أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي شندي - صمت التواطؤ














المزيد.....

صمت التواطؤ


مجدي شندي

الحوار المتمدن-العدد: 1574 - 2006 / 6 / 7 - 10:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للصمت أنواع.. منها ما هو نبيل وبليغ، ومنها ما هو خسيس ومتواطئ، وحينما درس علماء الأنثربولوجيا الصمت في المجتمعات البشرية فرقوا بين صمت مرتبط بالترقب كصمت الصياد في الغابة، وآخر مرتبط بالقهر وفرض الخرس على الألسنة وثالث مرتبط بطقس الموت.


ويحار المرء في تصنيف الصمت الرسمي العربي حيال ما يجري من أحداث متسارعة في المنطقة، لكن القارئ أكثر ذكاء ويمكنه ببساطة وصم صمت الحكومات بما يستحق من نعوت.


في الأزمات التي تعصف بالعالم العربي من العراق إلى الصومال مرورا بالساحة الفلسطينية المزمنة أدمن اللاعبون العرب البقاء في مقاعد المتفرجين أو على دكة الاحتياط حتى يتم استدعاؤهم على عجل للعب دور ما.


لكن الجماهير في عالم كرة القدم لها تأثير فعلي على ما يجري في الملعب فهم يهتفون مشجعين فريقا أو لاعبا ما، أو يطلقون الصفير استهجانا لعمل غير رياضي يبديه أحد اللاعبين.


وحتى الجماهير في المسرح لم يعد دورها المشاهدة والتأثر بل سادت نظريات إسقاط الحائط الرابع (على نحو ما فعل بريخت وبعدها أصبح هذا الأسلوب المسرحي مدرسة واسعة الانتشار في العالم كله) وتحول الجمهور إلى صاحب الفعل في المسرح.


لكن اللاعبين على المسرح السياسي العربي يخشون مغادرة الأنماط التي عفا عليها الزمن، كما يتصورون الحداثة فكرة تتأبط شرا، ولذلك نراهم حريصين على التزام دور المتفرج الصامت الذي يتساوى وجوده وعدمه.


إذا أخذنا ما يجري في العراق كنموذج نجدهم ظلوا صامتين لشهور طويلة، ولما أحس الطرف الأميركي المحتل أن مسرحية الديمقراطية في العراق لن تبدو مكتملة تم استدعاء الجامعة العربية على عجل لتبحث عن شكل ملائم يتم من خلاله إقناع العرب السنة بالمشاركة السياسية، وحين تحقق المراد لم يشغل طرف عربي نفسه بوقف طواحين الدم و.


لا المفارم البشرية التي لا تشبع إلا إذا طحنت يوميا عشرات العراقيين غير مفرقة بين وليد لم يذق طعم الدنيا إلا ساعة من نهار أو شيخ بلغ من العمر أرذله ونصت كل شرائع الدنيا وكل أخلاقيات الحرب على عدم المس به وبين مقاتل يشهر السلاح في وجه المحتل.


في فلسطين أيضا شهدت فترات الانتفاضة عقد قمم ثنائية وثلاثية، وقمم مفتوحة شارك فيها قادة إسرائيليون وزعماء عالميون (أحيانا) لمجرد إدانة عملية انتحارية نفذها فلسطيني يائس وذلك بناء على استدعاء عاجل من قوى تسيطر على المقاليد في المنطقة، أما حين يتعلق الأمر ببناء جدار يلتف كالأفعى على أراضي الفلسطينيين وممتلكاتهم ومستقبلهم.


أو بتجويع شعب بأكمله أو باقتحام سجن فلسطيني واقتياد من فيه إلى السجون الإسرائيلية، فإن معظم قصور الحكم العربية تصاب بالصمم (فلا تسمع) وبالخرس (فلا تنطق) وإن تحركت فبيان معلب بارد يراعي مشاعر المعتدي، ويعيد المعتدى عليه بخفي حنين.


ولأن الصمت إدمان يحتاج علاجه إلى مستشفى نفسي، فإن ايهود أولمرت يتحرك بهمة ونشاط لتسويق خطة تقود إلى رسم حدود نهائية لإسرائيل، في هذا الإطار زار واشنطن وحصل على ما يشبه مباركة أميركية ويرسل مبعوثين إلى عواصم العالم يشرحون مزايا الخطة وكيف أن تل أبيب ستتخذ قرارات صعبة وتتنازل عن أحلام قومية في سبيل السلام.


وبالأمس اجتمع مع الرئيس المصري لهذا الغرض، بينما الطرف العربي مغيب تماما عما يجري، فلا قمة عربية انعقدت لمواجهة الخطر الكامن في خطة أولمرت ولا مبعوثين عربا توجهوا إلى العواصم العالمية لطرح وجهة نظر واحدة إزاءها.


بل يشغل الجميع نفسه بكيفية إقناع أولمرت بأن يتنازل ويلتقي ولو لدقائق مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن. ورغم أن العرب أغنياء وأصحاب حق إلا أنهم في السياسة يفضلون التسول، ومحاولة عرض عاهاتهم لإثارة الشفقة.


للعالم كل الحق في أن يتصور المنطقة خالية إلا من إسرائيل فبضاعتها هي الوحيدة الحاضرة في السوق، وقادتها يفرضون أولا الواقع الذي يريدونه على الأرض ثم يتفاوضون حول طريقة إضفاء الشرعية عليه.


علماء الأنثروبولوجيا لاحظوا أن الشعوب البدائية تخفض من أصواتها وتخفف من وقع خطواتها عند هبوط الليل، المشكلة لا تكمن في ذلك بل تكمن في كون الليل العربي طويل حتى يخيل للرائي أنه بلا آخر.



#مجدي_شندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بذاءة الدولة
- تباريح التغيير


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي شندي - صمت التواطؤ