|
العلمانية : الدولة والدين والمجتمع : من الحق الإلهي المطلق إلي العقد الإجتماعي النسبي
محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 00:14
المحور:
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
العلمانية : الدولة والدين والمجتمع : من الحق الإلهي المطلق إلي العقد الإجتماعي النسبي
في البدء كانت الكلمة وفي البدء كان العقل الذي يعي مفهوم الكلمة , ففي البدء تلازم العقل مع النص من أجل المصلحة التي يتوجب البحث عنها أينما
وجدت من أجل سعادة الإنسان , أي إنسان,دون وصاية أوقوامة من فرد علي فرد أو مجموعة علي مجموعة, وقوام الأمر هي المصلحة العليا
للأفراد والمجتمعات , فما هي العلمانية في أبسط صورها بعيداٌ عن التعقيدات اللغوية والإصطلاحية؟ العلمانية من وجهة نظري في أبسط صورها
تعني العقلانية في مواجهة الجاهلية بجميع صورها المتعددة التي لايمكن حصرها , وفي مفهومي أن الأزمة ليست في مفهوم العلمانية من ناحية
تطبيقاتها في السياسة والمجتمع والدين من أنه لايوجد دين يدعو إلي تجاهل العقل وسجنه في سجون التخلف والجاهلية ولكن الأزمة تولدت من أن
المنتسبين لللأديان قد أخذوا منها موقفاٌ متشدداٌ منذ بزوغ فجر العلمانية وإصطدامها مع أوضاع سياسية وإجتماعية وتغيرات إقتصادية في المجتمع
الأوروبي حال كون رجال الدين والملوك والأمراء والنبلاء هم المستغلين لجمهور الشعب في حقبة حالكة السواد في التاريخ الأوروبي’ وصكوك
الغفران يكفيها شاهداٌ علي ذلك , وإذا كان هذاحادثاٌ في أوروبا فمابالك بما حدث في العالم العربي من إنتهاكات وصراعات خطيرة من أجل السلطة
الزمنية والثروة بإسم الدين أيضاٌ في العالم العربي آنذاك, فالمسألة ليست مسألة صراع مع الدين وتقويض أركانه وهدم دعائمه, وإنما المسألة
والخطورة في من يتعامل مع المجتمع أي مجتمع بإسم الدين, وفي المفهوم ليست الأزمة أزمة نص ديني ولكن الأزمة أزمة عقل فشل في التعامل مع
النص , وعجز عجزاٌ كاملاٌ في التحاور مع النص لفهم معناه وما يريده ويرمي إليه, ومن ثم ننتهي إلي أن العلمانية هي العقلانية في أبسط
المفاهيم
أهمية العقل ودوره في المسألة
لايمكن أن نتكلم عن أهمية العقل فهذة مسألة أمرها منتهي ومحسوم حتي بالنسبة لجميع المنتسبين لجميع الأديان السماوية وحتي الغير منتسبين لأي دين
من الأديان فأمر العقل وأهميته محسومة ومنتهية بالنسبه لدوره الفاعل في جميع الأمور الدينية والدنيوية , فالدين يستوجب ويستلزم العقل كأساس
