمار ، أن تبرّر وجود الرأسماليّة ،و لذلك من فاحش الخطأ توقّع عدم التحيّز في هذه المسألة ، من فاحش الخطأ تناول الأمر في هذه المسألة من مواقع الإعتقاد أن بسوع أولئك الذين يدّعون بالموضوعيّة العلميّة أن يقدّموا لكم وجهة نظر علميّة صرفا . ففي مسألة الدولة ، في التعاليم عن الدولة، في نظريّة الدولة ، ترون على الدوام، عندما تدرسون المسألة و تتعمّقون فيها للحدّ الكافي ، ترون على الدوام نضال مختلف الطبقات فيما بينها ، هذا النضال الذى يتجلّى أو يجد تعبيرا عنه في صراع وجهات النظر بشأن الدولة ،و في تقدسر دور الدولة و أهمّيتها ."
( الصفحة 83-84 من المجلّد التاسع من " المختارات في 10 مجلّدات "، دار التقدّم موسكو ، 1978 ، باللغة العربيّة )
و بالتالى لا بدّ من التفحّص عن كثب للموقف من الدولة عند بحث الخطّ الإيديولوجي و السياسي لدي أيّة فرقة من الفرق التي تدّعى الماركسيّة . و هذا ما سنسعى إلى القيام به هنا مثلما قمنا به في مناسبات فارطة ، على أساس مضمون الكتاب محور نقدنا الآن .
1- نقد الدولة الجديدة و الجيش و الشرطة وفقا لفهم التحريفي الإصلاحي للخوجيين المفضوحين :
حينما نطالع في " التقرير السياسي للجنة المركزيّة " ، بالصفحة 26 ، حديثا عن " إقامة دولة جديدة " ، و حينما نجد حديثا عن " إسقاط حكم البرجوازية الكبيرة والعميلة و كنسه نهائيّا و تعويضه بحكم شعبي ديمقراطي ثوري "( ص 92)، و حينما تذكر " الدولة الجديدة " في " البرنامج العام و البرنامج المباشر " ( ص 119 ) يذهب بنا الظنّ إلى أنّ حزب العمّال حزب شيوعي و ثوري إلاّ أنّ التمعّن في المقصود بتلك الصيغ لدي هذا الحزب يؤدّى بنا إلى إكتشاف عكس ذلك.
ففي الصفحة 142 ، يشدّد البرنامج العام لحزب العمّال على أنّ " الدولة التونسيّة التي نشأت عن هذا الوضع هي دولة برجوازية رجعيّة ، معادية للديمقراطية ، لا شعبيّة و لا وطنيّة ، تنظّم بها البرجوازيّة الكبيرة العميلة و الإحتكارات و الدول الإمبرياليّة نهبها لثروات البلاد و إستغلالها و إضطهادها للطبقات الشعبيّة ".
و هذا بشكل عام توصيف جيّد قلّما تختلف حوله المجموعات اليساريّة وهو يقترب أكثر إلى الأطروحات الوطنيّة الديمقراطية ، لا سيما في التأكيد على اللاوطنية و اللاديمقراطية و اللاشعبية ( و إن كانت تعتور توصيف حزب العمّال مغالطتان إثنتان ضخمتان نصرف عنهما الإنتباه هنا للتقدّم بالنقاش و إن وجب التلميح إليهما : أنّ البرجوازية الكبيرة في المستعمرات و أشباه المستعمرات و المستعمرات الجديدة تسمّى ماركسيّا بوضوح منذ الأمميّة الثالثة و بصيغة ماويّة أدق و أصحّ معروفة عالميّا بالبرجوازية الكمبرادورية - أو البيروقراطية - تمييزا لها عن البرجوازية الرأسمالية - الإمبريالية؛ و أنّ هذه البرجوازية الكمبرادوريّة تحكم بتحالف طبقي مع طبقات رجعيّة أخرى يسقطها عمدا حزب العمّال ، و مع الإمبريالية العالمية ) . و عليه إذا ربطنا بين الإستشهاد الأخير و ما سبقه من إستشهادات ، من المفترض أن نحصل على نتيجة بديهيّة مفادها أنّ إقامة دولة جديدة ستكون على أنقاض هذه الدولة القديمة و مجمل مؤسّساتها الخادمة للإمبريالية و عملائها ، كما صدح بذلك هذا الحزب نفسه بالصفحة 145 - " على أنقاض دولة العمالة و الإستبداد و الإستغلال و الفساد " - ، أليس كذلك ؟! بيد أنّ قادة حزب العمّال يجرون عمليّة تحوير و تزوير لهذا الفهم البسيط و ينقلبون عليه ليدبّجوا لنا مجدّدا في فقرات " البرنامج العام و البرنامج المباشر " و على وجه الضبط بالصفحة 123 ، ما يذهب ضد ذلك الفهم بل و يناقضه " فالنقطة الجديدة " في البرنامج هي " إعادة تنظيم المؤسّستين الأمنيّة و العسكريّة وفق عقيدة جديدة تقوم على خدمة الشعب ."!
