|
الله يملك ولا يحكم … !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 6 - 22:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بدايةً … الله نفسه اشكالية معقدة يصعب حلها ، فالمسيحيون واليهود وبقية الديانات الأخرى المنتشرة على الأرض يرفضون ان يكون الله هو الاههم وخالقهم وخالقاً للكون ، ويخصونه بكونه الاه الاسلام والمسلمين ، ويضيِّقون الدائرة بانه الاه العرب ، أو يضيقها البعض اكثر بانه الاه محمد … وهكذا . يقول المسلمون : نص ( "أن الله تعالى هو خالق هذا الكون كله وخالق الإنسان نفسه، وخالق سائر الأشياء التي يستفيد منها الإنسان في هذا العالم"، "أن الله هو مالك هذا الخلق وحاكمه ومدبّر أمره" ) انتهى نظرية الحاكمية لله وحده التي يرفضها اغلب المسلمون ويعتبرونها حجة يلجأ اليها الارهابيين في السيطرة على الحكم ، اول من أوجدها وسوق لها الخوارج ، ومن بعدهم أبو الاعلى المودودي : نص ( أوّل من رفع شعار الحاكمية -بالمعنى الذي يجعلها نقيضًا لاي حكمٍ بشري- هم الخوارج القدماء إذ قالوا: "لا حكم إلّا لله" ثمّ طوي هذا الشعار عن الفكر الإسلامي قرونًا طويلة، إلى إنّ بُعث من جديد على يد أبو الأعلى المودودي ، ثمّ نقلها عنه وتأثر بها سيّد قطب ) انتهى نص ( أما أبو الحسن الندوي، الذي كتب يقول: "ما تدلّ عليه دراسة كتاب أبو الأعلى المودودي "المصطلحات الأربعة في القرآن"، من أنّ الصلة بين الله والإنسان، والعبد والرب، هي في الواقع صلة بين الحاكم والمحكوم، وصلة الرعيّة والمَلِك، وأنّ صفة "السّلطة العليا" و"الحاكمية المطلقة" هي الأصل من بين أسماء الله الحسنى وصفاته السامية الكثيرة" ) انتهى تعليق : حتى اصحاب نظرية الحاكمية لم يتفقوا فيما بينهم عليها ، وهذا هو حال المسلمين في كل امورهم الجدلية ، ومن خلال ما يثيرونه من نقاش وما يقدمونه من حجج ، وحجج مضادة لن تصل معهم إلى نتيجة ! وتبقى كل الأمور معلقة فتؤدي حتمًا إلى تقسيم المقسم ، وتزداد الأمور تعقيدا اكثر مما هي معقدة ، أما المسلم فيجد نفسه متعثراً بقناعات شتى قد تدفعه احيانا إلى ان يخرج من هذه الدائرة التي لا يعرف من أين بدأت واين انتهت ! لم يتفق البشر على هذا الكوكب على خالق و ( ملك ) ومالك واحد للكون ، فلكل دين الاهه الخاص ، وهو في نظرهم خالق وملك هذا الكون ومن عليه من البشر والحجر … فكيف السبيل إلى فك هذا الإشكال ؟! لا يمكن ! لو سلمنا جدلاً بان الله هو خالق للكون ومن عليه ، وهو مالك لكل شئ فكيف لنا ان نفهم بالعقل وليس بالغيبيات ، ونقتنع ان الله هو الحاكم الفعلي للبشر ويدير امورهم الحياتية العادية ؟ ان ماساة المسلمين انهم يخلطون دائما بين الدين والدنيا … الدين شئ والدنيا شئ آخر ، ولكل واحد منهم قوانينه … فللدين مثالياته الحدية والتي لا تقبل القسمة على اثنين ، وللدنيا فسادها وكذبها وغشها وخداعها … الخ فكيف الخلط بين الاثنين ، وإنزال الله من عرشه ليحكم بشر نصفهم او اكثر من الاشرار ! انها مقاربة غريبة لا يمكن لاي عاقل ان يعقلها !! ان الله فكرة مجردة لا مادية هذا هو المفهوم عند الكثيرين ؟! وحسب المفهوم الإسلامي يملك الله هذا الكون ، وله سيطرة مطلقة على حركته ، ويخص البشر بالعبادة والطاعة ، اي العلاقة بينه وبين ( مخلوقاته ) علاقة روحية غيبية … خالق ومخلوق ، عبد ومعبود … أما الحكم فمتروك للبشر المستخلفين على هذه الأرض يحكمونها بما يرضي الله ، وحسب توصياته وتشريعاته ، ولكننا لو