|
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [24]
وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 18:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(38) مَنْ هُوَ المُتكلّم في القرآن.. [الحُريّةُ شرطٌ أساسٌ ليكونَ الإنسانُ إنساناً حقّاَ]- (ميمونيدس [1138- 1204م]) [وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا]- (النساء 4: 82) (1) يقول (الكافر) أنّ المتكلم في (القرآن) هو (الله)/(حاشاه). لأنّ طبيعة الله/(اللاهوت) هي الصلاح والعدل والمحبة، وخلاصة [العدل + المحبة = السلام]. والصّلاح والسّلام سمتان لكلّ عمل الله. فكلّ ما يخالفهما، مخالفة للذات الإلهية، بالقول أو الفعل، بالخاطر أو السلوك. الكلام في (الله) هو كلام في المطلق. ولا بدّ للعاقل من تمييز بين الكلام في (الله) والكلام في أيّ شيء، ومنه (الدين). بل أنّه من وجوه الضلالة والافتراء على ربّ العالمين، اعتبار الكلام في (الدين) كلاما عن (الله/ حاشاه). ومن غاية الابتذال اعتبار توقير الأنبياء والقديسيين/(الصحابة وأهل البيت) والكليروس، جزء من العبادات، ومخالفتهم مخالفة لله؛ والعكس أصح. هل الله بشر؟.. هل الله يتكلّم؟.. بأيّ لغة يتكلم؟.. اللغة مصنوعة وجديدة، فهل كان الله صامتا قبل اختراع اللغة؟.. هل كان الله يتكلم للوثنيين، أم كان يختزن كلامه؟.. وإذ تكلّم للعبرانيين/(أقدم ديانة وحدانية)، هل قال كلّ الكلام أو بعضه؟.. وإذا قال كل الكلام، لماذا عاد وتكلم أيضا لرسول آخر وديانة جديدة؟.. أليس من المنطق أن كلامه الثاني يطابق مع الكلام الأول وينسجم معه؟.. لماذا تعددت الديانات والرسل والأنبياء، ولماذا اختلفت تعاليمهم وشرائعهم وعباداتهم، لو كانت صادرة من (إله) واحد؟.. أم أنّ كلا منها صادر من (إله خاص) به، أريد له أن يحوز مقام الربّ الأعلى/(ألله الأكبر)؟.. وإذا كانت الديانات تتعدد، أليس المنطق أن تنسجم مع بعضها وتصدر عن جوهر واحد؟.. لماذا يخالف أحدها الآخر؟.. ولما يزعم التالي أنه أفضل من سابقه؟.. هل الدين يتطور؟.. أم الله ينمو ويتغير؟.. هل الله ثابت كامل، كلّي القوة والمعرفة والإرادة، أم أنه ياعب وينعس وغفل وينسى من حين لآخر، فيصحح نفسه بمراجعة سجلّ (اللوح المحفوظ)؟.. هل الله مؤسسة بشرية، لديها دائرة (ذاتية) وحجرة (أرشيف) يدقق فيها معلوماته وسير أنبيائه ويقارن حسنات وسيئات البشرية، كما ترد في تصانيف كتبة الإسلام.. كيف عرف محمّد الأمّي البدوي ما لم يعرفه سابقوه من رسل وأنبياء، من أمم أكثر رقيا وعلوّا من قوم محمّد؟.. ومتى انتقلت علوم محمّد ومعارفه الدنيوية والغيبية إلى فقهاء خوارزم وطبرستان، ولم يودعها قلوب العرب؟.. أليس.. لو كان الله يتكلم، لردّ على مزاعم المرتزقة وتخاريفهم، الغارقة في الافتراء والجناية على السماء والأرض؟.. النصوص الإسلامية جملة، قرآنية وسنية وأحاديث، تتمحور حول شخصية رئيسة فيها هي بشرية، ممثلة بزعامة محمّد. وكلّ ما سواها يأتي بالدرجة التالية، ويندرج في خدمته، ومن هذا التالي هو (الله) المذكور في القرآن والاسلاميات منذ ظهور محمّد حتى اليوم. إذن.. ينبغي على كلّ (مسلم) أن يعرف (الله) الحقيقي.. عليه أن يعرف (دينه) من (كلّ) مصادره.. وليس مصادر انتقائية مزوّرة مزيّفة، عملت فيها يد الناسخ، لطمس الفضائح والمعايب، ولا عيب في الدين.. ولفظة (كلّ) تشمل الكلّ.. من مصادر سلفية أو جعفرية على مدى الزمن.. فلا المسلم برئ من مزاعم هؤلاء ولا مزاعم أولئك. وتلك الفرية المصطنعة بين الشقين، غبر وقتها وأفل أمدها، واجتمع الإثنان في زاوية ميتة. والزاوية الميتة هي (العنصرية)، (تحقير البشرية) من المخالفين، (قتل المخالفين) والتمثيل بهم. والمقصود بالتمثيل هنا هو سبي عوائلهم ونهب أموالهم وتسقيط ذكرهم. ولابدّ من مجئ يوم.. وهو قريب.. يقوم فيه العالم، بمقاضاة الإسلام فكر وسلوكا، نصا وتطبيقا. ويكون القضاء وحكمه رجعيا، يشمل جملة المكتوب والمعمول فيه، من دم أول قتيل (عمرو الحضرمي) بيد (عبدالله بن واقد التميمي) وأول قتيل يهودي (مرحب بن الحارث) حتى دماء يهود خيبر ويثرب واليمامة وأهل الشام والعراق ومصر والعجم حتى آخر شهيد كان ضحية (الإجرام) والفاشية المحمّدية. أحصى أحد يهود العرب معاني الأحرف التي استهلت