و عندئذ لا تحطيم للدولة القديمة أي لا تحطيم لأهمّ أعمدة هذه الدولة القديمة ، الجيش و الشرطة ، و إنّما أقصى ما يطرحه حزب العمّال التحريفي الإصلاحي هو إصلاح هذه الأجهزة بإعادة تنظيمها وفق عقيدة جديدة ، قال .
يقرّ حزب العمّال في الإستشهاد الأخير بما معناه أن الدولة التونسية أداة بيد الكمبرادور المتحالف مع الإمبريالية لإستغلال و قمع الطبقات الشعبية أي أنّها أداة أو جهاز قمع طبقي ، ( على أنّه في عمليّة تبعث على الإشمئزاز أسقط الجيش من ضمن أجهزة الدولة في تعريفه لها بالصفحة 216 !!! ) غير أنّه يسعى إلى الحفاظ على ذات الجهاز و أساسا أعمدته الجوهريّة الجيش و الشرطة و بكلمات أخرى سيحافظ على ذات الدولة و يصلحها لتخدم الشعب وهي أصلا حسب منطوق كلامه لاوطنية و لا ديمقراطية و لا شعبية ! يا لها من مراوغة تحريفية و من مغالطة إصلاحية لا نظنّ أنّ أحدا عاقلا يستسيغها !
و لمزيد تعرية تحريف حزب العمّال للماركسيّة – اللينينيّة من خلال عقد مقارنة لموقفه هذا و ما تفرضه المبادئ الشيوعية الثوريّة ، نورد بسرعة و بإقتضاب شديد مقولات لماركس و لينين فماو تسى تونغ :
أ- فى أفريل سنة 1871 ، فى أيام الكمونة بالذات ، " كتب ماركس إلى كوغلمان : "... أعلنت أن المحاولة التالية للثورة الفرنسية يجب أن تكون لا نقل الآلة البيروقراطية العسكرية من يد إلى أخرى كما كان يحدث حتى الآن ، بل تحطيمها . و هذا الشرط الأوّلي لكلّ ثورة شعبية حقّا فى القارة ". ( ذكره لينين في " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم ، الصفحة 40).
ب- و أكيد أنّ حزب العمّال التونسي و أمثاله لم يفقهوا شيئا من فحوى ما قاله ماركس و ما سيشدّد على عمقه لينين فى الصفحة 41 من " الدولة والثورة " ( دار التقدّم ، موسكو ) :
" تستحقّ إنتباها خاصا ملاحظة ماركس العميقة منتهى العمق القائلة إنّ تحطيم آلة الدولة البيروقراطية العسكريّة هو " الشرط الأولي لكلّ ثورة شعبيّة حقّا ." "
ت - " ليست الثورة مأدبة و لا كتابة مقال و لا رسم صورة و لا تطريز ثوب ، فلا يمكن أن تكون بمثل تلك اللباقة و الوداعة و الرقّة ، أو ذلك الهدوء و اللطف و الأدب و التسامح و ضبط النفس . إنّ الثورة إنتفاضة و عمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة أخرى".
