أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]















المزيد.....



الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 16 - 20:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(28)
في علم اجتماع الجنّ..
[كلُّ دينٍ أو مِلّةٍ في البشرِ، يُوجَدُ مِثلُها في الجِّنِّ]..
[أربّ يَبُولُ الثعْلَبانِ بِرَأسِهِ
لَقَدْ هَانَ مَنْ بَالَتْ عَليهِ الثعَالِبُ]- (راشد السلمي)
(1)
الإنسان.. هو الغرض والضحية، لكلّ فكرة أو ظاهرة، برزت وتبرز عبر الزمن.
ولا قيمة أو تفسير.. لأيّة فكرة أو ظاهرة عبر الزمن، خارج إطارها وتأثيرها الاجتماعي.
و(الدين) و(السحر) و(الجنّ).. من تلك الظواهر الغرائبية، ذات المراجع المجهولة والبعيدة في التاريخ، ذات الآثار التدميرية في حياة الفرد والمجتمع، التي لم تتعرض للدراسة والتفكيك والنفي من الوجود الإنساني، لتحقيق/(تحرير) الإنسان، ليكون إنسانا حرا، ذا سيادة وكرامة وكمال.
قد ينظر البعض بسخرية للغاية الإنسانية هاته، لكني أعيده، للفكر البشري العريق، وأولى الملاحم السومرية والإغريقية، لنقف أمام جبروت وعنفوان جلجامش، وحلمه في القوة والسيادة والتحرر، من آثار الموت والشرّ والألم، المحدقة بالجنس البشري.
وهذا هو جوهر المسرح الإغريقي، في الصراع بين الإنسان والآلهة؛ والذي تستعيد الدراما الأمريكية منذ أمد، إعادة صياغتها وإنتاجها، وتقديمها لمستويات وفئات عمرية وثقافية متفاوتة، وهي تستعين بالخوارق والوسائل الميثولجية، لتدعيم قوتها، والسيطرة على المقابل أو سحقه.
هذا التوجه الموسوم بالتهافت والسوقية أحيانا، ليس من قبيل العبث والعشوائية، أو تسطيح العقول وعلفها بما يخدم/(يشاغل عن) أغراض الامبريالية الرأسمالية، في التحكم بالبشرية والسيطرة على العالم، بلا منافس. ولكنه لا ينفصل عن مشروع الثقافة الغربية العالمية، بوصفها (عقل العالم)، ومعقل الزعامة التاريخية التي وضع أسسها الاسكندر المقدوني [356- 323 ق. م.]، ومعلمه أرسطو [384- 322 ق. م.].
وهنا أودّ التلميح لأمرين: أولهما: ان الفلسفة الغربية انتهت إلى سؤال (الغاية) من الوجود والمعرفة، وتفاوتت الأجوبة، قبل أن تختزل في نقطتين: [المتعة (أو) القوّة]. وبقدر ما تبدو (المتعة) ذات سمة شخصية فردية برجوازية، شكلت (القوّة) مشتركا فلسفيا للفرد والجماعة السياسية/(الدولة)، وهو الأمر الذي قامت عليه فكرة الدولة والسيادة الأوربية والأمريكية في العصر الحديث.
ونظرة للشخصية الغربية المعاصرة، أمرأة أو رجلا، طفلا أو بالغا، فردا أو جماعة، تجدها تتسم بالقوة/(منطقا وشخصية)، ضمن سمات فكرية وسلوكية عدّة. وهاته هي سمة (الدولة)، (الحزب)، (جماعة رجال الأعمال والدين والثقافة)، بل أن (قوتهم) تجاوزت فكرة (الاستقلال) و(السيادة)، إلى (العولمة) و(عبور الحدود).
الشخصية الغربية، التي هي الطابع العام للحضارة والتمدن الغربي الحالي، ليست مجرد مظاهر تتعلق بالثياب والشعر وطريقة الكلام والحركة، إنما هي (نتيجة) قاعدة فكرية فلسفية عميقة، لم تستسلم للغبيات يوما، ولم تعرف/ تعترف بالهزيمة عبر تأريخها، كما أنها لم تغتر بالنصر والتفوق بشكل عاطفي أو سوقي، لكي تصاب بالجمود والضعف.
الأمر الثاني: هو أن التعامل الغربي مع أية فكرة أو حاجة في الوجود، تقوم على العقل العلمي والعقل العملي لا غير. لقد تجاوز الغرب فكرة (الغيب/ الروح) إلى (المادة) و(الحاجة العملية)، وذلك من عهد فرانسس بيكون [1561- 1626م]، مؤسس التربية والفكر الغربي المعاصر.
ومنه.. أن معالجة السينما الأميركية لقوة (الخوارق)، لا تصدر عن عاطفة أو خلجات نفسية، إنما عن دهاليز مختبرات تكنولوجية معقدة، تجاوزت مرحلة التقنية واستخدامات الطاقة، إلى الآثار الجانبية المادية وغير المادية للطاقة.
وهذا لايكتفي بإعادة صاغة وبرمجة أذهان وأذواق الناشئة منذ ربع قرن تقربا، لانتاج أجيال متقاربة ومتشابهة، ربيبة الفكر الغربي فحسب؛ وإنما ترسيخ عقيدة التفوق الغربية، وجعله مركز المرجعية الثقافية العامة، مما يظهر أثره، في التوجه العام للناشئة العربية والمسلمة، في الميل للهجرة واحتذاء الطرز الغربية، والحاضنة الغربية، جغرافيا وثقافيا.
فرسوخ العقلية المادية العملية من جهة، والجهد العلمي في دراسة وتفكيك الظواهر العامة، يميز منها ما ينسجم مع العقل العلمي، مما يتنافى معه. لذلك نجح الغرب في مسح ثقافة الغيبيات من مساحة الحياة العملية المادية، والاهتمام بما هو عملي ونافع لمسيرة الحياة.
إما أن وعي الناشئة المسلمة السطحي، لا يتجاوز المظاهر والقشور [الثياب والشعر والتسلكات السطحية]، كما ينعكس في الشارع العربي، فذلك جزء من حركة الصدام والتناقض التي يحسمها الوعي الفردي، بالحاجة وغريزة البقاء والسيادة. و سوف تحتاج الطبيعة الشرقية زمنا ومماحكات أكثر تعقيدا، لتتعلم معنى الحرية والسيادة والمساواة.
بمعنى، أنه في حين يعمل الفرد على تدعيم سيادته على العالم والحراك العالمي، وتسخير الطبيعة والبشر والطاقة لخدمته؛ بضمنها (قوى الطاقة والغيب غير المنظور وغير المادي)، لما يزل الفرد/ المجتمع الشرقي، عبدا وفريسة، لنظام اجتماعي اقطاعي متخلف، وقوى غيبية تمسخ وجوده وفكره وسلوكه، بدل أن تمحنه قوة على الحياة والمواجهة.