نظرنا اليه عن قرب يبدو في اغلبه حكماً استبداديا فرديا مزاجيا … يحيِّ فيه الحاكم ويُميت يُغني ويُفقر على مزاجه وهواه دون رادع من الاه أو قرآن ! أما القول بان الله يحكم من خلال القرآن ، وهو الدستور أو التشريعات التي يجب على الحاكم من البشر السير على هديها ، والالتزام بنصوصها … فيمكن ان نقول ان القرآن قد ذكر العموميات ، ولم يتطرق إلى التفاصيل المملة التي قد يتعرض لها الحاكم في أمور الدنيا ، أضف الى ذلك ان النصوص في القرآن نفسها حمّالة أوجه كما قال علي بن ابي طالب ، وهنا منطقيًا يجب ان يتصرف الحاكم بما يمليه عليه فهمه للنص ولأمور الدنيا ، ولا علاقة لله في الأحكام التي سيطلقها ! اتفقنا في مقالات سابقة بان الحكم يجب ان يكون حكرًا بيد قبيلة قريش واهلها ونسلهم من بعدهم بأحاديث ملزمة شرط الشورى والاجماع ، وسار على هذ الامر الخلفاء الراشدون فقط ، وخرقه معاوية بعد ذلك بان جعل الحكم ملك عضود ، واستمر الحال هكذا حتى سقوط الخلافة العثمانية 1924 . يقول البعض ان الأمة الإسلامية قد حكمها قادة وحكام كثيرون من خارج الانتماء إلى قريش ، وهذا دليل على ان الحكم ليس بالضرورة من هذا النسل كالمماليك مثلا من الترك والمغول والشركس … إلخ ، ومن الفرس وغيرهم ، والحقيقة التاريخية تقول ان الحكم في الدولة الإسلامية على مر التاريخ لم يكن في اغلبه خاضع لمبدء الشورى والإجماع ، وإنما قد اغتصبه بالقوة الكثير أو اغلب هؤلاء القادة والحكام ، وكان مبدء القوي يأخذ الضعيف هو السائد أضف له الدسائس والمؤامرات التي كانت بمثابة الملح الذي اكمل الطبخة ! فكان الحكم ينتقل من خليفة لآخر عن طريق القتل أو السم ، ولم ينجو من هذا المصير احد ! أخيراً : اليوم وبعد نهاية مفهوم الأمة ، وإحلال الدولة الحديثة مكانه ، اصبح كل ما مضى مجرد تاريخ ، ولا مجال لهكذا طروحات تتركنا ضائعين بين معميات ، ومتاهات لا طائل منها … وعلينا ان نجاري العالم ، ولا نخرج على مألوف ما اجمعت عليه البشرية ، ونمضي معها حيث تمضي الدنيا ، ونستقبل الحياة بعقول منفتحة ، وقلوب عامرة بالحب والخير ، ونمسح عنا سخام الماضي وكآبته ، ونؤسس لدول ذات طابع مدني تجيز لنا الاندماج بالمجتمع الدولي دون حساسيات وعقد تاريخية حان الوقت لنضعها فوق الرفوف لتكون مجرد تراث لاغير ، ونشخص بأبصارنا إلى الأمام … إلى المستقبل لعلنا نستطيع الوصول إلى اعتاب ما وصلت اليه الحضارة الإنسانية ، وإلا فان الأبواب مشرعة لتقذف بنا خارج التاريخ والى الأبد !
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا اكتب اذن أنا موجود … ؟ ( مجرد خاطرة )
-
من يفهم الوضع في العراق يفهم كل شئ … !
-
اين العرب من كورونا … ؟!
-
حديث وتعليق … !
-
التهويل .vs التهوين … !
-
كورونا يغني والعالم يحترق … !
-
المصائب لا تأتي فُرادا … !
-
وكأنك يا بو زيد ما غزيت !
-
أيها الاصوليون : الاغتيال كان يستحقه جمال وليس السادات !
-
الاسلام والديمقراطية … !
-
لماذا كل الانبياء من الذكور … ؟!
-
الفلسطينيون … وهاجس التطبيع !
-
الحبل السري للارهاب الاسلامي … !
-
الارهابيون ذراع الله على الارض … !
-
اللعب عند حافة الهاوية … !!
-
لسنا ضد الدين وانما الدين ضدنا … !!
-
الاخوان … والتمسك بأهداب أمل لن يأتي !
-
الشيوخ … وحتمية زوال اسرائيل !
-
القيادة الفلسطينية … وقلة الحيلة !
-
الاديان … نتاج العقل البشري !!
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|