أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - أنا لم أ ستفغر للبابا ! أنا لم استغفر للمشركين















المزيد.....

أنا لم أ ستفغر للبابا ! أنا لم استغفر للمشركين


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1575 - 2006 / 6 / 8 - 11:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في فرصة نادرة لا تتكرر كثيرا اجتمع زعماء و قادة ووجهاء و مشاهير العالم حول جثمان البابا الراحل للمشاركة في جنازته و إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، وذلك في حالة حضارية فريدة تؤكد من خلالها الدول و الشعوب على ترابطها الإنساني و علائقها المتحضرة .
ولقد أضحت مثل تلك المناسبات فرصة للتقارب و الالتقاء بين المختلفين و المتحاربين ، ينتهزون من خلالها تواجدهم في نفس المكان لتحقيق ما لا يمكن توقعه في ظروف مختلفة ، فلقد ذكر يومها خبر عن مصافحة باليد تمت بين الرئيس السوري و عدوه الرئيس الإسرائيلي ، و ثار حول تلك المصافحة جدل وأخذ ورد استقر على أنها كانت بادرة إنسانية عرضية بعيدة عن التفسيرات و التأويلات .
و من بين المشاركين في تأبين وتعزية البابا الراحل الدكتور يوسف القرضاوي ، في محاولة منه لتبني تقارب الأديان و تحاور الحضارات ، و أعقب تلك المشاركة ردود أفعال كثيرة مرحبة و مستنكرة وثارت علية ثائرة المتشددين و طالبوه بالعودة عن فعلته ، وتوالت الفتاوى المحرمة لتعزية النصارى و المبينة لعداء الراحل للإسلام و المسلمين .
في هذه الروابط بعض من ردود المتشددين و فتاواهم :

http://www.suhbaonline.net/vb/showthread.php?t=9484
http://www.alkashf.net/vb/showpost.php?p=541&postcount=1
http://www.palestinianforum.net/forum/printthread.php?t=28505
نقد خطاب القرضاوي :
في الأسبوع الماضي وفي أحد لقاءات الشيخ القرضاوي ضمن برامج الجزيرة المتعددة ورده اتصال يعاتبه على مشاركته تلك و يطلب إيضاحا شرعيا حول الموضوع فرد عليه بالقول : أنا لم استغفر للبابا ، أنا لم استغفر للمشركين ، و قلت " الكلام للدكتور يوسف " : اللهم اجزه خيرا عما قدمه من خير للإنسانية ، ثم بادر الداعية الكبير إلى الأدلة الشرعية شارحا وجهة نظره مبيننا بأن النار درجات و العذاب فيها مراتب , مستعينا بتخفيف العذاب عن عم النبي الكريم أبو طالب لمساندته ودعمه وحمايته للرسول (ص ) رغم أنه من المشركين . و شرح القرضاوي وجهة نظره في جواز مثل تلك الكلمة التي قالها بحق البابا ، على اعتبار أن بعض المشركين يجازون في الدنيا عن أعمال خيرة قاموا بها وهم أحياء.
فيما بين رأي القرضاوي و المتشددين من تباعد و اختلاف يجد المتابع للسجال ا لفكري الديني الدائر حاله من الوضوح و أخرى ملتبسة غير ثابتة، تخفي وتعلن وتتبدل . و تيار اعتدال التشدد الذي يمثله القرضاوي ينطبق عليه وصف الحالة الثانية ، ولما كان من المتعذر بل ومن البعيد جدا مناقشة الحالة الأولى , تتركز المناورات النقدية و الحوارية المفتوحة حول الطرف القابل للمناقشة و الجدل بالتي هي أحسن .
و نتيجة للالتباس و التورية في خطاب تيار اعتدال التشدد الذي يمثله القرضاوي بات ذلك الخطاب جسرا و معبرا لتحول عامة المتعلمين المتدينين تدريجيا نحو التطرف و التعصب ، ويعود ذلك في جزء كبير منه إلى عدم تبني دعاة الاعتدال بشكل واضح و صريح للتجديد و التغير .