فالفرد الشرق لا يعي غايته من الوجود، ولا يشعر باللذة أو القوة في حياته، بقدر ما هو رقم مجرد، وعبد في المنظومة المجتمعية والدينية المحيطة به. وبقدر انقياده وتملقه وتطفله على تلك المنظمة، يزيد مكاسبه ويحسن وضعه، ولكنه يبقى عبدا حتى الموت لها، ما لم تواته الفرصة للتمرد والهروب والخروج من القمقم.
(2)
في التراث البابلي عرف استخدام أصنام حجرية صغيرة، سهلة الحمل، تجلب (الفأل والسعادة)، تدعى (ترافيم)/[قض 17: 5؛ 1صم 15: 23، 19: 16]. وكانت غالبا من موجودات كلّ بيت وكلّ أسرة، ومن يملكها يكون له حق (البكر)، وهي من ضمن (آلهة شخصية)، عرفتها الثقافة الرافدينية القديمة.
وفي التوراة، وهي من النصوص التاريخية القديمة جدا، كان يستخدم نوع من الحجر/(أوريم)/[ع 27: 21؛ 1صم 28: 6]، للاستخارة أو استلام جواب من الغيب، كما في الشاهد الأخير: (فاستشار الربّ فلم يجبْه، لا بأحلام ولا بأوريم، ولا عن طريق الأنبياء).
وإلى جانب حجر (أوريم)، كان ثمة حجر صغير آخر: (تمّيم)/[خر 28: 30؛ لا 8: 8]، يعلقهما الكاهن تحت صدرته، ويستخدمها عند الحاجة لمعرفة الغيب أو المستقبل، أو استلام جواب حول مسألة عصيّة. ولفظة (تمّيم) هي أصل عبري للفظة (تميمة: تمائم) العربية، والمستخدمة بنفس المعنى والغرض، حتى أيام قريبة.
ويلحظ أن الأحجار الآنفة الذكر، كانت صغيرة الحجم في العادة، يمكن حملها على الصدر، أو ربطها على الجسم، للحصول على الحماية أو المعرفة المسبقة؛ ومن بابها ما عرفه موروثنا الشعبي عن (الحجاب) و(التعويذة)/(الدِعَهْ/ من دعاء) التي تربط في عنق الطفل الوليد وعلى جسم الصبي، للحماية والوقاية من عين الحسود والضرر وأثر الجنّ.
ولا ينفصل عن الأحجار والتعاويذ، ممارسات سلوكية مضطربة، مثل لجوء الناس لكثرة البسملة وترديد المعوذات ولعن أبليس، أو قراءة نصوص وأدعية دينية، لدفع النحس والشرّ، وابتغاء الحماية والوقاية والفأل الحسن؛ وكلّ هاتك سمات طبائع هشة، مضطربة، مهزوزة، خائفة، عاجزة عن الحياة خارج الثقافة الجمعية لحوض السمك المولودة فيه.
هاته الرموز المادية والحجرية المحيلة على (قوى الغيب)، هي أدوات تحكم وتوجيه، بعقل الفرد الجمعي العربي وسلوكه، لا يكاد يجرؤ على الحياة من دونها؛ ولا بدّ من معرفة أصولها القديمة، التي تتجاوز سكان جزيرة العرب، لأمم وجماعات سبقت ظهور الديانات والدول القديمة.
وفي حياة العرب وجغرافيا الجزيرة، عديد الأحجار والمعابد والمرموزات الغيبية، التي كانت موضع استخارة وإرشاد المقيمين والمسافرين، لأغراض الحماية من أهوال الطريق، أو معرفة مدى نجاحهم فيي الحصول على بغيتهم. ولذلك أمثلة كثيرة في الأخباريات وأشعار الأقدمين.
والواضح من الأخباريات، أنها كانت موضع توقير العموم، لكنها لم تكن (مقدّسة) بالإطلاق. وقد نبذها جمهور من الناس وسخروا منها ووصفوها بالحجر الأصمّ، وأن المتكلم من ورائها/(جوفها) شخص، أو كاهن يرتزق بها. بل أن بعض أولئك الكهنة تعرضوا للأذى والقتل، بيد بعض المارّة.
وكان في زاوية الكعبة مكان، يستخدم للكشف أو فك لغز أو معرفة والد طفل لقيط مجهول الأب أو الأصل، كما وردت ف سيرة ابن اسحاق. وهاته كلّها إحالات على دور الجنّ، في حياة الأمم القديمة، وتوغلها في حياة العرب. وفيما تجاوز الغرب تلك الظاهرة الوثنية القديمة، ما زالت ركنا في حياة العرب وتراثهم.
وفيما كان المؤمَّل بظهور (دين عربي)، أن يضع حدّا لتقليد وثني بدائي، تجد (القرآن)وصاحبه، يعتمد التقليد البدائي الموروث، محورا ديناميكيا لثقافته، وأداة للتحكم بالعرب وتهديدهم، بقوى الغيب التابعة لنبيّ القرآن؛ والذي سيختلط عليه الأمر ثمة، بين الملائكة الصالحين والطالحين، وبينهم وبين (الله)؛ كما هو بين وساوسه وهواجسه، و(الوحي).
وللمقارنة، نقرأ في الإنجيل، السابق زمنيا للقرآن بستة قرون: [وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ. وَحَسَبُوا أَثْمَانَهَا فَوَجَدُوهَا خَمْسِينَ أَلْفًا مِنَ الْفِضَّةِ. هكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو وَتَقْوَى بِشِدَّةٍ]- (أع 19: 19- 20)
ونعرض أيضا لحالة، شائعة في واقعنا الديني التجاري، سيما الشيعي: [أَنَّ إِنْسَانًا اسْمُهُ دِيمِتْرِيُوسُ، صَائِغٌ صَانِعُ هَيَاكِلِ فِضَّةٍ لأَرْطَامِيسَ، كَانَ يُكَسِّبُ الصُّنَّاعَ مَكْسَبًا لَيْسَ بِقَلِيل. فَجَمَعَهُمْ وَالْفَعَلَةَ فِي مِثْلِ ذلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سِعَتَنَا إِنَّمَا هِيَ مِنْ هذِهِ الصِّنَاعَةِ. وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَتَسْمَعُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفَسُسَ فَقَطْ، بَلْ مِنْ جَمِيعِ أَسِيَّا تَقْرِيبًا، اسْتَمَالَ وَأَزَاغَ بُولُسُ هذَا جَمْعًا كَثِيرًا قَائِلًا: ِانَّ الَّتِي تُصْنَعُ بِالأَيَادِي لَيْسَتْ آلِهَةً. فَلَيْسَ نَصِيبُنَا هذَا وَحْدَهُ فِي خَطَرٍ مِنْ أَنْ يَحْصُلَ فِي إِهَانَةٍ، بَلْ أَيْضًا هَيْكَلُ أَرْطَامِيسَ، الإِلهَةِ الْعَظِيمَةِ، أَنْ يُحْسَبَ لاَ شَيْءَ، وَأَنْ سَوْفَ تُهْدَمُ عَظَمَتُهَا، هِيَ الَّتِي يَعْبُدُهَا جَمِيعُ أَسِيَّا وَالْمَسْكُونَةِ. لَمَّا سَمِعُوا امْتَلأُوا غَضَبًا، وَطَفِقُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ.
فَامْتَلأَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا اضْطِرَابًا، وَانْدَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى الْمَشْهَدِ خَاطِفِينَ مَعَهُمْ غَايُوسَ وَأَرِسْتَرْخُسَ الْمَكِدُونِيَّيْنِ، رَفِيقَيْ بُولُسَ فِي السَّفَرِ]- (أع 19: 24- 29)
هاته الظاهرة الوثنية التجارية، سواء في ممارسة السحر والشعوذة تحت مسمى (الدين)، أو بيع التماثيل والخيوط والأحجار وما يقترن بها من زيارات وطقوس وثنية غير عقلانية، لمراكز الأضرحة العلوية، وربطها بالعبادات والسنّة الموروثة، لما تزل موضوع خلاف المراجع والمشايخ، بين نخبة تستنكرها وتنهى عنها، وبين شيوخ عامة، تؤكدها وتسخرها لأغراض تجارية، وترسيخ التخلف والجهل والعبودية.
وما ينطبق على زيارات النجف وكربلاء الوثنية والهمجية، ينطبق على زيارات مكة والكعبة، الوثنية التجارية والسياحية هي الأخرى، والتي سبق وصفها في القرآن/ (قريش 106- مكيّة):
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ
إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ
وفيها توصيف أن أهل مكة يعملون في التجارة، يتجهون صيفا إلى الشام، وشتاء إلى اليمن، وقد عوّضهم عن ارتحالهم هنا وهناك، بارتحال الناس إليهم من كلّ صوب، وهم (قاعدون)، يكسبون ريع الزيارات وموارد التجارات، التي ينفقها الزوّار، خلال الزيارة والاقامة والمبايعات.
وقد أسبغ على قريش/(قوم محمّد) من جرائها، أمنا من الجوع والخوف.
فما مكسب أهل الأمصار من وراء ذلك؛ غير نزيف المال والجهد، اللذين أوطانهم أولى بهما. وما مصلحة العراق الذي لم يعرف الأمن لا من الخوف ولا الجوع، منذ وطأه الإسلام برجله اليسرى، من رحلة ملايينه سنويا للدوران والتمسح بحجر أصمّ. وكأن شبابيك أضرحته الايرانية الفضية، لا تطمئن نفوسهم المضطربة. وهذا ينطبق على أهل الشام ومصر وما وراءها؛ المشمولة بنص آخر..
[وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ]- (البقرة 2: 155)
فهل ينتظر عراقستان من عقائده الوثنية والشيطانية، مزيدا من اللعنات وتجارة العفن؟.. وهنا يحضرني ردّ (عابرة) فلسطينية على شخص، تعرض لها ساخرا وشاتما، بقولها: (أنت من العراق، ورأيت ما حصل فيه بسبب (الدين)، وتتكلم هكذا)!.
ما معنى: (مِنْ ثِمَارِهمْ تعْرِفُونَهمْ)!.. هل الحسك ينتج تينا، أم الدم والحقد ينتج سلاما محبة؟!.. أم الخوف والخنوع، أكثر ضرورة من إرادة الحياة النظيفة وصناعة الأمل المشرق؟..
لقد أثبتت الحالة العراقية، وتحديدا في عهد عراقستان، مدى ولاءها للجهل والتخلف والعبودية من جهة، ومدى اسمرائها للعبودية (الاختيارية) المهنة؛ ومدى ضحالة علاقتها بالثقافة والحضارة والتمدن والإنسانية والقيم السامية. وقد قيل الكثير عن عراق الحضارة وثقافة العراق، فكان اختبارها الكبير على عتبة الألفية الثالثة، تأكيد فراغ تلك المقولات والمزاعم.
(3)
علم الاجتماع من العلوم اللاتينية، يعنى بدراسة كلّ ظاهرة اجتماعية، تصدر من الإنسان/(فردا أو جماعة)، أو ينعكس عليه أثرها/(فردا أو جماعة). وهو من المبادئ والمفاتيح الأساسية لتعريف وفهم وتقييم وتقويم كلّ ما يصدر عن الانسان أو يؤثر عليه، من منظور عقلي نقدي تحليلي تفكيكي صارم ومستقل.
وإذ يتصدى البحث هنا لخزعبلات الشرق وخرافاته العدمية، إنما يتناول آثارها التدميرية على الإنسان والعقل البشري والطبيعة، منذ أول تداولها، حتى اليوم. إذ تضطرد مظاهرها في مجتمعات الهزيمة والقحط الحضاري، التي تكشفت عن سقوط الأنظمة المدنية وانهيار الدول المتحضرة.
يقول ابن سينا [980- 1037م]: زعم العرب أن الجن (حيوان هوائي)، من شأنه أن يتشكل بأشكال مختلفة. بينما أوضح ابن إسحق [704- 768م]، أن العرب يقولون ما الجنّ، إلا كلّ ما اجتنى (لا يظهر).
ويقول الشلبي [1312- 1367م] في كتاب (آكام المرجان)، أن الله جعل الجنّ تسكن الأرض قبل آدم بألفي عام، وأبوهم (ساميا) أو (سوميا)، ويقال: (شوميا) - كما هو (آدم) أبو البشر. و(ساميا): خلقه الله من مارج من نار/(الرحمن 55: 15)، ثم قال له: تمنَّ. فقال: أتمنى أن نَرى ولا نُرى، وأن نغيب في الثرى، ويصير كهلنا شابًا، فأُعطي ذلك.
وفي رسالة الغفران لأبي العلاء المعري [973- 1057م] حوار طريف بين جنّ اسمه (خيتعور) و(أبو هدرش)، يسخران فيه من شعر الإنس؛ ويقول أحدهما: إن أضعف الجن شعرا أفضل من امرئ القيس [501- 540م]. ولا يفوت المعري أن يشير من طرف خفي إلى أن ما يروى مما ينكره المعقول، وجزء من أكاذيب.
والواقع ان قصص الأيام والمغازي العربية ، نقلت أخبار وصور معتقدات العرب بما وصفوه بالجنّ والشيطان، معتقدين أنها، جزء من العالم السماوي، تقربهم زلفي لله، من غير تمييز بين الصالح والشرير، والروحي والبشري؛ وهي مرحلة بدائية لم يتجاوزها العقل البدوي المغرور للساعة.
وقد ربط الجاحظ [776- 868م] وابن خلدون [1332- 1406م] بين ظروف الوحشة الصحراوية، التي لم تكن مشمولة بالتغطية الكهربائية وتنوير العقل والبصيرة والمكتبات العامة؛ وبين انتشار القصص الشعبي والشفاهي، في شبه الجزيرة، قبل ظهور محمّد [571- 632م]؛ بحيث هيمنت على كيانه، وتخلخلت ثقافته وكتابه وسنّته.
وحسب الجاحظ البصري في كتاب (الحيوان) أن أصل هذا الأمر: أن القوم لما نزلوا بلاد الوحش، عملت فيهم الوحشة، ومن انفرد طال مقامه في البلاد والخلاء، والبعد عن الإنس. والوحدة لا تقطع أيامهم إلا بالمنى أو بالتفكير، والفكر بما كان من أسباب الوسوسة.
ويقول مصطفى الرافعي [1880- 1937م] في كتابه (تاريخ آداب العرب)، إن الإنسان إذا استوحش مثلَ له الشيء الصغير في صورة الكبير، وارتاب وتفرّق ذهنه وانتفضت أخلاطه، فيرى ما لا يُرى، ويسمع ما لا يُسمع، ويتوهم على الشيء الصغير الحقير أنه عظيم جليل، ثم جعلوا ما تصور لهم من ذلك شعرًا تناشدوه.
يقول احمد القبانجي أن الإسلام استعار موجودات البيئة من حواله، مؤثثا بها كيانه الديني، بعدما أهال عليه سمة (قداسة) علوية. وهذا ما دأب عليه إسلام الطوائف والأمصار خارج الجزيرة، حيث أضفت كلّ جماعة وكل بلدة من موروثاتها المحلية والدينية السابقة، وجعلته من أصل الدين، بعدما أسبغت عليه صبغة (قداسة).
وتؤكد الأخباريات ارتباط كل منطقة جغرافية، بفئة من الجنّ، ذات خصائص معينة. ومن الطريف والمقارن، أننا في بلاد الغرب، نجد أن كلّ منطقة من البلاد، لها راعٍ حارس أمين وشفيع من القدّيسين. وكلّ كنيسة وجماعة محليّة، لها صلاة مخصوصة دورية من أجل منطقتها ومدينتها وبلدها.
وقد قدّم المفصّل في تاريخ العرب للدكتور جواد علي [1907- 1987م]، تفاصيل وبيانات عن الجن والشياطين في شبه الجزيرة، وقدّم قائمة بآلهة العرب ومعبوداتهم ، والتي أكثرها من الجنّ والشيطان والأصنام التي تأخذ أشكال التضاريس والتلول والصخور الغريبة.
فالجنّ ليست ثقافة تسلية وفنون شعرية ورياضات لغوية، وإنما هي (آلهة) ترجى منها الشفاعة، وترفع إليها الصلوات والأعطيات والقرابين، وبسببها نشبت نزاعات وحروب قبلية، وترتب عليها كوارث دم ويتم وترمل وسبي. وهو ما نسج على منواله محمّد، بتدمير آلهة الجزيرة ، دون أن يجرؤ على هدم أصنام الكعبة.
أما الجزيرة والبلاد العربية، فتعيش في عوالم الجنّ والشيطنة وتقديس قبور بشر، ليس لهم في باب البرّ والقداسة ومعرفة الحق مكان. ومع ذلك، لا يتساءلن سكان بلد كالعراق، تنتشر فيه قبور (أهل البيت) و(الصحابة)، لماذا اللعنات والكوارث والمجازر الدموية والهمجية، هي الطابع العام والسائد فيه، منذ وطأته قدماه.
وبدل أن تكون تلك القبور والأضرحة الميتة، مصدر حماية وشفاعة للبلد وسكانه، تجدها خلاف ذلك. بله، تجد الناس يصلون لتلك الأضرحة، ويتولون حمايتها لجموع الغوغاء والمليشيات الخارجة على القانون؛ طالبين لها الشفاعة، كما في أدعية الزيارات الوثنية، المعلقة على بواباتها، ويتولى سدنتها وكهنتها قيادة الزوّار في ممارساتها.
وذلك دليل عقيدة خاوية كاذبة، تأخذ كل شيء من الناس، ولا تعطيهم شيئا. وذلك هو فحوى ما أورده أبو حيان التوحيدي، في صغة سؤال موجه للنبيّ: هل تريد أن تموت من أجل الناس، أم يموت الناس من أجلك؟.. فأجاب: بل يموت الناس!..
ونحن طبعا، نسخر من هتاف الناس: (بالروح بالدم.. نفديك يا...)، ولا نعترض ونستنكر موت قوافل الناس من أجل (محمّد) وأتباعه ووكلائه، ليستمر نظام الاقطاع الإسلامي الرجعي، ويستمر تخلف وعبودية المسلمين. وهذا يتبع، أن أفكارنا جزئية سطحة، غير شمولية مبدأية، ولا تصدر عن عقل فلسفي شامل ومحيط. لذلك نخرج من حفرة ونسقط في أعمق منها. ورغم حركة التمردات والانتفاضات المستمرة ضد أشخاص قادة؛ فلم حصل البتة، انتفاضة فكرية شاملة ضدّ المنظومة الفكرية العامة، التي تنتج الطغاة والسفلة. فيذهب الطغاة ويأتي غيرهم، وتستمر المنظومة التدميرية الرجعية. وهذا ما ينطبق على عموم تاريخنا، ومنه انتفاضة تشرين المستمرة من العام الماضي، التي أسقطت الحكومة، ولم تسقط الطبقة السياسية الغاشمة، ولم تتعرض للمنظومة الدينية الحاضنة لطبقة الحكم ونظام الكتلة الأكبر الطائفية العميلة لايران على حساب العراق، وبعبارة أعمق، لم تتمرد على الفكر الديني المسؤول عن فوضى الفساد والدم. وها هي الكتلة الأكبر تنزع جلدها وتكتسي بآخر، مستبدلة لاعبا بلاعب، لتستمر اللعبة القديمة، بنفس الوجوه العقيمة. ان ما حتاجه العراق والعالم العربي، هو ثورة فكرية ثقافية سياسية شاملة، لا تجامل ولا تسايس ولا تناور. وللأسف، لقد قدمت الكثر من الضحايا والأرواح وعلدماء والآلام، ولم تقترب من غايتها، أو تنال المجد المطلوب. ومن غير قلع جذور القلعة الدينية التي بناها الإسلام البدوي، ورسخها الفارسيي وابن السوداء وعليّ والكليني والطوسي، فمن الأجدى للعراقيين توفير دمائهم وجهودهم، بدل الدوران على أنفسهم، واجترار العسل المسموم.
