|
(في التفكير المثالي و الحزن)
كمال انمار احمد
كاتب على سبيل النجاة
(Kamal Anmar Ahmed)
الحوار المتمدن-العدد: 6505 - 2020 / 3 / 3 - 02:54
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا يسع المرء الا ان يكتب،و لكن عن اي شيء يكتب لا ادري .اعتقد بان ما نستطيع ان نكتب فيه ليس اشد جودة مما نفكر فيه،فما تتخيل اننا فاعلين ان لم نكن في تلك الديمومة من العمل،أتوقع عالما مثالي تافه مليء بكل هذا اللاشيء،افكر في ان يكون هذا الشيء الذي "بلا معنى" نوعا ما "شيء"يمكن تخيل نتائجه!
لا يمكنني جعل هذا في سبيل توقعاتي،لا اظن ان الامر يعني من الاساس انه شيء واقعي تماما،ماذا قد يعني لي ان يكون الواقع هو حقا الواقع الذي في المثل،المثل من وجهة نظر ما هذه المثل ليست سوى هزال مرضي،فهل يجب علينا ان نقول انها تفاهة ملعونة،او شيء يبدو غير مفهوم،نعم قد يكون كذلك،لكن تشكيكي في عدم كونه كذلك هو انني واثق بقدر ما يجعلني ازعم بشيء من الارتياببة العالية غير المنهجية بشكل خالص تماما،ان المثل التي قد دعى اليها افلاطون او ما سماها الفلاسفة بعده بالتصورات الكلية او الصور النهائية هي فقط تعبيرات قد لا تعني ضرورة ان المنطق بما نفهمه قد طبق تماما عليها،اقصد ان نمط تفكير السادة من بعد افلاطون او افلاطون نفسه لربما قد كان يشوبه بعد عن المنطق،فكيف يمكنني التصور منطقيا ان هناك كليات فكرية من غير ان نعرف ماهية الأفكار في حد ذاتها،لعله امر يثير الكثير من الاسئلة.اقصد مما قلته انه لا يجب علي انا ان اكتب اليك لتمحى أحزاني.فان احزان الماضي لن تمحى اذا قلت لك كل ما اعلم و كل ما يجب علي فعله،و كل ما يجب علينا فعله هو الحديث،و انني لو قلت ان هذه الاحزان حقا ستمحى لكنت افكر تفكيرنا مثاليا وهذا التفكير الذي لا يمكن الا نصفه بانه معول الذي عمل على تدمير الكثير مما نستطيع فعله للعالم.
اعتقد بان التفكير المثالي الذي زرع في عقولنا و بتاثيرات متعددة ساعدته على الرسوخ اكثر،قد جعل من تفكيرنا قاتلا بحق،ان هذا التفكير لم يصبح -بهذا الرسوخ المثالي-مجرد اداة من اجل البقاء او الوصول الى الغايات الانسانية الذاتية،كلا ان هذا التفكير اصبح وسيلة تدميرية للانسان كونه جعل من كل الاحداث و الخبرات و الاشخاص يبدون في غاية الكمال،و في اناقة مفرطة و في اشكال لا نعيها تماما،فمثلا لو اخدنا افلاطون مثالا،فسنرسمه في مخيلاتنا رجلا كبير السن و ذا شعر ابيض ولحية بيضاء كثيفة و سوف نجعل منه رجلا معتزلا بين اروقة اكادميته يفكر و يفكر و يفكر،و يكتب و يُعلم،و هذا كل ما في الرجل،هذا كل ما فيه و حسب،انها صورة مثالية مؤطرة بالتفكير المثالي المدعم بالاخبار المنقولة عن الرجل.
نحن نحسب بان ما يقدمه لنا الاطار المثالي من صور و خبرات خُزنت في الماضي بتاثيرات القوانين السايكولوجية في لاوعينا هو الحقيقة التي لا مناص منها،و ان ما يُقدم لنا نلتهمه و حسب في عقولنا،لنرسله الى السنتنا لنتمشدق به،او لكنتبه في كتبنا لنوضح للناس الحقيقة كما ندعي و نصدح دائما. فعندما نريد اثبات راينا لابد ان ندعمه -وفقا لما ننظر -بالادلة و البراهين التي لا يمكن ان يختلف عليها اثنان هذا كله تفكير مثالي غارق فيها،فنحن نتصور ان تلك الادلة-يا للهول بالفعل-هي ادلة موزونة و مبرهن على نتائجها و ماخوذة بنظر الاعتبار من قبل الجميع،و نحن ان تمسكنا بها،سنكون على صواب،و لمن يتعرض لما نعتقد من ارائنا انه صواب،سنشهر عليه هذه الادلة النيرة و الواضحة التي لا يمكن ابطالها البتة،لانها اوضح من الشمس في باكورة الصباح،و هكذا نظل نتخيل صورا،وافكارا و عواطف ايضا،ممزوجة ببراغماتية فجة للادلة،لنظل موهومين،انها الادلة الصحيحة التي يمكن الحصول عليها ابدا.
و هكذا يتمكن هذا التفكير الطاغي من ان يدمر قوانا الفكرية،و يعمل على اعاقة شاملة لاي محاولة للابداع-الذي اصفه بانه ذلك النشاط الذي يعبر عن الخوالج الانسانية،و الذي يصقل بواسطة التدريب و ينمى بواسطة التشجيع و هذا يتجلى في اشكال عديدة فينا،لكن لا احد منا -لربما-يخلو منه لكن ما يعيق ظهوره اسباب معينةلها علاقة بتاثيرات طبيعية في المجتمع و الفرد و البيئة المحيطة بكليهما-و بالتالي نخلق انسانا يكاد يكون خاليا من اية معنى اقصد اية معنى يمكن ان يشكله اي انسان ليفهم الحياة و الطبيعة و الكون عموما،اية معاني سواء اكانت فنية او او علمية او عملية.
