أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - خالد صبيح - كورونا














المزيد.....

كورونا


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 6518 - 2020 / 3 / 19 - 14:51
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


واضح ان كثير من دول اوربا مرتبكة ازاء فيروس كيرونا، وكثير منها ليس لديه استراتيجية لمواجهة المرض وتداعياته. وبعضها انشغل بالاقتصاد اكثر من اهتمامه بأرواح وصحة الناس مدعيا الحرص على سلامة المجتمع بابقاء عجلة الاقتصاد دوارة من خلال دعمها بقروض من الدولة لضمان استمرار الصناعة والتجارة والخدمات كي لايتسبب توقفهما في خلق ازمة اقتصادية تؤثر على سوق العمل ومن ثم انتشار البطالة ومايتبعها من اثار اجتماعية وسياسية.

وغياب الاستراتيجية هو انعكاس للسياسات النيوليبرالية التي اتبعتها أو جنحت اليها بقوة كثير من دول اوربا خلال عقود، ولهذا نلاحظ أن البلدان الأكثر جنوحا وإيغالا في هذا النمط، الذي يعطي الاولوية للسوق على حساب الانسان والمجتمع، هي الأكثر فقرا وعجزا في مواجهة الكارثة القادمة وأقل تحسبا لها، فبريطانيا، المدشنة الأولى في أوربا لهذه السياسة منذ سيئة الذكر مارغريت تاتشر، يهيئ رئيس حكومتها مواطنيه لفقدان أحبتهم، الأمر الذي يعني أن لا مواجهة حقيقية للدولة لهذا الوباء، وأن المواطنين سيُترَكون لمواجهة الوباء ويتلقون مصائرهم لوحدهم. وكذلك الأمر مع ايطاليا، التي أعلنت أنها لن تقدم العلاج بالعناية المركزة لمن تجاوزت أعمارهم الثمانين عاما، ناهيك عن الولايات المتحدة، التي كشف نظامها الصحي عن فضيحة وكذبة كبرى. بينما نلاحظ أن الدول الأبعد عن هذه السياسة والتي ما تزال تحافظ على قدر من سياسات الاشتراكية الديمقراطية السابقة (سياسات تدخل الدولة النشط في الاقتصاد والخدمات والرعاية الصحية والاجتماعية) مثل السويد، هي اكثر قدرة واستعدادا وإنسانية في مواجهة الكارثة (المحدقة).

(في السويد حالة الهلع أقل بكثير مما هي عليه في بلدان أخرى، وانتظام الحياة فيها أكثر هدوءا، وذلك لايعود فقط الى أن الاصابات واحتمالات انتشار العدوى فيها قليلة، وإنما أيضا لثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها بعدم التخلى عنه، وأنها ستبذل كل ماعندها لحمايته. وأذكّر هنا أن السويد ما تزال من بين قلة من البلدان التي تقاوم غزو (النيوليبرالية) لاقتصادها ومجتمعها مع أن النموذج السويدي الرائد في دولة الرفاه والعدالة الاجتماعية قد تآكل كثيرا في العقود الأخيرة).

لكن هناك أيضا سبب آخر لغياب هذه الاستراتيجية أو ضعفها لدى غالبية بلدان أوربا الغربية، وهو أن كثير من هذه البلدان، إن لم تكن جميعها، قد أخذت تعيش حالة من الطمئنينة والثقة بالنفس وبالقدرات الذاتية ولّد لديها يقينا في أنها لا يمكن أن تتعرض لأزمات أو هزات تزعزع أو تتحدى قدراتها، وأن زمن الأخطار الكبيرة ذات التاثير الشامل والعميق، مثل الحروب والأوبئة، قد ولى ودفن مع ماضٍ لن يعود، وأن كل ما يمكن أن تتعرض له، وهي مهيأة بنيويا لمواجهته، هو أزمات اقتصادية اعتادت على حدوثها دوريا عندها وهي قادرة على استيعابها، أو كوارث طبيعية محدودة التأثير والانتشار مكانا وزمانا، الأمر الذي جعل هذه البلدان تعيش بما يشبه الغيبوبة وعمّتها حالة من الخدر، لهذا بدت متفاجئة وبعضها مصدوم بكارثة كيرونا التي تحاصر (اسوارها الحصينة) الآن.

