|
فيروس كورونا في إطار نظريات العلاقات الدولية
روژين احمد سليمان
باحثة
(Rozheen Ahmed Sulaiman)
الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 02:42
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
عند دراسة الباحثين والمختصين للمواضيع المستقبلية التي تدخل ضمن نطاق العلوم الإنسانية ولاسيما علم السياسة، والتحليل السياسي للأحداث الظواهر المرتبطة بها ارتباطا مباشرا، نراهم يستعينون بمناهج متعددة كالمنهج التاريخي والمنهج المقارن والمنهج الوصفي واحيانا منهج دراسة الحالة وكل ذلك من اجل ان يصلوا الى مقاربات لفهم الواقع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه دول العالم ومجتمعاتها. وعند تتبعنا للظواهر والأحداث السياسية التي تحدث في الشرق الاوسط ولاسيما في كل من العراق وسوريا ولبنان، سنرى بوضوح طبيعة الصراع القائم بين الوحدات الدولية والإقليمية المتنفذة حول هذه الدول، ناهيك عن الصراع المستمر للدول العظمى حول المناطق الغنية بالطاقة بشكل عام، الامر الذي يدعونا الى التفكير والسؤال حول مستقبل هذه المنطقة في ظل الصراعات الدولية؟ والى متى ستتعرض شعوب الشرق الاوسط للإذلال والمهانة والحرمان من أبسط الحقوق التي وهبها الله لهم دون منة أو منحة أو هبة من أحد؟. لقد تعددت النظريات المرتبطة بتفسير العلاقات الدولية، وعلى الرغم من ان نظريتان أساسيتان كانتا من أكثر النظريات تداولا في العالم والمتمثلتان بالنظرية الواقعية والنظرية المثالية، إلا ان هناك عدة نظريات اخرى تحاول ان تفسر الظواهر السياسية، ومن خلال دراسة العقل الجمعي الذي يسيطر على تفكير الكثير من الأفراد داخل المجتمعات الشرق الاوسطية سنرى بوضوح ان نظرية المؤامرة تطغى على أفكار الاغلبية منهم، وهذا بالتأكيد امر يروق للفئة الحاكمة التي تسيطر على مقاليد السلطة في دول المنطقة من اجل ترسيخ فكرة المؤامرة في عقول الأفراد كي يبعدوا عن انفسهم شبح الثورة المضادة لهم والمعارضة المكثفة التي قد تستولي على السلطة. لقد كثر الحديث حول مؤامرات تحاك ضد دول دول الشرق الاوسط، كالقول بان الولايات المتحدة الأمريكية هدفها الاول والاساس هو السيطرة على مواقع الطاقة العالمية لتبقى مهيمنة على النظام الدولي وتديره حسب مصالحها العليا، والاتجاه ذاته يتهم روسيا البوتينية بذات الطبيعة الانانية التي يصفون بها امريكا، ورغم ان هاتين الدولتين اللتين تتمتعان بحق(الفيتو) في مجلس الأمن الدولي هما الأكثر حظاً في الاتهام من جانب شعوب المنطقة، إلا أن روسيا تبقى أقل استهدافاً واتهاماً من أمريكا، وقد ذكر المفكر الأمريكي (نعوم تشومسكي) ذلك الامر بكل وضوح في أكثر من موقع ومؤلف من مؤلفاته من بينها (من يملك العالم) حيث يقول " أن شعوب الشرق الأوسط لا تكره الشعب الأمريكي ولا الولايات المتحدة الأمريكية، بل تكره سياستها الخارجية تجاه شعوب الشرق الاوسط، وانانيتها المفرطة لتحقيق مصالحها على حساب حريتهم"، احيانا تقوم الإدارة الأمريكية بتصرفات تبرهن على ان نظرية المؤامرة واقع حال لا يمكن التهرب منه، ففي اول زيارة للرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) بعد تسلمه اداره البيت