فلايزال هذا النوع من التفكير يلج في العقل الانساني و لا زال هذا العقل مستمعا له و منصتا كون المحافظة على البقاء تبدو اجدر بالنسبة للطبيعة من محاولة الابداع نفسها في الازمنة السحيقة،لكن الان نحن نستطيع و بقوة احيانا ان نجعل هناك اصطفاء اصطناعي ذاتي على انفسنا من اجل ان نحرر الطاقة التي توجد في دواخلنا او الخيال الذي يوجد في عقولنا،ففي الواقع ان الانسان ليس مجرد اعضاء فسيولجية خالصة بدون ادراكات حسية او تنظيمات فكرية في منظوماته الطبيعية.
ما اردت قوله من كل مما سبق هو ان "المثالية هي ابرز العوائق امام تقدمنا في اي مجال،لذلك فان العمل على تقلليها بواسطة اجراءات معينةمثل الاطلاع على الفلسفة الواقعية لبعض الفلاسفة مثل ارسطو ديكارت و كانت و غيرهم،و كذلك الاستناد على التحليل المنطقي للعلم،و التجريبية العملية للمفاهيم العلمية،و اخضاع الفكر لمنهج فلسفي شخصي،دون التقيد في المشروعات او الانحياز نحو المضمامين النصية الواضحة لطبيعة ذلك المنهج.
هل تريد مزيدا من احاديث المثالية و ما نراه من الآلام السنين يبدو تعيسا الى هذا الحد اتعس من داء المثالية هذا.دعنا من هذه العواطف الكاذبة،اقصد انها مجرد أتزانات سايكولوجية يتخذها العقل كي يبقى على قيد الحياة،انه صراع من اجل البقاء.صراع لانهاية له،لا هدف له،اختطته الطبيعة لكي نبقى و نقاوم ما قد يعيق بقائنا،و لعمري فان العواطف هذه،لهي افضل اتزان تفعله الطبيعة لنا،كي نبقى،و لولاها لما كنا و ما كانوا ليكونوا.صحيح ان هذا يبدو مجرد لعبة طبيعية،لكن و بكل اسف اقولها لك،انها الواقع التجريبي،انه بارد و غير عطوف،لا مبالي و غير مهتم بما قد تشعر به اتجاهه،هل هذا امر يستحق ان نقول عنه اي شيء .بالنسبة لي افضل ارجاء ما قد يخطر في بالي لانني اخاف من ان يكون للطبيعة انتقام،و اي انتقام هو انتقام الطبيعة،فلنحذر منه.
ما اعمل على توضحيه لك في كل ما قلته سالفا ليس مجرد ضياع موهوم،و لا عشوائية قاتلة،انها ما يمكنني ان ابوحه لك او لاقل ما اريد ان اعبر عنه لك،اعرف ان تحليل الامر يبدو ساذجا،لكن على اية حال "تقبل الامور الصعبة ليس اصعب من الشعور الذي يرافق حدوثها"،فلنتقبل هذا على اية حال،فلنتقبله على اية حال.انني لا اندب حظك لانني اقول لك هذا ،انني فقط اردت التعبير عما يخالجني من احزان الماضي-خصوصا التفكير المثالي-التي تتلبد غيومها في أجوائي و ياللهول المطر يهطل عندي و اي مطر هذا الذي يهطل مطر من الشكوك و الآثام و النغمات الراديوية المزيفة التي تحمل ثقل الحياة كلها و الكثير الكثير مما لا اريد بوحه لك،فهناك في الداخل في كامني الغامض الاف من القصص و الأحاديث التي اود ان أقولها لك،لكن السؤال هل سيكفي عمرك لسماع كل هذا او لاقل هل ستكفي طاقة مايتوكوندريات خلاياي لأفعل ذلك انني اشكك حقا في ما اقوله انا اشكك في كوني اشك من الاساس.
لا زالت مصرا على قولي بانني املك المزيد من الأحاديث لك مزيدا يبدو عليك ثقيل و محزن سأصدمك و سامللك و بالتالي سيحدث ما اتوقعه سيحدث ما لا أوده بالفعل! فعله او ما اعنيه بالتخييل او التفكير هو ان ارتقي بنوع من الاتقان و اللافوضوية النسبية،او ما يمكنني ان اعبر عنه اتجاهية مستقلة نحو شيء ما،صحيح ان هذه الإتجاهية قد نعتبرها مثالية الى حد معين،لكن ما لا يمكن عده كذلك هو الاتقان. فيبدو لي على الاقل ان الاتقان نسبي بكل تاكيد و اما ادخال مفاهيم المثالية فيه او التفكير التصوري الكلي يبدو بعيد جدا عن هذا المفهوم.
#كمال_انمار_احمد (هاشتاغ)
Kamal_Anmar_Ahmed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(أورهان باموق:الأديب المختلف)
-
( لمحة في كتاب ايقظ العملاق الذي في داخلك)
-
( خواطر نقدية في السياسة )
-
( البداية الغريبة : حكاية قصيرة عن تطور جنسنا مع الطبيعة )
-
( قراءة في أسلافنا و مبدعينا)
-
( الاخلاق بين الطبيعة والمجتمع والدين )
-
(العاقل و التفكير:بين العقبات و الظروف )
-
(عن أسس القيم الاخلاقية: التعليم و التثقيف و التحكم الذاتي)
-
(الاستنساخ الحيوي:نظرة على اعظم منجزات العلم الحديث)
-
الفيلسوف الشهيد سقراط:لمحة في حياته و فلسفته
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|