|
قراءة في كتاب: المشروع الشخصي للمتعلم في ضوء الرؤية الإستراتيجية للإصلاح2015-2030من التصور إلى التنزيل الميداني. للأستاذ الخبير:عبد العزيز سنهجي
كريمة بكراوي
الحوار المتمدن-العدد: 6488 - 2020 / 2 / 10 - 20:36
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
1- قراءة في عنوان الكتاب:
العنوان يعتبر عتبة للنص وملخصه، ومفتاح مكامنه ودرره. يحدد أفق انتظار المتلقي ويعقد معه اتفاقية شراكة بمسؤولية حول تداول المعطيات والقضايا. هما طرفان في حالة تواصل، الأول وظيفته الإثارة، اللعب بإستراتيجية الإخفاء والإظهار، لكن المتلقي متيقظ الهمة للتتبع والتفاوض عن مقدرة والرصد والاستخبار. وهذه بداية إعلان استقلال النص عن صاحبه ليظل شأنا عاما وتكون كل مؤشراته ومكوناته ذات منابع ومصادر تتجاوز ذات الكاتب، فيتحتم التعامل مع النص ولا شيء غير النص كما أشار رولان بارت. لمقاربة العنوان لابد من رصد مكوناته ودلالتها. نجده يتكون من ثلاث أجزاء: الأول المشروع الشخصي للمتعلم، وهذا يدل على أننا سنتعرف على عدة نماذج من تعاريف المشروع الشخصي للمتعلم المغربي، فتثار الأسئلة التالية: - أي تلميذ مغربي هو المقصود؟ القروي أم المدني؟ الذي يكون في التعليم الخصوصي الذي هو غالبا دون الهشاشة أو العمومي المترهل؟ إذن في الكتاب ما يغني من سوسيولوجيا التربية لإضاءة هذا المجال. - الثاني: في ضوء الإستراتيجية للإصلاح 2015-2030، هذا المعطى يؤكد أن المشروع الشخصي للتلميذ رغم كونه فرديا فقد تم استحضار معالمه وتحديد المؤشرات الدالة عليه وسبل تحقيقه بما يتفق ورغبة بل وطموح التلميذ من أجل إسعاد نفسه ومجتمعه والبشرية انطلاقا من حاجته غير المتنافية مع حاجات المجتمع. إذن هناك استحضار في الرؤية الإستراتيجية لآفاق المستقبل بناء على دراسة الجدوى، وفي الكتاب تفكيك نوعي لهذه الرؤية، لتحديد زوايا النظر لمشروع التلميذ على مستوى الوضعيات والوسائل والقرارات. الثالث: المشروع من التصور إلى التنزيل الميداني. معطى يفرز مصدر المشروع ومساره نحو بعض نهاياته: إنه التصور. فنتساءل تصور من؟ والكل يعلم أنه من يمتلك التعليم يتحكم في ناصية المجتمع حالا ومستقبلا. أهي جهة السيادة أم إلى جانبها جهة مؤهلة للتقرير في مصير الأمة؟ فما مميزاتها وما خبرتها وطبيعة مكوناتها؟ وكيف تمت مشاركة المعنيين بالأمر من فلاسفة وتربويين وآباء وتلاميذ؛ علما أنه كل قرار يتخذ في غيبة المعنيين مهما كان لصالحهم فهو ضدهم كما أكد غاندي. والمعول عليه أن الكتاب لا يدخر جهدا في الإجابة والاستفزاز؛ والأكيد أنه سيغني أفق المتلقي بالإثارة العالمة الموجهة. ولأننا لم نعد في حاجة إلى إجابات جاهزة وإنما إلى كيفية وضع الأسئلة الصحيحة ومحاولة إبداع أجوبة ممكنة ومتاحة فإن المهم الآن هو كيف يقول النص؟ كيف يشتغل على مستوى إدراك المتلقي وقناعاته وللتأثير فيه. كيف تمكن الاستفادة منه منهجيا وليس أن نستطرد ونعيد المكرر أو ما ورد فيه، لتأييده أو دحضه فهذا أمر بدائي. إن المهم هو ما يكون ملامح أستاذية النص مهما كان القرب أو البعد عن المؤلف. هذا وحده كفيل بالسماح بالتدخل والتقييم والتقويم وغير ذلك من الأهداف العلمية. فالكاتب قد وضع خبرته وجهده في الأيادي المسلحة ولم ينفضها من المسؤولية العلمية على متابعة هذا المولود في حياته الخاصة. 2 – قراءة في بعض أقوال منظري المشروع الشخصي للتلميذ:
التعريف بإيجاز للمشروع الشخصي للتلميذ الوظيفة 1 جون كيشار: إطار للممارسة المتبصرة. الدفع إلى الممارسة في وضعيات بالوسائل المتاحة. 2 جون بيير بوتيني: موطن لتدبير وتعايش المفارقات. التمكين من تدبير المفارقات انطلاقا من عدم الاستقرار 3 بيير مارتان: كينونة وجدانية وتروية دفع المتعلم إلى بحث قيمته الذاتية وشخصيته بواسطة المشروع 4 روبرت ستيفان كابلان: خريطة نجاح بفهم المهارات ومن يراد كونه جعل التلميذ يعتمد خريطة نجاحاته من مهاراته وطموحه. 5 وليام جيمس: صورة ذهنية لما يود ان يكونه يتحول إليها بحب تدريجيا. تحويل ذاتي للمتخيل إلى ممكن. 6 ديف رامزي: فعل ذاتي ومبادرة ايجابية فردية باصمة للحياة الخاصة التمكن من الفعل الإرادي الايجابي بثقة رغم ظروف الحياة.
لماذا تفريغ المقولات؟ لماذا تأمل وظيفة المشروع انطلاقا من تعريفه؟ لماذا إثارة الانتباه إلى أهمية تطور تعريف المشروع التعليمي في مسيرته التاريخية الخطية مما يؤكد البعد السوسيولوجي والأنثروبولوجي للمسالة أم أمر آخر؟ في طيات الكتاب حسن التعليل والجواب. 3 - قراءة في فهرس الكتاب:
لماذا الوقوف مع المحاور الأساسية للمؤلف؟ كيف؟ ما وظيفتها وما أهميتها المنهجية؟ إن نوع وطبيعة القراءة المراد ممارستها تفرض طبيعة التعامل مع الفهرس. فالمحاور تبرز للقارئ ما قد يهمه، وبذلك توجهه بنوع من التبئير إلى هدفه، وتبرر له مقبولية ما ينجزه من قفز أو تقطيع. فالقراءة من أجل المتعة ليست كالتي من أجل التمحيص والفحص والاستشهاد، إن البون شاسع بين قراءة منهجية وأخرى انطباعية أو وظيفية. ونظرا لطبيعة المتلقين فإنهم ملزمون بالدرس للاستفادة من كيفية بناء المشاريع العلمية من تقارير وأطروحات. وبناء أي مشروع علمي لابد أن يتم بواسطة هندسة قابلة للتطوير والتدقيق حسب مسار ومقتضيات البحث، فلا عشوائية ولذلك يكون أول دال على صدق وعلمية المشروع تصميمه حيث يتضح منهجه. ومكوناته تشكل هيكله العظمي الذي يفرز معماريته فيبدو الانسجام أو التنافر ليسدد الاعوجاج. إذن من الضرورة بمكان مواجهة هذه المعمارية بخلفيات معرفية مختلفة متكاملة، لما تفعله في توجيه القراءة والأفكار والاختيارات، فضلا عن المشاعر؛ وكذلك لما لها من أثر في تحقيق التمرس. وبناء عليه نبتت الحاجة إلى النظر ومساءلة المحاور الأساسية للكتاب، قصد التمكن من معرفة ما يريد بناءه فينا معرفيا ومنهجيا. بالنظر الى المحاور الأساسية للكتاب الواردة في ص:5-6 نجدها تتكون من صنفين متمايزين بعد التصدير الذي هو بمثابة مسلمات وثوابت غنية عن المطارحة والمناقشة. فالكتاب ينصص على أنها سابقة، ومن الضروري المصادقة عليها قبل الدخول في أي حوار. الإهداء عاطفي يعير عن قناعة شخصية وأداء دين لا يحق التعرض عليه. أما أقوال بعض المنظرين للمشروع