الابيض، توجه الى المملكة العربية السعودية واكد هناك بشكل فاضح على ان الولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن ان تحمي دول الخليج دون مقابل، جاء ذلك في الوقت الذي كان الكثيرون يقولون بان مجيء ترامب الى الحكم كان اصلاً امراً مخططاً له قبل عقدين من الزمن وانها مؤامرة ضد المنطقة لصالح إسرائيل. هنا لابد لنا ان نشير الى مرتكزين اساسيين تقوم عليها نظرية المؤامرة، الأولى مفادها ان كل شيء له علاقة بالنظام العالمي تم تخطيطه من قبل قوى عظمى تقف ورائها، والثاني هو ان كل الاحداث التي تجري في العالم انما هي عبارة عن سلسلة متصلة ببعضها البعض ولا يمكن فصلها عن بعضها، وعليه فان الاحداث الاقتصادية والأزمات المالية العالمية المتعلقة بها ما هي إلا نتيجة مؤامرة تستهدف قوى ودول وأقاليم محددة، وأن أحداث 11 سبتمبر 2001 هي صنيعة أمريكا نفسها لتبقى مهيمنة على العالم من خلال فتح المجال أمام التدخل التدخل الدولي بحجة الحرب على الارهاب، كما ان الانقلاب الأخير في تركيا ضد حزب العدالة والتنمية لم يكن إلا نتيجة مؤامرة، وأن ثورات الربيع العربي ماهو الا امر مخطط له سلفا وهي مرحلة معينة من مؤامرة كبيرة ضد الشعوب في الشرق الاوسط . لقد كثر الحديث في الأشهر الماضية حول فيروس العصر(كورونا) الذي ارعب المجتمع الدولي برمته بحكوماتها وافرادها، ودب النشاط في الجماعات التي تؤيد نظرية المؤامرة ليقولوا بأن الفيروس صناعة امريكية تستهدف الحد من تنامي القوة الاقتصادية الصينية في العالم والتي باتت قاب قوسين أو ادنى من تخطي الاقتصاد الامريكي ، ولم يقتصر الامر على الاقتصاد فقط بل تعدى ذلك الى المجال السياسي ايضا ، حيث دأبت الصين في مشروع الحزام التجاري الآسيوي والشرق الأوسطي، واضحت تعمل في الملعب الامريكي وهذا ما لن تقبله واشنطن، فكان كورونا هو الضربة التي وجهتها للصين ومن بعدها الى إيران اشرس أعدائها في المنطقة ، ليليها إيطاليا في أوروبا كإحدى أهم الدول الصناعية السبعة وأحد أعضاء مجموعة العشرين الاقتصادية ، الامر الذي دعا الى أن يقرر رئيس الوزراء الايطالي في 7/آذار اعلان الحجر الصحي في شمال إيطاليا ليشل حركة 16 مليون مواطن إيطالي. والسؤال الذي يجب أن نطرحه هو هل حقاً يعتقد أصحاب هذه النظرية بصحة ما يقولون؟ اليس هذا امر مخالف للمنطق البشري قبل كل شيء؟ كيف تصنع أمريكا فايروساً يؤكد جميع العلماء في منظمة الصحة العالمية على أنه لم يكن مصنوعاً من قبل الإنسان ؟ كيف ستضرب أمريكا مصالحها المتواجدة في أغلب بقاع العالم؟ هذا ناهيك عن الفيروس الذي طال المواطنين الامريكيين انفسهم حتى أصاب سيناتوراً في مجلس الشيوخ؟ كل هذه اسئلة لا بد من الاجابة عليها ، لكن سنترك الجواب للقارئ كي يفكر في الامر لعله يخرج باجابة افضل، لان العقل البشري لا يمكن أن يتوحد على رأي موحد ، وبالذات في مجتمعات الشرق الأوسط التي تسأل عن سبب عدم وجود اصابة في دولة إسرائيل وتركيا لحد الان !!!!
#روژين_احمد_سليمان (هاشتاغ)
Rozheen_Ahmed_Sulaiman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الامم المتحدة مبادئ رائعة وتطبيقات مرة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|