|
النموذج التنموي
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6503 - 2020 / 3 / 1 - 21:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الملك يعلن عن فشل نموذجه التنموي ، وبما ان كل تنمية سياسة ، فالفشل المعلن ، هو فشل لنظام محمد السادس منذ ان تربع على الحكم بعد وفاة والده ، أي الاعتراف بفشل عشرين سنة من الحكم . مجددا يطرح الملك مبادرة لنموذج تنموي آخر ، لكن ضمن نفس الآليات ، ونفس النماذج المسؤولة عن فشل التنموي القديم / الجديد ، فحين يتم الاتصال بأحزاب مجرد صدفيات فارغة ، وهي كجزء من النظام ، تؤتمر بأوامره ، وتسهر على تنفيذ مخططاته الشاملة ، ونفس الشيء بالنسبة للنقابات ، أكيد ان ما يسمى بالنموذج التنموي ، الذي اوكل الملك مهمته لوزير الداخلية السابق شكيب بنموسى ، سيكون تكرارا لما سُمّي بالنموذج التنموي الفاشل ، رغم انه لم يكن هناك أصلا نموذج تنموي حتى نقول انه نجح او فشل ، فتسيير الدولة كان يتم من قبل هواة لا من قبل رجالات دولة ، فسادت العشوائية ، والتضارب ، وتعدد مصادر القرارات الارتجالية التي ارجعت المغرب لعشرات السنين الى الوراء . وبالرجوع الى ما يسمى بالمخطط ، او النموذج التنموي الذي يعمل عليه وزير الداخلية ، فما يلاحظ ، انّ ما يسمى بلجنة النموذج التنموي ، هو مجرد مَلْهات ، ولعبٍ على الوقت ، لتعطيل ، او تأخير نزول الشعب الى الشارع ، لان فاقد الشيء لا يعطيه . ان اخطر ما يتلاعب به النظام ، هو اختصار سبب الازمة في الاقتصاد ، وذلك بالترويج لخطاب اقتصادوي ، لا محل له من الاعراب امام اقتصادات الدول الغنية ، الذي رغم الدراسات والأبحاث العلمية ، فهي تعيش ازمة بسبب ظروف طارئة لم تكن متوقعة ، فما بالك بما يسمى في المغرب ب ( الاقتصاد ) ، وهو مجرد عمليات مبنية على إرضاء الأشخاص ، والجماعات و(زعماء ) القبائل ، و رؤساء الأحزاب الصدفيات ، ومورديهم من النخب المزورة ، أي اقتصاد الريع المتناغم مع شكل النظام / المخزن . ان اصل الداء لجميع المشاكل التي أصبحت تعبر عن الازمة العامة ، التي هي ازمة نظام سياسي ، وليست ازمة اقتصاد كما يحلو للبعض ترويجه ، هو في الديمقراطية المغيبة ، والغير موجودة اطلاقا . فعندما يخلط النظام ، وبالضبط الملك في الجمع بين السلطة وبين المال ، وخاصة وانه محجوب من اية مسائلة ، عن كيفية تصريفه أمور الدولة ، يصبح الكلام المعسول عن النموذج التنموي الغير موجود أصلا ، عبارة عن مسكنات لدفع الفاعلين الى الغرق في الانتظارية ، التي مع مرور الوقت يقتلها النسيان ، حتى إذا زادت الأوضاع في التأزم يخرج الملك من جديد بالاعتراف بفشل ( نموذجه التنموي ) ، وليعلن عن الشروع في العمل لابتكار نموذج تنموي جديد .. وهكذا ، ما دام ان تعاقب الأجيال ، وتعدد الحاجات ، والضروريات تتبدل بتبدل الأجيال ، وبتبدل الحاجات والضروريات كذلك . ان أي حديث عن النموذج التنموي ، وبدون طرح الشق السياسي كحجرة العثرة ، لأي تنمية ، و مخطط تنموي ، هو ضحك على الدقون ، واستهتار بالشعب ، وبالشباب الغارق في البطالة ، والفاقد لبوصلة الاتجاه الصحيح . ان تحديد المسؤوليات ، عن التسيير ، وتنقيط الفشل والنجاح ، لأي مخطط باسم التنمية / اللاّتنمية ، لا يكون الاّ بوضع الدستور الديمقراطي الذي يحدد شكل الدولة الديمقراطية ، ويركز النظام على مبدأ الفصل بين السلطات ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، وفصل الدين عن السياسة . وبما ان الملك الذي اعترف بفشل ( نموذجه التنموي ) لم يحدد أسباب وعوامل الفشل ، ولم يحدد دور ومن هم الأشخاص الذين افسدوا نجاح ( النموذج