أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - كورونا … يذوبُ في الألوان














المزيد.....

كورونا … يذوبُ في الألوان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6517 - 2020 / 3 / 18 - 11:25
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


مِزاجي اليومَ تشكيليٌّ. ملوّنٌ بألوان الحياة، لا ألوان الموت. جلستُ إلى مكتبي لأكتب عن "ڤيروس كورونا" الذي يحصد البشرَ بعداء وغلظة، دون سبب مفهوم، ودون ثأرٍ مُسبق بينه وبين البشر، فإذا بالقلم يقودني نحو الحياة، والجمال، واللون! عجيبٌ أمر القلم إذ يسوسُنا ويقودُ حروفَنا وكلماتِِنا على غير ما نختارُ وما نهوى. للقلم شؤونٌ وسلطانٌ، وعلينا السمعُ والطاعة والخضوع إلى سلطانه. ولكن العجبَ يزولُ حين نتذكّر أن الحياةَ هي المقاومُ الأقوى للموت.
لحظاتٌ أسطورية تلك التي تقضيها متجولا بين أروقة معرض لوحات أو متحف قطع نحتية، لكي تَعُبَّ من نهر الحياة. أكتبُ إليكم في إحدى تلك اللحظات الأسطورية، من متحف "ڤان جوخ" الوطني بأمستردام الهولندية. يا إلهي! كم اختصّ اللهُ واهبُ المَلَكاتِ، مانحُ النِّعم، هذا الرجلَ الفقير النحيلَ الحزين أحمرَ الشعر أزرقَ العينين، بفيض هائل من الموهبة في تشكيل اللون وتخليق مساحات النور والظلال والخفوت حسب مشيئته! كأنما يحملُ بين يديه شمسًا وهاجة يتحكم من خلال زرًّ سحريّ في مقدار إنارتها وإعتامها؛ فتغدو نجمًا برّاقًا حينًا، وتغدو شمعةً واهنةً خافتة الضوء، حينًا آخر.
قبل أعوامٍ، بدأتُ في كتابة سلسلة مقالات بجريدة "المصري اليوم" عن "ڤان جوخ"، الرسام الهولندي الشهير، لما أحمل له من حبٍّ جارف بوصفه نموذج "الحزن النبيل” الأنصع. هو الفنان الذي عذّبه المرضُ، وأرهقته الوحدةُ، حتى أنهى حياته (37 عامًا) برصاصة في الصدر عام 1890. سألتُ شابًّا "جامعيًّا" في مصر: "تعرف ڤان جوخ؟" فقال: "أيوا ده مكان، بس مش فاكر في أي بلد!" فحزنتُ؛ وكدتُ أوقفُ سلسالَ المقالات. ثم تراجعتُ وقلت لنفسي: فليكنْ هذا الشابُّ وأضرابُه هدفَ تلك المقالات؛ علّها تشحذُ فينا حبَّ الجمال والفن، ليعود المصريّ الراهنُ كسابق عهده، متذوّقا للجمالَ، صانعًا له.
أؤمن بأننا لن نخرج من عثراتنا إلا بإعلاء قيمةَ الفن. عثرتنا الثقافية، والطائفية، بل وعثرتنا المرضية مع كورونا وغيرها من الفيروسات كذلك. فمتذوّقُ الجمال يكره القبحَ ويحاربه، يعرفُ حقَّه وواجبَه، لا يَظلم ولا يُظلَم. لا شعبَ احترم الفنَّ واستطاع غاشمٌ أن يقمعه أو مُضَلِّلٌ أن يُضلِّلَه. لم يقمِ الفرنسيون بثوراتهم، التي نالوا بعدها حريتهم وديمقراطيتهم، إلا بإنعاش حركات الفن التشكيلي في باريس، وبتواصلهم مع الموسيقى الألمانية الراقية. لأن الجمالَ البصريَّ والجمالَ السمعيَّ والجمالَّ السلوكيّ والجمالَ الفكريَّ، والجمال المجتمعي، واحدٌ صحيح لا ينفصم، وقنواتٌ يُفضي بعضُها إلا بعض.
