|
أسْلمة المسيرات إساءة للقضية الفلسطينية.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6489 - 2020 / 2 / 11 - 08:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنظيم المسيرات الداعمة للقضايا العربية/الإسلامية العادلة أو المناهضة لسياسة الاستيطان ومصادرة حقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والأمن والسيادة على القدس والأراضي التي احتلتها إسرائيل في يونيو 1967 ، أمر يدل على حيوية الشعب المغربي وقواه السياسية والمدنية . فالمغرب ، ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين وتشريد شعبها ، وهو يدعم النضال الفلسطيني دون الاتجار بقضيته أو تأجيج الاحتراب الداخلي بين الفصائل . فقد حافظ المغرب دائما على حياده وعلى نفس المسافة من كل الفصائل . لكن مع غزو الأسلمة للمجتمع ، فقدت المسيرات "القومية" بُعدها القومي وحادت عن هدفها التحرري بعد أن خصخصتها تنظيمات الإسلام السياسي على مستوى التنظيم والتأطير وصياغة الشعارات .وبذلك صارت الدعوة إلى المسيرات القومية مناسبة لتوجيه الرسائل إلى من يهمهم الأمر عدا الصهاينة المحتلين للأرض الفلسطينية. ويمكن الإشارة إلى أبرز تلك الرسائل كالتالي : 1 ــ رسائل إلى النظام/الدولة : تجدر الإشارة إلى أن التنظيمات الإسلامية تميز بين الدولة وبين الحكومة . وسواء كان الإسلاميون مشاركين في الحكومة أو خارجها ، فهم جميعا يتصرفون ، خلال المسيرات والتجمعات ، كمعارضين للدولة وضحايا لسياساتها. لهذا يلتقي إسلاميو الحكومة وإسلاميو المعارضة في نفس المواقف والشعارات ؛ من ذلك انتقاداتهم الشديدة مثلا لوزير الخارجية إثر تصريحاته الأخيرة حول "صفقة القرن"أو السماح لممثلي إسرائيل بحضور عدد من التظاهرات الدولية التي احتضنها المغرب ( حضور عامير بيريز، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق إلى مجلس المستشارين في 8أكتوبر 2017 ، للمشاركة في المناظرة البرلمانية الدولية حول موضوع "تسهيل التجارة والاستثمارات في المنطقة المتوسطية وإفريقيا"؛ الأمر الذي انتقده نبيل الشيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين ، معتبرا أن "الأمر دبر خارج هياكل المجلس". ويريد الإسلاميون توجيه الرسائل التالية : أ ــ إن الإسلاميين يشكلون قوة عددية واجتماعية وسياسية لا يمكن تهميشها أو الاستفراد بالقرار دون إشراكها أو استشارتها . في هذا الإطار كانت تهديدات حزب العدالة والتنمية إلى الدولة في حالة تم إقرار حرية الاعتقاد في الدستور أو عدم التنصيص على كون الإسلام دين الدولة . فرضخت الدولة واغْتر الإسلاميون. ب ــ إن الإسلاميين ليسوا قوة سلبية تعطل حركية/حيوية المجتمع ، بل قوة فاعلة يمكن أن تجنِّد آلاف المواطنين من أجل قضايا معينة (داخلية أو قومية) . ويمكن هنا التذكير بمسيرة 12 ماس 2000 بالدار البيضاء التي نظمها الإسلاميون ضد مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، أو الصلاة في الشواطئ التي دعت إليها جماعة العدل والإحسان. 