( ماو تسى تونغ ، " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان" – مارس : آذار 1927، المؤلفات المختارة ، المجلّد الأوّل و أيضا ب" مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، صفحة 12- 13) .
و من ثمّة يراجع الحزب الخوجي التونسي المواقف المبدئيّة الماركسيّة – اللينينيّة و يشوّهها و يطعن في الظهر أيضا أحد أهمّ تعاليم الماويّة حول ضرورة أن تنشأ الدولة الجديدة جيشها و تحطّم و تفكّك أهمّ مؤّسسات أعمدة الدولة القديمة و منها الجيش القديم طبعا والعاكسة لحقيقة جوهريّة : " يعتبر الجيش ، حسب النظرية الماركسية حول الدولة ، العنصر الرئيسي فى سلطة الدولة . فكلّ من يريد الإستيلاء على السلطة و المحافظة عليها ، لا بدّ أن يكون لديه جيش قويّ " .
( ماو تسى تونغ " قضايا الحرب و الإستراتيجيا "، 6 نوفمبر- تشرين الثاني 1938 ؛ مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة" ، المجلّد الثاني ؛ والصفحة 66 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ) .
و لم يفاجئنا بالمرّة واقع أنّ حزب العمّال لم يطرح قط في برنامج مؤتمره الخامس مسألتين فى غاية الدلالة لهما أوثق الصلة بخطّه التحريفي و الإصلاحي هما أوّلا التدخّل العسكري الأجنبي و كيفيّة التصدّى له و كأنّها إمكانيّة غير واردة البتّة و كأنّ تاريخ الثورات في القرن العشرين و في عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية لم يعلّمه أنّ الثورات الحقيقيّة التي تسعى إلى كنس الرجعيّة ( و حتّى تغيّرات أو خلافات أحيانا بسيطة في المسك بمقاليد السلطة في صفوف الطبقات الرجعيّة - و الأمثلة على ذلك كثيرة و من عدّة قارات و لا حاجة لنا إلى ذكرها ) إستدعت و تستدعى تدخّلات إمبريالية على أكثر من مستوى منها المستوى العسكري ؛ و ثانيا كيف يشيّد جيش الدولة الجديدة ، و بلغة ماركسيّة كيف يشيّد الجيش الأحمر بديلا لجيش دولة الإستعمار الجديد . و متى أرفقنا هذا بسياسة إعادة تنظيم جيش و شرطة الدولة اللاوطنية و اللاديمقراطية و اللاشعبية ، نحصل على خليط فظيع و فظيع جدّا : السلطة التقدّمية أو الثوريّة أو ربّما الشيوعية الثوريّة للدولة الجديدة ، حسب حزب العمّال ، ستنبع من جيش و شرطة دولة الإستعمار الجديد المعاد تنظيمهما ! و هذا الهراء الإصلاحي يتنافى مع الحقيقة التي لخّصها ماو تسى تونغ في أنّ " من فوّهة البندقيّة تنبع السلطة السياسيّة " بما يعنى أنّه على الدولة الجديدة أن تبني جيشها الأحمر و تحطّم بلا رحمة جيش الدولة القديمة . لا وجود لدولة جديدة بمعنى دولة ثورية جديدة على أنقاض دولة الإستعمار الجديد دون جيش شعبي جديد ، دون جيش أحمر . هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في كبد السماء في يوم صيف هي مدار الصراع هنا و ما يسعى حزب العمّال التحريفي الإصلاحي إلى طمسه بكلّ السبل و المراوغات.
2- مغالطات بصدد دولة الإستعمار الجديد بتونس :
و لا نقف عند هذا الحدّ بل نمضى إلى إلقاء نظرة على بعض المغالطات الأهمّ التي يطفح بها كلام حزب العمّال و التي نسجّلها هنا بشأن دولة الإستعمار الجديد بتونس .