بها سور يثرب، فاستنتج منها أن عمر (الإسلام) حوالي سبعمائة وبضعة؛ واليوم بلغ عمر (الإسلام) ضعف العدد. لقد انتهى الإسلام الحقيقي/(العربي) قبل أواخر العهد العباسي بقرن!.. ومنذئذ، تسلّط عليه العجم حتى قيام الحرب العالمية الأولى. وقد مضى على سقوط الخلافة العثمانية حوال القرن، قامت خلالها دويلات مسلمة ومدنية منافقة، كانت سبب بلاء وشنار على أهل الأرض ومضمار الحضارة. وكأنما لا همّ للبشرية غير تعاليم محمّد وعبادة عليّ وفاطم، وكلاهما يعتاشان على ثمار الحضارة العالمية الغربية، ويردّان عليها بالبصاق والقتل والتخريب. فأين يكون مبدأ المعاملة بالمثل؟.. أم أن التكنولوجيا الغربية عاجزة عن تصفية العالم من أبناء الشرور؟.. أنها ساعة.. والساعة آتية.. وهي الآن.. ليعود اليهود والمسيحيون إلى جوف الجزيير والخليج، وتعود الأغلبية المسيحية للحبشة التاريخة ومصر والشام والعراق؛ ويستعيد الأمازيغ والزرادشتية بلادهم وثقافتهم. [كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ]- (مت 7: 19) بغير اقتلاع الشجرة الخبيثة لن يكون لبلدان حوض المتوسط وشرقه النظر إلى مستقبل سيادي عصري وكريم لأبنائها. ولكن.. ليس من غير دفع فاتورة الاستحقار والعدوان على البشر والحضارة..! (2) الفاتحة 1 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ. بها تفتتح القراءة في صلاة المسلم. ويقال لها الصلاة والشفاء والرّقية والواقية والكافية. وعند ابن عباس هي أساس الكتاب. قال ابو العالية وابن عباس وقتادة: انها (مكيّة)؛ وقال ابو هريرة ومجاهد وعطاء والزهري: أنها (مدنيّة). وقيل أنها نزلت مرّتين: مرّة بمكة، ومرّة بالمدينة. وقال القرطبي عن أبي ليث السمرقندي: نصفها نزل بمكة، ونصفها بالمدينة. قال الترمذي الأوزبكي [824- 892م] وصحّحه عن أبي هريرة [603- 678م] قال عن الرّسول: (الحمدُ للهِ: أمُّ القرآنِ، وأمُّ الكتابِ، والسّبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ). كره أنس [612- 709م] والحسن البصري [642- 728م] وابن سيرين [653- 729م] تسميتها بـ(أمّ الكتاب)؛ قال الحسن وابن سيرين/(مدرسة البصرة) أنها اللوح المحفوظ. عدد آياتها (سبع)، واختلفو في (البسملة) هل هي منها أو مستقلة. وقال حسين الجعفي: هي ستة، وهذان شاذّان!. أولا: البسملة.. 1- هل هي من الكتاب/(تنزيل)، أم أدخلت عليه لاحقا. الجواب: ليست من الكتاب. أدخلها (عثمان) عند جمعه للكتاب وترتيبه (الآيات) في (سور)؛ وضبط أعداد كل سورة، وتسميات السور، وتصنيفها إلى مكية أو مدنية، وترتيب (نزولها) بالتعاقب. لكن ترتيبها القرآني المدوّن، لا يطابق ترتيب (نزولها) الفعلي، كما هو مذكور في شرح السورة. وفي شرح سورة الفاتحة، يرد (نزلت بعد المدثر)، وفي ترتيب القرآن تحتل التسلسل (1)، وهو بلا مبرر، ومخادعة للقارئ. وحسب ابن مسعود هي ليست من القرآن، وكانت متداولة قبل (محمّد). وفي مورد آخر كان محمّد يرددها مع المعوذات ونصوص قصيرة أخرى قبل ادعائه النبوّة، تقليدا لليهود والمسيحيين الذين كان يتعاطى معهم من قبل. 2- هل هي (آية) كتابية، أم كانت معروفة ومتداولة قبل (محمّد)؟.. الجواب أنها كانت معروفة من قبل، وهي عبارة سريانية معروفة ورائجة في النصوص السريانية والشامية، وعند جماعة مسلم الحنفي نبيّ اليمامة، وتتضمن منطق الثالوث المسيحي.. بسم الله = بسم الآب الرحمن = والأبن الرحيم = والروح القدس وتستخدم في الصلاة والعبادات واستهلال كلّ أمر وشيء، ومنها تناول الطعام، عند المسيحيين والمسلمين لاحقا. ويمكن التأكد من خبرها لدى البخاري والطبري وكتب (تاريخ القرآن) و(جمع القرآن وترتيبه) و(تطابق القرائين). 3- من المتكلّم في سورة الفاتحة؟.. هل (الله) يقول: بسم الله الرحمن الرحيم؟.. طبعا.. لا!. مرفوض عقليا ولغويا.. ولو افترض مثلا، لكان بناء الجملة: (باسمي.. أنا الله الرحمن الرحيم)، ولكنه غير مفروض به قول وتكرار ذلك، فهو يعرف نفسه. 4- هل الله يحمد نفسه: (الحمد لله ربّ العالمين)؟.. الله محمود وليس (حامد). (حامد) سمة للمخلوق، فكيف يحمدُ الله نفسَه، ويقول عن نفسه: (ربّ العالمين)؟.. هاته عبارة غبية عديمة المعنى، بهذا السياق. والصحيح ان المتكلم هنا هو المخلوق/ الانسان: يشكر ربّه ويحمده. وهذا يؤكد أنّ جملة (الحمد لله) ليسا من القرآن، وانما من قزل البشر. 