http://home.chello.no/~hnidalm
مبروك لكم سقوط ديكتاتورية صدام حسين ونظامه لكني بنفس الوقت أعزيكم برحيل العراق..
من تحت الدلفة لتحت المزراب، هكذا انتم أيها الذين تقتلون حبكم للحرية من خلال تعلقكم بالصورة الأمريكية البريطانية ومن خلال تسلحكم بالأحذية في محاربة صور الرئيس المهزوم بعدما ترك العراق وحده في مواجهة الخداع والنفاق وفضائيات ذوي القربى، هذا الخداع وذاك النفاق اللذان قادا الاستعلاء الغربي الاستعماري للسيطرة بمساعدة غوغاء المعارضة وغيرها من القوى الحاقدة على عروبة بلد الرشيد بغداد عاصمة المنصور.
نورد لكم هذا المثال أعلاه لأنه لا فرق بين الذي قَبَلَ بالأمس يد صدام حسين والذي يستعد اليوم لتقبيل مقدمة بوش أبن بوش وواجهة بلير حفيد بلفور وكل أوباش الغزو في هذا الزمان من شارون الأكثر سعادة بتمزيق سيادة العراق إلى كل من أسعدته سيطرة العدوان والغزو على معظم التراب الوطني العراقي وحتى الأكثر فرحا بغرق الحرية في وحل الاستعمار و الأحتلالات والأنحلالات والأستباحات التي تعيد للأذهان قمع النظام العراقي لمعارضيه.
نعم يا أهل الرافدين!
لا فرق بين الذي دمر العراق خلال القصف الهمجي والمعارك القريبة و الحصار الطويل المدى والبعيد الأهداف وبين الذي ينهب مؤسساتها ويحطم عمرانها ويلغي تاريخها العربي العريق، لا يوجد بين هؤلاء من هو أفضل من مخابرات النظام العراقي التي كانت تحكم بالحديد والنار، لأن هؤلاء هم التكملة الطبيعية والحقيقية لأولئك وكلاهما عدو للعراق وكلاهما لا يهمه مستقبل البلاد وراحة العباد وكلاهما خارج عن قيم وأخلاق العراقيين ..
عراق الأمس لم يعد قائما لكن عراق الغد سوف ينتهي أيضا مع تعيين جنرال أمريكي لعين على المحمية الجديدة في بلادٍ كان اسمها العراق وسوف يصبح اسمها الولاية العراقية الأمريكية حيث لا قبول بالحوزة العلمية ولا بالحركات الشيوعية أو الإسلامية وحتى العلمانية القومية، لأن البلد ستكون لأذناب الغزو والاحتلال، هذا وقد أعدت لكم أمريكا وبرعاية صهيونية وبموافقة من اللوبي اليهودي وبمباركة شارونية شخصية قائمة بالذين يجب اعتقالهم ومحاكمتهم ومطاردتهم وجلبهم لمحكمة مجرمي الحرب أحياء أو موتى.
العراق عزة العرب في الوحدة والتآخي والعمل القومي يترك وحيدا في معركة ليست معركته وحده وفي حرب فرضت عليه من أكبر قوى الشر والعدوان في عالم الذل والهوان، والعراق لن يكون ممرا ولا معبرا ولا مستقرا ولا مقرا للغزاة والأوباش من كل الجهات والجنسيات، على الرغم من أن خطة الاحتلال هي تأليف حكومة عراقية تابعة تتألف من توابع أمريكا وبريطانيا في المعارضة العراقية وقد يكون قائدها أو رئيسها شخص على شاكلة أحمد الجلبي العديم القيم والقليل الشعبية والعميل عن سابق إصرار،هذا الذي أراد أن يظهر في العراق بمظهر رامبو الأمريكي العائد على متن أباتشي أو كوبرا أمريكية وبرفقة بعض النسوة اللابسات الملابس الأمريكية الحربية، زميل الشواذ من الذين يشتهون كما تشتهي النساء، هذا القليل الوفاء في زمن لا مكان فيه لخولة والخنساء..
