|
من أجل حركة 20 فبراير عمالية البناء والأهداف، تؤسس بديلا متحررا من التبعية والاستبداد والاستغلال
المناضل-ة
الحوار المتمدن-العدد: 6497 - 2020 / 2 / 22 - 06:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
يوم 20 فبراير 2011، فتح تدفق الموجة الثورية ضد الدكتاتورية من تونس نحو بلدان متنوعة في المنطقة الباب لانبثاق دينامية نضال سياسي بالمغرب، ذات مميزات محلية، دخلت التاريخ باسم حركة 20 فبراير.
لم تكن هذه الحركة الشكل الوحيد الذي اكتسته طاقة نضال الكادحين آنذاك ، فقد كان ثمة ديناميتان متوازيتان تفوقان عمقا وانتشارا، لكنما غير ممركزتين، ولم تحظيا باهتمام إعلامي يضاهي ما حظيت به حركة 20 فبراير:
من جهة، ثمة نضال الأجراء النقابي، الذي شهد انتعاشا بالعديد من مواقعه التقليدية، وتحركت قطاعات ظلت سنوات مديدة راكدة، وحتى انضمام قسم جديد من طبقة الأجراء إلى التنظيم بحفز من الاندفاع النضالي العام بالمجتمع. وقد نتج عن نضال الأجراء هذا، وأحيانا عن مجرد التعبير عن نية النضال، تحصيل مكاسب تاريخية، إن على صعيد تأمين استقرار العمل أو تحسين الدخل او صعيد حل مشاكل مهنية ظل بعضها عالقا سنوات عديدة، مثالها النظام الأساسي لأجراء المحاكم. ومن جهة أخرى كانت ثمة حركة احتجاج راسخة في أعماق المجتمع، بدأت بالتبلور منذ منتصف التسعينات، هدفها مطالب اجتماعية، أولها التشغيل، والخدمات العامة والحق في السكن، وحق تجارة الشارع… وكانت هذه حركة بالغة التنوع والتشتت، وغير ذات أفق سياسي، وقد انتزعت هي الأخرى مكاسب ما كان أن تتحقق في سياقات أخرى. إن خصائص هذين المكونين لدينامية 2011-2012 نابعة من مستوى الوعي والتنظيم لدى طبقة الأجراء وسائر المقهورين/ات لحظة انطلاق الدينامية . حيث أن تسلط البيروقراطية النقابية والهيمنة السياسية لقوى غير عمالية، وانعدام قوة ثورية ذات مقدرة كافية، عناصرُ حدت من إمكانات ارتقاء الوعي والتنظيم العمالي المستقل إلى المستوى الكفيل بجعل طبقة الشغيلة فاعلا رئيسيا له أهدافه السياسية الخاصة وقائدا لسائر المقهورين.
أما حركة 20 فبراير التي اتخذت طابعا سياسيا مباشرا، بمطالبها بإسقاط الحكومة وحل البرلمان، وما ساد داخلها من مطلب الملكية البرلمانية الإصلاحي، فقد كانت تعبيرا عن طور أول من الوعي السياسي في بلد عاش أكثر من نصف قرن في ظلمات الاستبداد السياسي وأضاليل “النضال الديمقراطي” لمعارضة مكملة للنظام ـ لا مناقضة له تروم ترميمه لا تغييره جذريا. وقد احتشد قسم من طبقة الأجراء- عاملين وعاطلين- في حركة 20 فبراير فرادى، ليس بهويتهم الطبقية، بل مذررين بفعل موقف القيادات العمالية البائسة التي نأت بالحركة النقابية عن انخراط فعلي في حركة 20 فبراير.
مهما يكن من أوجه ضعف ذات أسباب تاريخية، مثلت حركة 20 فبراير أول حالة نزول عشرات آلاف كادحي المغرب إلى الشارع من أجل مطالب سياسية مباشرة. وهذا ما جعل الحركة تحقق ما لم يأت بعقود مما سمي بـ”إستراتيجية النضال الديمقراطي”، أي مجمل “التنازلات” (دستور، ترسيم الأمازيغية، انتخابات وحكومة جديدين،…) التي ما كانت في حكم الوارد لولا ضغط الشارع، والخشية البالغة من تجذر الحركة وتضافرها مع باقي مكونات الحالة النضالية الإجمالية.
ساعد طابع 20 فبراير الأولي، اللامتبلور تبلورا سياسيا-طبقيا، النظام على إفراغ معظم شعاراتها/مطالبها من محتواها بمناوراته/تنازلاته، مفلحا بذلك في تجاوز العاصفة والعودة إلى تشديد قبضة الاستبداد والإجهاز على طفيف المكاسب، مستفيدا من مناخ الثورة المضادة الذي اجتاح المنطقة. كما استفاد من دعم قوى مدعية للديمقراطية استبد بها الخوف من النضال الشعبي- بجلاء بالغ إبان حراكي الريف وجرادة- فصار الحرص على الاستقرار لازمتها السياسية.