5- هل الله يعدد صفاته وأعماله ويطري على نفسه ويغزل بها: أنا: الرحمن الرحيم، أنا: مالك يوم الدين! هذا حال مرييض نفسي تنقصه الثقة بالذات، فيوصيه الطبيب المعالج أن يقف أمام المرآة ويردد: أنا جميل، أنا مقبول، أنا قوي، أنا قدير.. الخ. 6- إيّاك نعبدُ. إيّاك نستعين!.. من المتلكم هنا: هل هو (الله) أم (الإنسان) المتعبّدُ؟.. الجواب: الانسان المتعبّدُ، معترفا بفضل الله عليه وقدرته. فهذا النص مثل سابقه ليس من كلام الله، ولا من (القرآن)، حسب الفرضية الشعبية المزيفة: (القرآن) كلام الله!. 7- اهدنا الصراط المستقيم!. جملة طلب/ دعاء/ رجاء/ (طلب الهداية)، هل (الله) يطلب الاهتداء للصراط المستقيم؟. ان الطلب يتجه من الأدنى إلى الأعلى، فمن هو (الأعلى) الذي يتجه إليه (الله)؟.. هذا التعبير لا يناسب الذات الالهية، التي يتجه إليها الناس بالطلب والرجاء والعبادة. وهذا يثبت بالعقل والمنطق واحترام الألوهة، أن هذا التعبير ليس من الله، وإنما من البشر، متجها للأعلى. فوضعها ضمن سياق القرآن ونسبتها لله، افتراء واعتداء على الذات الإلهية. و روى محمد الحلبي عن أبي عبد الله: أنه كان يقرأ [ملك يوم الدين. اهدنا صراط المستقيم]: يعني أمير المؤمنين/ (مجمع البيان). 8- صراطَ الذينَ أنعمْتَ عليهم!.. وهي مختزلة معطوفة على ما سبقها، وتقديرها النحوي: إهدنا صراط الذين أنعمتَ عليهم!.. وحالها حال ما سبقها، كيف يطلب (الله)/(ربّ العالمين) من جهة ما، مساعدته في الاهتداء لطريق/ طريقة/ نهج/ منهج/ شريعة الذين حظوا بالنعمة جراء استقامتهم ومعرفتهم النهج اللإلهي الصحيح. والمشمولون بالنعمة عند ابن كثير كما في:[وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا]- (النساء 4: 69)، فهي نعمة محمّدية ضيّقة، مشروطة بالامان بمحمّد وطاعته. أما مستوى النعمة، فهو مستوى نعمة (النبيين والصدّيقين والشهداء والصّالحين). جملة طلب الاهتداء استوفت معناها وغرضها في الجملة الأسبق: (اهدنا الصراط المستقيم). وما بعدها (صراط الذين أنعمت عليهم): حشو غير لطيف، وكأنك تبين لله صفة (الصراط المستقيم)، أو احتمال عدم كونه (صراطَ المُنعَمِ) عليهم/ (صراط النعمة). والشخصنة هنا ليست مستساغة أو لائقة، عند الحديث مع السلطات العليا. والنص يصف أولئك بعبارة: (الذينَ أنْعَمْتَ عَلَيهُمْ): أيّ أنتَ أنعمتَ عليهم!. فمن هو (المُخَاطَب) هنا، إذا كان (المتكلّمُ) هو (الله)؟.. فهذا مخالف ومرفوض بالعقل والمنطق والدلالة. هذا لا يناسب ولا يليق أن كون (كلام الله). 9- غير المغضوب عليهم. ولا الضّالّين. ليس من اللائق تضمين الطلب ، اسلوب النفي، فضلا عن الشخصنة السلبية. ومن الأمثلة في هذا السياق: مثال (الفريسي والعشار): [إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا واحد فريسي والآخر عشار. أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. أصوم مرتين في الأسبوع واعشر كل ما اقتنيه. وأما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلًا اللهم ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم أن هذا نزل إلى بيته مبررًا دون ذاك لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع]- (لو 18: 9- 14) فالتواضع لا بدّ منه ف حضرة الأعلى، ولغة الأدب والاحترام ضرورة لقبول الطلب. أما التطرق للنفي وشخصنة الشرّ، فيتنافى مع اللياقة والأدب ، وما لا يليق في التعامل على الأرض، لا يستساغ في التوجه لربّ العالمين. ان الله ينظر للجميع نظرة واحدة لأنهم جميعا من صنع يديه. ولا ينظر مثل الناس الذين ينحازون لأنفسهم وتتملكهم مشاعر الحسد والبغضاء لمن يفضلهم. والطالب في النص، يفرض حكمه الشخصي على إرادة الله. فـ(المغضوب عليه) و(الضالّ)، هو حسب حكمك ومصلحتك البشرية الدونية، تحتفظ بها لنفسك، وتحتمل خطيئتها وتبعاتها الأرضة والسماوية. إما أن تفرضها على ربّ العالمين، وتعلنها بوقاحة، فأنت تتباهى بكونك أفضل من هذا/ هؤلاء (المغضوب عليهم) و (الضالّين)، حسب نظرك. لقد أخطأ واضع هذا النص، لكونه فضح دخائل نفسه الفاسدة وشرور قلبه النتن. وهذا يزيده سلبية وانحطاطا في نظرنا - نحن البشر-، فكيف أثره عند الله. كلّ شخص يصدر عن