للتكاليف الدينية جميعها دون إستثناء , والعقل للجميع هو أداة التمييز بين النافع والضار والفاسد والصالح في أمور الدنيا والدين جميعها ودون
إستثناء أيضاٌ , فهل يمكن لعاقل أن ينفي دور العقل ؟! أعتقد أنه يوجد من يريد للعقل أن يقبع أسيراٌ في سجن النص الديني كما هومفسرمنذ القدم بواسطة علماء وفقهاء إجتهدوا في بلادهم وأزمانهم فهو يريد
للنص أن يكون عاجزاٌ عن مغادرة الحيز الزماني والمكاني مهما كانت الأسباب والمسببات والضرورات العصرية والتغيرات الإجتماعية والإقتصادية
والسياسية , والرد جاهز منذ قديم الزمن ( لاإجتهاد مع نص ) وكأنهم يتشبهون بالجاهلية القديمة التي تقرر مبدأ ( وجد نا آبائنا كذلك
يفعلون ) فلايجوز في المفهوم والعرف والعادة والتقليد مخالفة الآباء فيما كانوا عليه ومن ثم وجب التمسك بالقديم والتراث أياٌ كان هذا القديم وأياٌ
كان هذا التراث, وهناك تساؤل للشيخ محمد عبده يفسر هذه الجزئية وإعتراضه البالغ علي هذا النهج الممقوت فيتسائل: ألم يحمل إلينا الرواة
ماعند الأفغان والهند والعجم من شدة التمسك بالقديم والحرص علي ماورثوه عن آبائهم الأقربين, وإقامة الحرب علي كل من حاول أن يزحزحهم
أصبعاٌ عما كان عليه سلفهم وإن كان في البقاء عليه تلفهم , وماعليه الحال اليوم في حكومة المغرب من الغلو في التعصب, والمعاقبة بقطع بعض
الأعضاء في شرب الدخان, أو القتل في كلمة ينكرها السامعون, وإن أجمع عليها المسلمون الآخرون؟ فمن يقبل بهذا الغلو والتطرف والرعب والترهيب بإسم الدين ورضا الخالق الحكيم ؟ ونعود ونقر مرة أخري في أن المسألة مسألة أزمة عقل لا يفقه فنون التعامل مع النص , وغير قادر علي التوائم مع النقل ,وكأن المسألة بالنسبة
له ميسورة وبسيطة ففي مفهومه أن الفقهاء والعلماء لم يتركوا مجالاٌ لإجتهاد أو فتيا فالمسائل كلها محسومة الإجابات عليها والردود جاهزة وكأنك
ذاهباٌ إلي محل من محلات البقالة الجملة فالبضاعة موجودة علي الأرفف ومن يطلب يجد بضاعته في التو واللحظة !! والتعامل في أمور الدين
لايمكن أن يتم القبول به بهذه الصياغات الفاسدة والمفسدة للدين بزعم إصلاحه والخوف عليه!! ومن ثم كانت الحاجة الملحة للعقلانية سواء تمت تسميت الأمر علي أنه علمانية أو عقلانية فهذا لايهم والمهم هو إفساح المجال للعقل والحكمة في تناول
كافة المشاكل والأمور الدينية والدنيوية بعيداٌ عن أسر محتكري تفسير النص الديني من باب أن فهم الدين وأموره ليست حكراٌ علي فرد أو أفراد أو
جماعة أومجموعات معينة بذاتها أوبصفاتها فالدين ونصوصه وفهمه وفقهه ليس حكراٌ علي أحد أياٌ كان.