أ- مرّ بنا للتوّ في النقطة الفرعيّة السابقة كيف أنّ حزب العمّال يرى أنّ " الدولة التونسيّة " تمثّل " البرجوازية الكبيرة العميلة " و الإمبريالية العالميّة مسقطا بذلك تمثيلها لطبقة رجعيّة أخرى هي طبقة الملاّكين العقّاريّين . و هذه منه مثاليّة و أداتيّة ، مثاليّة لأنّه ينكر الواقع المادي الموضوعي و أداتيّة تعبير من تعبيرات البراغماتيّة / النفعيّة ، لأنّه يوظّف نظرته هذه كأداة من أجل إنكار الطابع شبه الإقطاعي للعلاقات خاصة في الفلاحة و الأرياف و طمس جوهر المسألة الديمقراطية في الثورة الوطنية الديمقراطية التي يزعم تبنّيها .
ب- جاء في الصفحة 140 أنّ الشعب التونسي خاض " كفاحا متعدّد الأشكال ... إلى ان أجبر المستعمر الفرنسي على الرحيل و تمّ بموجب ذلك " إعلان إستقلال تونس " يوم 20 مارس 1956" . و في هذا تجنّى واضح على الحقائق التاريخيّة العالميّة من ناحية و تعميم و عدم دقّة بخصوص المعطيات المتعلّقة بصفقة 20 مارس 1956 . فذلك الإستقلال المدّعى الذى مهّد له الإستقلال الداخلي الذى لم يذكر ، أتى نتيجة وضع عالمي أكثر منه نتيجة المقاومة الشعبيّة . و يعلم دارسو و دارسات سنوات ما بعد الحرب العالميّة الثانية و خمسينات القرن العشرين ما أملى على فرنسا تغيير شكل تعاطيها مع تونس مثلما أملى على أنجلترا و عدّة بلدان إمبريالية أخرى منح " إستقلال " مزيّف لعدّة مستعمرات سابقة لتصبح مستعمرات جديدة لا غير . كما يعلمون مدى قوّة المقاومة المسلّحة في تونس التي لم ترتق إلى درجة تمكّنها من إلحاق الهزيمة في معارك كبرى و معارك حاسمة مع الجيش الفرنسي الذى سيتعاون بموجب تلك الصفقة مع عناصر ستكوّن لاحقا نواة الجيش التونسي تحت إمرة بورقيبة لسحق المقاومة المسلّحة اليوسفيّة المنزع. و قد خوّلت صفقة 1956 الإستعمارية الرجعية لفرنسا الإحتفاظ بتونس مستعمرة جديدة و تركيز بؤرة إهتمامها على قمع الحركة المسلّحة الآخذة في التوسّع و التعمّق في الجزائر.
ثمّ إنّ تلك الصفقة الإستعمارية الرجعية لم تجعل فرنسا ترحل تماما بمعنى المغادرة التامة لجيشها للأراضي التونسية و معلوم أيضا أنّه ظلّت لفرنسا قواعد عسكريّة ببنزرت إلى بدايات ستّينات القرن العشرين و لم تغادر تلك القوى العسكريّة الفرنسية بنزرت إلاّ بعد ما سُمّي بمعركة الجلاء .