الشرّ الذي في قلبه. [وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ. فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ]- (تك 6: 5، 6) والمسلم في نهاية هذا الدعاء، يؤكد الشرّ الذي يعتمل في قلبه، تجاه خليقة الله، الذين ليس هو بأفضل منهم، ولا يختلف عنهم أمام الله. بل هو أسوأ منهم لغروره وكبرياء قلبه، وكأنّ الله لا يعرف الناس، بل المسلم ييتفضل على الله بتقديم دعاوى إدانة الآخرين، وكان أولى به أن يعتبرهم له أخوة في الإنسانية، وإن اختلف معهم،ويجعل أمره والحكم لله، من باب الإحترام والتبجيل والعبادة. [لا تُدينوا لِكَي لَا تُدَانُوا. لِأنّكُمْ بِالدّينُونَةِ الّتي بِهَا تَدينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيلِ الّذي بِهِ تَكيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ]- (مت 7: 1- 2) فمثل هذا التعبر وهكذا شعور وموقف في دعاء ديني ليس مقبولا ولا واردا. كما أن قائلة لا يمكن لا يمكن أن يكون (الله) مطلقا. ان أي فكرة سيئة وشريرة لا مكان لها في حضرة الله وقداسته. والمعلوم، أنّ غير المستساغ عند البشر، ليس مستساغا عند الله؛ وإلا، فلا معنى لألوهته في هاته الحال. نصّ (الفاتحة) مفروضة قراءته في رأس كلّ صلاة وبداية كلّ ركعة، أي بمجموع أوّلي قدرة (17) مرّة في اليوم. وفي سبعة عشر مرّة، يؤكد المسلم لعنته على غير (المغضوب عليهم والضّالّين)،ويحمّل نفسه وزر خطئه وخطيئته إليهم، واعتداءه على الله باستباقه حكمه وحسابه على الجميع. وبالنتيجة.. فكلّ نص الفاتحة والبسملة ليست من (كلام الله) وليست من أصل القرآن، حسب قراءة الكوفة. 10- من هم المغضوب عليهم، ومن هم الضّالّون؟.. تفسير ابن كثير الدمشقي [1301- 1373م]: إن طريقة (أهل الإيمان) مشتملة على (العلم بالحق) و(العمل به). واليهود فقدوا (العمل) ، والنصارى فقدوا (العلم). ولهذا كان (الغضب لليهود) ، و(الضلال للنصارى). لأنّ من علم وترك استحق الغضب ، بخلاف من لم يعلم . والنصارى لما كانوا قاصدين شيئا، لكنهم لا يهتدون إلى طريقه؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه ، وهو اتباع (الرّسول الحقّ) ، ضلّوا. وكلّ من اليهود والنصارى ضالّ مغضوب عليه. لكنّ أخصّ أوصاف اليهود الغضب: كما قيل فيهم: [من لعنه الله وغضب عليه]- ( المائدة 5 : 60)؛ وأخصّ أوصاف النصارى (الضلال)، كما قيل: [قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرا وضلّوا عن سواء السبيل]- (المائدة 5 : 77). وفي مجمع البيان للطبرسي [1073- 1154م]: أراد بالمغضوب عليهم: (اليهود) عند جميع المفسرين الخاص و العام. و يدلّ عليه قوله:[قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ]- (المائدة 5: 60)؛ وهؤلاء هم اليهود بدلالة قوله: [وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلَّذِينَ ٱعْتَدَوْاْ مِنكُمْ فِى ٱلسَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ]- (البقرة 2: 65). وأراد بالضّالّين: النصارى بدلالة قوله تعالى : [ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ]- (المائدة 5: 77). و قال الحسن البصري [642- 728م]: أن الله لم يبرئ اليهود من الضلالة، بإضافة الضلالة إلى النصارى؛ و لم يبرئ النصارى من الغضب بإضافة الغضب إلى اليهود. بل كلّ واحدة من الطائفتين مغضوب عليهم و هم ضالون. إلا أن الله يختص كلّ فريق بسمة يعرف بها، و يميز بينه و بين غيره بها؛ و إن كانوا مشتركين في صفات كثيرة. و قيل المراد بالمغضوب عليهم و الضالين جميع الكفار؛ و إنما ذكروا بالصفتين لاختلاف الفائدتين. واختار عبد القاهر الجرجاني [1009- 1078م] قولا آخر: إن حق اللفظ فيه أن يكون خرج مخرج الجنس. كما تقول نعوذ بالله أن يكون حالنا حال المغضوب عليهم. فإنك لا تقصد به قوما بأعيانهم، و لكنك تريد ما تريده بقولك إذا قلت: اللّهم اجعلني ممن أنعمت عليهم، و لا تجعلني ممن غضبت عليهم. فلا تريد قوما بأعيانهم قد اختصوا بهذه الصفة. أما الغضب من الله فهو إرادته إنزال العقاب المستحق بهم، و لعنهم و براءته منهم. و أصل الغضب: الشدّة. و منه الغضبة: وهي الصخرة الصلبة الشديدة المركبة في الجبل. و الغضوب: الحية الخبيثة، والناقة العبوس. و أصل الضلال: الهلاك. و