|
أين مُحرّمو قروض -انطلاقة- من أرباح شركات المحروقات؟؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6512 - 2020 / 3 / 12 - 23:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حين أعلن جلالة الملك عن مبادرة "انطلاقة" لدعم المقاولين الشباب في إنشاء مقاولاتهم وتحقيق آمال الانخراط في بناء الاقتصاد الوطني عبر خلق فرص للتنمية ، خرج فقهاء التيار الإسلامي ، إخوانيين وسلفيين ، من جحورهم المظلمة شاحذين ألسنة التحذير والتنفير من الاستفادة من قروض الأبناك المنخرطة في دعم المبادرة مشدّدين في تحريم الفوائد البسيطة عن تلك القروض . لم تكن غايتهم تقديم الحلول البديلة للمقاولين الشباب بقدر ما كانت تكريسا لأسباب الفقر وإشاعته بين المواطنين . فخاصية التيار الإسلامي أنه يتغذى على الفقر ، لهذا يتصدى بكل الوسائل لكل المبادرات التي من شأنها دعم المواطنين وتمكينهم من ضمان مورد العيش الكريم . فما كان يوما هدفهم إشاعة قيم الدين الإسلامي ولا حث أفرد المجتمع على التكافل والتعاون . الأمر لا يحتاج كبير جهد للكشف عن حقيقة تجار الدين والوطن الذين يتاجرون بكرامة المواطنين وبفقرهم ، بل يكفي أن يلاحظ أي مواطن ابتلاع أولائك الشيوخ والفقهاء الذين ملأوا المواقع الاجتماعية بفتاوى تحريم القروض البنكية المخصصة للشباب ،ألسنتهم عن الإفتاء بتحريم الأرباح الخيالية لشركات استيراد وتوزيع المحروقات وتعطيل حناجرهم عن التنديد بالنهب الشرس لأرزاق المواطنين من طرفها . فرغم انهيار أسعار البترول عالميا بسبب فيروس كورونا بنسب تفوق 30% ، فإن أسعار المحروقات بالمغرب ظلت مرتفعة . الأمر الذي يقتضي تجاوز الحديث عن الربح إلى الحديث عن النهب والاحتكار. إن المفارقة التي نعيشها في المغرب هي حين يرتفع سعر البترول عالميا فإن شركات التوزيع ترفعه مباشرة ، بينما حين ينخفض نجدها تتماطل في التنفيذ وبستنيمات معدودة . كل هذا يحدث أمام أولائك الفقهاء الذين أحجموا عن الكلام وبلعوا ألسنتهم أمام هذا النهب الممنهج لأرزاق المواطنين . فالفقهاء إياهم لم يحرّكوا آلية اجتهاداتهم لبحث موضوع المبالغ المالية الكبيرة التي تجنيها شركات التوزيع ، سواء من جهة الفوائد أو من جهة الأرباح. الفقهاء إياهم بذلوا قصارى جهدهم الفكري والفقهي قصد التأسيس لتحريم فوائد القروض البنكية البسيطة المخصصة للمقاولين الشباب وقد استبعدوا كل منافذ الإباحة والتجويز؛لكن استنكار المواطنين الشديد لجشع الشركات وتنديدهم بتواطؤ حكومة البيجدي معها (= الشركات) لم يلتفت إليه الفقهاء ولا شعروا بمعاناة المواطنين ولا بالانعكاسات السلبية على الاقتصاد الوطني . إن فقهاء التيار الإسلامي ، ليسوا مع الشعب ولا هم منه ، بحيث لا يتداعون له حين يشكو الفقر والاستغلال والغلاء، بل يتواطؤون مع المستغِلين . لهذا لم يسأل هؤلاء الفقهاء أنفسهم هل ما يجنيه موزعو المحروقات يدخل ضمن الربح الذي أحله الله أو الربا الذي حرّمه الله . فعيونهم لا ترى نسب الفائدة العالية التي تجنيها هذه الشركات ، بينما ترى نسب الفوائد البنكية البسيطة على القروض المخصصة لدعم الشباب ، كما أن عقولهم لا ترى مخالفة تلك النسب المرتفعة ولا الأرباح المهولة التي تنجيها الشركات للنصوص الشرعية التي تحرّم الاحتكار والجشع والنهب والسحت ، بينما تراها في الهامش البسيط من الأرباح التي تحصل عليها