نصائح من مريض إلى طبيبه

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.
(Rawand Dalao)

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 19 - 15:07
المحور: الطب , والعلوم
    

(نصائح من مريض إلى طبيبه )

#راوند_دلعو

بعد معاناتي مع المرض و رحلتي المريرة ( التي لم تنتهي إلى اليوم ) من عيادة طبيب إلى آخر ... دَوّنتُ الملاحظات التالية من موقِعي كمريض مُزمن لأُسدي النُّصح لبعض الأطباء فيما يخصُّ هيكليّة عملهم الخارجية ، عسى أن تحافظ رسالتهم على سموّها و قدسيّتها و رقيّها ...

#الحق_الحق_أقول_لك صديقي طبيبي ...

1_ صديقي طبيبي أرجو منك أن لا تتحزّر و لا تُخمّن .... فجسدي ليس حقلاً للتجارب ... لأنك عندما تُعطيني علاجاً لستَ متأكداً منه فسوف تضيع وقتي و سيزداد ألمي فلا تعبث بمشاعري و راحتي ... بل أُفضّل أن تقول لي : ( لا أعرف ... لم يظهر عندي تشخيص المرض).

هذه الجملة تُريحُني أكثر بألف مرة من وصفك لي دواءاً بالتخمين دون تشخيص يَقِيْنِيٍّ واضح ... لأنك إن خمّنت قد تُضلّلُني و تضلّل الأطباء الذين سأزورهم من بعدك و بالتالي ستُدخلني عبر متاهة تأخذ مني شهوراً من الألم و أنا بعيد كل البعد عن التشخيص الحقيقي ... !!

فأرجوك كن جريئاً و قلها و لا تخف : ( لم أعرف التشخيص).

2_ صديقي طبيبي فلتعلم بأن ألمي هو الذي ساقني إليك فابتسامتُك في وجهي صدقة .... كما أتمنى منك أن تُشعرني بأنك حزين لأجلي و أن تشعرني (و لو تمثيلا و تصنعاً ) بأنني لست رقماً يدخل عيادتك ! بل إن وجعي يُهمك و يؤسفك و تسعى من عميق وجدانك لإزالته ....

حاول مواساتي دون إخفاء حقيقة حالتي المرضية ... كن واقعياً لكن بدبلوماسيّة ... لا تُخفِ عني شيئاً ، لكن أخبرني بلطف و تأثُّر و شجون ... فشعورك بحالي يجعلك كبيراً في نظري و يشعرني بالاطمئنان و الراحة.

3_ أرجو منك أن تفتح كتاباً أو تطالع موقعاً علميا رصيناً أثناء تواجدي بعيادتك و خلال بحثك عن تشخيصي فهذا لا يُعيبُك ... بل سيعكس مدى دقتك و تحريك و اهتمامك ... فلا أحد يستطيع أن يحفظ كل الحالات المرضية و أدويتها ... فأرجو منك أن تخصص زاوية في عيادتك لأهم المراجع المتعلقة بتخصصك ، و أن تواظب على قراءتها و حفظها في أوقات فراغك كي يسهُل عليك الرجوع سريعاً إلى الفصل الذي يتعلق بأعراضي.

فأَنْ تصِل إلى التشخيص السليم بعد المراجعة و التدقيق و الاستذكار خير من أَنْ تصل إلى تشخيص خاطئ ارتجالي لتُوهِمني بأنك موسوعة تعالج الناس و أنت مُغْمض لعينيك ..... !

لا أريدك ارتجالياً بل أحترمك باحثاً مُطالعاً مدققاً في عيادتك و خاصة خلال تشخيصي.

دوّن علامات و أعراض مرضي بهدوء و اربط بينها بحذر و ذكاء ... ضعها كلها على الورقة و اقرأها مراراً و تكراراً كي تتيح للتشخيص الصحيح أن يلمع في ذهنك.

4 _ لا مانع أن تهتم خلال أيام عطلك و أوقات فراغك بالحالات المزمنة التي مرت عليك خلال الأسبوع ... طالعها في العطلة فلعلك _ من خلال ربطك من جديد بين المعطيات بهدوء _ أن تتوصل إلى تشخيص أدق يساعد المرضى المزمنين و يخفف من آلامهم.