منه قوله: [ وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ]- (السجدة 32: 10):أيّ هلكنا. ومنه قوله:[ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ]- (محمد 47: 8): أيّ أهلكها. والضّلالُ في الدين: الذهاب عن الحق. وإنما لم يقل الذين أنعمت عليهم غير الذين غضبت عليهم: مراعاة للأدب في الخطاب؛ و اختيارا لحسن اللفظ المستطاب. وفي تفسير العيّاشي السمرقندي [900- 932م]: روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله: [اهدنا الصراط المستقيم]= صراط الأنبياء؛ و هم الذين أنعم الله عليهم. [غير المغضوب عليهم] = اليهود؛ [و لا الضّالّين] = النصارى. كيف يحكم الأدنى تحضرا على أهل النمدن والحضارة: [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ]- (الزمر 39: 9). ولمّا كان الإسلام عالة على اليهودانية والنصرانيّة، والتي شكّلت أصول مكوناته، ومنحته الصفة الدينية والنبوية، كما في القرآن المكي والمرحلة المكيّة، ومنهم أهل بيته ومعلّموه وكاتب قرآنه؛ فليس من المنطق ولا اللياقة، أن يجعل نفسه قاضيا عليهم، وعلى صحّة اعتقادهم. ولا يكتفي مدّع النبوة ورسول الدم، أن يصف نفسه برسول الحقّ، وإنما يدين الآخرين، ويحكم على أصحاب موسى والمسيح بالغضب والضلالة، متغافلا ما منحهما من قداسة وأهمية قبل قدومه يثرب. لقد غضب منهما، لعدم الانسياق الأعمى في قطيع دهمائه وشذاذ محاربيه، مبطلا دعوى نبوّته للأبد، بحمله السيف ودعوته للقتل وسفك الدم والنهب السحت، وتجارة الرقيق والأسرى والغنائم الت مال حرام وحق مغصوب. لهذا ومن منظور القراءة التطبيقية المقارَنة، أرى أن المقصود بأواخر الفاتحة الشذاذ، هم أتباعه من المجرمين. فأما المغضوب عليهم: فهم أتباع عليّ وأهل بيته؛ وأما الضّالّون: فهم أتباع أبي بكر وعمر. وكلاهما واحد في الواقعة والحكم. وهذا ما ينسجم مع واقع العرب والمسلمين المعاصر. أما اليهود فهم سادة البشرية ونخبتها المصون. وأما المسيحيون، فهم أصحاب الفضل والفضيلة على البشرية، بما أثنوا به من مخترعات ومكتشفات وخدمات إنسانية، ينتفع بها العالم أجمع. وهم جميعا أهل الايمان والعمل الصالح، عند الإله الحق. والإله الحق في اليهودية والمسيحية وربّ العالمين، الأول والآخر، ليس بالحتم، إله محمّد السادي الدّموي، المختصّ بخدمة غرائز نبيّ البدو وطمعه السّحت، لتعويض جدب ومهانة صباه. أقول.. انظر تاريخ الإسلام وحال المسلمين، أي مؤسسة عالمية متخصصة في نشر أصناف [الفساد وسفك دماء الشعوب واغتصاب الرقيق]، دون سواهم من الأمم والعقائد والتقاليد: [قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ]- (البقرة 2: 30)، حتى بلغ بهم الحال أن يقتتلوا بعضهم البعض، ويقضي نبيّهم وأصحابه قتلا وتنكيلا. وبنعمة ربّك، فحدّثْ!. (3) بدأت البحث عن هوية المتكلم في القرآن من (فاتحة الكتاب) و(فاتحة الصلاة)، وظهر أن الخطاب بشري مرفوع لجهة عليا، وهذا لا يناسب خطابا إلهيا؛ إلا في حالة معيّنة، هي ظاهرة تعددية وتراتبية (آلهة)، فيرفع إله أدنى طلبه لإله أعلى؛ وسيما أنّ الإسلام استخدم صفة (ألله أكبر)، وهذا يؤكد وجود أكثر من إله، على رأسهم (أكبر)!. ولاستكمال البحث في نفس السياق، يقتضي من الباحث تناول السور القرآنية بآياتها المتسلسلة، لتعيين المتكلم فيها، وطبيعة الخطاب واتجاهه. ويذكر افتقاد كتاب القرآن لوحدة النسق ووحدة الخطاب وانسجام المعنى، وتنقل الحديث فيه من مكان لآخر، ومن فكرة لغرها، وعدم انضباطه الزمني أو الجغرافي. من الممكن أن يكون هذا البحث محور كتاب مستقل، يتولى مسح النص القرآني كاملا وبالتفصيل؛ وهذا خارج حدود هذا البحث، الذي يعتمد التنبيه للظواهر والنصوص الخلافية، وإثارة الأسئلة فيما لا يناسب وحدة الخطاب وأصوله من جهة، وما لا ينسجم ووحدة النص الديني، والتقول على الذات الإلهية. ولغرض الخروج من مجال سورة الفاتحة، التي استنكر قراء زمنها على عثمان إدخالها فيي القرآن، نختار مواضع من سورة مختلفة، لاستكمال هذا البحث، ونترك أمره للقارئ المسلم لتدبّره عقليا، وليس موسيقيا وعاطفيا. البقرة (2: 3)- مدنية- [الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] المتكلم هنا حاضر بدلالة جملة الفعل والفاعل: (رَزَقْناهم). والذي (يرزق) في السياق العام هو (الله)؛ ويمكن أن يكون جهة أخرى في حالة التخصيص، مثل ربّ العمل، رئيس القبيلة، أمين بيت المال. المقطع (هم) المتصل بجملة الفعل والفاعل، مفعول به يشير للمرزوقين، ويعود على جملة: (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) وهذا المفعول به في صغة (الغائب). فالمتكلم حاضر مباشر، والمقصود بالكلام/ الخطاب غائب غير حاضر. البقرة (2: 4): [وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ] المتكلم الذي كان (حاضرا) في العدد السابق، يصبح (غائبا) في هذا العدد. والمُخاطَب: المقصود بالخطاب، هو (حاضر: إليك، من قبلك) هنا، وكان (غائبا) في العدد السابق. وهذا يكشف عن خلل في اسلوب الخطاب وفي سياق النص، يتقافز فيه كل المتكلِّم والمُخاطَب بين الحضور والغياب. خلاصة: النص (البقرة 2: 2- 5) عبارة مستقلة تتناول (المتقين/ 2)؛ (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويدفعون الزكاة/ 3): وهاته صفة المؤمنين من أهل الكتاب على العموم؛ (والذين يؤمنون بما أنزل إليك/ 4): تخصيص جماعة الإيمان بمن يؤمن بنبوّة محمّد تحديدا/(بما انزل إليك)، مبنا على مراوغة لغوية ملتوية، تساوي بين كلّ التنزيلات: (ما أنزل اليك وما أنزل من قبلك)، معتبرا إياها تنزيلا واحدا/(توحيد التنزيل). البقرة (2: 5): [أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ] أولئك (المؤمنون بمحمّد وبكتابه، هم) على هدى من ربّهم/(وليس من ربّ العالمين/ إله موسى ويسوع) وألئك هم المفلحون. وهنا تتناظر لفظة (المفلحون/ 5) مع لفظة (المتقين/ 2)، وتتناظر عبارة (الكتاب فه هدى/ 2) خلاف (الريب)، مع عبارة (اولئك على هدى/5). والمعنى المُوَارَب خلال ذلكم، ان أي كتاب، عدا (القرآن) فيه ريب ومخالف للهدى. وأي جماعة غير مؤمنة بمحمّد، ليست على هدى، أو هي في ضلال. أما الخلل القرآني في هاته العبارة، فهو استخدامات إسم الإشارة (ذلك الكتاب)، وهو (إشارة للبعيد)، والصحيح القول: (هذا الكتاب)؛ واستخدامه (أولئك) للمؤمنين بمحمّد، وهو (إشارة للبعيد)، والصحيح القول (هؤلاء) المقربين. ولكن هذا التوحيد (تكتيكي) مزيّف/ مزوّر، لأنه ينتهي لاعتبار المؤمنين بمحمّد ونبزّته وقرآنه، شرطا وحيدا للإيمان، وسيتم بموجب التخصيص النرجسي الجائر، تكفير أهل الكتاب وقتلهم في آيتي السيف والقتال/(التوبة 9: 5، 29). وهذا يعني ضمنا، أنّ ما (أنزل من قبلك)، مختلف عما (أنزل إلك)، وأن الأخير ناسخ لما سبقه من الأنبياء والرسل والشرائع. وبهذا يكون استهلال سورة البقرة، أول ظاهرة (نسخ) لتعاليم القرآن المكي،وسيما ما يتعلق باليهود والنصاري وقصص الأنبياء والنقل عن أسفارهم، مما يحتل ثلثيي قرآن مكة. فلماذا ينقل عنهم ويجاملهم، إن كان يبطن مهاجمتهم في أقرب فرصة سياسية. والمؤكد في ذلك، أن المتكلم والمتحكّم هنا هو محمّد ونرجسيته المضطربة التي جعلته يحكم على أعمامه بالكفر أو الخنوع تحت قدميه وطاعة رغباته. (النسخ) هو ما يتعلق بالنصوص، أما عندما يتعلق بالبشر واستعبادهم، فهو (مسخ). وقد (مسخ) محمّد حياة العرب وتاريخهم وعقولهم من لحظة قبولهم الإسلام حتى اليوم. من الصعب قبول أصحاب محمّد وقريش كأشراف، وهم ينحنون لرغبة محمّد وغريزته.لم يكن عبد الرحمن التيمي راضيا بزواج طفلته من صاحبه، وقد أكد له مرارا أنها طفلة، وهي بنت صاحبه وصديقه. ولكن النبيّ النرجسي أخذها رغما عنه. وللمسلم أن يذكر أو يحفظ نص القرآن الاقطاعي المتعسّف والمصادر لإنسانيتهم: [النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ]- (الاحزاب 33: 6). فمحمّد هو الزعيم تاجر الرقيق والغنم، صاحب الوصاية على المسلمين: نفوسهم وأرواحهم وأجسادهم وأموالهم، عبر القرون.