أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)














المزيد.....

جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6495 - 2020 / 2 / 20 - 14:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot
(جواب اعتقال)، في تقديري، أعمقُ ما قدّمته السينما لمواجهة التطرّف. لأنه يُشرِّحُ "سيكولوجيا الإرهابيّ" من داخل المطبخ. كيف يُنحَت ويُصاغُ وتُقتل إنسانيتُه منذ طفولته ليتحوّل إلى قنبلة موقوتة، أزرارُها في يد قادته التكفيريين، وكيف تُغرَسُ فيه مبكّرًا بذرةُ البغضاء حتى تنمو وتتوحّش، فتغدو طوفانًا هادرًا يَجرُفُ ويُجرِّفُ المجتمع. أهمية الفيلم، فضلا عن الأداء الرفيع لجميع أبطاله، والإخراج الفائق والحوار الفلسفي العميق، أنه يُشرِّح لنا "معمل" صناعة وتفريخ الإرهاب من الداخل. فنتعرّف على نموذجين من الإرهابيين. أحدهما (العقل)، وهو الإرهابي الفعلي الذي يُكفّرُ المجتمع ويُشرّع القتل، ويده نظيفة لا يمسسها الدمُ. والثاني: (الأداة)، وهو الدماغُ المغسول الذي بُرمجَ على السمع والطاعة دون تفكير، وهو اليد المغموسة في دماء الضحايا. الإرهابي (العقل)، يحتفظ بالوجاهة الاجتماعية فيظهرُ على الشاشات وفوق المنابر يعظُ ويبتسم معتمرًا عمامةَ الرحمة والتواضع، وفي اجتماعات الخليّة يُبرزُ أنياب التوحّش تقطرُ السمَّ تكفيرًا، وتحثُّ الإرهابيَّ (الأداة) على إفناء العالم. الفيلمُ يقدِّم دراميًّا الفكرةَ التي نحاول إيصالَها للمجتمع: أن الإرهابي الحقيقي هو (التكفيري)، وليس (الأداة) التي تضغطُ الزناد.
بأداء فائق، قدّم لنا الفنان الموهوب "محمد رمضان" شخصية الإرهابي (الأداة)، قائد الجناح العسكري للخلية، الذي خسر في طفولته دفءَ الأم، وهيبة الأب، فقُتِلت آدميتُه وتجرّع كأس الطبقية والإذلال طفلاً، لينشأ كسيرًا مصدوعًا، ويتحوّل مع الأيام إلى جبّارٍ بلا قلب؛ يُروّع الآمنين ويُمزِّق أوصال مجتمع لم يرحم طفولته. فقط دمعتان، سقطتا من عينه. دمعةٌ لحظةَ اكتشافه خسران قلب حبيبته “دينا الشربيني"، وحبها لزميلها الأستاذ الجامعي؛ فهشّم بأصابعه صورتها على الهاتف. ودمعةٌ أخيرة لحظةَ اكتشافه خسران آخرته، كما خسر دنياه. وتحجّرت الدموع في مقلتيه حين وصله رأسُ شقيقه المنحور في صندوق. شقيقه الوحيد الذي كان حُلمَه ألا يسير خلفه في طريق الإرهاب، لكن أربابه التكفيريين نحروا رأس الغلام البريء عقابًا لشقيقه، على عدم السمع والطاعة. هكذا يفعلون في بعضهم البعض؛ فلا عجب مما يفعلون بنا نحن خصومَهم من البشر الأسوياء الذين نرفض الدماء والويل والقتل باسم الله.
“جواب الاعتقال" الذي سلّمه الضابط الذكي/ “إياد نصّار"، ليد الإرهابي الأداة، لم يكن إلا آيةً عبقرية من سورة "الحج": “أفلمْ يسيروا في الأرض فتكونَ لهم قلوبٌ يعقلون بها أو آذانٌ يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصارُ ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور". تلك هي الرسالة العظيمة التي يُقدّمها الفيلم إلى كلّ إرهابي (أداة). تحذير بألا يسمح لقلبه بأن يعمى ولا يعقل. فكأنما القلبُ هو "العينُ" التي "تبصر"، و"العقلُ" الذي يفكّر. فإن خسر الإنسانُ قلبَه، خسر عينيه وعقلَه.