يمكننا اعتبار فتح باب النقد العلمي و المعرفي للمطروحات المتباينة في الفضاء الفكري الديني و العلماني ، وسيلة مثلي لجلاء الحقيقة و توضيح وجهات النظر ومن ثمة الالتقاء حول قيم إنسانية محددة . ومن هذا الباب ندخل إلى نقد خطاب القرضاوي في رده على المتشددين .
بالإضافة إلى ما ينطوي عليه تفسيره و تبريره من إخفاء للحقيقة و مواربة و تضليل للسامع فلقد حوى جملة من أخطاء علمية و تعليمية و أخلاقية . فمن وجهة نظر علمية شرعية أخطأ القرضاوي في تبريره و تأويله و استشهاده ، حيث أن حالة عم النبي (ص) خاصة و محصورة فيه دون غيره من البشر ولا يستقيم القياس عليها لعدم الاشتراك بالعلة وخصوصية الحالة .
أما تبريره بأن الله يجزي المشركين عن أعمالهم الخيرة في الدنيا فهو محل نظر وخلاف ، ومن وجهة شرعية يعد البابا كافرا و مشركا ومن أئمة الكفر و مآله النار ، وكل ما قام به من خير لا يجزى عليه و قد حبط كل عمله ، والأدلة على ذلك كثيرة
( أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة ) آل عمران 22
( ألئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا و الآخرة و ألئك هم الخاسرون ) التوبة 69
( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) الفرقان 23
سورة الكهف الآية 105
سورة محمد الآيات 6 ـ 28 ـ 32
ومن الخطاب الموجه إلى الرسول (ص)
( و لقد أوحينا إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين ) الزمر 65
وهذه أدلة شديدة الوضوح في ظاهرها وتعدد تأويلها ، وهنا نظن بأن الشيخ القرضاوي لم يدخل تلك النصوص في معرض شرح وتفسير إسهامه في تعزية وتأبين البابا الراحل و رد الشبهة التي أثيرت قبل عام ومازالت متفعالة وحية إلى الآن بأنه استغفر للمشركين .
ومن وجهة نظر أخلاقية أوهم الداعية المشهور العالم اجمع بأنه متعاطف ومقدر و مقر بخيرية الحبر الأكبر للنصارى , وهو في الحقيقة يعده من المشركين الكافرين أعداء الله ورسوله , ويحاول تبرئة نفسه من تهمة الدعاء له بالمغفرة ، وفي ذلك خلل بمصداقية الخطاب وإخفاء لحقيقة الموقف .
من زاوية تعليمية يبدو لنا الأثر السلبي لخطابه على قطاعات واسعة من إتباع و محبي ومؤيدي المنهج الديني عموما ، حيث تسببت تعاليمه وفتواه بجنوح مزيد من أبناء الأجيال الصاعدة نحو التطرف ، فهو يناقش المختلفين معه بنفس المنهج السلفي القائم على الدليل ألنقلي أساسا ، وأثبتت التجارب قوة حجة التطرف باعتماده على الدليل النقلي من الكتاب و السنة ، لذلك وجد المتلقون أنفسهم حيارى إزاء منهج واحد بحجتين تغلب أحداهما الأخرى ، فاتبعوا حجة الأقوى ، وهي أقرب للخطاب الأيدلوجي المنغلق .
لذلك كان منطقيا الدعوة إلى تغير منهج الاستدلال و أصول الحجة في مطروحات القرضاوي لكي يحصل على نتائج مختلفة عن تلك التي وصل إليها مناهضوه و أتباع الحركات الأصولية المتطرفة .
لقد تسبب التوجه التقليدي للمنهج الدعوى القرضاوي في ترسيخ إشكالين هامين ما زالا دون تفسير أو حل ، والأول قناعة المتدينين عموما بأن كل من لا ينتمي ولا يؤمن بعقيدتهم كافر و من أهل النار حتى و لو كان من أتباع الديانات السماوية الأخرى . و يترتب على ذلك التقسيم إشاعة لحل القتل و التعذيب الذي تمارسه حشود ممن ينطون تحت راية الجهاد و يرفعون راية الغزو و الترهيب متسلحين بمنهج تقليدي ظاهري يستند إلى الأدلة و البراهين المنقولة و المسموعة.
الإشكال الثاني : أسلوب المواربة و التقية و الغموض الذي درج قديما إبان محنة العلماء في مسألة خلق القرآن التي أثيرت في عهد الخليفة المأمون ومازال الناس يلجئون إليه للحفاظ على أنفسهم و أملاكهم ، هذا الأسلوب اتخذ منحى ثقافيا و معرفيا في الخطاب الذي يمارسه الدعاة الجدد للتخفيف من وطأة المنهج المعتمد على دلا لات النصوص مباشرة وخاصة ما اتسم بالصرامة و الحدة و القطع ونجدهم يحجبون نصوصا و يستدلوا بأخرى ، وذلك حسب المقام و الحال و طبيعة الموقف المتأثر بجنس ودين المخاطب . و تغير ذلك الأسلوب لا يعني أننا ندعو إلى وضع حدود قاطعة فاصلة جامعة مانعة للعلائق بين الديانات و الأجناس و الأعراق .
هي دعوة لعلماء المسلمين لإعادة الدرس و البحث و التنقيب و المراجعة في النصوص الشرعية و الآثار المنقولة , متحلين بالعلم الكافي و الشجاعة ألازمة لتأصيل مناهج جديدة لاستخراج الأحكام و التفسير و التأويل و إثبات النص و المرجعية ، بما يكفل الالتفاف حول قيم وحقوق و حقائق إنسانية معرفية تلتقي حولها الحضارات و تنهي حالات اٌحتراب العقائدي و المذهبي .