فلماذا يتجرأ المسلم ويطالب بحقوق مدنية في الغرب، وينسى عبوديته المطلقة لوثن. وهاته لعبة غير نظيفة ولعب بالكلام ومراوغة والتواء، لا يليق في آداب السلوك والمعامَلة، ومؤكد، لا يليق نسبته للذات الإلهية. ولا ينفع هنا شطارة الفقهاء ولعبهم بالكلام، لتجريم أتباع موسى ويسوع، مع تنزيه الأنبياء والرسل. الأمر يتعلق بالشرائع والقوانين الإلهة وليس ببشر، تابعن أو متبوعين. وهذا ما فات محمّدا، وفات كومبارس المزوّقين. سورة البقرة هي استهلال قرآن يثرب، وكشف أقنعة التقيّة والمُوارَبة. فكلّ ما جرى بناؤه وافتراؤه في مكة، جرى نسفه في أول خمسة سطور ، فور مغادرة مكة، وقبل بلوغ يثرب. ولا يغيب عن القارئ الحصيف، استخدام محمّد لوسيلة (ذلك الكتاب/ 2)، و (ما أنزل إليك/ 4)، مجرد غطاء وذريعة وستار لشخصنة الكتاب والنبوة والشريعة في شخصه وعقدته النرجسية في الزعامة والتسلط، كما سيظهر لاحقا، بوصفه أشرف المرسلين وخاتم النبيين وأشرف بني آدم وأعظمهم خلقا، إلى آخر صفات السوبرمان البدوي العالمي. هذا النص المراوغ فحوى، المضطرب اسلوبا، لا يليق نسبته لله الحقيقي بالتأكيد. لكن الموضوع الآخر، هو تعدد أيدي اللاعبين فيه، بحيث اضطربت أزمان الفعل وصيغ المتكلّم والمخاطّب بين الحاضر والغائب، والمفرد والجمع، وبين صيغ المعلوم والمبني للمجهول. وبعد هاته المقدمة الساذجة، يدخل صاحب القرآن في هجوم مباشر وسافر، على (أهل الكتاب)، وتسفيه إيمانهم، وذلك لمجرد سبب بسيط وتافه، هو جرح (نرجسيته) وعدم تهليلهم مع نساء يثرب: طلع الـبدر عليـنا مـن ثنيـات الوداع وجب الشكـر عليـنا مـا دعــــا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطـاع جئت شرفت المديـنة مرحباً يـا خير داع (4) ان نقطة الضعف في أساسات الإسلام [قرآن، سنّة، حديثة] هو الجهل بطبيعة (الله)؛ وهذا مفهوم من حالة (الجهالة) التي كان عليها أهل الجزيرة. وقد تمادى اتباع محمّد في قرن أفكارهم ورغباتهم باسم الله، ومنه قرن ذكر الرسول باسم الله بغير اعتبار لرفع الله عن البشري وقداسته وتنزهه عن صفات البشر. ولكن معضلة الفكر الإسلامي هو تجميد لحظة -الجهالة- الزمنية، وجعلها معيار المعرفة الدينية والعلمانية، متجاوزين عن رقي بلاد مصر والشام والعراق ، ويبقى المبدأ عدم الحاجة للتنابز والمباهاة والتظاهر، التي كانت شائعة بين الأعراب، ليثبت كل فرد أنه أعلم وأقوى وأكمل وأجمل من الأخر، وكلّهم نتاج بيئة سحت منغلقة، لا مكان فييه للحرف ولا المعلومة. وإذا كان محمّد أو غيره على درجة من العلم أو الخلق أو التقوى أو معرفة الله، فلماذا يتباهى بذلك على الملأ؛ ولماذا يقهر الناس على الاعتراف به وتبجيله ودفع الأموال إليه، سواء من باب الصدقة، أو النفقة، أو الزكاة أو الهدية أو الجزية، أو الاستعباد والاستخذاء. ولو كان واثقا من نفسه، لا ييعتوره نقص أو هوى أوطمع أو جرح نفسي، لماذا لجأ للسيف والإرهاب والتصفية لكل من فضله علما أو مكانة أو خلقا. ان استخدام السيف معيب ومنكر هاته الأيام. والمجتمعات الإسلامية تستنكر وتعارض استخدام الدولة للعنف الأمني والعسكري، وتزدري سلوك المغول الدموي، وسلوك الحجاج وصلاح الدين الصارم، ولكنها لا تلتفت لنفسها وفتاوي ديانتها، ولا تفتكر أو تخجل مما واجهه أسلافها على يد بلاطجة الإسلام. وفي منظور العصر، أليس من النقائض موقف المعارضة الشيعية ضدّ الدولة العراقية عامة، ونظام البعث وصدام تحديدا واتهامه بالطاغة والطاغوت والدكتاتورية والفاشية والكفر، لمجرد عجزها عن مواجهة قوته العسكرية والأمنية؛ فإذا تمكنت من السلطة وآل إلها الحكم، كان سلوكها السياسي والأمني والمليشياوي أكثر بشاعة وتطرفا وإجراما. وبدل الدولة المدنية الواضحة، حوّلوا عراقستان إلى دولة داخل دولة داخل دولة؛ وصار لكل زعيم حزب ومليشيا سلطاته وجندرمته وسجونه ومؤسسات القتل والخطف والتغييب وتجارةالسلاح والبشر والاتصالات العميلة مع الخارج. وهذا لا يختلف بحال، مع تصرفات وانفلات جماعات الإخوان المصرية وتعميمها مفردات قواميس المعارضة ضد السيسي، ومحاولة تشويه النظام والحياة المصرية، فضلا عن استعداء الأقليات الدينية والاجتماعية، ومنها اضطهاد المرأة، وهذا دأب الفكر والجماعات الإسلامية المشترك، والنابع من الإرث المحمّدي. ليس من المنطق ولا المعقول ولا اللائق، أن يجعل العبد أو الجاهل نفسه قاضيا على الناس. وقد كان في الجزيرة علماء أحناف كثر، وكان أحبار ورهبان كثر، وكان في قريش والقبائل أخيار وحكماء وفرسان كثر، لم يخطر لأحدهم أن يتعالى ويستفرد ويستبدّ، ويقول أنا (فلان)، أخيركم أو أعلمكم أو أشرفكم ، لأنه مثل هذا السلوك شائن ومخجل، ويفتقد اللياقة. ولكنه سلوك شاذ، لا يصدر عن شخص سويّ، وعلى العالم العربي والإسلامي، وضع محمّد موضعه الطبيعي الذي يناسب