ت- يفصح حزب العمّال في الصفحة 141 عن أنّ القوى الإمبريالية " تعمل على القضاء على الرأسمال الوطني العام و الخاص في مختلف القطاعات الحيويّة و المربحة و تهميشه " ما يثير سؤالين إثنين سليمين و وجيهين أوّلهما إذا كانت الدولة التونسيّة دولة إستعمار جديد ، دولة لاوطنية و لا ديمقراطية و لا شعبية ، فدلّونا رجاء إلى أين يوجد هذا الرأسمال الوطني العام ؟ و ثانيهما ، أين ذهب أصحاب الرأسمال الوطني الخاص ( أو بعبارات أخرى البرجوازية الوطنية ) فهي غير موجودة ضمن الطبقات المذكورة بالصفحة الموالية ، الصفحة 142؟
3- الدولة و الدكتاتوريّة بين الفهم البرجوازي الليبرالي و الفهم البروليتاري الماركسي :
كيما نكثّف أهمّ المسائل في هذا الباب و نعمل على ترسيخها دون التوغّل في الكثير التفاصيل التي تستدعى مساحة أوسع بكثير لا يسمح بها هذا المجال ، بعد التفكير ملّيّا في الموضوع ، حزمنا أمرنا على الإكتفاء بإبداء ملاحظات أساسيّة أربع في الفقرات الآتية نعتقد أنّها تفى بالغرض الآن و هنا ( و لن نتنصّل من مسؤوليّتنا الشيوعية و لن نتقاعس عن تعميق النقاش و بذل الجهود المضنية و الدؤوبة لمزيد توضيح خطوط التمايز و نقد تحريف الشيوعية الثوريّة بهذا الصدد إن إقتضى الأمر ذلك مستقبلا ) :
1- مثلما سنرى لاحقا بصورة واضحة أنّ حزب العمّال التونسي يعدّ تغيير شكل دولة الإستعمار الجديد من شكل قمعي و إستبدادي رئيسيّا إلى شكل نعته هو نفسه ب " الديمقراطي" ، " ثورة " . فالمنجز الجوهري لهذه " الثورة " حسبه هو " القضاء على الدكتاتوريّة" أو إسقاطها ... ( على سيبل الذكر لا الحصر بالصفحات 98، 118 و 245...)
و موضوعيّا ، و ماركسيّا ، يعنى " القضاء على الدكتاتوريّة " و إسقاطها ، إندحار دولة الإستعمار الجديد و الإطاحة بها و هذا ما يؤكّده كلام لينين ذات الصلة وهو غاية في الأهمّية و الدلالة بالنسبة لصميم نقاشنا :
" إن أشكال الدول البرجوازية فى منتهى التنوّع ، و لكن كنهها واحد : فجميع هذه الدول هي بهذا الشكل أو ذاك و فى نهاية الأمر ديكتاتورية البرجوازية على التأكيد . و يقينا أن الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعيّة لا بدّ و أن يعطى وفرة و تنوّعا هائلين من الأشكال السياسيّة ، و لكن فحواها ستكون لا محالة واحدة : ديكتاتورية البروليتاريا ."
( لينين " الدولة و الثورة " ، دار التقدّم موسكو ، الطبعة العربية ، الصفحة 37 )

و عليه ، حين يتبنّى المرء موقف حزب العمّال أعلاه ، يجد نفسه في تضارب صارخ مع اللينينيّة التي تشدّد على أنّ حكم أو سلطة البرجوازية هو دكتاتوريّة البرجوازية و أنّ هذا الحكم يتّخذ أشكالا عديدة و متنوعّة لا تغيّر من الجوهر شيئا ، شأنه في ذلك شأن حكم البروليتاريا أو دكتاتوريّة البروليتاريا .

