|
ليبرالية في عالم الاستبداد! ...ردا على المحور الثالث
فلورنس غزلان
الحوار المتمدن-العدد: 1573 - 2006 / 6 / 6 - 10:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تعلمين يا صديقتي مرح ، أن الحرية هي اكسير الحياة وصنوالخبز والماء ..هي الروح للجسد فردياً ومجتمعياً، وبدونها يصبح الإنسان مجرد تابع وآلة يستخدمها الغير لتأمين احتياجاتهم منه..وعندما تتلف إمكانياته وتصاب بالعطب...أو يرفض الانصياع ويتمرد ...يُنَسق ويصبح( سكراب )...في مجتمعاتنا العربية ...لم تكن الليبرالية يوما...جديدة وحديثة على فكر المتنورين من زعماء نهضتنا، وقد نهلوا منها وحاولوا أن ينقلوا وهجها وروحها لتلقيح مجتمعاتنا ، واتخذوا من هديها منبرا لأفكارهم وطريقا لصعود تحررهم من ربق الاستعمار أولا، ثم للانطلاق ببلدانهم نحو الانعتاق من أسر ظلم الاستعمار آنذاك...لكن هذه الخطوات وُئدت مع الأسف باسم الوحدة العربية والقومية العربية والاشتراكية، ونكل بنا وبشعوبنا وانقرضت حرياتنا ليحل الاستبداد ويستشري، ولتصبح عصا الحزب الواحد والسيد الأوحد هي الملهم والقائد للدولة والمجتمع، في هذا الإطار وبعد أن كرس الاستبداد دولته بل دوله ، وسيطر وأمسك بكل خيوط المجتمع القوية، ورسم سياسة العصا الأمنية،وغسل أدمغة الشباب وعمل على تدمير الوعي، وتدمير البنية الاقتصادية، وانهيار الثقافة وإقصاء الفرد "المواطن" عن دوره الفعلي في الحياة العامة وتقرير مستقبل الوطن . تعلمون يا أصدقائي ، أهمية الحرية و تحرير العقل من الاستبداد مهمة ليست بسهولة الخطاب التحرري نفسه، وأن الليبرالية كفكر تحرري لا يختلف حولها اثنان، على أن تنظمها قوانين وتحكمها نظم وتقيد شططها دساتير ( خاصة في مجال تَغَوُل الاقتصاد الحر، وتركه دون قنونة كي لا تبتلع فيها أسماك القرش الكبيرة في عالم رأس المال المتضخم، ـــ الذي يخلو من القيم الإنسانية غالباً، وهمه الربح بأي ثمن ـــ الأسماك الصغيرة التي تحاول أن تنهض باقتصادها الرخو والهش. أن تطرحوا تحرير العقل ...هذا عظيم ...لكن السؤال ...كيف؟؟؟؟ بعد أربعة عقود ونيف على نظام شمولي استبدادي وفاشل وفاسد، بكل العرف والمقاييس، بعد عقود من تشويه القيم للإنسان السوري خاصة، عقود من عبادة الفرد، وجعل الوطن بؤرة لاستبداد النظام من جهة، وتربة صالحة لاستبداد الفكر السلفي من جهة أخرى، إذن حربكم ستتوجه لصعيدين:ـــــ الاستبداد السياسي بمحمولاته الفكرية الخاطئة والتشويهية ، البعث وتربيته الأحادية الجانب ، الشوفينية الرؤيا، " الطلائع والشبيبة والمظليين ومعسكرات التأهيل والتدريب والتخريب!!"، ثم الاستبداد الذي بناه وشكله كرد فعل على تحول العالم ضده وضد ممارساته ، أو جاء كرد فعل عليه وخارج نطاق قوته لكنه استطاع تسخيره بعد حرب العراق خاصة وبعد حربه مع الإخوان المسلمين إبان الثمانينات، فجاء الفكر السلفي اللاعقلاني كبديل للفكر الإسلامي التنويري، الفكر الذي يرسل بالجهاديين لقتل الأبرياء من أبناء العراق، أو الذي يعمم لغة إقصاء المرأة عن صنع القرار، ولغة استعبادها ودونيتها، ومقاومة كل ما يمكنه أن يحررها من قانون الأحوال الشخصية، وقوانين جرائم الشرف!! متمثلاً بالحركات المنتشرة كالفطر، ( القبيسيات، السيد البوطي، الشيخ الخطيب ) هذه الجبهات، ما هو برنامجكم لمواجهتها؟ ، أمامكم مسؤولية كبرى يا صديقتي، وتتطلب منكم شفافية في الطرح ، لأن الليبرالية أيضا تعني الوضوح، وأعتقد أنكم لو ساهمتم بنشر الفكر الليبرالي البعيد عن عولمة الاقتصاد الليبرالي الغربي، فبلادنا لا تملك المقدرات التي يمكنها مواجهة منطق السوق العالمية، لأن هذا يعني: أن نكون سوقا لإنتاجهم، وسوقا للأيدي العاملة الرخيصة، وسوقا لاستخراج واستقطاب طاقاتنا لصالح مصانعهم ذات الرأسمال الكبير ، والذي لا تستطيع حيالها وحيال ما تملكه من تكنولوجيا عصرية ومتطوره، أن تقف امكانياتنا بوجه امتدادها وابتلاعنا، لهذا يجب أن نحمي اقتصادنا النامي، من خلال قوانين تحدد تغول الشركات الكبرى ومنافستها لطاقتنا واقتصادنا المحلي، لست أخصائية بالاقتصاد، وهذا يتطلب أكادميين بهذا العلم، يطرحون تصوراتهم ومخططاتهم ، ويضعون دراساتهم بهذا المجال، وبلداننا لا تعدم الرؤوس المفكرة بهذا المجال...