أفلح الحكم في تدارك تغير ميزان القوى لبرهة، وعاد بعد ليونة مؤقتة إلى التجبر ومواصلة سياسته بتعاون مع حلفائه، رأسماليي الخليج والقوى الامبريالية الراعية. بيد أن التجبر يقف على قدر عظيم من البارود الاجتماعي متمثل في المستوى المفجع الذي بلغته المسألة الاجتماعية بمغرب اليوم. إنه الأساس الذي ستنطلق منه حركة جماهيرية صاعدة من الأعماق العمالية والشعبية ستفوق 20 فبراير زخما.
لم يكن لأي قوة اجتماعية، غير طبقة الشغيلة، أن تشكل عمودا فقريا حقيقيا لحركة 20 فبراير، بمعنى القوة القادرة على لف كل المضطهدين حول برنامج تغيير حقيقي
ينتزع الحرية، أي يلغي الاستبداد إلغاءا تاما، ويحقق العدالة الاجتماعية الفعلية، أي التغيير الاقتصادي-الاجتماعي الجوهري الذي يعيد الثروة إلى منتجيها.
ولا تستمد الطبقة العاملة هذه المقدرة الفريدة سوى من مكانتها الموضوعية في البناء الاقتصادي- الاجتماعي، بما نقيض هيكلي للطبقة الرأسمالية، مكانة تجعل بديلها الجذري البديل الحقيقي الوحيد لواقع الاستبداد والاستغلال والاضطهاد.
بناء على هذا، لا يمكن تفادي ما انتهت إليه حركة 20 فبراير إلا بنهوض قوة الطبقة العاملة ببناء أدوات نضالها بناء ديمقراطيا مستقلا على أساس برنامج تغيير جوهري ينقل مطالب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية من صيغ عامة، قد تسكنها بدائل ترقيعية تعيد إنتاج الاستبداد والرأسمالية، إلى واقع ملموس في حياة ملايين المضطهدين/ات قوامه التحرر من الاستعبادين السياسي والاقتصادي.
يتطلب تجسيد هذا المشروع، مشروع نهوض الشغيلة واستقلالهم السياسي، تركيز الجهود النضالية على الطبقة العاملة، الشباب منها بالخصوص، والانطلاق من معاركها اليومية في أماكن العمل والسكن، مهما بدت صغيرة الحجم و/أو المطالب، ودفع أضرار القوى البرجوازية “المعارضة”، ليبرالية وإسلاموية، على وعيهم، بتنوير سياسي دائم، وتكوين كوادر عمالية بخبرات كفاح الطبقة العاملة منذ أكثر قرن ونصف، وبناء جسور الوحدة النضالية مع باقي الحركات الاجتماعية المناضلة ضد كل صنوف الأضرار الناتجة عن منطق للرأسمالية. إنه هدف بناء أدوات النضال المعادي للرأسمالية، والنسوي، والبيئي، الذي من أجله نشأ تيار المناضل-ة، ويواصل جهوده رغم جسامة المصاعب، وما تراكم تاريخيا من إخفاقات، وكل تجليات إمساك الأموات بتلابيب الأحياء في ساحة النضال.
فبراير 2020، 20 تيار المناضل-ة
#المناضل-ة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجبهة الاجتماعية؛ مبادرة ناقصة بشأن ضرورة ملحة
-
جريدة المناضل-ة مهددة بالوقف، وموقعها الالكتروني بالإغلاق: ل
...
-
بوجه القمع… مزيدا من عمل التنظيم وإنماء الوعي الطبقي
-
جميعا من أجل بناء حركة شعبية دفاعا عن الأرض وثرواتها
-
مقدمات موجة نضال جديدة، فلنستعد لها بما يلزم
-
النساء في الحراك الشّعبي الجزائري: حوارٌ مع مناضلة نسائيّة ج
...
-
منذ 30 عاما، سقوط جدار برلين
-
لا طريق لتحقيق المطالب غير الوحدة والنّضال العمّاليين
-
نداء إلى عموم شغيلة التعليم العمومي: إما نصر ممكن أو هزيمة م
...
-
ضد الفاشية… تضامنا مع ضحايا الهجوم الإرهابي في نيوزيلاندا.
-
دعمنا الكامل لشعب الجزائر ضد العهدة الخامسة، ومن أجل مجلس تأ
...
-
من أجل تحقيق المطالب العمالية والشعبية: جميعا إلى مسيرة 20 ف
...
-
الرفيق سلامه كيله ينضمّ لباقي الثّوريين الذين سبق أن غادروا،
...
-
ربيع براغ – تشيكوسلوفاكيا 1968
-
لن يقضي القمع والقضاء المسخر على توق الشعب للحرية
-
عبد الله موناصير: 21 سنة بعد التصفية الجسدية
-
القصف الإمبريالي لسوريا، سيقوي نظام بشار الدموي
-
أزمة العمل النقابي والتحديات المطروحة على الحركة النقابية ال
...
-
كل التضامن مع الشعب السوري ضد كل أشكال الثورة المضادة والتدخ
...
-
الحراك الشعبي بالريف: حصيلة وآفاق
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|