فهل أدرك الثوار أن عدوّهم الأكبر هو علي بن عبد مناف [599/ 656- 661م]؟.. الفرّار من يثرب إلى العراق، هربا من تبعات اغتيال عثمان بطريقة همجية، وبرعايته*؛ هو الذي لعن هواء العراق وماءه وناسه، ونعتهم بأحطّ النعوت، ودعا ضدّهم بأسوأ الدعاء واللعنات، مصدرا عن مشاعر هزيمة ذاتية وعجز عن اقناع الناس، فولغ فيهم سيفه ولعناته، مستكملا/ مستنسخا ممارسات صهره في أهل يثرب ومكة.
صدام حسين الطاغة والدكتاتور، بلسان معارضيه الطائفيين من ذيول ايران، قاد العراق في حربين، كانت الاولى ستراتيجية والثانية تأديبية، واستحق صفات الدموية، دون اعتبار الجانب الآخر من حكمه. بينما عليّ الذي غزا العراق رغما عن أهله، قاد العراقيين في أربعة حروب عبثية غبية، خلال أربع سنوات، وخلف العراق ساحة للصراعات الدموية والطائفية والقومية الجارية حتى اليوم. ورغمه، لم توفر العراقيون على بصيرة أو شجاعة تشخيص سبب مأساتهم.
وبدل تطهير أرض العراق من الأرجاس، همّت عوائل ورؤوس طائفية مستجدة، بصنع أضرحة ومراكز عبادة وثنية، تبلغ كلفتها المليارات، فضلا عن عشرات فدادين الأرض المطلوبة للسكن والعملاان والصناعة والزراعة، فأين منها عقول العراقيين، وأن منها شباب الثورة؟..
وليس من فراغ، أن تشهد شوارعع عراقستان يافطات علنية لمكاتب ومراكز شعوذة ودجل، تزعم العلاج بالسحر والجنّ والرقى النبوية والحجامة، مما يتنافى مع بدهييات حضارة العقل والعمران المدني واحترام الإنسان. فيما تعجّ المستشفيات المدنية، بالوسخ وأنواع الفيران والنقص المريع في أدوات العلاج والأدوية والتخدير، خدمة مقصودة، لثقافة الدجل وامتهان الإنسانية.
حال المستشفيات العراقية في ظل الحكم الديني الطائفي، ليست أفضل من حال بعض المستشفيات العامة في مصر، والمقصود منها، توجيه الناس للعلاج على أيدي السحرة والمشعوذين وممارسي الدجل، المعروفة عناوينهم ومراكزهم للملأ.
ولعلّ ما يشين مجتمعات الشرق الأدنى والأوسط، أن يجري كلّ ذلك باسم (الدين) وباسم(الإسلام) تحديدا، ومن باب الفخر بالطبّ النبوي والقرآني، مما يفضح جوهر وحقيقة الظاهرة (الإسلامية) من جهة، ويفضح المراجع والشيوخ والفقهاء الذي روّجوا بصمتهم وخنوعهم لفضح (الإسلام) والتمادي في استعداء الحضارة والإنسان في القرن الواحد والعشرين.
ان صمت المراجع لمريب ومعيب!..
ولا غرابة أو حياء.. أن شيوخ الدين ومراجعه، يقصدون المستشفيات الأميركية والغربية، للعلاج، بينما يتركون العامة والجهلاء، للعلاج بارقى والنجاسات.
(4)
البيت الذي ولدت فيه كان في أصله قطعة أرض طولية عميقة ، تكون من حجرتين في العمق، احدهما حجرة نوم ومعيشة والأخرى حجرة مطبخ. وأمامها باحة طولية واسعة تطلّ على باحة المحلة. وهو في أصله بيت جدي من طرف الوالد.
وعندما أراد جدّ تزويج ولديه، بنى دارا جديدة بالطابوق في الجانب الأيمن المطل على المحلة من البيت القديم. وخصص البيت الجديد للعمّ. وبقيت الدار القديمة حصة والدي وعائلتي.
بناء الدار الجديدة، في الواجهة، قتل البيت القديم، ولم يترك غير عنق ضيق طويل، يربط الدار القديمة بفضاء المحلة. المهم من هاته المقدمة، هو جوّ العتمة الذي يحكم الممرّ الطويل نحو الخارج، والذي كنا نعبره عشرات المرات يوميا، في الخروج والعودة والبيت.
حتى فضاء البيت الداخلي كان محكوما بالعتمة، عند الحركة داخل البيت. وبديهي، أننا كنا ننام صيفا في باحة البيت، تحيط بنا جدران عالية من كلّ الجهات. وربما كنت أخشى الظلام فيي طفولتي المبكر، ولا أخرج ليلا من غير حراسة، وهنا كان تعليم الوالدة الأساسي، إذا خرجت في الظلام، فعليك بالبسملة وقراءة المعوذات.
الذي حصل بالنتيجة، هو أن التحديق في الظلمة، يدفع الذهن لانتاج شبكة خطوط وهمية ملوّنة في الظلام، تدور وتلتف وتتموج، بشكل أفقي أو عمودي. مما كان يدفعني لزيادة ترديد البسملة والمعوذات، لمجرّد الايمان القطعي بكلام الوالدة، لا غير.
في تلك المرحلة، بدأت محاولاتي الأولى في الرسم، حيث صارت تتشكل صور وجوه وهياكل أما عيني، ليس في الليل، وإنما في النهار أيضا. ومن أثره أيضا، أني استأنست الحالة، فكنت أغمض عيني وأستسلم لأفكاري، فأرى أشكلا ووجوها عشوائية، وأعمل على تجسد تلك التصورات، على ورقة بين يديّ.
الحالة الأخرى التي عشتها ف طفولتي، كانت إقامتنا في ناحية (الوجيهة). وكانت بيوت (الادارة المحلية) الستة، خارج مركز البلدة، وعلى مقربة من مجرى نهر (مهروت)، حيث تحيط بنا برية واسعة، تتواجد فيها حيوانات برية غير أليفة، فضلا عن اللصوص ومنازعات العشائر.
حتى في النهار، لم يسمح لنا بالخروج من البيوت، أو الابتعاد عنها في ألعابنا، أو الذهاب للجيران. ولسبب ما، لغرض منعنا من البقاء في الخارج، أو الاقتراب من النهر، سمعت للمرة الأولى بخرافات (الطنطل والسعلاة)، مدعومة بأوصاف حركتها السريعة ، وقدرتها الخارقة في الشمّ والحركة والخطف ، أنها تَرى ولا تُرى. الطنطل يخطف الفتيات، والسعلاة تخطف الصبيان.
وهذا أضاف لمخيلتي، صورا أكثر تجسيدا ووضوحا، حسب التواصيف الشعبية، دعمت قدراتي الفنية. وفي نفس الوقت، ترسّخت تلك الأوهام في عقلي الباطن، وانقلبت بشكل انعكاسي، لاعتياد الحركة في الظلمة، وتفضيلها على استخدام (الانارة) قرابة السنة.
وفي النمسا قرأت مقالا في جريدة الكرونا الشعبية، بعنوان (السير في العتمة)/(لفيلسوف نمساوي لا يحضرني إسمه)، ترجمتها يومها ونشرتها في مجلة (ضفاف) التي كنت أصدرتها يومذاك.
وثمة تجربة غرائبية أخرى، اختبرتها، عندما نقلت الحكومة والدي إلى بلدة (الهويدر)، وصادف أن ساعي الدائرة كان عدوانيا لئيما في تعامله مع والدي، وليس لنا معرفة في البلدة، وقد تنقلنا في أربعة بيوت خلال أقل من عام إقامتنا هناك.
أقمنا في بيت أثري قديم، له سرداب. ولكن أغراضنا بقيت أمام المنزل حتى المساء، ووالدتي لا تكاد تجرؤ على اجتياز عتبته. ذلك أن اجتماعا للصبيان أما البيت، كانوا يصرخون: (هذا بيت مسكون. هذا بين مسكون، متروك). ولكن الحصول على بيت في تلك البلدة الصغيرة، أقرب للمستحيل، والسكان غير متعاونين.
جاء والدي في المساء، وأدخل الأغراض، ودخلنا معه. تركنا الأغراض وسط البيت، وجلسنا عليها أو حولها. كان ذلك في الصيف. البيت عديد الحجرات، لكنه مقفر، ومهجور. نمنا ليلا في سرداب البيت البيت البارد والنظيف. في الصباح عاد الأطفال يضربون الباب بالحجارة ويصرخون: (بيت مسكون، البيت فيه جنّ)، وكانت والدت تتوجس من كلّ ذلك.
بعد إسبوع تركنا البيت سالمين، وسكنا بيتا على مبعدة منه. في وسط (الهودر) وادي بيضوي على شكل بستان أو غابة، وحواليه بيوت سكنية، فصلها عنه شارع ضيق يصلح لمرور العجلات. وكان البيت المسكون- زعما- على حافة الوادي، وكذلك البيت اللاحق.
في هذا البيت ولد أحد إخوتي الصغار، وبعد أقل من اسبوع من الولادة، ذهب والدي للعمل في الثامنة. في الثامنة والنصف، حدث فطر في أرضية المدخل، يهدد بالاتساع. جاء الجيران لنجدتنا. والدتي على غير ما رام. ذجاء والدي من العمل مسرعا، وبدأنا في إخلاء الدار، ووضعنا أغراضنا في الشارع مرة أخرى.
لم يحدث شيء في البيت المسكون، وهو بيت قديم محكم مبني بلآجر القديم. لكن البيت التالي له والمبن بالطابوق الحديث، كانت أرضيته هشة. ولا أدري لماذا صادف أنفطاره وانهياره مع نزولنا القصير فيه، وبالذات عقب ولادة الأصغر ببضعة أيام/ (أخي هذا توعك فيي الأربعين ولم يعد على ما يرام).
في المساء انتقلنا انتقلنا للبيت الرابع، في مدخل المدينة، ولم يكتمل بناءه. نجح والدي في الانتقال من تلك المدينة والعودة لدائرة الوجيهية التي سبق نقله منها. في الهودر، شهدنا أتعس التجارب، ولكن الجيران كانوا طيبين، خلاف الطابع العام للسكان. وهناك.. شهدت أول طقوس عاشور الحية ومواكبها التمثيلية، والتي بقي منها مشاهد الدم وتطبير الرؤوس وكفية اعداد المطبرين لتلك الممارسة الهمجية. هل كان الجنّ في المدينة أم البيت القديم أو اللاحق، أم في الناس، ومنهم ساعي الدائرة اللئيم.
هذا الاختبار الذاتي مع العتمة، كشف لي صور وخرافات، هي افرازات سايكولوجية لثقافة تربوية ترويعية سيئة، تسكن ذوات الناس في طفولتهم، وتتحول بالتدرج والعجز العقلي والنفسي، إلى عقيدة دينية وشريعة، يختلط فيها الجنّ بالأنس، اختلاط الحق بالباطل، والإله الحق بشخصية أبليس.
تجربتي الذاتية علّمتني سر هندسة أشكال الهلوسة الذهنة المضطربة، كما عرفتها لاحقا في رسوم الكاريكاتور الساخرة، والشخصيات الغرائبية في ميثولوجيا الشعوب والمسرح الإغريقي العريق، فضلا عن صور الثور المجنح والسمكة بنصف بشري، وما يجري مجراه.
(5)
ولكي نتحدد جغرافيا في البحث، لا بدّ من الاقرار أن وجود (الجنّ) سابق لظاهرة (الدين) في حياة شبه جزيرة العرب. وثمة، فهو ليس اختراعا (إسلاميا) ولا (محمّديا)، بقدر ما قام المتأخرون باستعارته وتسخيره وتوظيفه، في منظومة دينية غيبية، ولأأغراض سياسية/ تجارية.
وفي فصل (الجنّ في حياة العرب): أن العرب تصوّروا الجنّ على شاكلتهم، ترتبط فيما بينها بصلة الأرحام ورابطة القربي، تتقاتل أو تتعاهد. كما أن لها نظاما اجتماعيا صارما، ففيهم [الملوك والحكام والسادات] وفيهم (عامة) أفراد الرعيّة. وبين أفراد القبيلة الواحدة عصبية، تضاهي تلك التي تجمع بين أفراد القبيلة العربية!./ (الأمثال العربية والعصر الجاهلي- دراسة تحليلية- د. محمد توفيق بوعلي/ دار النفائس- بيروت/ ط1- 1988م)
وقد نسب لابن تيميه [1263- 1328م] قوله: وقد يحدث زواج بين الإنس والجّنّ، ويولد بينهما ولد!.
ويعيد إحسان عباس [1920- 2003م] ان العرب استقوا القصص الخرافية الجارية على ألسنة حيوانات عن الإغريق، وذلك كأخبار مجرّدة، أو دروس أخلاقية. انّ الذي يعنينا من هذا كلّه، هو اطمئناننا إلى أنّ هذا القصص قديم، بل موغل في القدم أحيانا؛ فهو ليس من مبتدع الرواة.
وسواء كان عربيا صرفا، أو متأثرا بإداب الأمم الأخرى، فأنّ تجسيده لحال العرب، أمر لا يرقى إليه الشك. ان صورة القصص الخرافي...، وجدت تربة خصبة من اللامعقولية في مجتمع تناقضات، أطبقت عليه القيود.
ويربط سليمان الحديثي/(الجريدة الاقتصادية الالكترونية- 15 اكتوبر 2015م/ أساطير عربية) بين طبيعة تضاريسية البيئة وبين نوع الجنّ والأساطير السارية حوله. وتجمع بيئة شبه الجزيرة بين الصحراوية والجبلية على شواطئ البحار، فضلا عن البيئة النهرية بين العراق ومصر.