2- وقد أجلى لينين أنّ لحكم أو دكتاتوريّة أيّة طبقة في المجتمع الطبقي أشكال متباينة إلاّ أنّه يظلّ دكتاتوريّة طبقة بما يفيد أنّ الدكتاتوريّة من وجهة نظر ماركسيّة تعادل حكم أو سلطة طبقة وهي طبقيّة بإمتياز بيد أنّ حزب العمّال التونسي ، بمثاليّة و رؤية برجوازيّة للمسألة، ينزع عن الدكتاتوريّة سمة الطبقيّة فيستخدمها إستخداما تعميميّا تعويميّا كرديف للعنف أو الإستبداد بدلا من الركون إلى مصطلح أضحى معروفا منذ عقود ألا وهو الفاشيّة الرديف للإستبداد والحكم المعتمد على العنف و عدم إحترام القوانين و دوس الحقوق العامة و الخاصة ... و من الجليّ كما شاهدنا أنّ حزب العمّال يجعل من الدكتاتوريّة نقيضا للديمقراطية ، تتنافى مع الديمقراطية كما في العرف البرجوازي المبتذل ضاربا مجدّدا عرض الحائط مثله مثل البرجوازيّين الليبراليّين الذين فضحهم ، ما أعرب عنه لينين :
" إنّ مفهومي الديكتاتوريّة و الديمقراطية يتنافيان في العرف البرجوازي المبتذل . "
( الصفحة 125 من المجلّد الاشر من " المختارات في 10 مجلّدات " ، دار التقدّم ن موسكو ، باللغة العربيّة ، ضمن مقال
" أضواء على تاريخ مسألة الديكتاتورية ( نبذة ) " )

3- و متى أضفنا إلى ذلك أنّ حزب العمّال ما فتأ يشتم و يصبّ جام غضبه على مصطلح الدكاتورية دون شرح للموقف الماركسي الحقيقي ، جاعلا من قرّاء أدبيّأته ينفرون منه أيّما نفور ، أمكن لنا معاينة أنّه بذلك يتبع بصفة أمست ساطعة الخطى البرجوازية الليبراليّة بهذا الصدد . و حالئذ ، السؤال المنطقي الذى يطفو إلى السطح بقوّة غصبا عنه و عن من يريد إهالة الكثير من التراب عليه ، هو كيف سيكون بوسع هذا الحزب الذى شوّه المفهوم الماركسي للدكتاتوريّة الطبقيّة و جعله مقابلا للديمقراطية ، و ما هو كذلك في الواقع كما سجّل ذلك لينين ، أن يقنع الجماهير الواسعة و حتّى مناضليه و مناضلاته بالمصطلح المنفّر جدّا حتّى في نصوصه " الدكتاتوريّة ، و بدكتاتوريّة البروليتاريا كحجر أساس في الماركسيّة التي تذكرها وثائق المؤتمر الخامس للتعمية و التضليل لا غير ؟
هذا من ناحية ، و من ناحية ثانية ، صار بمستطاعنا أن نجزم بعد ما بلغنا من التحليل و التلخيص و النقد لمواقف هذا الحزب ، أنّ حزب العمّال التحريفي الإصلاحي غارق إلى العنق و يختنق بخطاب برجوازي ليبرالي أهدافه السامية هي الديمقراطية و العدالة و المساواة و الحرّية البرجوازيين الذين سخر منها ماركس و إنجلز و لينين ، و عمليّا ينتهج تكتيكا برجوازيّا إصلاحيّا عماده " الإطاحة بمنظومة الفشل " – رئاسة و برلمان و حكومة – و إحلال عناصره أو حلفائه محلّ القوى التي تتحكّم فيها الآن ؛ و بالتالى هو أبعد ما يكون عن الإعداد لثورة حقيقيّة تحطّم الدولة القديمة ، دولة الإستعمار الجديد ، و ترسى على أنقاضها شكلا من أشكال دول دكتاتورية البروليتاريا كمفهوم تطوّر مع التحليل الملموس للواقع الملموس و تغيّر الظروف و حلول الإمبريالية كأعلى مرحلة من الرأسمالية على يد لينين ليصبح دكتاتوريّة البروليتاريا و الفلاّحين و تطوّر على يد ماو تسى تونغ ليصبح الدكتاتورية الديمقراطية الشعبيّة في ظروف الصين قبيل و بعيد ثورة 1949 ...
و قد صدح لينين بنقد لاذع للتحريفيين و الإصلاحيين ينسحب تماما على على اطروحات و سياسات حزب العمّال و بدرس لا يجب نسيانه أبدا :
" بدون إعداد الديكتاتوريّة ، يستحيل على المرء أن يكون ثوريّا بالفعل ."