ويجب علي كافة المفكرين والأدباء والمستنيرين إشاعة هذا الأمر في كافة الأوساط والعمل علي إفساح المجال لفتح أبواب الإجتهاد التي تم إغلاقها بعد
عصر النبوة وتحديداٌ بعد عصر عمر بن الخطاب الذي إجتهد مع وجود النص في أمور لو حدث إجتهاد فيها اليوم لرمي ذلك المجتهد بسهام التكفير
وحجارة الكفر والذندقة ولتم إستباحة دمه علي أيدي محتكري فهم وفقه النص ملاك الحقيقة المطلقة المدعاة لهم فقط حال كونهم الأوصياء علي الدين
والمنتسبين له وأيضاٌ علي غير المنتسبين له من أصحاب الديانات الأخري وذلك حسب مفهوم النص لديهم. ولكي يتم الخروج من المأزق المعاصر الذي بموجبه تم إهمال العقل والإفساح للنقل دون وعي أو فهم لابد من تواجد منظومة إقتصادية تحقق العدالة
الإجتماعية والتوزيع العادل للثروة علي المواطنين جميعهم دون التفرقة المقيتة بسبب الدين أو اللون والجنس أو النوع , علي أن يتم ربط تلك
المنظومة بالمنظومة الإجتماعية التي تقوم علي أساس المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات , وأن الجميع مواطنون متساوون في كل شئ
وكل أمر , وإعلاء مفهوم المواطنة علي الدين واللون والجنس والنوع فبالمواطنة تسمو الأديان ويسمو المنتسبين لها لأن الأديان ماجاءت لتميز بين
البشر بسبب الدين ذاته أو الجنس واللون والنوع , وإنما ساوت بين البشر جميعهم وميزت الأعمال الصالحة , وتركت أمر تقييم القائم بالعمل
الصالح علي الله فقط دون البشر
هل من علاقة بين العلمانية والدين والدولة؟ هذا التساؤل من أصعب التساؤلات علي الإطلاق فهو يحمل مجموعة من الألغام التي تستوجب الإنفجار في الحال أو في الإستقبال بسبب من أسباب
العجز والقصور في الفهم والوعي والخلط بين ماهو سياسي وماهو ديني وجعل السياسة التي هي من أعمال العقل من الدين الذي هو من أعمال الوحي
ومن ثم إختلط المقدس بالمدنس والأرضي بالسماوي والعقل بالنقل والمنطوق بالمفهوم , وهذا جلب للدين المفاسد الكثيرة التي لاتحصي ولاتعد ونتج
عن ذلك الإستبداد بإسم الدين وإغتصاب الحكم والسياسة بإسم الدين , وكان أن لايوجد سقف زمني لتولي الحاكم الحكم حتي إن فسد وظلم وإستبد
وقتل وسجن وعذب ونفي وشرد فالحاكم في المفهوم الديني لايجوز الخروج عليه بأي حال من الأحوال لأن هذا في المفهوم الديني المغلوط من باب
البغي والمنكر ومن هنا يتم تأبيد الحاكم في الحكم ويورث أبناؤه الحكم وتتوارث الحكومة جيلاٌ بعد جيل مخافة الوقوع في جريمة البغي التي هي من
الكبائر المحرمة عند بعض الفقهاء, وإذا كان الدين أي دين قد أتت نصوصه بمنظومة سياسية كاملة في الحكم والسياسة والإقتصاد والعلاقات
الخارجية والداخلية والتربية والتعليم والشؤن الإجتماعية كافة فليخبرنا بهذا الدين ويقول لنا: ماهو مسمي هذه الحكومة وهل الدين يقرها ؟ وهل
هي مملكة أوسلطنة أو إمارة ؟ وهل هي ديمقراطية أم شورية ؟ وكيف يعين الملك أو الأمير أو السلطان ؟ هل بنظرية البيعة أو بالإنتخاب الحر
المباشر السري ؟ أم بطريق الإستفتاءعلي الحاكم ؟ ومن له في هذه الحالة أنتقاء وإختيار ذلك الحاكم؟ وهل هم أهل الحل والعقد؟ ومن هم أهل الحل
والعقد ومن الذي عينهم أو إختارهم ليكونوا من أهل الحل والعقد ؟ وهل وجودهم قائم قبل الحاكم ؟ أم سيكون وجودهم في مرحلة تابعة علي تعيينه أو