سيرته وبيئته، وتهذيب الأمر من تخرصاته وشذوذه وهرطقاته، وما له بالتجارة والنبوة لولا مال خديجة وفخذ خديجة. كيف انجر العالم العربي والاسلاميي وراء فرته بتزوير الكتب الدينية السابقة وتسقط أهلها، والقول بأن القرآن نسخها. هل النسخ يكون للأفضل والأسمى أم نحو الأسوأ والهمجية. وهل ثمة من يشيء للانجيل والسيد المسيح موضع التقدير والتبجيل من كلّ العالم. فكيف يجني عقل المسلم تلك الجناية، ويحرم نفسه من ثمار السلام والمحبة والسموّ، ولا يتساءل لما يبجل القرآن المسيح ومريم، فيي مكان،وفي مكان يأمر بقتلهم . ان الفرد المسلم هو نتاج الخوف وضحية الإرهاب والتعنيف الإسلامي. وكل يفعل هذا الفرد هو توريث الرهاب والعنف والحقد الداخلي للأخت والزوجة والأولاد. وكلّ منهم يقوم بتوريثه للأضعف منه. على المسلم امتلاك الشجاعة وحريية التفكر، للتخلص من عقدة الرهاب المحمّدي، والتطلع للعالم الحر والفكر الحر والاختيار الحر، بدل استمراء وراثة النجاسات. من مظاهر الجبن والخنوع المسلم، هو انتظار الخلاص والتحرر من الخارج، وكما تأكد ذلك عبر الزمن. وهذا هو السبب في عشق المسلمين وتعلقهم ببريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا؛ فهاته القوى العظمى، لها من الاقتدار ما يخرج المسلمين من سراديب الظلمات إلى أنور العالم. ولولا الاحتلالات الغربية، لكانت مجتمعات المسلمين لليوم، من سكنى الخيام ورعاة القطعان، مستوحشين ومتوحشين، متغولين شذاذ، يهولهم رؤية إنسان أو سيارة أو ثياب عصرية. سمة المسلم المشتركة هو التوتر الداخلي وكراهة المختلف وعقدة النقص التاريخية.. فهل ينتظر المسلم لحظة موته لكي يفرج عن كبوتاته وهزيمته الداخلية، على طريقة الدكتور طه حسين [1889- 1973م].. كنت أظـن أنك المــضـلُ وأنك تهـدي من تـشاء الضـار المقيت المــذلُ عن صـلف وعن كبـرياء جـبــــار البـــأس تـكنُّ للنـــاس مـكــراً ودهــاء تقـطع أيـــادي السـارقين وترجم أجساد النساء تـقيم بالســـيف عــدلاً فـعدلك في سفك الدمـاء فيا خـالق القاتـلين قـل لي أين هو اله الضعفاء لوكنت خــالـق الكل ما حــرمت بعضهم الــبقاء وما عساك من القــتل تجني غير الهدم والفناء فهل كنت أعبـد جـزاراً يسحق أكباد الأبـرياء ؟ أم كنـت أعبـد شيـطاناً أرسل إلينا بخاتم الأنبياء حسبتُ الجنه للمجاهدين سيسكن فيها الأقوياء تمـــرٌ وعـــنبٌ وتـــيـنٌ وأنهـار خمــرٍ للأتـقياء خير مـلاذ لجـائـعين عاشـوا في قـلب الصحراء وأسِرَّةٌ من ياقــوت ثمين وحور تصدح بالغنـاء نحن عاشـقات المـؤمنين جـئنا ولـبـينا النـــداء جزاكم الله بنا فأنـظروا كيف أحسن الله الجـزاء هل جنـتك كــفاحٌ وصـياحٌ وأيـلاجٌ دون إنــثناء تجدد الحـور الثيب بكراً وأنت من تقوم بالرْفاءِ هل كـنت أعــبدُ قـواداً يلهـو في عقول الأغبياء أم كنـت أعبـد شيـطاناً أرسل إلينا بخاتم الأنبياء
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [23]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [22]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [21]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [20]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [19]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [18]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [17]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [16]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [15]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [13]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [12]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [11]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [10]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [9]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [8]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [7]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [6]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [5]
-
الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [4]
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|