|
أيها اللبنانيون البسوا ما يفصل لكم حزب الله وأنتم الناجون!
سعيد علم الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1575 - 2006 / 6 / 8 - 08:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
من 5 يونيو/حزيران 67 وحتى 5 حزيران 2006 تاريخ طويل عبرت من خلاله أجيال تلو أجيال. تنظر بألم كيف العالم ينتقل من حال إلى حال أفضل ونحن من احتلال إلى احتلال أبشع. إنها 39 سنة من عمر الزمن العربي المريض المنحدر دوما إلى الحضيض. تقارير التنمية الانسانية في البلدان العربية الصادرة عن الامم المتحدة تشهد بالأرقام على ذلك. إنها 39 سنة من التجارب الفاشلة والدروس المريرة. ومن لا يتعلم من الدروس ويستفيد من التجارب فسيقع بلا شك في نفس الورطات والمهالك. حقبة سوداء ما زلنا نعيشها مليئة بالآلام والمآسي والنكبات والاحتلالات والدموع والدماء المراقة والوعود العسلية بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر ومحاربة إسرائيل ومن وراء إسرائيل حتى مطلع الفجر، وبالشعارات البراقة التي انفضحت حقيقتها وانتهت إلى ما نحن فيه من هباب وفوضى وانقلاب على الحقيقة وإرهاب، إلا التحرير! إنها 39 سنة عاثوا فيها فسادا فغربت شمسهم بجرير أفعالهم الحمقاء، وأنانيتهم الجشعة، وصنميتهم برفع صورهم وتماثيلهم كآلهة جدد يجب أن تعبد، وضربهم للفكر والثقافة والحرية والديمقراطية، واضطهادهم لشعوبهم بمخابراتهم، وإرهابهم لأهلهم بخفافيش ظلامهم، وغرورهم بنظاراتهم السوداء، واستبدادهم بكبرياء واستكبارهم على الضعفاء. فأفلوا ومنهم من ينتظر، وفي لحظات الأفول حَمَّلوا أخوهم الصغير كامل أوزارهم وخيباتهم وهزائمهم، ورحلوا. إلى أين ؟ إلى جحر فكري مظلم خانق ليناموا فيه نوم أهل الكهف العميق وتركوا أخوهم الصغير وحيدا بعد أن كبلوه بأوزارهم وزرعوه ألغاما وأنفاقا وأزلاما وأذنابا وصواريخ. كلهم، من أنظمة الانقلابات والتحرير التي سلمت سيناء في ساعات الصباح، والجولان المحصن تحصينا عسكريا رهيبا دون قتال يذكر وبانسحاب معيب، حتى أن وزير الدفاع السوري حافظ الأسد آنذاك أمر الجيش السوري بالانسحاب من القنيطرة قبل أن تصل إليها القوات الصهيونية ب 48 ساعة. ربما كان يومها موعودا برئاسة الجمهورية السورية إلى الأبد ولولد الولد حيث اعتلاها بعد ذلك على جماجم الرفاق، وبضم لبنان الذي احتله عام 76 دون عناء. كلهم، من جبهة الرفض العربية التي كانت عريضة من المغرب إلى العراق ولم تجد أمامها إلا الأخ الصغير لتحارب من خلاله إسرائيل ونتيجة لسياساتهم الحمقاء وحروبهم الخرقاء وثوراتهم الكأداء احتلت إسرائيل عروس العواصم العربية عام 82. خلال الاجتياح الصهيوني للبنان كانت القوات السورية تنسحب سلما وتتموضع عِلْما حسب التعليمات الإسرائيلية. ونصل إلى جبهة المواجهة التي صارت ساكنة، ودولة الممانعة الوحيدة التي صارت مريضة بالقلب بسبب اعتقالها لأحرار المثقفين وبالسكتة الكلامية أمام الإسرائيليين . وماذا عن الصراع العربي الإسرائيلي؟ لقد انتهى حتى كلاميا وبالأخص منذ اتفاقيات أوسلو والاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومصافحات البيت الأبيض بين الزعماء الفلسطينيين والإسرائيليين، وقيام علاقات دبلوماسية واقتصادية ومبادرات شبه دبلوماسية وتجارية بين العديد من الدول العربية إسرائيل، -حتى أن استيراد تفاح الجولان المحتل صار حلالا- وهكذا تحولت الصراعات إلى مصافحات علنية وقبلات سرية: رئيس وزراء إسرائيل إيهود براك يزور المغرب للتعزية بالملك الحسن ويصافحه رئيس الجمهورية الجزائرية العزيز بوتفليقة بحرارة، زيارات ومصافحات مع زعماء تونس. إلا أن مصافحة المصافحات حصلت في جنازة البابا بين رئيس نظام الممانعة السيد بشار الأسد والرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي وبين الرئيس الإسرائيلي كتساف. وبينما الرئيس خاتمي نفى المصافحة رغم حصولها، إلا أن الرئاسة السورية أكدتها، ليس هذا فحسب بل أن السيد بشار الأسد كرر المصافحة بحرارة معبرا عن توقه للمصالحة. ولماذا يصافح الإنسان عدوه إذا لم يكن الهدف مصالحته وإنهاء العداوة؟ هنا أسأل! منْ منَ الزعماء اللبنانيين صافح الإسرائيليين؟ ويقفز أحدهم كالزنبرك المضغوط منذ آلاف السنين، ويقول: والعملاء؟ ردا على هذا المضغوط أريد التذكير ببعض الوقائع. أبان معارك عام السبعين بين الجيش الأردني والفدائيين الفلسطينيين حاصر الجيش الأردني حوالي مائتي فدائي. بدل الاستسلام للشقيق قرر هؤلاء الاستسلام للعدو الإسرائيلي، الذي اعتقلهم بكامل أسلحتهم. هل هؤلاء عملاء ؟ لا أعتقد. ومن يصفهم بذلك يكون مجحفا بحقهم وبلا نظر. إنها الحرب ومنطق الحرب بكل ما فيها من ممارسات مريرة وتصرفات مرفوضة، إلا أنها تفرض في لحظة ما على المحارب قرارات غير عادية لا يمكن أن يفكر بها في لحظات عادية. صدام حسين عندما قرر أن تهرب طائراته من المواجهة فضل هروبها إلى العدو الفارسي بدل الشقيق السوري. الحرب الفوضوية على أرض لبنان بكامل بشاعتها ومجازرها ومذابحها وجرائمها ومرارتها فرضت على قلة الارتماء بأحضان إسرائيل دون إرادتها الحرة. لماذا ؟ لأنه لم يوجد لبناني واحد زعيم أو إنسان عادي قد فكر بمد يده ومصافحة إسرائيلي قبل عام 75. وبعد إنهاء الحرب عام 90 بميثاق الطائف اتفق اللبنانيون جميعا على أن إسرائيل دولة عدوة. لقد أعلن الجميع ذلك وفي مقدمتهم البطريرك صفير الذي أكد بأننا كلبنانيين آخر دولة عربية ستوقع سلام مع إسرائيل. فكفى البعض متاجرة بهذه الموضوع الممجوج واتهامهم لأبناء وطنهم دون أدنى حق . موضوع آخر لا ينفكوا عن المتاجرة أو المشاجرة به بالطلعة والنزلة وعلى العامل والبطَّال وهو عروبة لبنان. مع أن وثيقة الطائف أكدت دستوريا بأن لبنان دولة عربية والشعب اللبناني شعب عربي. رغم أن هؤلاء أنفسهم هم من يرفضون تطبيق وثيقة الطائف التي أنهت الحرب ولا يسلمون أسلحتهم للدولة. هم بذلك يهددون عروبة لبنان وما اتفق عليه اللبنانيون تحت الرعاية العربية في الصميم. ومن دون وثائق ودستور، الشعب اللبناني بثقافته وتاريخه وحضارته وأصالته وامتداداته العرقية هو عربي ومن عظام رقبتها. مع احترامنا الكبير للبنانيينا من الأرمن والسريان والأكراد وغيرهم من الأقليات غير العربية. فكفى متاجرة بهذه النقطة أيضا التي كلفت لبنان الغالي جدا من الدماء والشهداء. هم يصافحون ويصفحون ويعقدون الاجتماعات السرية ويحلمون بعقد الصفقات مع الأمريكان، إلا أخوهم الصغير يجب أن يقاوم باسمهم جميعا حتى التحرير. ولا هم إن مات من النزيف. هم ينظرون من البعيد وينظِّرون في مقاعدهم باسترخاء وينعتونه بالخاصرة الرخوة. وإذا حاول التململ والتحرر من هيمنتهم وفكرهم المتحجر اتهموه بالتآمر والتأمرك والتخاذل والانهزام والتبعية للغرب، وهبوا في وجهه تأنيبا وتقريعا وتوبيخا كأنه طفل قاصر. ولهذا فيجب على الصغير أن يكون عبدا مأمورا لهم لكي يرضوا عنه. يجب أن يقاوم ويناطح بقرنيه الصغيرين قرارات الشرعية الدولية ويطلع صوتوا دائما بالعالي، ويهدد الأعداء والدول العظمى بقطع الأيدي والألسن وجز الجماجم وقبض الأرواح ولا يبالي. وكلهم من دول التحريك والتحرير إلى الرفض والتبرير إلى المجابهة والممانعة ماذا يفعلون؟ سلما وسلاما عليك يا إسرائيل! تركوا الساحة وشمعوا الخيطان ولم يبق في الميدان إلا حديدان. وهل تدرون من هو حديدان؟ إنه أصغر دولة عربية مساحة وسكان. ولهذا فعليه إعادة الكرامة ورد العدوان وتحرير فلسطين بالكامل ومعها هضبة الجولان. الحوار الوطني اللبناني سيتابع نشاطه الهادئ المحموم في الثامن من يونيو/حزيران لعله يكشف لنا السبب الحقيقي لذلك الهجوم الذي قامت به جموع حزب الله ضد الآمنين من أهالي بيروت وبقية المناطق اللبنانية: هل هو بسبب البرنامج السياسي " بس مات وطن" أم أن وراء الأكمة ما وراءها، والسبب الحقيقي لتصاعد دخان الدواليب وتلبد الغيوم كامن وراء محاولة فرض استراتيجية حزب الله الدفاعية على لبنان؟ أو طرحه السؤال التالي عليهم : أيها اللبنانيون البسوا ما يفصل لكم حزب الله وأنتم الناجون أي أمامكم حل وليس حلان، إما القبول باستراتيجيتنا الدفاعية لحماية لبنان وإما سيتصاعد من جديد الدخان ؟ برلين 06.06.06
#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أين يريد حزب الله أخذ لبنان ؟
-
فتح الانتفاضة، انتفاضة على من ؟
-
ثورةُ الأَشجارُ
-
الإرهاب أصبح ماركة عربية إسلامية مسجلة
-
عندما حاولَ الدَّجاجُ الْطيران
-
الأمير الكبير وكسرى الصغير
-
ولقد شبع اللبنانيون من لحود حتى التخمة القاتلة
-
الواقعُ العربي الواقفُ كعامود الخيمةِ فوق الرؤوس
-
- يا سامعين الصوت-
-
ولا شيءٌ على الجبينِ مكتوب!
-
هل سنتعرف قريبا على كوبونات بشار ؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|