أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي فضلان - القطيع الذي يحتوينا














المزيد.....


القطيع الذي يحتوينا


مهدي فضلان

الحوار المتمدن-العدد: 6497 - 2020 / 2 / 23 - 14:19
المحور: المجتمع المدني
    


إن تحاوري و نقاشاتي مع مختلف التوجهات الفكرية والدينية و العرقية في السنوات السابقة مكنتني من التوصل لحقيقة مهمة جدا .
إن الإنسان غالبا يفكر تفكير القطيع ،ولا أتحدث هنا عن تفكيره عندما يكون ضمن الحشود و فقدانه لفردانيته في خضمها ،بل أقصد هنا تفكيره الفردي ،فحتى هذا خاضع للقطيع بشكل غير واع .
إن الناس عادة تميل لاختيار الآراء و الأحكام التي يختارها قطيعها دون أي تفكير عقلاني ،بعد ذلك تستخدم كل قدراتها العقلانية في تبرير ذلك الخيار.

إن أغلب المهاترات التي تظهر على أنها نقاشات و حوارات ما هي إلا سعي كل طرف بشكل يبدوا عقلانيا إلى تبرير خياراته التي تبناها بشكل غير منطقي تماما .
عندما يخبرك أغلب الناس أن الفكرة الفلانية صحيحة هم لا يقصدون أنها صحيحة كفكرة وتتلاءم مع العقل بل يقصدون ما يلي:
:
هذه الفكرة تتفق مع توجهي الفكري فهي تخدمني و تخدم قطيعي فهي حتما صحيحة
هذا الحكم يتفق مع إيديولوجيتي فهو حتما صحيح ولا تهم التفاصيل

الناس لا تؤمن بمفاهيم التريث و تقصي الحقيقة و الحياد و الموضوعية ،لاحظت منذ سنوات أن هذه المفاهيم والتي ناضلت من أجلها هي أكثر المفاهيم التي يرفضها الناس و إن ادعوا ممارستها.
.
لا يمكن للناس ممارسة الحياد فهو أكبر عدوا للقطعانية، لذا تجدهم يتصرفون بذاتية كي يثبتوا جدارتهم في القطيع.

الحقيقة لا تهم كل ما يهم هو الانتماء للقطيع.

أما لاحظت أن الأشخاص المتأملون الذين يتكلمون بكل حرية و يصطدمون حتى مع التيارات التي ينتمون إليها و يفكرون بحياد تام هم قلة قليلة جدا ؟

كلما انتقدت فكرة ما تجد كثيرا التهجم عليك من أشخاص لا تهمهم حقيقة ما تقول، بل يهمهم فقط أن تلك الفكرة تخدم قطيعهم و إن كانت خاطئة.

الناس تستخدم التخوين و التسخيف و الشتم و المغالطات المنطقية خاصة مغالطة رجل القش من أجل مهاجمة كل من تسول له نفسه انتقاد فكرة تتفق مع مسلمات قطيعهم حتى وان عرفوا و أيقنوا خطأها
فكر جيدا في ما قرأته لتوِك الآن و لكن فكر به بعمق ،تأمله جيدا
هل فهمت الآن ؟
إن أغلب جدالاتنا و حواراتنا كما يقول عادل مصطفى مجرد ركام مغالطات منطقية، نعم نحن مجرد مجترون لكلام القطعان التي ننتمي إليها، نلوك الكلام و نعيده و لا نهتم لصحته لا تهمنا لحقائق بل نهتم فقط بالقطيع .
لقد أصبح القطيع الذي ينتمي إليه كل واحد منا هو معيار الحقيقة ،فما يتفق معه صحيح و ما يختلف معه باطل
تخيل معي أقسى درجات القطعانية و التي نجدها في الشيوعية أو الإخوان أو أي قطيع آخر ،خذ مثلا الثورة الفرنسية في عهد الإرهاب ،لقد صنع الثوار لهم قطيعا يحدد المعايير و القيم ،فكل من يقرر القطيع أنه خائن فهو خائن ،مسلمة لا تحتاج إلى المناقشة و مناقشة هذا التخوين هي بحد ذاتها خيانة ، لقد أصبح روبسبيير و سان جيست يقرران من هو الثوري ومن هو خائن تحت مسمى الثورة ،فأصبحت الثورة الفرنسية كالقطة تأكل أبنائها و طال هذا التخوين حتى أكثر الثوار ثورية مثل دانتون ، لأنهم للحظة فكروا التفكير خارج السرب و انتقدوا الجرائم التي ارتكبت باسم الثورة
لقد كانت الملكية قطيعا بحد ذاتها، فمن ينتقد الملك وقراراته ؟ من كان يجرؤ على انتقاد لويس الرابع عشر ؟ الحقيقة يحددها الملك و معه النبلاء و رجال الدين ،و إلا يكون سجن البستيل جوابا لكل من تسول له نفسه التغريد خارج السرب ،من يجرؤ على رفض تمويل لويس السادس عشر للثورة الأمريكية و إرسال المقاتلين بقيادة "لافايات" ؟من أنت حتى تنتقد الملك ؟
لقد كانت الثورة الفرنسية في روحها خروج عن هذه القطعانية، ولكن للأسف نحن البشر سرعان ما نؤسس قطيعا جديد بعد مغادرتنا للقطيع الأول .
نؤسس قطيع المغادرين للقطيع ،بدل أن يكون رفض الفكر القطيعي الغير قابل للنقاش هو ما تعلمه الثورة لأبنائها كان هو هو نفسه مصير الثورة وصارت الثورة نفسها قطيعا جديدا لا يمكن مجادلته .