إختياره بالأسلوب المناسب؟ وما هو الأسلوب أو الطريقة التي يتم بها إختيار وإنتقاء أهل الحل والعقد ؟ وماهي طبيعة عملهم؟ وفي حالة فساد الحاكم
كيف يتم عزله؟ هل بالخروج عليه ومحاربته وقتاله حتي يتم دحره وهزيمته ؟وما هي مدة بقاء الحاكم في الحكم ؟ أم أنها مؤبدة حتي وفاته؟ العديد من
الأسئلة تتطلب إجابات عليها وعنها في آن واحد وأعتقد بل وأجزم أنه لاإجابة علي هذه الأسئلة سوي الرمي بالكفر والفسق والذندقة فقط , وإن
كان هناك إجابة فهي من فصيل من الفصائل الدينية التي تسمي بفصيل التيار الديني السياسي وهي : إتركوا لنا المجال ثم أحكموا علي تجربتنا من
غير أن يقدموا برنامج سياسي إجتماعي إقتصادي تعليمي تربوي ثقافي , وهذه هي الإجابة المعتادة فقط وفقط لاغير , بخلاف القضايا الملغومة
مثل قضية المرأة بما تحمله من مصائب وجرائم في العقلية الدينية التي تنظر إليها علي أنها عورة ومساواة المرأة بالرجل وحقوقها المهدورة بإسم
الدين, وقضية الأقليات الدينية والعرقية من القضايا التي لايوجد لها تصور أو مفهموم محدد سوي في النقل السردي فقط دون وجود لها في الواقع
الإجتماعي السئ والمعاش وقضايا الأقليات الدينية والعرقية في كل البلدان العربية شاهدة علي سؤ المعاملة في كل مكان ومجال إلامن رحم بعقل
وحكمة وليس بدين هل أتت الأديان بأنظمة سياسية؟
لايوجد أي دين سماوي أتي بمنظومة سياسية علي الإطلاق وإنما أتت الأديان بمجموعة من المبادئ العامة ووضعتها داخل إطار عام متمثلة في قيم
العدل والتسامح والمساواة والإخاء وتجريم الظلم و العداء والكراهية وإعلاء قيم الرحمة والوفاء والإخلاص في جميع الأعمال والأقوال وغير ذلك
من القيم التي ليس لها عد ولاحصر ولايتسع المجال لذكرها ومن ثم كانت الأديان تحافظ علي نسق القيم والأخلاق والإلتزام بالعبادات والطاعات لله
وتركت الأديان الباب واسعاٌ مفتوحاٌ علي الدوام للبشر في تسيير وتسييس أمور حياتهم الدنيا لكي يحققوا الجنة علي أرض الدنيا بالكد والكدح والعمل
حتي يصلوا إلي مجتمع الرفاهية والوفرة ويسعدوا في دنياهم بالطريقة التي تحقق لهم جنة الدنيا قبل جنة الآخرة فقط فالجنة في السياسة ليست مؤجلة
بينما في الدين مؤجلة , والسياسي يكون بينه وبين أفراد الشعب عقداٌ إجتماعياٌ يتفق معهم بموجبه علي تحقيق جملة من المطالب في حالة إختياره
نائباٌ للحكم عنهم ولايجوز له الحنث في هذا العقد الإجتماعي وإلا وجب عزله أو إسقاطه أو تنحيته فالشعب هو الذي أتي به وهو الذي يجعله يعود من
حيث أتي وتجوز معاقبته علي إخلاله بالعقد الإجتماعي حسبما إتفقوا علي ذلك, والملتزم بالدين حينما يمارس السياسة ليس عليه حرج أن يكون
ملتزماٌ بالدين وتعاليم الدين شأنه في ذلك شأن أي فرد ملتزم بالعقد الإجتماعي المتمثل في مجموعة القيم التي تحمي هذا العقد وتحافظ عليه. أما في الدين فإنها المصيبه أن يتحكم في الناس ويحكم شؤون أمورهم من لبس عمامة الدين وتسربل بردائه متخذاٌ من نفسه متحدثاٌ بإسم الله وبالحق
الإلهي المطلق وهو ظل لله في أرض الله فلايجوز عزله أو تنحيته أو الخروج عليه لأنه يحكم بإسم الله ومن يعصي الحاكم فقد عصي الله ومن عصي
الله فقد خرج من دائرة الدين ومن كان كذلك يحق قتله فالحاكم له قداسة من قداسة الله لأنه يحكم بإسم الله , ومن ثم كان هذا الفرق الشاسع بين
