نافذ الشاعر
الحوار المتمدن-العدد: 6513 - 2020 / 3 / 13 - 23:45
المحور:
الطب , والعلوم
من أخطر العصابات والمافيات تلك العصابات التي تتسلح بالعلم والتكنولوجيا للسطو والسرقة وقلب نظام الحكم في دولة ما. تخيل عصابة من الخاطفين تمتلك أحدث الوسائل التكنولوجية اقتحمت المؤسسات الحيوية في دولة ما، كالبنوك، والمؤسسات العسكرية، والمنشآت النووية. ثم قامت بفك رموز وشفرات هذه المؤسسات، وأرغمت موظفي هذه المؤسسات، على مخاطبة أجهزة الدولة بالتقارير العادية اليومية، لتطمينهم أن الأمور تسير على ما يرام، وأن ليس هناك ثمة مشكلة. في حين أنها تعيث فسادا وتخريبا في هذه المؤسسات، وتقوم بإتلاف محتوياتها وقلب كل شيء فيها رأسا على عقب!
تلكم هي الفيروسات! فهي جسيمات خاملة لا حياة لها إلا إذا دخلت إلى خلية حية؛ فهي أشبه بالبذور التي تكون خاملة، كقطعة الخشب الصغيرة، فإذا عثرت على تربة ملائمة أصبحت شجرة باسقة.
الفيروس ما إن يدخل الخلية حتى ينطلق جينومه إلى داخل سيتوبلازم الخلية ويقوم بتنزيل المعلومات التي يحملها على جهاز الخلية، فيتمكن من تصنيع البروتينات التي يحتاجها. وهناك نوع من الفيروسات تحمل معها جينات للأنزيمات التي تحتاجها في تصنيع بروتيناتها، فتحقق الاكتفاء الذاتي، وتكون قادرة على إتمام دورة حياتها بالكامل داخل السيتوبلازم.
وهناك نوع من الفيروسات، بمجرد دخولها للخلية، تتخفى في صورة قطع مشابهة لمادة د.ن.أ الخلية، وتقوم بنسخ شفرة جيناتها لترغم الخلية على إنتاج آلاف الفيروسات الجديدة التي تفجر الخلية وتقتلها من شدة الاكتظاظ. وإن لم تفجرها تتركها بهدوء، من خلال التبرعم من جدارها الخلوي، فتنجو الخلية من الموت، لكنها تتحول إلى مخزن للعدوى الفيروسية.
وهناك نوع من الفيروسات، ليست شديدة الاعتماد على الخلية، فهي تحمل معها أنزيمات تستخدمها لاستنساخ البروتينات التي تحتاجها، وبهذا تتمكن من إتمام دورة حياتها داخل السيتوبلازم دون أن تتسبب في خلل مؤثر بالخلية.
وهناك نوع من الفيروسات تحتوي على إنزيم "النسخ العكسي" الذي بمجرد دخوله للخلية، يقوم بتحويل شفرته الوراثية لنفس شفرة الخلية، فيندمج معها ويظل فيها مدى الحياة، وكلما قامت الخلية بالانقسام انقسم معها، وشاركها في كل شيء، واطلع على كل أسرارها، وبهذا تصبح الخلية عبارة عن مخزون من الخلايا المصابة بالعدوى، وفي الوقت نفسه تختبئ من الهجوم المناعي للجسم.
#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