ناهيك عن مجتمعاتنا ذات الطابع الفلاحي الزراعي والتي لا يمكننا اعتبارها من الدول الصناعية إطلاقا، وصناعاتها مجرد ( تمشاية حال). أن تحمل الليبرالية حرية للفرد والمجتمع وأن يملك قراره السياسي، هذا لا خلاف حوله، لكن ما أرجوه، هو مساهمتكم وإغناءكم فكر الإنسان العربي من خلال الدخول لوعيه وإقناعه، ومحاولة تنويره بطرق تخلو من الصدام والتصادم، بل تعتمد الحجة والمنطق، والدراسة العلمية الناضجة، وذلك بطرح برنامج عمل فكري، والبحث عن الطرائق التي يمكنكم من خلالها مقارعة الاستبداد، وهو المالك لرقاب العباد ولسلطة الأمر والنهي والإقصاء والتهميش...أمامكم الطريق شائك وطويل، لكن عليكم أن تبحثوا عن النوافذ للعبور، عن وسائل الحوار والإعلام، وهذا أيضا يتطلب قدرة مادية ورصدا لطاقات بشرية وفكرية، مهمتكم ليست حزبية وتحازبية، وإنما نشر فكر تنويري، وهذا أكثر صعوبة ومخاطره في حقول تعج بالألغام، وتحفل بالأسلاك الشائكة والأوهام المسيطرة على العقول، وعمرها عقود وأزمان، المطبات عديدة، والمخلفات الظلامية لا تحصى، وعبدة قوانين حكم الآلهة على الأرض كثر ولله الحمد، فما هو سبيلكم، أيكفي الحلم والإرادة؟ ، كما عليكم استخدام نماذج من الفكر العالمي وترجمة تجارب العالم المتحضر لدول تتشابه في تكوينها مع بلداننا، بقدر ما يعجبني طموحكم، بقدر ما أخشى عليكم ضخامة الحلم ومرارة الواقع، انظروا ما جرى لمثقفينا ومتنورينا في سورية!!!، وهم المتواجدين على الأرض وعلى احتكاك مباشر مع المواطن السوري والأكثر دراية بواقعه والتعايش معه ومع همومه منكم في بلاد الغربة، ومع هذا ينالهم الجور وتطالهم يد العسف والإجرام وتغتال كلمتهم سياط الإخراس والإرهاب. كيف السبيل للوصول لعقل مواطننا ، وأنتم لا تملكون العمق فوق أرضكم؟، أفهم أن انتشار الفكر يمكن ايصاله بطرق شتى، وهناك من سيؤمن به ويعمل على نشره وتطويره، لكن الشلل في مجتمعنا عمره عقود طويلة ومقارعة الاستبداد للخلاص منه ــ باعتقادي ــ تأتي قبلاَ، حين نصل إلى القليل فقط من حلمنا بحرية....نعم قليلا منها….يمكن للفكر الليبرالي أن يعيش كأي فكر آخر يتنافس معه، ويستقطب منتمين ومدافعين عنه… أرجو لكم التوفيق …وأن تكونوا محاربين أشداء، يحملون مسؤولية المهمة ويمتلكون صبر أيوب. فلورنس غزلان ــ باريس
#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن والآخر!
-
أنراهن على الطاغوت، أم على المحاربين الأشداء؟
-
المسموح به في سورية، هو الالتزام بالممنوع
-
أحبك ولو أسيراً...كما الوطن
-
لماذا هذه الحرب وهذا السعار من النظام السوري على الشعب؟
-
ذاكرة الخوف....ذاكرة الرعب، والألم
-
هل هي مؤشرات انتحار النظام؟ أم مؤشرات الخراب على مبدأ نيرون
...
-
عائدات بترول العرب للعرب....شعار أيام زمان!!
-
للنظام السوري خطوطه الحمراء، وللمعارضة أيضاً!
-
هل ستمطر سماء طهران جحيماً أسوداً، كما أمطرت سماء بغداد؟
-
لماذا تعشش الطائفية في بلادنا؟؟؟؟؟؟؟؟
-
تناقضات النظام السوري، وبعض معارضيه
-
رؤيا
-
لجنة للتنسيق، أم لجنة للتفريق؟
-
صرختي الأخيرة للمعارضة السورية
-
هنيئاً للمرأة المغربية فرحتها..بحلم يتحقق، إلى متى تظل المرأ
...
-
أين تخطيء المعارضة السورية، وكيف يمكن تلافي الخطأ؟
-
!!من الآن فصاعداً، سيكون يوم القمة العربية يوم عاشوراء
-
شتان بين طلابنا وطلابهم، من يتحمل خطأ الفرق؟
-
نداء تضامني مع المرأة السورية، في نضالها لتغيير قانون الأحوا
...
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|