|
إلهي ما يوعي يرجع
محمد أبو قمر
الحوار المتمدن-العدد: 6490 - 2020 / 2 / 12 - 09:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منذ عدة أيام جاء إلي مسجد الحي وفد من الأشخاص الغرباء ، يبيتون في المسجد ، ثم يخرجون في الصباح لدعوة المارين إلي الدخول في الاسلام ، من ملابسهم الرثة والقلنسوة الأفغانية علي رؤوسهم وهيئتهم شديدة البؤس والغرابة يخيل إليك أنهم ينتمون إلي تاريخ بعيد . هؤلاء الغرباء أعضاء في جماعة التبليغ والدعوة التي تنشط في مدن مصر وأقاليمها وقراها تحت سمع وبصر أجهزة الدولة ، ومما يثير الدهشة في أمر هذه الجماعة أنها تعتبر المصريين كفارا ينبغي إعادتهم إلي الاسلام ، وبرغم ما في ممارساتهم لهذه المهمة من الامتثال للآية القرآنية " أدع إلي سبيل ربكم بالحكمة والموعظة الحسنة " ، إلا أن الشباب المنضمون إلي هذه الجماعة مؤهلون وفق منهج هذه الجماعة للخروج العنيف علي المجتمع في مرحلة من مراحل هذه الدعوة ، هذا علاوة علي الأسئلة التي غاب علي أجهزة الدولة طرحها حول هذه الجماعة ، فمن هم هؤلاء المسئولون عن تكوين مثل هذه الجماعة ، ومن يدير شئونها وينظم طلعاتها بهذه الكثافة ، وكيف يتم الانفاق عليها وتنظيم شئونها ، وما هو الغرض من نشاطها مع وجود هذا الجيش من الدعاة خريجي الأزهر العاملون في وزارة الأوقاف ، وما هي وجهة الشاب المنتمي لهذه الجماعة حين ينتابه شعور بأن المجتمع لا يمتثل لدعوته ؟!!!. أعتقد أن الوقائع تثبت أن كثيرين من الارهابيين الذين قاموا بعمليات ارهابية في العقود الماضية كانوا ينتمون قبل ذلك إلي جماعات التبليغ والدعوة هذه ، وأن جماعة التكفير والهجرة قريبة الشبه جدا أو تكاد تتطابق مع العقيدة التنظيمة لهذه الجماعة. لقد ذكرني ذلك بمعركة كانت تدور أمام بيتي بين امرأة من الحي وأحد أمراء هذه الجماعة من الحي أيضا ، كانت المرأة تصرخ في وجه هذا الأمير متهمة إياه بالتسبب في فشل ابنها في الدراسة ، كانت تطبق علي رقبته وتصرخ قائلة : إنت وديت ابني فين ياابن الكلب يانصاب ، كان ابنها في الثانوية العامة ، وقد أخرجه هذا الأمير ضمن قافلة دعوية في إحدي المحافظات البعيدة ، وكانت المعركة تدور بين المرأة وأمير الجماعة علي النحو التالي : - المرأة : أنا عايزه أعرف ابني فين يانصاب - الأمير : كلها عشر أيام ويرجعلك بالسلامة. تصرخ المرأة : ابني في الثانوية يا ابن الكلب ، يرد الأمير عليها ببرود شديد قائلا : ثانوية إيه ياحاجه ابنك في ورشة الاسلام بيتصلح وانتي المفروض تفرحي ، ثم يقول لها : ياحاجه ابنك من المفلحين ، من أهل الجنة ، ثم يقول لها : ربنا بيقول " ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " . استمرت المعركة وقتا طويلا إلي أن تمكن أهل الحي من التفريق بين المرأة والأمير ، وانصرفت المرأة وهي تصرخ وتلطم وكأن ابنها قد مات . لقد عرفت من قراءاتي بعد ذلك أن عملية التبليغ والدعوة هذه هي طريقة من طرق الجهاد ، أو هي درجة من درجاته التي تسلم كل درجة منها إلي الأخري حتي تصل إلي درجة الجهاد المسلح ، ويستند المنظمون إلي هذه الجماعات إلي أحاديث نبوية وإلي آيات قرآنية وإلي تفاسير وشروحات وفتاوي تبرر القيام بكل درجة من درجات هذا الجهاد دون النظر إلي زمنية وظروف هذه الآيات والأحاديث مما يعطي انطباعا بأننا مازلنا في مكة قبل الهجرة إلي المدينة. وقد اطلعت علي نسخة من مجلة البحوث والدراسات الاسلامية التي تصدرها جامعة قطر تتضمن دراسة مستفيضة عن الاعلام في صدر الاسلام للدكتور محمد عجاج الخطيب ، وتشرح هذه الدراسة كيف انتشر الاسلام من مكة والمدينة إلي أطراف الجزيرة العربية ، وأعتقد أن هذه الدراسة وأمثالها مما كتب تحت هذا العنوان هي المانفيستو الذي يعتمد في شروحاته علي كتاب معالم في الطريق للاخواني سيد قطب ، ومازالت مثل هذه الدراسات تخرج كل يوم من مختلف مؤسسات التعليم الديني سواء في مصر أو خارجها مؤكدة أن التبليغ والدعوة من الفروض الجهادية التي ينبغي علي كل مؤمن القيام بها باعتبار أن الأمة الاسلامية قد ضلت الطريق وخرجت عن الملة. وبعيدا عن كل احتمالات الارهاب الذي تفرخه هذه الكتب والدراسات ، وبعيدا أيضا عن كون هذه الجماعت التي تشكلت بموجب هذه الدراسات الخبيثة هي اللبنة الأولي في تكون وتشكيل المنظمات الارهابية فقد حدثت الواقعة الآتية في حيينا أيضا: إذ ذهبت امرأة شابة إلي الأمير المشار إليه عاليا وقالت له : جوزي سمع كلامك وسافر مع الجماعة بتاعك معرفش فين وسابنا من غير أكل ولا مصاريف أنا وعيلين معايا وأنا مش عارفه اعمل إيه وأجيب منين فلوس آكل وأكل عيالي ، لكن الأمير رد بهدوئه وبروده المعتادين قائلا : محدش بيبات جعان وانتي رزقك ورزق عيالك علي الله وربنا مش هاينساكي ولا هاينسي عيالك كرامة للي بيعمله جوزك في سبيله ، غير أن الزوجة الشابة الجميلة ردت عليه بحسم قائلة : أنا مش هاشحت علشان أأكل عيالي لكن هاروح أبيع جسمي للأوساخ علشان أجيب فلوس أعيش لغاية ما الخروف بتاعي يخلص الجهاد بتاعكم ويرجع بالسلامة ولا إنشالله ما يوعاه يرجع وإلهي ما يوعي يرجع .
#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتي المسبحة!!
-
الحلوة
-
ليست صيني ولا تيواني
-
مثقفون وعلماء
-
حرب بلا بنادق
-
الجميلة واللص
-
جذر واحد
-
رفع المبتدأ وشنق الخبر
-
الجميلة فيوليت
-
الكذابون
-
أنا لا أعرف
-
سقوط حتمي
-
وردة في شعر الحبيبة
-
البزازة
-
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
-
هلوسات
-
لا صوت يعلو فوق صوت المرأة
-
أنا مصري ثم مسلم مسيحي أو مسيحي مسلم
-
فن الشعر وحدودنا البحرية
-
وهم إصلاح الخطاب الديني
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|