2 ــ رسائل إلى الأحزاب السياسية ، ومن أبرزها : أ ــ اتساع القاعدة الشعبية للإسلاميين لدرجة باتوا يزعمون معها أنهم هم من يمثلون الشعب المغربي ويعبرون عن طموحاته ، كما يزايدون على خصومهم بالاحتكام إلى الاستفتاء العام للشعب في كل قضية خلافية ( ولاية المرأة على نفسها في الزواج ، الإجهاض ، حرية الاعتقاد ..) ب ــ إيهام الأحزاب أنها باتت تمثل الأقلية بعد أن فقدت قواعدها وصارت عاجزة عن استعراض قوتها العددية في المظاهرات والمسيرات . وليس أمام هذه الأحزاب سوى الالتحاق بالتنظيمات الإسلامية والخضوع لأوامرها وأن تكون لها ذيلا في المعارك السياسية ( من هنا عبارة "التبوريد" التي قالها بنكيران أمام البرلمانيين معناها ). ج ــ إن الاختلاف بين الإسلاميين يظل ثانويا ولا يمكن الرهان عليه من طرف الخصوم . فالقضايا التي يعتبرونها مصيرية بالنسبة إليهم توحدهم ضد خصومهم وفقا لمبدأ "أنا وابن عمي ضد الغريب"؛ ولنا في معركة الدستور أو خطة إدماج المرأة في التنمية أو مسألة رفع التجريم عن الإجهاض الإرادي أمثلة حية لهذا التحالف العضوي . 3 ــ رسائل إلى القوى الدولية مفادها أن الإسلاميين هم القوة الشعبية البديلة التي يمكن مخاطبتها والاعتماد عليها في رعاية المصالح وخدمتها .وهذا ما أثبتته تجربة البيجيدي على رأس الحكومة بأن رهنت المغرب ،اقتصاديا وسياسيا ، بيد الدوائر المالية الدولية. 4 ــ رسائل إلى عموم المواطنين يراد بها إيهامهم بأن الإسلاميين يشكلون القوة السياسية الكبرى التي ستظل تحسم المعارك الانتخابية لصالحها ؛ ومن ثم التأثير على اختياراتهم الانتخابية والسعي لاستقطابهم إلى صفوفها . إذن ، أين فلسطين من كل هذه الرسائل ؟ ما ينبغي الانتباه إليه هو أن الشعارات التي رفعها الإسلاميون خلال مسيرة الأحد 9 فبراير الجاري وسابقاتها لا تخدم القضية الفلسطينية ولا وحدة الشعب المغربي ولا قيم المواطنة . فكيف لشعار عنصري مثل "الله اكبر عاصفة على اليهود ناسفة" أن يخدم القضية الفلسطينية وهو يحرض على القتل والتدمير ؟ وكيف لشعار "خيبر خيبر يا يهود ، جيش محمد سيعود" أن يخدم الفلسطينيين وهو يقدمهم كأصحاب مشروع سيبيد كل اليهود أيا كانت قناعاتهم ؟ أكيد أن رفع هذه الشعارات العنصرية التي لا تميز بين اليهود أعداء الصهيونية وداعمي القضية الفلسطينية وبين الصهاينة دليل على هيمنة التيار الإسلامي على المسيرات وذيلية باقي التنظيمات الحزبية والنقابية. وهذا الوضع يضر بسمعة المغرب وتاريخه وحضارته وثقافة التسامح والتعايش وحوار الأديان التي ميزته على مر العصور .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر الأزهر وتكريس منظومة التطرف الديني.
-
بلاغ وزارة الأوقاف أقبح من الزلة.
-
حين يوظف بنحمزة إمارة المؤمنين لخدمة الوهابية.
-
من يحرّر الجامعات من قبضة الإسلاميين ؟
-
متى تكفّ الجزائر عن معاداة الوحدة الترابية للمغرب؟
-
الخوانجية ملّة واحدة.
-
لما يعطّل البيجيدي القانون بمباركة من بعض القضاة.
-
ولاء الإخوان لأردوغان ضد مصالح الوطن.
-
خلفيات مهاجمة الريسوني للحموشي.
-
حزبكم يا رئيس الحكومة من يزرع اليأس ويسيء إلى المؤسسات .
-
إحصائيات الرّضع في القمامة معلومة والحلول معدومة يا معالي ال
...
-
حقوق الإنسان كل لا يتجزأ يا وزير حقوق الإنسان.
-
حكومة البيجيدي أكبر عائق أمام التنمية.
-
الحاجة إلى تحالف ديمقراطي لإنقاذ البلاد من قبضة الإسلاميين.
-
الإرهاب الناشئ في تندوف .
-
تآمرُ الإخوان على أمن الأمة والوطن .
-
لهطة بنكيران وتعفف ماكرون .
-
أرواح الشهداء ولعنة القتلة .
-
بنكيران ورقصة الطائر المذبوح .
-
رسائل الملك إلى رئيس الحكومة والأحزاب .
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|