الحكم بالحق الإلهي المطلق وبين الحكم بالعقد الإجتماعي النسبي , لأن السياسة الخطأ فيها وارد ويجوز تعديله وتبديله وتغييره إلي الأصلح ومن
ثم فلاعقاب عليه إلا بالقانون الذي يحكم الحاكم والمحكومين أما الخطأ في الديني فغير وارد لأنه يتعرض لأمور الحلال والحرام والجنة والنار ومن ثم
يستوجب المخطئ العقاب في الدنيا لتطهيره قبل ملاقاة الله , ومن هذه الجزئية يتأتي الخوف من الإنحراف بالسلطة الدينية ومعاقبة المخالفين في
الرأي والفكر والعقيدة وإفتعال الأفاعيل والتنكيل بهم بإسم الدين والحق الإلهي المطلق ومن هنا يأتي الرعب. ومن هنا نخلص إلي أن العلمانية جاءت ووضعت لتقيم الدولة علي أسس تخدم مصالح الناس وتحقق مطالبهم الدنيا في العيش بموجب عقد إجتماعي متفق
عليه يحقق الرخاء والرفاهية بين المواطنين دون تفرقة بين مواطن وآخر , وأن الدين ليس له شأن بأمور الحكم والسياسة إلامن خلال الأطر
النظرية العامة في منظومة القيم والمبادئ الدينية , ومن ثم فإن العلمانية لاتعادي الأديان ولا تتناقض معها في شئ أو أمرمن الأمور مادام هناك فصل بين ماهو ديني وماهو دنيوي , ومادام الأم قد تقرر بأنه لايوجد في المفهوم رجال دين ورجال دنيا فالجميع تهمهم مصالح الدنيا والدين لله
من أراد الإلتزام به فليفعل ومن أراد غير ذلك فله الحرية الكاملة مادام لم يتعرض لحريات الآخرين ولم يتعد علي حقوقهم
الشرائع والعلمانية والديمقراطية
أزمة أخري تصاف للموضوع وهي أزمة الشرائع السماوية وطريقة فهمها والتعامل معها في ظل الدولة العلمانية , فالديمقراطية في المفهوم
والموروث الدين هي الكفر وضد الين وضد الشرائع السماوية , وكذلك الديمقراطية الغربية التي هي نتاج الحضارة الغربية الكافرة في مفهوم
البعض فكيف يمكن حدوث توائم بين الشرائع السماوية والعلمانية والديمقراطية ؟!! أعتقد أنها أزمة بالنسبة لم تم قراءته في السابق فإذا كانت
الدولة تستند في دستورها علي الشرائع السماويه فكيف تتفق مع العلمانية ؟ وماهو الشكل السياسي الذي سيكون عليه المجتمع ؟ وهل سيكون نظام هذه
الدولة بداية لتجمع ديني عقيدي يضم كل المنتسبين لهذا الدين تخت لواء واحد وحاكم واحد كما في مفهوم الخلافة الإسلامية التي يعتبرها البعض من
الفرائض بعد الإيمان بالله وبشرعه وإذا لم يعتد بمقام الخلافة فلاإعتداد بإيمانه بل ويراها من ثالثة العقائد بعد الإيمان بالله ورسوله وهذا مايراه شيخ
من شيوخ الإسلام هو الشيخ محمد عبده فيقول :إن من له قلب من أهل الدين الإسلامي يري أن المحافظة علي الدولة العلية العثمانية ثالثة العقائد بعد
الإيمان بالله ورسوله. بل ويذهب إلي أكثر من ذلك ويقول : إني علي ضعفي والحمد لله مسلم العقيدة عثماني المشرب وإن كنت عربي اللسان
لا أجد في فرائض الله , بعد الإيمان بشرعه والعمل علي أصوله فرض أعظم من إحترام مقام الخلافة, والإستمساك بعصمته والخضوع
لجلالته وشحذ الهمة لنصرته بالفكر والقول والعمل ماإستطعت لذلك سبيلاٌ , وعندي إن لم أقم علي هذه الطريقة فلا إعتداد عند الله بإيماني فإنما الخلافة حفاظاٌعلي الإسلام ودعامة الإيمان , فخذالها محاد لله ورسوله ومن حاد الله ورسوله ومن حاد الله ورسوله فأولئك هم الظالمون.