ومن الأماكن المشهورة بسكنى الجنّ في شبه الجزيرة، جبال (سواج) و(الضلعين)، وواديان (وبار)، وهي من قفار اليمن المهجورة؛ كما حصل مع ـ(عاد وثمود)، فسكنت الجن أماكنهم ولم تعمر بعد.
ومنها (عبقر): وهو وادٍ على حدود اليمن، نسب العرب إليه كل شيء تعجبوا من حذقه، كما يقول الجوهري (ت 1003م) في (الصّحاح)، ومنه اشتُقت كلمة (عبقري).
ومنه: ارتباط قصص الجنّ بأماكن بعينها. واعتقد العرب أن الأماكن والحواضر البائدة، استحلتها جماعات من الجنّ، ولذلك يتحاشى الناس السكنى أو المبيت في أماكن مهجورة أو بائدة، خوفا من أثر (الجنّ) المقيم فيها.
(6)
بعض اسماء قبائل وارهاط الجن:
بنى قماقم، بنى نعمان، بنى قيعان، بنى دهمان، بنى غيلان، بنى الأحمر، الميامين، شماشقة غاوون، طماطمة/(ابالسة)، دناهشة/(ابالسة)، سكان المزابل، سكان الخرابات، أهل الزوابع.
ملوك الجنّ السبعة/ (بحسب أيام الإسبوع)..
1- الملك عبد الله المذهب : خادم يوم الأحد ولبسه وتاجه من الذهب
2- الملك مرة : خادم يوم الاثنين
3- الملك ابا محرز الاحمر : خادم يوم الثلاثاء ولبسه وتاجه من الاحمر، ويخدم من القران سورة الضحى
4- الملك برقان ابا العجائب : خادم يوم الاربعاء وقد قتله الملاك كرميائيل، وجلس مكانه ملك مسلم يدعى برقان ايضا ولبسه وتاجه من الاصفر
5- الملك شمهورش : خادم يوم الخميس نسمع اسمه كثيرا فى الافلام ولكنه ملك طيب وهو قاضى الجن ولبسه وتاجه ابيض
6- الملك الابيض : خادم يوم الجمعة ويقال انها خليفة شمهورش فى القضاء
7- الملك ميمون ابانوخ : خادم يوم السبت ولبسه وتاجه اسود
ويقابلهم في سور القرآن: الهمزة، الصمد، البروج، الجنّ، الفاتحة، الكوثر، الضحى، الليل اذا سجا..
حكماء الجنّ..
أبو يزيد/(جبل ق)، قفطش، يوناس، ...
وهناك بيت مشهور يرويه أهل اللغة والبلاغة، زعموا أن الجن قالته، وذلك لصعوبته:
وقبر حرب بمكان قفر وليس قرب قبر حرب قبرُ
وقائله مجهول، فلما رأوا صعوبة إنشاده ثلاث مرات في نسق واحد دون تعتعة ولجلجة، قالوا إنه من شعر الجن.
(7)
ليس بحيرا وسلمان الفارسي وغيرهم، تنبأوا بولادة نبيّ من الجنوب، وإنما (الجنّ) كذلك، الذين انطلقوا محتفلين ومنشدين في ذلك. كما في قصة راشد السلمي التي رواها عن سبب (إسلامه)، وما سمعه من (هاتف) يصرخ في جوف (صنم) بظهور نبي.
وينسب بدر الدين الشبلي في كتابه (غرائب الجن)، إلى عبدالرحمن بن عوف [580- 654م]: أنه حكي عن جِنَين احتفلا بميلاد الرسول، فوقف أحدهما على جبل أبي قبيس، والآخر على جبل بالحجون، فقال الذي على الحجون :
فأقسم لا أنثى من الناس أنجبت... ولا ولدت أنثى من الناس واحدة
كما ولدت زهرية ذات مفخـر............ مجنبـة يـوم القبائـل ماجـدة
فقد ولدت خير القبائـل أحمـداً.......... فأكرم بمولود وأكـرم بوالـدة
وقال الذي على جبل أبي قبيس:
ياساكنى البطحاء لاتغلطـوا.... وميزوا الأمر بعقل مضـى
إن بنلـى زهـرة منسركـم..... في غابر الدهر وعندي البدى
واحـدة منكـم فهاتـوا لنـا...... فيمن مضى في الناس أوبقى
واحدة مـن غيركـم مثلهـا...... جنينها مثل النبـي المتقـى
كما يروي عن عائشة (ت 678م)، أنه لحظة وفاة عمر بن الخطاب [584/ 632- 644م]، وبينما كان جسده مسجّى بينهم؛ سمعوا صوتاً في جانب البيت لا يدرون من أين يجيء، فاعتبروه جنياً: لبيك على الإسلام من كان باكياً فقد أوشكوا هلكي وما قرب العهد وأدبرت الدنيا وأدبر خيرها وقد ملها من كان يوقن بالوعد.
ويضيف، أن الجن فعلوا المثل لحظة وفاة عثمان [677/ 644- 656م]، فنعوه بالشعر قائلين:
ليلة للجن إذ يرمون بالصخر الصلاب..
ثم قاموا بكرة ينعون صقرًا كالشهاب...
زينهم في الحي والمجلس فكاك الرقاب...
وأوردت بعض كتب الأدب 3 أبيات (أحجية) إذا قُرأت من اليمين كانت مدحًا ومن اليسار كانت ذماً، ينبسونها جميعاً لشعر الجن، تقول:
طلبوا الذي نالوا فما حُرمـــوا..... رُفعتْ فما حُطتْ لهـم رُتبُ
وهَبوا ومـا تمّتْ لــهم خُلـقُ...... سلموا فما أودى بهـم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا.. حُمدتْ لهم شيمُ فما كَسَبوا
معجزات خرافية..
عن سمرة قال: قال الرسول: إني لأعرف حجرا بمكة، كان يسلم عليّ قبلَ أن أبعث، إني لأعرفه الآن!. وجاء في بعض الروايات أن هذا الحجر هو الحجر الأسود، وقيل غيره. وأنه هو الذي في زقاق بمكة يعرف بزقاق الحجر: أي ولعله غير الحجر الذي به أثر المرفق، ذكر أنه اتكأ عليه بمرفقه، وهو الذي يقال له زقاق المرفق وغير الحجر الذي به أثر الأصابع.
وروي: أن الرسول حين أراد الله كرامته بالنبوّة، كان إذا خرج لحاجة، أي لحاجة الإنسان، أبعد حتى لا يرى ببناء، ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية، فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، وكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا. وإلى ذلك يشير صاحب الأصل بقوله..
لم يبق من حجر صلب ولا شجر ... إلا وسلم بل هناه ما وهبا
أي الجمادات التي لا روح فيها، نطقت بكلام فصيح لا تلعثم فيه: أي بالشهادة له بالرسالة، ولم تنطق به أهل الفصاحة والبلاغة وهم الكفار من قريش وغيرهم.