( الصفحة 124 من المجلّد الاشر من " المختارات في 10 مجلّدات " ، دار التقدّم ن موسكو ، باللغة العربيّة ، ضمن مقال
" أضواء على تاريخ مسألة الديكتاتورية ( نبذة ) " )
و من ناحية ثالثة ، يطمس حزب العمّال التونسي وجود نوعين مختلفين تماما من الدكتاتوريّة حتّى من حيث الأغلبيّة و الأقلّية وهو بذلك يمرّغ أكثر وجه اللينينيّة في التراب فلينين ، منذ قرن تقريبا ، أعلن حقيقة لا تحظى بإعتراف التحريفيين و الإصلاحيين من أمثال حزب العمّال و تطبق الخناق عليهم ، حقيقة أنّه توجد " ديكتاتوريّة الأقلّية على الأغلبيّة ، ديكتاتوريّة حفنة بوليسيّة على الشعب ، و أنّه توجد ديكتاتوريّة أغلبيّة الشعب الساحقة على حفنة من العسّافين و النهّابين و مغتصبي السلطة الشعبيّة ."
( الصفحة 128 من المجلّد الاشر من " المختارات في 10 مجلّدات " ، دار التقدّم ن موسكو ، باللغة العربيّة ، ضمن مقال
" أضواء على تاريخ مسألة الديكتاتورية ( نبذة ) " )
و ما نستشفّه بإختصار ممّا تقدّم هو أنّ حزب العمّال قطع أشواطا هامة في تصفية الموقف الماركسي – اللينيني بشأن الدولة و الدكتاتوريّة كما بشأن قضايا أخرى عالجناها أو سنعالجها كما لو أنّ الماركسيّة – اللينينيّة الثوريّة قد بليت أو تجاوزها الزمن ؛ فيحقّ عليه بلا أدنى ظلّ للشكّ قول إنّه مجرّد بوق من أبواق البرجوازية الليبرالية و ناشرى نفوذها في صفوف البروليتاريا .
4- ملخّصا التجربة البروليتاريّة و الصراعات المخاضة بهذا المضمار و موجّها سهام نقده العلمي المادي الجدلي و المادي التاريخي إلى شتّى الإنحرافات عن الشيوعيّة الثوريّة ، توصّل بوب أفاكيان ، مهندس الشيوعية الجديدة ، إلى صياغة أرسخ علميّا للمسألة كجزء من الشيوعيّة الجديدة / الخلاصة الجديدة للشيوعية و ن ذلك نقتبس لكم فقرتين وردتا في الصفحة 14 من كتاب بوب افاكيان " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " ترجمه و نشره على صفحات موقع الحوار المتمدّن و بمكتبته شادي الشماوي :
" لكن لنرجع هنا إلى مسألة الدكتاتورية – و الديمقراطية – لأنّ ماركس يتحدّث عن كيف يفضى صراع الطبقات بالضرورة إلى دكتاتوريّة البروليتاريا . بداية ، الديمقراطية في ظلّ الرأسماليّة شكل من الدكتاتوريّة ، دكتاتورية الطبقة الرأسماليّة ( البرجوازية ) : إنّها الديمقراطية في ظلّ ظروف الرأسماليّة و هيمنة الطبقة الرأسماليّة الحاكمة على الحياة الاقتصادية و الاجتماعية و السياسيّة ، و على حقل الثقافة و الأفكار . و يمضى هذا إلى جوهر ماهيّة الدكتاتوريّة . ليست ضرب شخص على الطاولة قائلا " ستفعلون ما أقوله ! " ، الدكتاتوريّة دكتاتوريّة طبقة ، دكتاتوريّة في مصلحة طبقة و في خدمة نظام خاص فيه تلك الطبقة الأساسيّة وهي تعبير مركّز عنه . جوهر الدكتاتوريّة – أي نوع من الدكتاتوريّة ، مهما كانت الطبقة - هو إحتكار السلطة السياسيّة و إبعاد الآخرين عن أيّة ممارسة حقيقيّة للسلطة السياسيّة . وهذا بدوره ، يتكثّف كإحتكار ليس للقوّة المسلّحة والعنف عامة فحسب بل أيضا لما يعتبر قوّة مسلّحة وعنف " شرعيّين". و بالتالى ، حينما يذهب الجيش إلى الحرب ، يكون إمتداد لتلك الدكتاتوريّة و قوّتها المسلّحة و عنفها " الشرعيّين " ، عالميّا . و حينما يسرق أحد مغازة – يكون ذلك قوّة و عنفا غير شرعيّين . يطلق شرطي النار على أحد السود في الشارع - و الطبقة الحاكمة تريد أن تعلن أنّ ذلك قوّة مسلّحة و عنف شرعيّين و تسعى إلى تمرير ذلك الحكم كلّما و أينما إستطاعت ذلك ، بينما لو دافع أحد عن نفسه ضد ذلك ، يكون عمله قوّة و عنفا " غير شرعيّين ". و كلّ هذا إنعكاس ليس لبعض الأصناف المجرّدة من الشرعيّة / اللاشرعية ، جاءت بطريقة ما من السماء ( أو وجدت أبديّا ) و إنّما كإنعكاس للعلاقات الإجتماعيّة الفعليّة و جوهريّا علاقات الإنتاج الجوهريّة ، وما يتناسب معها من نظام حكم ، أي ، دكتاتوريّة الطبقة الرأسماليّة .