لكن أوربا ستتجاوز بقدراتها الكبيرة وارثها العميق هذه المحنة، وبشكل خاص تلك البلدان البعيدة منها عن النهج النيوليبراليي لأنها أكثر تماسكا اجتماعيا ومتانة اقتصادية، ومعروف أن الكوارث العامة الشاملة لايمكن مواجهتها بمجتمع مفكك أناني ودولة عاجزة مهمتها توفير الحماية والأمن للأغنياء والأقوياء كالدولة الليبرالية الفاشلة.

ومن محاسن الصدف أن هذا الوباء قد ضرب هذه المرة في المكان الأبعد عن عالم الكوارث التقليدي، بلدان آسيا الفقيرة وافريقيا، وهذا سيجعل مواجهته أكثر فاعلية لان البلدان الاوربية ستبذل كل ماتستطيع، وماتستطيعه كثير ومؤثر، لأجل إيجاد علاج للوباء، ولأنها أيضا الأقدر، تقنيا وبنيويا، على مواجهة مفاعيله وتداعياته بأقل قدر من الخسائر مما لو كان قد ضرب بلدانا فقيرة يخنقها الفشل والعجز والفساد. وأمر حسن أيضا أنه قد ابتدأ في الصين ذات القدرات التقنية والعملية والإدارية العالية في مواجهته، ما أتاح امكانية تعميم تجربتها لتتنبه لها الدول والمجتمعات الأخرى قبل أن تحل الكارثة بها من غير أن تكون مستعدة لمواجهة الوباء، ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون عليه الحال لو أن الوباء قد بدأ في بلد آخر أقل كفاءة وقدرة على مواجهة الطوارئ مثل تلك التي تمتلكها الصين.

غير أن تداعيات الوباء غير معروفة المدى حتى اللحظة، والى أن يتم القضاء عليه، لا يمكن التكهن بحجم ونوع الخسائر التي ستنجم عنه، ومن سيكون ضحاياه. وإذا أزحنا جانبا فرضيات نظرية المؤامرة في أن هناك اجهزة وقوى دولية تقف وراء هذا الوباء وانتشاره، لها أهداف من بينها اعادة تعديل الخريطة الاقتصادية العالمية او خفض نسب السكان وغيرها من الخواطر التآمرية، فان المنظومة العالمية بنماذجها في الحكم والإدارة سوف توضع بعد انجلاء الأزمة (وربما معها وخلالها) في موضع مساءلة تاريخية حول جدارتها و (أحقيتها) في ادارة الحياة على الكرة الارضية وتنظيم حياة البشرية عليها. فبعد أن كشف الوباء أن البشرية تواجه مصيرا مشتركا ما عادت المنظومة التي تتحّول فيها المزايا الى امتيازات خاصة تمنح لجنس أو فرد أو شعب ما، قادرة على الاستمرار. بمعنى آخر أن النظام العالمي كله سيخضع للمساءلة والتعديل. فلم يعد الماضي بنماذجه ونظمه قادرا، بعد كورونا، على أن يحكم الحاضر والمستقبل، وأن تغيرّا نفسيا وسياسيا وفكريا شاملا سوف يخلف الوباء في قارات العالم الخمس.

ربما سيشكل وباء كورونا منعطفا تاريخيا كبيرا يغير وجه العالم.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساندرز والانتخابات الأمريكية
- الثار والانتقام ( تأملات وتساؤلات)
- (كاتمين على انفاسنا)
- أحصنة طروادة
- عوامل نجاح واخفاق انتفاضة تشرين
- نبوءة النحس في فارنا
- أهل الخارج
- هويات الارهاب المتعددة
- زيت وماء
- العنف في السياسة 22
- العنف في السياسة 1-2
- لمحة سريعة عن الازمة الوزارية في السويد
- التحولات السياسية في الانتخابات السويدية
- حجج لا تشيخ
- وماذا بعد؟
- حراس العقيدة
- في حتمية زوال (اسرائيل)
- من شّب على شيء شاب عليه
- طفح الكيل في السليمانية
- أولوية الأولويات


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة ... / محمد أوبالاك
- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - خالد صبيح - كورونا