وعن عليّ [599- 661م] قال: كنت مع النبي بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله!.
أقول: وإلى تسليم الحجر قبل البعثة يشير الإمام السبكي [1327- 1370م] في تائيته بقوله..
وما جزت بالأحجار إلا وسلمت... عليك بنطق شاهد قبل بعثة
وأما حديث عائشة قالت: قال الرسول: لما أوحي إليّ جعلت لا أمرّ بحجر ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله! وما ذكره بعضهم أن الجنّ قالوا له بمكة: من يشهد أنك رسول الله؟ قال تلك الشجرة، ثم قال لها من أنا؟ فقالت: رسول الله!
وفي الخصائص الصغرى: وخصى بتسليم الحجر، وبكلام الشجر، وبشهادتهما له بالنبوة، وإجابتهما دعوته.
وفي كلام السهيلي [1114- 1185م]: يحتمل أن يكون نطق الحجر والشجر كلاما مقرونا بحياة وعلم. ويحتمل أن يكون صوتا مجردا غير مقترن بحياة وعلم. وعلى كل هو علم من أعلام النبوة./- (السيرة الحلبية لعليّ بن برهان الدين الحلبي [1567- 1635م])
وينقل الكليني [864- 941م] في كتابه (الكافي): عن أبي جعفر قال: بينا أمير المؤمنين على المنبر، إذ أقبل ثعبان من ناحية باب من أبواب المسجد، فهمَّ الناس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين أن كفوّا! فكفوا وأقبل الثعبان ينساب حتى انتهى إلى المنبر، فتطاول فسلَّمَ على أمير المؤمنين؛ فأشار أمير المؤمنين إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته. ولما فرغ من خطبته أقبل عليه، فقال: من أنت؟ فقال: عمرو بن عثمان، (خليفتك على الجن)، وانّ أبي مات، وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك، وقد أتيتك يا أمير المؤمنين، فما تأمرني به وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين: أوصيك بتقوى الله، وان تنصرف فتقوم مقام أبيك في الجنّ، فإنك (خليفتي) عليهم. قال: فودّع عمرو أمير المؤمنين، وانصرف. فهو (خليفته) على الجنّ!
فانظرْ..
أنه جنّ من الجان
يأتي في هيئة ثعبان
يتحدث مثل إنسان
واسمُهُ: عمرو بن عثمان
خليفةُ عليّ في أمّة الجان
وهي معجزة اختصّ بها عليّ
نقلا عن ابن عمّه والنبي سليمان
أما سخرة عليّ للجنّ وفيم المستعان
وأين هو من الله، وقصص الإيمان
فحدّث ولا تطعْ، خرافات العصيان
ولا يفوتك التشفير، في أسماء الجان
حيث اجتمع الندّان، اللدودان
عمرُ ابن الخطاب، والتقي عثمان
وهذا غيض من فيض
من قباحات الشتّام واللعّان.
فإذا كان هذا حال النبيّ وحال الوليّ، وعقول العلماء والفقهاء في الإسلام، فكيف تكون عقول العامة وأحوالهم، وكيف لا ينزل القمر وعطارد والمريخ إلينا، فنركبها دون الروس والأمركان.
وكان الأعراب إذا خرج أحدهم في حاجة، قال: أقسم بعظيم هذا الوادي من الجنّ أن أؤذى أو أُهاج.
والله المستعان على خلقه..
(8)
ما الفارق بين أبليس/ أبالسة، والشيطان/ شياطين، والجان/ جن؟..
بينما شملت اللعنة أبليس والشيطان، لم يشمل (الجنّ) باللعنة في الإسلام!..
لماذا رفع الإسلام (الجنّ) إلى مصاف (ملائكة) أخيار، وجعلهم (أندادا) للبشر، يتداخلون في حياتهم ويصاهرونهم، وهم جزء من جيش محمد وأتباعه؛ بينما اعتبر (الشيطان) ملعونا، عدوّا للانسان والقرآن؟..
وإذا كان (الشيطان) عدوّا للإسلام فلماذا يفرض على المسلم تردد إسمه يوميا، من غير مناسبة تستدعيه، وجرى تصويره إسلاما، أن يتربّص بالمسلم كل لحظة، ليزلّه ويحيطه. وهذا يستدعي السؤال عن قيمة العبادات والفروض والطقوس الذليلة التي يقوم بها المسلم، من غير طائل، ودون أن تحميه أو تخلصه من أبليس!
لقد استعان محمّد بالشيطان والجن، ومثله فعل ربيبه عليّ، وكانت تحت أمرتهما قبائل من الجنّ وجيوش؛
ملأوا بها أذهان الغوغاء، وأصابوا نفوسهم بسرطان رهاب الجنّ. فما نفعت الجن ومحمّدا وعليا وأتباعهما، إلا في صور الضلالة وتضليل الناس عن الحاة الحرة الكريمة..
..
انّ كلّ إضافة = (نسخ)، وكلّ (نسخ) = (بدعة) ، وكلّ (بدعة) = (تحريف). وكل واحدة من هاته، تعني (نقض) الدين، وهدم قوائمه. وقد نسب لعمر [584/ 634- 644م] قوله: كلّ من أدخل في هذا (الدّين) ما ليس منه، فاضربوا عنقه!. فلا غرابة، أن يكون أعداء عمر ، أكثر من أنصاره اليوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أكام المرجان وغرائب الأخبار في أحكام الجان- بدر الدين محمد بن عبدالله الشبلي [1312- 1367م] فقيه حنفي عمل في القضااء، وهو من مواليد دمشق ووفيات طرابلس الشام. من مصنفاته: (محاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل)، (تثقيف الألسنة بتعريف الأزمنة)، (آداب الحمام)، (الينابيع في معرفة الأصول والتفاريع).
* أن حوادث إغتيال عليّ وأولاده وما لحق ذريته من اضطهاد، انما كان عقابا وانتقاما لدم عثمان، ودور عليّ وولديه في الجريمة، ودوره في التغطية عليها وعدم تقديم المجرمين للقضاء، بل عيّن بعضهم في مراتب عالية. بينما يستمر أتباعه في التلفيق والافتراء على اب بكر وعمر وعثمان وابي سفيان ومعاوة، فيما يوصف علي وأتباعه بالأطهار والمعصومين، والمتصدرة جنة الخلد.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [13]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [12]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [11]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [10]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [9]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [8]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [7]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [6]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [5]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [4]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [3]
- الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [2]
- الناسخ والمنسوخ وما وراءهما- [1]
- أنا لا أعبد موتى
- بصراحة.. لا غير//2
- بصراحة.. لا غير..
- أين ينظر العرب؟.. (5)
- أين ينظر العرب.. (4)..
- أين ينظر العرب.. (3)
- أين ينظر العرب؟.. (2)


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وديع العبيدي - الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [14]