ابرام لويس حنا
الحوار المتمدن-العدد: 6521 - 2020 / 3 / 23 - 13:09
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ذكرت كلمة ”الكوثر“ مرةَ واحدة في القرآن الكريم، في سورة الكوثر [ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) ] و تكاد تجزم جميع التفاسير على إن الكوثر هو ”نهراً من أنهار الجنة“ ، إلا انه يبرز لنا هنا سؤال وهو ماذا ينفع النبي أن يكون له خصوصية إمتلاك نهر خاص به في الجنة؟ ، والجنة بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر..!! [1] و ايضاً هنا سؤال ما علاقة النهر بالنحر ؟! بناءاً على هذين السؤالين ، يتضح بإنه قد يحتمل بأن يكون هنا معنى آخر للكوثر إلا وهو الطعام الكوثر (الحلال) ، وفي هذا نورد الادلة اللغوية.
كلمة الكوثر باللغة العربية لها مُرادفها في اللغة العبرية إلا وهي ”كوشر כָּשֵׁר“ ( ال כָּ يمثل حرف الكاف مع حركة تشكيل "ضم القامتس ، ال שֵׁ يمثل حرف الشين ، ال ר يمثل حرف الراء) ، ثم قلبت الشين الي ثاء ( الابدال اللغوي نتيجة تحولات الأصوات بين الأسنانية) [2] ، فالتباعد بين مخرجي الثاء والشين ليس كبيراً ، و هذا الابدال موجود في كلا اللغتين ( العربية و العبرية ) .فمثلاً نجد في اللغة العربية ما ورد في حدِيثُ أَبي الحارِثِ الأَزْدِيّ وغرِيمِه: (لآتِيَنَّ عَلِيّاً فلأثِيَنَّ بكَ) ؛ أَي لآشِيَنَّ بكَ [3]، و هكذا كلمة "ثلغ" وهي "شلغ" [4] ، وهكذا في العبرية و الكنعانية والأكاديَة ، حيث نجد أن الثاء تغيرت الي شين في جميع سياقاتها الاستعمالية [5] ، فمثلاً نجد في العبرية ”نشاخ נָשַׁךְ“ ( ال נָ يمثل حرف "النون" ،ال שַׁ يمثل حرف "الشين" ال ךְ يمثل " حرف الكاف الا انه اذا انتهي فى نهاية الكلمة ينطق خاء)، وهي تقابل الكلمة العربية "نكث"،و فيها قلب مكاني [6].
وتوجد عدة أمثلة على هذا الابدال اللغوي ، فعلى سبيل المثال لا الحصر :-
ثَبَر أي (حطم) نجدها في العبرية שֵׁבֶר وتنطق ( شبر ) ولكن تم ابدال الشين الي ثاء لتصبح (ثَبَر) [7]
ثَغَر أي (فتحة) نجدها في العبرية שַׁעַר وتنطق ( شغر) ولكن تم ابدال الشين الي ثاء لتصبح (ثغر) [8]
النتيجة:
إن الكوشرכשר (الحلال العبري)، اصبح الكوثر المعروف في اللغة العربية ، بعد إبدال الشين الي ثاء ، وهذا يتفق مع سياق الجملة الجملة (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) أي ذبح الذبائح الحلال .
المراجع:
-------
[1] سؤال طرحه محمد خليفة على موقع أهل القرآن ، في موضوع عنوانه ”الكوثر ليس نهرا في الجنة“، نُشر بتاريخ 21 نوفمبر، لسنة 2011.
[2] لقراءة تحولات الاصوات بين الأسنانية ، أنظر كتاب في علم الاصوات المقارن، التغير التاريخي للأصوات ، في اللغة العربية واللغات السامية ، الدكتورة آمنة صالح الزعبي ، الجامعة الهاشمية ، الاردن ،سنة 2008 ، ص 108 - 137.
[3] تاج العروس لمرتضى الزبيدي.
[4] آمنة صالح الزعبي ، ص 129
[5] السياق الاستعمالي أي الكتابة اللفظية.
[6] آمنة صالح الزعبي ، ص 129
[7] أ.د حازم علي كمال الدين ، معجم مفردات المشترك السامي في اللغة العربية ،الطبعة الاولى ،سنة 2008 ، ص 105
[8] حازم علي كمال الدين ، ص 107
#ابرام_لويس_حنا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