أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - نزعات اختزالية ضدّ الديمقراطية














المزيد.....


نزعات اختزالية ضدّ الديمقراطية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 6506 - 2020 / 3 / 4 - 23:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يذكرني النقاش الدائر حاليا بالمغرب حول القانون الجنائي ومادة "الإثراء غير المشروع"، بمعضلة ما زالت تعرقل التطور الديمقراطي في بلادنا، وهي مشكلة اختزال الديمقراطية في عنصر معزول من هنا أو هناك، مع التحفظ على باقي العناصر التي لا يقوم ذلك العنصر نفسه إلا بها.
فعندما قام السيد مصطفى الرميد وزير العدل السابق بوضع مادة ضدّ "الإثراء غير المشروع" ضمن مشروع القانون الجنائي، قام بالتسويق والدعاية لعمله على أنه إجراء ديمقراطي يتعلق بالشفافية في تدبير المال العام، وهو أمر لا خلاف فيه، لكن الوزير نفسه عمل بشكل مهووس على إقبار أي نقاش حول الحريات، التي استثناها من المناقشة والتعديل، وهو اليوم مع حزبه "الإخواني" يعتبر نفسه حاملا لمشعل الديمقراطية ضد "الإثراء غير المشروع"، مع العلم أنه يسعى إلى تحويل البلد إلى سجن كبير يعيش فيه الناس تحت وصاية النزعة المحافظة التي تشيع النفاق وتتستر على أمراض المجتمع التقليدي وتكرس التخلف والانحطاط القيمي. هل نحن مجبرون على مقايضة "الإثراء غير المشروع" بحرياتنا ؟ طبعا لا، فالديمقراطية وحقوق الإنسان كلّ غير قابل للتجزيء بمنطوق الدستور.
هذه الفكرة حاولنا مرارا شرحها للرأي العام ومن خلال ذلك لنخبة الحزب الأغلبي في الحكومة، الذي بذل جهودا جبارة لعرقلة صدور قوانين متقدمة خلال الولاية السابقة واللاحقة، حيث يرفع شعار "محاربة الفساد" دون أن يفعل شيئا في الواقع من أجل ذلك، ولكنه في نفس الوقت لا يتسامح مع حقوق الإنسان التي مازالت مصدر إزعاج كبير له، مع العلم أنه لا تقدّم لبلد يزعم محاربة "الفساد" المالي، بينما يعامل مواطنيه باحتقار وحرمان من أبسط حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
إن أصل النزعات الاختزالية للديمقراطية هو التحفظ على قيمها، حيث كان التيار الإسلامي يعتبر الديمقراطية "كفرا" وخروجا من الدين، غير أنه سرعان ما قام بـ"مراجعة" مراوغة اضطرته إليها ظروف اشتغاله في مجال السياسة داخل المؤسسات، فقام بتعويض تكفير الديمقراطية بنظرة اختزالية يختار بموجبها بعض عناصرها ويغضّ الطرف عن بعضها الآخر، وهكذا صرنا نسمع من يقول إنّ الديمقراطية هي فقط "صناديق الاقتراع"، وسمعنا من يختزل الإصلاح في "محاربة الفساد والرشوة"، واختزال العدل في "استقلال القضاء"، واختزال الأخلاق في مظاهر التديّن والتشدّد ضدّ مسلسل التحديث، واختزال الحريات في "زواج المثليين" وهكذا ..
إن هذه الأنواع من المواقف الاختزالية متعمّدة، وغرضها طمس المشروع الديمقراطي الذي لا يقوم إلا بتكامل أسسه وأركانه، السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والقيمية والبيئية، والتي ينبغي أن تنبني جميعها في الوعي المواطن لدى المغاربة، عبر التعليم الجيّد والإعلام المسؤول، ولا ديمقراطية بدون حريات، ففي كوريا الشمالية تتم محاربة الفساد يوميا بعقوبات متوحشة ودموية، ولكن لو فُتحت حدود البلد للمواطنين الكوريين لسارعوا جميعا إلى مغادرة أرض لا ينعمون فيها بأبسط شروط الكرامة الإنسانية.
إن حزب "العدالة والتنمية" الإخواني يتحمل مسؤوليته ليس في عرقلة صدور القانون الجنائي، بل في التمويه على المغاربة عن طريق استثناء قضايا جوهرية تتواجد يوميا ومنذ سنوات في عمق النقاش العمومي، وإبعادها من التعديلات الضرورية، حتى يتمكن من الحفاظ على قانون جنائي متخلف تجاوزه الواقع الاجتماعي بسنوات ضوئية.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصادرة كتاب من معرض الكتاب فضيحة دولة
- أعطاب العقل الإسلامي من خلال تعقيب شيخ الأزهر
- الهوة بين قانون العقوبات والمجتمع يعرقل العدالة الجنائية
- خمور البشير و-آدابه العامة-
- في رثاء محمد شحرور
- حدود الحريات الفردية مناقشة لبعض آراء وزير حقوق الإنسان
- كل التضامن مع الدكتور خالد منتصر في معركته ضدّ -الأصنام-
- ماذا تعلمت بلدان جنوب المتوسط من سقوط جدار برلين ؟
- دراسة ثانية تؤكد ريادة المغرب في انعدام الأمانة
- هل فهم المغاربة معنى الحريات الفردية ؟
- لماذا لا نعيش -إسلام النرويج- ؟
- رسائل قصيرة إلى دعاة عزل الذكور عن الإناث في المدارس
- المغاربة والوعي بالانتماء إلى إفريقيا
- الإسلاميون والعسكر، تحالف ضدّ الديمقراطية
- عن ضرب النساء الذي ليس ضربا
- يسألونك عن العِرق، قل هو إلا خرافة وإعلان حرب
- هل يُعجّل كمال فخار بتحرير الشعب الجزائري من براثن الاستبداد ...
- حول الأمازيغية ورموز الدولة، نقط على الحروف
- الفضاء العام بين السلطة والمتطرفين
- الحق في الإيمان والحق في الإلحاد


المزيد.....




- خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب ...
- قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية ...
- من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس ...
- الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة ...
- اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي ...
- بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب ...
- مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
- التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج ...
- “سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن ...
- الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - نزعات اختزالية ضدّ الديمقراطية