يُقدِّمُ لنا الفيلمُ نموذجَ الإرهابيّ (العقل)، وهو الإرهابيُّ الحقيقي الأشدُّ خطرًا من الإرهابي (الأداة). "الشيخ مصطفى"، الذي أدّى دورَه ببراعة الفنان "صبري فوّاز". التكفيريُّ الكذوبُ المرتزق باسم الله. يظهرُ على الشاشات في ثوب حمَل نقيٍّ تقيّ، ينهى الناسَ عن الكِبر والغشّ والكذب والظلم، وهو غارقٌ في كلِّ ما سبق من فواحش. يمارسُ الطبقية الرخيصة في أحطِّ صورها وهو ينادي المهندس بـ"ابن الخدّام"؛ لأن أباه كان خادمًا لأحد أمراء الجماعة الجهادية. يخطبُ في الناس في "مقام مخافة الله"، بينما يتحدّى الله جهرًا جاعلًا من نفسه إلهًا يُحيي ويُميت. وحين سألته متّصلةٌ على الهواء عن رأيه في الجريمة الإرهابية الأخيرة التي استشهد فيها ضباطٌ ومجندون في الشرطة، اعتمر طاقية "التقية" الغاشّة، وقال لها: “أُشينُ وأُدين"، بينما هو أحدُ مخططي تلك العملية الخسيسة.
أعظمُ ما في الفيلم أن الإرهابيَّ (الأداة) رفض أن يُنيل الإرهابيَّ (العقل) شرفَ الموت على سجادة الصلاة. حمل الرشاشَ، وجلس على سطح المسجد، في انتظار أن يُنهي الشيخ مصطفى خُطبته وإمامته للمصلّين، ثم أطلق النار. فذاك المرائي لا يستحقُ أن يلاقي وجهَ الله مُصلّيًا، وقد عاش حياتَه كذوبًا. يقولُ بلسانه كلماتِ الله التامات: (إن الصلاةَ تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) وهو فاحشٌ باغٍ. فهل أشدُّ فُحشًا وبغيًا من تكفير الناس وترويعهم والسخرية من فقرهم؟! أجهز الإرهابيُّ (الأداة) على الإرهابيِّ التكفيريّ (العقل)؛ قبل أن تعاجله رصاصةُ الضابط؛ ليسقط مُضرجًا في دماءه وهو يتذكر كلماته لربيبه التكفيري: (ربنا بريء منك ومني ومن أمثالنا!) هنا تسقط دمعةُ الندم الأخيرة. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (2)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (1)
- لينين… ضابطُ إيقاعِ الضحك الرفيع
- النحلة والدبور … إهداء المايسترو لحبيبته نيڤين
- هنا الإمارات … ومصرُ تصنعُ الحياة
- وسام القديس جورج … لقاهر الإرهاب الأسود
- معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020
- معرض القاهرة الدولي للدواء 2020
- أوسكار فاروق حسني
- صحنُ قلقاس أخضر … على مائدة قبطية
- الرئيس والبابا … وباقةُ زهور بيضاء
- الحَجُّ العالميُّ إلى أرض مصر
- أطرق باب بيت ... لا يعرف الحزن
- لا أملكُ إلا ابتسامتي!
- على عتبة الطفل الصامتٍ
- قُبلةُ حبيبي … بألفِ عام
- جيشُ مصر العظيم ... هو جيش العرب
- 100 مليون مقاتل مصري ... في وجه الغزو العثماني
- ميري كريسماس … بأمرِ الحُبِّ وحِمى القانون


المزيد.....




- الولائي يهنئ بانتصار لبنان والمقاومة الاسلامية على العدو الا ...
- شيخ الأزهر يوجه رسالة حول الدراما الغربية و-الغزو الفكري-
- هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال ...
- الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
- الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا ...
- الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم ...
- الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس ...
- الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن ...
- حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)