الأبناك من قروض دعم الشباب. هنا تكمن التجارة بالدين وبالفقر. فإذا كانت الأحكام الدينية واحدة فإن الفقهاء إياهم يوظفونها على هواهم وبما يخدم تجارة تيارهم. أما بخصوص التجارة بالفقر فموقفهم ثابت يجعلهم يدورون بالفتوى أينما دارت مصلحة التيار وإن خالفت الشرع . فالتيار فوق الدين والوطن والمواطنين. إذ تحريمهم لفوائد القروض البنكية المخصصة للشباب لم يكن من باب تحكيم الشرع في النوازل والاجتهاد في مقاصد الدين ، بقدر ما كان مكْرا ممقوتا يمكرون به الوطن والمواطنين حتى تتسع دائرة الفقر أكثر وتتضاعف أعداد ضحاياه لتكون للتيار الإسلامي وقودا انتخابيا يقوي حظوظ فوزه بصدارة الانتخابات . إن الرهان على الفقر لحسم المعركة الانتخابية ، هو الذي يفسر جُبن الفقهاء إياهم وانسحابهم من ساحة الإفتاء لفائدة المواطنين ضد جشع الشركات . فليس كل ربح حلال كما ليس كل فائدة ربا. مجال كان لا بد لفقهاء السوء وشيوخ النكد أن يناقشوه تنويرا للرأي العام ودعما لمطالب المواطنين بضرورة التزام الحكومة بوعودها ومنها تسقيف أسعار المحروقات وتطبيق المقايسة . لكن الفقهاء خذلوا المواطنين كما خذلوهم في كل المعارك السياسية والحقوقية والاجتماعية ، وآخرها المعركة من أجل رفع التجريم عن الإجهاض الإرادي الذي كان فيها فقهاء هذا التيار بعضهم لبعض نصيرا وظهيرا رغم المآسي الإنسانية والاجتماعية التي تترتب يوميا عن هذا التجريم .وكذلك فعلوا ضد المطالب النسائية من أجل رفع سن الزواج لدى الإناث إلى 18 سنة ، أو اقتسام الممتلكات الزوجية أ أو ولاية المرأة على نفسها في الزواج أو امتلاكها الحق في تطليق نفسها. وها هم اليوم يتصدون بعناد مقيت لمطالب الهيئات الحقوقية بضرورة احترام الحريات الفردية في كل مستوياتها. ما كان يوما فقهاء التيار الإسلامي يمثلون ضمير الأمة ولا كانوا صوتا للمظلومين ، لهذا لم تكن مواقفهم ولا فتاواهم مناصرة للمطالبين بالحقوق ولا داعمة للمناضلات من أجل الكرامة والمساواة . فكل فتاواهم واجتهاداتهم بؤس في بؤس لا تجلب نفعا ولا تدفع ضررا ، بل تكرّس الغُبن والظلم والنهب. ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين) .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البيجيدي يوظف التراث الفقهي البائد لمناهضة حقوق المغربيات.
-
يتاجرون بالدين الوطن والإنسان وحتى بالحشيش.
-
هل بنكيران والبيجدي مَلَكِيان ؟؟
-
لا تُفاخِر بما ليس لك فضل فيه السي العثماني.
-
حبل الكذب يلف عنق بوليف.
-
فتوى بوليف وتواطؤ الإخوان .
-
-أطردوا الفقهاء من حياتنا اليومية-.
-
حين تكون -قلوب وسيوف- البيجيدي مع الأردوغانية.
-
أسْلمة المسيرات إساءة للقضية الفلسطينية.
-
مؤتمر الأزهر وتكريس منظومة التطرف الديني.
-
بلاغ وزارة الأوقاف أقبح من الزلة.
-
حين يوظف بنحمزة إمارة المؤمنين لخدمة الوهابية.
-
من يحرّر الجامعات من قبضة الإسلاميين ؟
-
متى تكفّ الجزائر عن معاداة الوحدة الترابية للمغرب؟
-
الخوانجية ملّة واحدة.
-
لما يعطّل البيجيدي القانون بمباركة من بعض القضاة.
-
ولاء الإخوان لأردوغان ضد مصالح الوطن.
-
خلفيات مهاجمة الريسوني للحموشي.
-
حزبكم يا رئيس الحكومة من يزرع اليأس ويسيء إلى المؤسسات .
-
إحصائيات الرّضع في القمامة معلومة والحلول معدومة يا معالي ال
...
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|