التنموي ) --- لأنه لم يكن هناك نموذج تنموي أصلا --- المعلن عن فشله ، ثم يأتي نفس الشخص الذي هو الملك ، وبتدخل المحيط لخلط الأوراق ، وبعثرة النظرة ، لإعطاء صورة عن الملك الذي يقارع الفشل بالبحث عن نموذج تنموي جديد ، أكيد ان النجاح الذي عرفه اللاّنموذج اللاّتنموي الذي اعترف الملك بفشله ، سيكون من نصيب اللاّنموذج اللاّتنموي الجديد / القديم الذي يشرف عليه وزير الداخلية السابق شكيب بنموسى . ان المدخل لأي نموذج تنموي اقتصادي / اجتماعي ، لا يجب ان يبنى على النظرة الاقتصادوية الفاشلة ، بل يجب الاخذ بعين الاعتبار بدرجة أولى ، الجوانب الثقافية المطالبة بالديمقراطية ، كشرط أساسي لتجاوز معيقات التطور والبناء ، كما يجب ان يشمل اللغة واللهجات الوطنية ، دون اغفال لغة المستعمر التي تكبل المبادرات الوطنية والهوياتية . ان الحديث عن نموذج تنموي جديد / قديم ، في نظام كمبرادوري / اوليغارشي / بتريركي ابوي / بتريمونيالي / ثيوقراطي / أثوقراطي / قروسطوي / بوليسي / قمعي / فيودالي ... يركز نظام الحكم في شخص الملك ، ولا يركزه في المؤسسات المشلولة ، والتي هي مؤسسات الملك ... وان الحديث عن نموذج تنموي جديد / قديم ، والسجون تعج بصرخات المعتقلين ، مع ممارسة التعذيب ، وهتك الاعراض وقتل الناس كمعاد بنكيران .... وان الحديث عن نموذج تنموي جديد / قديم دون فصل الدين عن السياسة ، حيث يصبح رئيس الدولة في جميع خرجاته الاستثنائية ، يتصرف كأمير ، وراعي ، وإمام ، يستمد سلطاته ، ونظام حكمه من الله ، ومن القرآن ، ويعتبر نظام حكمه امتدادا لنظام الخلافة الذي لا يوجد فيه غير الخليفة ، كسلطة استبدادية ، فاشية وغير ديمقراطية .... وان الحديث عن نموذج تنموي جديد / قديم ، في ظل تسيير الدولة كهواة ، وفي ظل العشوائية ، والارتجال ، والتخبط في التيه المتعارض مع أصول الحكم العقلانية ..... فان استمرار الحديث عن النموذج التنموي ، او المخطط التنموي ، الغير موجود أصلا ، هو متاهة غير مضبوطة ، والهاء للشعب ، ولعب على عامل الزمن الذي ينتهي بالنسيان ، أي انه مجرد كذب كالأكاذيب التي عشناها منذ ستينات القرن الماضي ، ولا تزال نفس الأكاذيب تفعل فعلتها في الوجدان الشعبي ، ولا شيء تحقق او تغير ، بل نحن مقبلون على أيام ستكون عصيبة بسبب تخبط النظام ، وبسبب الارتجال ، وبسبب نفود تلاميذ المدرسة الملكية ، وسيطرتهم على الدولة ، كأشخاص هواة ، وليسوا كرجال دولة . المغرب اليوم الى اين ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأزمة الاقتصادية هي أزمتهم وليست أزمتنا نحن
-
ماذا يجري ؟ الجزائر / المغرب / موريتانية / السعودية / قطر /
...
-
وزيرة الخارجية الاسبانية لا تعترف بالجمهورية الصحراوية / هل
...
-
في المغرب هناك فقط الملك
-
الجمهورية الصحراوية ستحضر كدولة ذات سيادة اللقاء القادم بين
...
-
هل اصبح وجود الجمهورية الصحراوية واقعا مريرا صعب الابتلاع ،
...
-
هل سيقبل النظام المغربي بتعيين السلوفاكي ميروسلاف لايتشاك ،
...
-
قصيدة / اضطهاد
-
لماذا يلوم العرب دونالد ترامب على صفقة القرن ؟
-
ناصر بوريطة برتبة مُتصهْينْ صُغيّرْ
-
الوقفات الاحتجاجية
-
اعتراف امريكا بمغربية الصحراء ، مقابل تطبيع النظام المغربي ا
...
-
هل يخضع نزاع الصحراء الغربية لصفقة قرن فرنسية .
-
الظواهر
-
الدكتور هشام بن عبدالله العلوي
-
صفقة القرن
-
المحكمة الإيطالية
-
قضية الصحراء الغربية ، قضية نظام جزائري
-
مغرب محمد السادس ، حصيلة عشرين سنة من الحكم
-
الاضراب // La gréve
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|