بعد نشر سلسلة مقالاتي عن "ڤان جوخ" قبل سنوات، كتب أحدُهم تعليقًا يقول: "مشكلتنا الرغيف، وليس ڤان جوخ!" ولم ينتبه إلى أن تثقيف الروح وإشباعها ضرورة كإشباع الجسد. بل هو المحفّزُ لك لتحصل على ذاك الرغيف. وحين سُرقت لوحة "زهرة الخشخاش" من متحف محمود خليل عام 2010، انقلب العالم واشتعل الرأيُ العام في كل أرجاء الدنيا. فعلّق أحد التعساء قائلا: “وإيه يعني حتة لوحة، المهم رغيف العيش"! كأن الفنَّ ضدُّ الخبز، والجمالَ خصيمُ الحياة! أولئك ربما لا يحزنون لو، لا سمح الله، نُهب المتحفُ المصري، أو تصدّع الهرم! ضياعُ اللوحة أحزنني، لكن تلك التعليقات أحزنتني، وأفزعتني معًا! لأن استهانتنا بقيمة الفن يحطم أيَّ أمل في غد أجمل. ولكن، في مقابل هذا المُعلّق "الرَّغيفيّ"، وصلتني عديدُ رسائلَ وتعليقات تطالب باستمرار مقالاتي عن الفن والتشكيل والنحت، وعن الجميل الحزين "ڤينسنت ڤان جوخ"، الذي منحنا البهجةَ وقد حُرم منها.
إليكم مقطعٌ من أغنية "Vincent" التي كتبها وغناها "دون ماكلين" متأثرا بلوحات جوخ، من ترجمتي.
"الألوانُ تغيّرُ درجاتها/ حقولُ الصبح وقمحها الكهرمانيّ/ والوجوه العاصفة بالألم/ ستغدو ناعمةً بريشتك المُحبة./ الآن أفهمُ/ ما الذي وددتَ قولَه لي/ كم عانيتَ وحاولت تحريرهم/ لكنهم لم يُنصتوا/ لم يعرفوا كيف/ لأنهم لم يقدروا أن يحبوك/ لكن حبَّك لهم كان حقيقيا/ وحينما اختفى الأملُ من المشهد/ في تلك الليلة المضيئة بالنجوم/ أنهيتَ حياتك كما يفعل المحبّون عادة/ كان عليّ أن أفهم يا فينسنت/ أن هذا العالمَ لم يرُق لجميل مثلك./ تُصوّرُ المشنوقين في القاعات الخالية/ جماجمَ فوق حوائطَ مجهولة/ بعيون ترى العالم ولا تنسى/ مثل شوكة فضية في زهرة ملعونة/ ترقدُ مكسورةً في الثلج الطاهر.”
تذوَّقوا الفنَّ تَصِحّوا. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحبُّ في زمن الكورونا… اسألوا أهلَ الذِّكر
- زينب الكفراوي … نَمِرةُ بور سعيد الباسلة
- هالة زايد … وزيرة على خطّ النار
- وأكره اللي يقول: آمين... عزيزي الرئيس مبارك!
- وشاح محمد بن راشد ... لقلب مصر
- صوتُ الرئيس مبارك
- المايسترو مجدي يعقوب … ضابطُ إيقاع القلوب
- جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)
- مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (2)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (1)
- لينين… ضابطُ إيقاعِ الضحك الرفيع
- النحلة والدبور … إهداء المايسترو لحبيبته نيڤين
- هنا الإمارات … ومصرُ تصنعُ الحياة
- وسام القديس جورج … لقاهر الإرهاب الأسود
- معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020
- معرض القاهرة الدولي للدواء 2020
- أوسكار فاروق حسني
- صحنُ قلقاس أخضر … على مائدة قبطية
- الرئيس والبابا … وباقةُ زهور بيضاء


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة ... / محمد أوبالاك
- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - كورونا … يذوبُ في الألوان