بل ويقول في مقام آخر : من ظن أن إسم الوطن يقوم مقام الدين في إنهاضالهمم وسوقها إلي الغايات المطلوبة منها فقد ضل سواء السبيل. فهذا هو المفهوم لدي زعيم من زعماء الإصلاح الديني وهذه هي روئيته لمفهوم الخلافة , وفي يقيني أن هذا المفهوم مفهوم خاطئ ومغالي فيه إذ أن
الخلافة ليست من الدين في شئ وليست هي الدين أو اركن الثالث من الدين كما قال محمد عبده إذ بمفهومه أن الدين عندنا ناقص منذ سقوط الخلافة
العثمانية التي سميناها نحن بالخلافة الإسلامية وماهي بإسلامية ولاعلمانية , فهل معني ذلك أن الإسلام نافص بسبب غياب الخلافة وأن الإيمان
منقوص بنقصانها ؟ ما معني هذا الكلام الذي قال به محمد عبده سوي أنه يعلي من قيمة الخلافة العثمانية علي قيمة الوطن؟ هذه تساؤلات تتوجب
البحث والإجابة عنها والوقوف عنده كثيراٌ إذا أنها تلغي مفهوم المواطنة لدي المسلمين وتكفر بمفهوم القومية بالنسبة للمسلمين فما بالنا بغير المسلمين
؟ فالخلافة يقوم فيها الخليفة بدور الإله الأعظم بمفهوم محمد عبده وهذا في الأساس مخالف للدين
هل أميركا والإتحاد الأوروبي طبقا مفهوم الخلافة
في ظني أن الولايات المتحدة الأميريكية والإتحاد الأوروبي يطبقان مفهوم الخلافة النظري والمختزل في عقلية المسلمين فقط دون وجود له أثر في
الواقع العملي علي مدار هذه السنوات الطوال فجورج بوش يقوم مقام خليفة المسلمين في نظرية الخلافة ولكن علي أسس علمانية الدين ليس له فيها
عماد ومن يخالف جورج بوش ويلعنه فليس جزاؤه جهنم وإنما هي العلمانية والديمقراطية التي جعلت أميركا من أعظم الدول الكبري وجعلت لها السيادة
علي الأرض وفي الفضاء وكذلك أوروبا التي تتوحد وتقوي في جميع الأمور السياسية والعسكرية والإقتصادية فما الذي يمنع الغرب والمسلمين من
الدخول في نطاق الدول العظمي مع الإلتزام بدينهم بل وحتي السعي لإقامة الخلافة هل هناك مايمنعهم في الواقع وهم لديهم الثروة والمال والقوة البشرية
؟ فهل أميركا وأوروبا واليابان والصين قويت وتعاظمت أدوار هذه البلدان علي الساحة الدولية بالدين والعقيدة والشريعة والخلافة؟ أعتقد الإجابة
بالنفي , لأنها قويت بالعدل والتسامح وقبول الآخر في المواطنة وأن الدين لادخل للإنسان به فالحرية مكفولة للجميع في إعتناق الدين الذي يراه
ويقبله والحرية أيضاٌ مكفولة لغير المتدينين لأن الله هو الذي يحاسب ويجازي فليس من حق أحد أن يكون وصياٌ أو قيماٌ علي أحد وأسباب القوة
والحضارة مكفولة لكل الدول والأسباب متاحة للجميع . ثم إذا أراد المسلمون تفعيل مفهوم الجهاد في المفهوم الإسلامي كيف يفعلونه في ظل الأمم
المتحدة ومجلس الأمن؟ وكيف بهم يفعلوا مفهوم الجزية علي المسيحيين في ظل منظمات حقوق الإنسان ومناهضة التفرقة العنصرية والتمييز بسبب
الدين واللون والجنس والنوع؟ كيف؟ أعتقد أنه لاإجابات البته!! مع العلم أن جميع الدول العربية تدعي بأنها دول أسلامية وتحافظ علي الدين وتحمي شوكته وكل دوله لها وزاره دينيه والعديد من المؤسسات القائمة