و إن توصّلت إلى شيء جديد خلال العطلة اتصل بي فوراً و أخبرني ، فهذا لن يُنقص من قدرك ... بل سيجعلك كبيراً في عيني و سيزيد من حبي لك ...

5_ لا تفكر بشكل تجاري فلا تصف لي صوراً و تحاليلَ غير ضرورية ... فهذا سيزيد من تضرري و تعرّضي للأشعة أو الجراحة و إنفاقي للمال على العلاج.

6_ لا مانع من عقد اجتماع و لو على الهاتف مع أطباء آخرين للحصول على تشخيص جماعي في الحالات المزمنة الحرجة التي تحتاج إلى تضافر ....

فقرار الجماعة خير من قرار الفرد ... و هذا سيُشعرني بأهمية إنسانيتي لديك .... و بدقة عملك و حرصك.

فلا يضر أن تتصل _ إن احتجت_ بزميل تستفسر منه عن شيء ليس من تخصصك أو معلومة فاتتك من تخصصك .... فكلنا ينسى ...

7_ لا تستقبل العدد الكبير من المرضى فهذا سيُفقدك تركيزك و سيكثر من أخطائك و سيحول المرضى في عيادتك إلى أرقام لا بشراً .... و سيضطرك ذلك الضغط إلى اختصار الحوار مع كل واحد منهم و اختزال شرحك لحالاتهم ... بل سيدفعك ذلك إلى التهور و التسرع ... فأنت تفكر بقائمة المرضى الذين ينتظرون و بالمردود المادي الذي سيأتيك من خلالهم و هذه جريمة بحقهم و حق الإنسانية جمعاء ....!

فأرجو أن تكتفي بعدد محدد من المرضى ضمن حدود طاقتك كي تكون قراراتك صائبة و كي لا تصاب بالتوتر الناتج عن ضغط العمل و تكاثر المرضى و اختلاط الأعراض .... فقدراتك العقلية و العصبية يجب أن تبقى بأحسن حالاتها من بداية يومك إلى نهايته.

8_ إياك و أن تسمح لي بالتحدث كثيراً لأنني سأضلِّلُك بكثرة التفاصيل و السرديات ... بل اسألني أسئلة مُحدّدة و لا تقبل مني جواباً مُطولاً كي يساعدك ذلك على الوصول إلى التشخيص الصحيح .... فكثرة المعلومات ستؤدي إلى تصعيب مهمتك و تعقيد طريقك في الوصول إلى التشخيص السليم.

9_تراجع فوراً عن تشخيصك أو قرارك إن تبين لك أنه خطأ فهذا ليس بعيب ... فصفة التروّي هي الصفة الأهم التي يجب أن يتحلى بها الطبيب الماهر ...

تروّى ثم تروّى في علاجي و خذ وقتك و فكر و اعصر دماغك ثم اعصره و ركز ... فالمسألة تتعلق براحة إنسان أو حياته أو استمرار ألمه ... فهي تستحق كل التدقيق و التروي.

10_ إن لم تعرف تشخيص مرضي لا تدعني أذهب قبل أن تأخذ رقمي لتتواصل معي كل فترة ... فإن عرف أحد الأطباء الذين سأزورهم بعدك تشخيصي فسأخبرك بكيفية حل اللغز عند تواصلك معي ... مما يزيد من معلوماتك و خبرتك فتستدرك ما فاتك و هذا ليس بعيب ...

بل العيب كل العيب أن تفتقد للفضول الذي يجب أن يدفعك لأن تكون حريصاً على معرفة نهاية قصة كل مريض استعصى على التشخيص و كيف تم كشف لغز مرضه .... و ذلك لمصلحتك قبل مصلحتي.

11_ كلُّنا لديه ظروف عائلية و مشاكل تمر به ، فإياك أن تذهب للعمل إن كنت تمر بظرف يشوِّشُك و يقلل من تركيزك .... فقرارك قد يحدد مصيري كمريض ، و خطؤك قد يقتُلني ، فالزم بيتك حتى تعود لطبيعتك و انشراحك ... فتغيّبك عن العيادة خير من دوامك و أنت مشوش مضطرب أو متوتر خائف .... لا تجازف بسعادتي من أجل بعض المال.

12_ كُن صديقي الصَّدوق الأمين ...

#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات