|
نحن ساهمنا في تعيين الحكومة الجديدة؛ فلماذا التذمر؟!
سلامة محمد لمين عبد الله
الحوار المتمدن-العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 02:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لماذا یبدي البعضُ لدینا إمتعاضَھُ و تذمُّرهُ من الحكومة الجدیدة؟ ألا یعبرُ ذلك بصدقٍ عن درجة النِّفاق و الكذب على الذَّاتِّ الموجودة عند ھؤلاء ؟ الحكومة الجدیدة لا تختلف في شيء عن الحكومات السابقة. فكل المساويء التي یمكن أن ننعتَ بھا ھذه الحكومة ھي مساويء كانت موجودة اصلا. رأینا الشخصي ھوأنھا بكل تأكید لیست في مستوى التحدیّات و التّطلعات. البعض یجادل أنھ لا توجد لدینا إطارات كفأة لكي تحل محل الإطارات الحالیة، و أنّھ لا یوجد نظام تقاعد یستوعبُ ھذه الإطارات، و بالتالي، فإنھ حسب ھذا الطّرح، یجب علینا أن نتمسّك بالوجوه الحالیة مادامت تستطیع من النّاحیة الصحیة تقدیم شيء ما. إنّنا كمن یستعمل آلة أصبحت متآكلة و یرید الإحتفاظ بھا إلى أن یكون قادرا على شراء آلة جدیدة. لكن ھذا التشبیھ لیس موّفقا تماما، لأنَّ الآلة القدیمة كانت في یوم من الأیّام تُحقِّقُ مردوداً جیّدا. أما عناصر الحكومة الحالیة التي أعتاد علیھا الشَّعبُ فمردودھا ضئیل و قد أوصلتنا إلى وضع لا نُحسَدُ علیھ، للأسف في جمیع المجالات. یُضاف إلى ھذا، أن الإنسان الذي یستعمل آلة قدیمة لأسباب إقتصادیة، یكون مطمئِنًّا على مستقبلھ و واثقا من نفسھ، لأنَّھ أدَّخر في السنوات الماضیة المبلغ المالي الكافي الذي یمكنّھ من إقتناء آلة جدیدة في الوقت الذي یشاء. لكن المسؤولین عندنا ینقصھم ھذا التدبیرـ من الناحیة السیاسیة طبعاـ . فالكثیر من العناصر الشّابّة المعروفة جرفتھا موجة القبلیة و الفساد و ربطت مصیرَھا السیاسي بمصیر الفئة المتآكلة. بعض الصحراویین یعتقد، بسبب الجھل و سوء الفھم، أن طریقة أنتخاب الرئیس لدینا، أي الطریقة الغیر مباشرة، تشبھ من الناحیة الدیمقراطیة، الطریقة الأمریكیة. ھناك یتم إنتخاب الرئیس بواسطة المندوبین الذین تنتخبھم الولایات المختلفة. في الوقت الذي لا أیوجد مجال للتشبیھ و المقارنة یمكن ذكره، نحن نختلف عنھم اختلافا كلیّا. فالسیاسة في أمریكا و الدول الدیمقراطیة بشكل عام، تخضع لحسابات و مقاییس و قواعد علمیة، حیث العملیة تتم بشفافیة كبیرة و یمكن التنبؤ بنتائج الإنتخابات و متابعتھا خطوة بخطوة. فھناك البلد قائم و قويٌّ و مستقر، و البناء المؤسساتي متین، و درجة وعي المواطنین بدورھم عالیة جدا، و الممارسة السیاسیة، في الفترات الإنتخابیة بالذَّات، رغم ما یمیِّزھا من منافسة و تبادل الإتھامات، ھي عملیة شیَّقة تشغل الرأي العام لفترة طویلة و یتجند المؤیدُون لجمع الدعم لمرشحیھم المفضّلین و التّرویج لأفكارھم و برامجھم في وضح النّھار. حتى إذا قبلنا بأن عملیة إنتخاب الرئیس عندنا، یجب أن تتم بالشكل الحالي نظرا لظروف معیّنة، فنحن، مع ذلك، نساھم، بوعي و بدون وعي، في تعیین الحكومة بطریقة غیر مباشرة، من خلال إنتخاب المندوبین المشاركین في المؤتمر. ھناك مندوبون اعتادوا على المشاركة في المؤتمر، مثل من نسمیھم المشاركین بالصفة، الذین یشكلون نسبة لا یستھان بھا من المؤتمرین، إضافة إلى ممثلین عن المؤسسات. كل ھؤلاء، لو وُجد نظام إنتخابي سلیم، لوجب علیھم التصویت مع عائلاتھم، لأنّ ذلك أقرب إلى الفطرة من جھة، و من شأنھ أن یساھم في تحریك العملیة السیاسیة على المستوى المحلي من جھة ثانیة. و مع ذلك یبقى دور ما یُطلق علیھ بشكل غیر دقیق تماما "القاعدة الشعبیة"، التي تتكون أساسا من النساء ذوات المستویات الثقافیة المحدودة و اللاتي لا یجدن مُتسّعا من الوقت للخوض في الأمور السیاسیة المعقّدة، بسبب الظروف الصعبة و إنشغالات الحیاة الیومیة. فھمُّھنّ الوحید، في ظل ھذا الوضع، ھو أن "ینجح المؤتمر"، و لیس البحث عن الخطط الناجعة التي من شأنھا النھوض بالمؤسسات و البرامج. نستطیع أن نستشھد بالمثل العربي الشھیر: "یَداك أوكَتا و فُوكَ نفَخ". لماذا السخطُ إذن على الحكومة الجدیدة و نحن من وفّرنا الظروف بأنفسنا و ساھمنا بشكل فعّال في إعادة تعیینھا؟ ھذا الوضع ھو واحدة من المعضلات الكثیرة الموجودة لدینا التي تتطلب الحل و ستشغل حیزا ھاما من تفكیرنا و تظل ترافقنا في المستقبل، إلى جانب القضایا و التحدیات الأخرى المتعلقة بالصراع مع المغرب. لكن لا تزال فرص و محطات أخرى أمام الغاضبین من أجل تدارك الوضع و تصحیح الإختلال في السنوات المقبلة، و تتمثل في إنتخابات السلطات المحلیة و البلدیة، إضافة إلى إنتخاب أعضاء البرلمان. الكثیر من أعضاء ھذه السلطات و البرلمانیین، بمن فیھم ألئك الذین یوصفون ببرلمانيِّ المطالب، شاركوا في المؤتمر الماضي بھدف التصفیق وسمسرة الأصوات من أجل الحفاظ على مصالحھم. لذلك یمكن الآن لمن لا تعجبھ الحكومة الجدیدة، مراجعة أفكاره و حساباتھ في الإنتخابات المحلیة و البرلمانیة المقبلة من أجل إنتخاب إطارات جدیدة من ذوي على طریق التغییر المنشود. الكفاءة و النزاھة، ثم فعل ذلك في إنتخابات البرلمان. و بھذا نضع لبنات صحیحة
#سلامة_محمد_لمين_عبد_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاعلان عن منحة في النرويج لطالب(ة) صحراوي(ة)
-
الحياة السريعة في البلدان المتقدمة
-
الإلهام و الإبداع
-
نحن و الطفرة التكنولوجية في القرن الواحد و العشرين
-
شُكوكٌ متبادَلة
-
بناء مؤسسات لا مخزنية
-
بعد قرار البرلمان الأوروبي .. الصراحة راحة!!
-
جريمة قتل خاشقجي: رسائل مُشفّرة للسعودية
-
ملاحظات على هامش قضية خاشقجي
-
وقفة للتأمل!
-
واقعتان غريبتان في المهجر!!
-
الرأسمالية، ايضا، لديها برنامج عمل وطني
-
المرأة إنسان راشد؛ و الرجل كذلك
-
الو، بريسيدينتي
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|