إن الفرد لا يهمه أن يفكر بل يهمه أن يرضى عنه باقي القطيع وهذه الفكرة هي سبب سجالاتنا ومهاتراتنا
لكم نحتاج إلى لمسة التأمل و الموضوعية التي نتخلى بها عن الذاتية وتجعلنا ننظر للأمور كما هي في الواقع وليس كما نريدها أن تكون

تخيل أن هذا الكلام ينطبق على الجميع
تخيل أنه ينطبق عليك أيضا
العلمانيون الإسلاميون البربريست اليساريون العروبيون الإخوان اللادينيون ...الخ
كلها قطعان تتبنى حربا فكرية لا تهم فيها الحقيقة كل ما يهم هو ما يخدمها لذا نجد المؤدلجين أبعد ما يكونون عن الموضوعية فهم يتهربون منها لأنها تعري انحيازهم و كذبهم
نفس الجريمة يبررونها عندما يقوم بها أتباع قطيعهم ويجدون لها ألف عذر
ويهاجمون مرتكبها أن صدرت عن تيارات أخرى
نفس الفعل الذي يمدحونه إن قام به أحد المنتمين إلى قطيعهم لن يدخروا وسعا في قدحه و تسميته بأبشع المسميات إن صدر عن مخالفيهم
أنصار بشار الأسد مثلا يهاجمون كل مقاتلي المعارضة إسلاميين و غير إسلاميين من الأجانب وتجد الواحد منهم يجعل حمل السلاح من أجنبي في سوريا تهمة بحد ذاتها
لكنهم ما يلبثوا أن يبرروا الوجود الروسي و الايراني و وجود حزب الله
بل يبررون القصف الروسي على المدنيين و على المعارضة غير الإسلامية
الإخوان يبررون قصف أوردوغان للأكراد
السلفيون يبررون قصف السعودية لليمن
نحن قطعان ولسنا أشخاص منطقيين نفكر و نبحث عن الحقائق
لهذا أصبح من السخف و العبث وقمة العبثية التحاور و التناظر في ظل هذه العقلية ،فلا محاورك يصدق في قرارة نفسه ما يقوله هو ،ولا أنت مؤمن بصحة ما تقول كل منكما يدافع عن قطيعه لا عن صحة رأيه



#مهدي_فضلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآمازيغ قبل آدم ؟
- متلازمة بلع فمك او اسكت
- سلطة الخطاب ورهائن الإعلام البديل
- الحتمية مبدأ صالح لكل عالم و معلم
- في التطور
- الدين مخدر لابد منه
- رحلة مع بعض جسيمات العالم دون الذري
- المادة وجود وعدم


المزيد.....




- حملة دهم واعتقالات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية طالت 25 ...
- الخارجية الأميركية تلغي مكافأة بـ10 ملايين دولار لاعتقال الج ...
- اعتقال خلية متطرفة تكفيرية في قضاء سربل ذهاب غرب ايران
- تفاصيل اعتقال اثنين من النخبة الإيرانية في الخارج
- قصة عازفة هارب سورية، رفضت مغادرة بلادها خلال الحرب رغم -الا ...
- قوات الاحتلال تقتحم قرية برقة بنابلس وتداهم المنازل وتنفذ حم ...
- ألمانيا: قتيلان على الأقل وعشرات الجرحى في عملية دهس بسوق عي ...
- الأردن يأسف لقرار السويد وقف تمويل الأونروا ويدعو لإعادة الن ...
- بعد محادثات إيجابية.. أمريكا تلغي مكافأة الـ10 ملايين دولار ...
- السعودية ترحب بتبني الأمم المتحدة قرارا بشأن إسرائيل


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مهدي فضلان - القطيع الذي يحتوينا