و من جديد ، الدكتاتوريّة في نهاية الأمر و جوهريّا دكتاتوريّة طبقة تخدم مصالح نظام تكون تلك الطبقة تعبيرا عنه . و ليست دكتاتورية فرد أو مجرّد مجموعة صغيرة تحكم بمجرّد فرض إرادتها بصرف النظر و بمنأى عن علاقات الإنتاج و العلاقات الاجتماعية الفعليّة الكامنة ..."
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------



#ناظم_الماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدف الأسمى هو الشيوعيّة و ليس الإشتراكية - الفصل الثالث من ...
- نقد لجوانب من المنهج الخوجي المثاليّة الميتافيزيقيّة المناهض ...
- دحض أسس الهجوم المسعور الرجعي المتواصل على الماويّة- الفصل ا ...
- مقدّمة بحث : وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن ...
- مقالات و كتب ناظم الماوي ( 2019-2011 )
- محتويات العدد 37 من نشريّة - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ...
- ثمّة فشل و ثمّة فشل ! - 7 - من تجلّيات تحريفية حزب العمّال ا ...
- السياسات التي يقترحها جيلاني الهمّامي إصلاحيّة و ليست ثوريّة ...
- تجلّيات منهج مثالي ميتافيزيقي مناهض للمادية الجدليّة – 5 - م ...
- من أوهام الحزب التحريفي و الإصلاحي الديمقراطية البرجوازية – ...
- ملاحظات نقديّة ماركسيّة لخطاب رئيس تونس الجديد إبّان حفل أدا ...
- الدولة بين المفهوم الماركسي و المفهوم التحريفي – 2 - من تجلّ ...
- أشكال حكم دولة الإستعمار الجديد و أوهام إمكانيّة إصلاحها لخد ...
- تونس : تصوّروا فوز حمه الهمّامي الأمين العام لحزب العمّال ال ...
- لخبطة فكريّة بداية من العنوان - 1- من تجلّيات تحريفية حزب ال ...
- من تجلّيات تحريفية حزب العمّال التونسي و إصلاحيّته في كتاب ا ...
- الطرف الرئيسيّ و الطرف الثانويّ للتناقض تطوير ماويّ للجدليّة ...
- - إزدواج الواحد - مفهوم ماديّ جدلي ثوري و- جمع الإثنين فى وا ...
- كتاب جديد لبوب أفاكيان يستحقّ الدراسة النقديّة العميقة : إخت ...
- قانون وحدة الأضداد هو قانون التناقض وماديّا جدليّا، لا وجود ...


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ناظم الماوي - مزيدا عن تحريف حزب العمّال للمفهوم الماركسي للدولة - الفصل الرابع من بحث - وثائق المؤتمر الخامس لحزب العمّال التونسي تبيّن بجلاء أنّه حزب تحريفي إصلاحي لا غير -