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البديل عن المعارضة
- التشدد الد يني والإسلام السياسي - الجزء الثالث
- رسالة الىحبيبتي
- الكورد والعرب إشكالية الانتماء
- اغتيال عبد شاكر
- المرأة ضلع أعوج !!
- قراءة في كتاب ل د. رفعت السعيد:اليسار . الديمقراطية .. والتأ ...
- بنت سيؤل تعشق غبار دمشق
- الارهاب العشوائي ووحدة الخطاب
- صلاة لرجل شرقي
- بغداد لم ولن تموت
- النووي الإيراني – نجاد على خطا صدام
- قبل أن تغادرني
- إلى الذين يدافعون عن صدام
- الاغتيال السياسي و الإرهاب الطائفي
- هل تصلح العطار ما أفسد ......
- إعادة الاعتبار لإعلان دمشق
- السجون السورية تخرج المبدعين
- سيدة يغتصبها آلاف الحاقدين!!
- التشدد الديني و الإسلام السياسي – دراسة من أربعة أجزاء: الجز ...


المزيد.....




- طريقة تثبيت تردد طيور الجنة الجديد على النايل سات والعرب سات ...
- حدث طيور الجنة بييبي على ترددها الجديد 2025 النايل سات وعرب ...
- مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى.. وتوسعات استيطانية للاحتلال ...
- ماذا نعرف عن الأفكار الدينية لوزير الدفاع الأميركي؟
- صار عنا بيبي جديد..تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على نايل س ...
- منظمات الهيكل المتطرفة تدعم تكاليف المواصلات للراغبين في اقت ...
- كيف حارب الشيخ محمد رشيد رضا انحطاط الأمة الإسلامية؟
- مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال
- برجر كينج توزع قسائم على جنود الاحتلال بعد تسوية دعوى طعام م ...
- اسلامي: قادرون على بناء مفاعلات بحثية ومفاعلات للطاقة محلية ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - أنا لم أ ستفغر للبابا ! أنا لم استغفر للمشركين