إن الحكومة العميلة هي التي ستشرع الاحتلال الأمريكي للعراق من خلال وجودها المبرمج أمريكياً،فشرعية تلك الحكومة ستكون من خلال القيادة العسكرية الأمريكية، وهذه بدورها ستؤسس تلك الحكومة من أجل أن تقوم حكومة العراق المتأمركة بتشريع وجود الاحتلال وبتشريع نهب وسلب ثروات العراق تحت حجج كثيرة مثل تكلفة الحرب والتعويضات وإعادة الأعمار والبناء وحفظ الأمن والنظام وحماية حكومة فيشي العراقية.هذا هو مبدئياً شكل المخطط الأمريكي المعد لمستقبل بلاد الرافدين، ما عدا ذلك كذب ونفاق وخداع تمارسه أمريكا ويمارسه أتباعها في المعارضة العراقية المتأمركة التي أسعدتها أحذية بعض أبناء العراق وهم يضربون بها صورة الرجل الذي كان بعضهم حتى قبل أسبوع واحد فقط يقبلها وكأنها يد الله على الأرض العراقية..
لا بد للعراق أن يعيد حساباته ويعيد الغزاة موتى أو أحياء من حيث أتوا و لحيث سيدفنون بعيدا عن مقابرهم القديمة في البصرة وقريبا من مقابرهم في الصحراء العربية المستباحة والمحتلة، حيث الخليج العربي المحتل بدوره منذ أن اجتاح العراق دولة الكويت التي فقدت بدورها عذريتها فتزوجت الاحتلال الأمريكي بعدما طلقت الاحتلال العراقي..
هل هذه هي أحلامكم الكبيرة ؟
هل كنتم تنتظرون قدوم المغول الأمريكان حتى تقوموا بالسطو على حاضر وتاريخ ذاك المكان؟ وهل سلب ونهب الأموال والمؤسسات والوزارات والمباني والمدارس والفنادق والمحلات والجامعات والمخازن والمتاجر من شيم وعادات أهل العراق العريق؟
هؤلاء الذين نهبوا بلد الرشيد هم أوغاد وأوباش وغوغاء وعبيد للغزاة ولأتباعهم الذين نالوا ما يستحقونه على قلة فهمهم وعدمية تقييمهم وتحليلهم للأمور، فسلب ونهب البلاد لا يعطي الحرية ولا يعيد كرامة استباحها نظام ظالم أو حاكم غير عادل وهذه الطريقة في الانتقام من الماضي لن تبني مستقبلا أفضل للعراق والعراقيين، بل سوف تزيد القضايا العراقية تعقيدا وسوف تزيد من هيمنة الوحوش الأمريكية التي تستعد شركاتها الاستعلائية لاحتلال العراق من أصغر سوق حتى أكبر مشروع تجاري ومعماري وبترولي وغير ذلك.
حتى بولندا التي كانت تعيش حتى وقت قريب على المشاريع الاستثمارية و التجارية مع العراق والتي تعتبر نفسها قد وقفت مع المعسكر الصحيح وفي الموقع المطلوب بدأت تتحدث عن المشاريع التي سيتم تسليمها للشركات البولندية، و سوف تقوم بولندا ببناء الشوارع والجسور، تماما كما كان دورها في عملية إعادة بناء الطرقات والجسور والشوارع في عراق ما بعد تحرير الكويت. هذا زمان السماسرة من العراقيين والعرب أولا ومن الآخرين ثانيا وثالثا..
لا بد من القول أن سقوط النظام العراقي لا يعني سقوط شخص صدام حسين فقط، بل هو سقوط للصورة العراقية التي كنا نتصورها منذ حمورابي وحتى بداية التاريخ العربي الجديد منتصف الشهر الماضي. مبروك عليكم أيها السعداء بالاحتلال رحيل صدام وقدوم هولاكو الجديد،الحاكم الذي سيربي أجيال جديدة من عبيد أمريكا في بلاد العرب السعيدة. مبروك عليكم حاكمكم الجديد وما سيجلبه لكم من كوارث وتبعية وسلام مع إسرائيل ومع الأمريكان خلف المحيطات ووراء البحار البعيدة، ومبروك على الأمة العربية النائمة ما حل بالعراق وما يحل بفلسطين وما سيحل بالأمة العربية، أما الذي لازال مندهشا مما يحدث فنحيله للطبيب النفساني الأمريكي حيث سيتم علاج العراقيين والعرب من مخلفات الأمراض الوحدوية والقومية والشرقية، هذا بعد أن سيطر الاحتلال وهيمن على العراق بكنائسه ومساجده وقبور الأئمة والأولياء.
الاحتلال واحد أينما كان ولا فرق بين الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي فكلاهما ومن معهما من العبيد والأوباش في النار، نار الشعوب العربية التي لا ترضى بالهوان ولا تقبل بالظلام والظلم والاستعمار وإن غدنا العربي المشرق قادم وسيكون للعراق فيه دوره الرائد والطليعي الذي اعتدناه وسوف يمسح شعب العراق هذه الغيمة المتسخة من الحاضر العراقي الشهيد.