علي أمر الدين فيها , في حين أن الفساد والإستبداد والظلم والسرقة والنهب العام المنظم لثروات معظم دول العالم العربي والإسلامي بواسط الحكام
والمؤيدين لهم من أتباعهم فمعظم الحكام لصوص وخونة ولن تحت ستار الدين , فأي رئيس ترك ترك الحكم من تلقاء نفسه وأي رئيس طبق الإسلام
حتي في الأخلاق ورعاية مصالح الوطن بل معظمهم الخونة والعملاء تحت عباءة الدين . والحكام العرب والمسلمين يستخدمون لغة القتل والسحل
والإبادة لشعوبهم بدعوي الحفاظ علي الشعوب وأمن الشعوب .
ماالحل ؟
الحل يكمن في مجتمع مدني يقام علي الحرية والديمقراطية والمواطنة والعدالة الإجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص في كل الأمور والمساواة في كل الحقوق
والواجبات الوطنية في ظل عقد إجتماعي ملزم للحكومات والشعوب تختاره وتقره وبعيداٌ عن سلطان وصايه الأفراد والجماعات علي الأفراد
والجماعات الأخري أو الغير بدعوي سلطان الحق الإلهي المطلق . وهذا في ظل حكومات الفساد والإستبداد ان يكون إلا إذا تحررت الشعوب من
الفساد والإستبداد بإسم الدين ومن الحكام الفاسدين المستبدين بالحكم المغتصبين للسلطة ومن هنا تبدأ العلمانية خطواتها علي الطريق الصحيح وتنهض
الشعوب وتنتعش المجتمعات مع الحفاظ علي حرية المتدينيين وغير المتدينين في علاقة تحفظ لكل إنسان حقوقه من التعدي عليه من الآخر مع حري
الرأي وحرية الصحافة والنقد والإعتصام والتظاهر والإضراب والحفاظ علي حقوق الإنسان جميعها وبوجه عام
محمود الزهيري
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلطة هتك الأعراض والقضاء الدولي
-
مبارك الإبن: دلالات الزيارة السرية
-
العلمانية .. وما الحل؟!!
-
ماذا بعد براءة مكي ولوم بسطويسي ؟
-
هل للمفتي وشيخ الأزهر من رأي؟
-
العقل والنص
المزيد.....
-
اتصال جديد بين وزير دفاع أمريكا ونظيره الإسرائيلي لبحث -فرص
...
-
وزير الخارجية العماني يدعو القوى الغربية لإجبار إسرائيل على
...
-
يوميات الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 1.11.2024
...
-
المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة يحذر: -جدري القردة- خرج عن ا
...
-
جنرال أمريكي: الدول الغربية لا تملك خطة بديلة لأوكرانيا بعد
...
-
الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية / 1.11.2024
-
أوستن وغالانت يبحثان فرص الحل الدبلوماسي ووقف الحرب في غزة و
...
-
زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية
-
حسين فهمي يتعرض لانتقادات لاذعة بسبب صورة وحفل عشاء مع وفد ص
...
-
ارتفاع إصابات جدري القردة في أفريقيا بنسبة 500% وتحذيرات من
...
المزيد.....
-
ما بعد الإيمان
/ المنصور جعفر
-
العلمانية والدولة والدين والمجتمع
/ محمد النعماني
المزيد.....
|