الشخصي للتلميذ فهي تدخل في إطار التنظير، وعليه لا يمكن ان توجد ممارسة علمية منهجية من غير نظرية تستند عليها. والتقديم العام أو الخاص، وظيفته جعل المتلقي الدارس على بينة من أطروحة الكتاب، ومنهجه وقضاياه. فالدارس يوجد أمام سرد علمي وليس متخيلا روائيا مثلا، ولذلك توجب الضرورة معرفة آليات ومحركات بناء المعرفة والكفاية والمواقف لأنها منشطة لفعل الإقراء والقراءة. البحث عن أمر منهجي من مؤلف انطلاقا من معماريته مصدره بناء المعنى الخاص به. وقد بين غريماس أن "مقاربة نص ما لا يكون لها معنى إلا في حدود طرحها للمعنى كهدف وغاية لأي تحليل. فالتعرف على المعنى وتحديد حجمه لا ينفصل عن الميكانزمات التي أنتجته (...)إن التساؤل عن الشروط المنتجة للمعنى وعن كيفية إنتاج هذا المعنى لا ينفصل عن تحديد حجم وطبيعة هذا المعنى، وعلى هذا الأساس فغاية أي تحليل هي مطاردة المعنى وترويضه ورده إلى العناصر التي أنتجته." وبناء عليه تحق التساؤلات التالية: - ما الهدف من مقاربة هذه المحاور المعتبرة أساسية للكتاب والمرسل إليه؟ - كيف يمكن تحديد حجم معنى المؤلف وأهميته انطلاقا من هذا التصميم؟ - كيف أن هذه المحاور تبرز الميكانزمات التي أنتجت المعنى لهذا المؤلف؟ المحاور الأساسية تغطي 139 ص، موزعة باعتماد بنية التركيب اللغوي والنحوي إلى صنفين كما تمت الإشارة أعلاه تسعة تبدأ ب: المشروع الشخصي للمتعلم، فأعطيت لهذا المركب الإسمي الصدارة لأهميته وسنعود إلى المكون الثاني لكل محور؛ أما الست الموالية فلها منطلقات أخرى: التنشيط، التتبع، أهم الفرص، أهم التحديات، مرجعيات التقويم الشخصي للمتعلم. فوقعنا في نسيج عنكبوت يفضي الى نتيجة وحيدة في كيفية التناول ضمن دائرة تبدو مغلقة حيث تبدأ بالمشروع الشخصي للتلميذ في المرجعيات والمبررة للسيرورة التاريخية له والخلفية للمفهوم لتفضي بنا إلى مرجعيات التقويم. فما المعنى من هذه الهندسة؟ الكتاب يصرح ببساطة واحترام للعلمية والصرامة المنهجية بما يلي: أولا: إنه من غير الممكن إنجاز دراسة سوسيولوجية أو أنثروبوولوجية أو تربوية علمية من غير الاستناد الى منطلقات تخص المرجعيات، لأن الاختلاف فيها يؤدي حتما إلى فوضى في النتائج. وإذا كان ما ليس منه بد من توضيح الجدوى من الدراسة، فإن السيرورة التاريخية تكون مجال رصد التطورات وتفاعل الخلفيات. وفي العلم المحدد لا اختلاف في المفاهيم والمصطلحات للتمكن من الحوار وتكلم نفس لغة الاختصاص. هذه القاعدة العلمية ملزمة ليس للباحث بل للمتلقي إلغاء للتيه في بداية الطريق الحالك. والآن ما مرجعية تقويم المشروع الشخصي للمتعلم إن لم تكن ثاوية في التنظير الوارد في التصدير أساسا؟ ثانيا: كل مشروع علمي منتج، لابد من تقويمه وتقييمه لرصد قيمته المضافة لصالح المستهدفين منه والإنسانية والمعرفة. فإنه لا يمكن وهب قيمة تقديرية بناء على هوى أو عصبية "ولا أن يكون الأثر الاجمالي قوة حدسية لا يتحكم فيها ولا يحدد حجمها سوى الذات المتلقية" . حتى لا تغيب الموضوعية. فوحدة المرجعية تفرض وحدة مقاييس ومعايير التقويم وبالتالي تطابق النتائج نسبيا لاختلاف الوضعيات والسياقات. إن عملية التحليل يجب أن تستند إلى العناصر النصية كحالات قابلة للفحص بشكل يتكرر فوق كل التقلبات. فالمرجعيات ليست مصدرا للإنتاج وحسب وإنما آليات وأدوات للقياس والتقويم. 1.3- مقاربة البنية التركيبية والدلالية للمحاور التسعة المرتبة أولى:
فما أهمية هذه البنية في تشكيل معمارية النص وبناء دلالته؟ كل محور يتكون من مركبين الأول المتكرر مهم يكون بؤرة موضوع البحث، إنه المشروع الشخصي للتلميذ، والجزء الثاني فمؤطر بواسطة السؤال أو النماذج. وإذا كان المكون الأول هو دائرة البحث فان الثاني هو بؤرة اهتمام الباحث المهووس بالعمل على تحديد مداخل مساعدة لرصد وعرض إشكالية الدراسة في جزئياتها للتغلب عليها وتداولها بيسر منهجي. علما أن هذا العمل موجه ليس للمختص وحسب بل لعموم المهتمين بالتعليم. والأكيد ان بناءه هو ما يضمن للكتاب حياته ويعطيه الأثر اللائق لأنه من صميم الشأن العام، والمأمول انه سيثري النقاش والإنتاج العلمي والسياسي والرصيد الأكاديمي. 2.3- قراءة في بنية المكونات والعلاقة بينها: بناء المكون الثاني لكل محور تم في علاقة أفقية مع الجزء الأول وعمودية استلزامية مع المحور الموالي، فهو ينجز وظائف الربط والدفع إلى عمق الإشكالية بلطف وروية، مع اعتماد تقنية تدعيم المكتسبات، بحيث كل محور يفضي بشكل تصاعدي إلى بلوغ الذروة في صدر البحث، وهي مكون للإشكالية: أقصد المحور السادس-6-. وبإنجاز عملية حسابية على عدد الصفحات نجد 139/2=69 والمحور السادس احتل هذه الصفحة الوسط. وعليه تكون الإشكالية هي: كيف يمكن تحديد مشروع شخصي للمتعلم في ظل سياقات ورهانات دولية وخاصة متميزة بسيمات على رأسها التغير والمنافسة واعتماد المتاح من الممكن؟ وبأية منهجية يمكن إحداث تنزيل المشروع ضمانا لنجاحه الوجودي وتفاديا بل إلغاء لكل ارتجال؟ وقد مارس الأستاذ الباحث عملية تحويلها إلى فكرة رئيسية وعنوان بارز كالآتي: المشروع الشخصي للمتعلم وسؤال المنهجية والتنزيل الميداني. إن العلاقة الأفقية بين جزأي كل محور، توحي باستقلالية كل واحد منهما عما سواه، ولكن سرعان ما يتبين العكس، إنه ترابط في رسم حدود مشكلة ضمن الإشكالية الكبرى، أي مواجهة سؤال يعد جزءا منها؛ لذلك نجد المشروع الشخصي للمتعلم في مصادره النظرية في المحور الأول، ثم نراه قبل سؤال النموذج البيداغوجي الملائم في الثاني. وهذا يفرض الأسئلة التالية: - كيف تم تحديد هذه النموذجية بيداغوجيا، وما نوع الملاءمة؟ - هذه النموذجية من يدبر ويراقب مدى الملاءمة بالالتزام: المجتمع؟ واضعي النموذج؟ التربويون؟ السياق العام للتعليم والتصنيفات الدولية؟ إلى جانب كل هذا، يبقى هذا الكتاب يدفع إلى وضع الأسئلة والمشاركة في البحث عن دلائل وممكنات إحداث المنشود. فهذا النموذج المتصل بالمشروع الشخصي للمتعلم، يفرض سؤال تحديد صارم لنوع مشاركات وأدوار الفاعلين والشركاء، ومستوياته والوسائل اللازمة أولا، ثم كيف سيتم تثمين جهد صاحب المشروع كفاعل رئيس ودور متفاعل ديناميكيا مع الوسائل والإجراءات لكونه المستهدف بها. وهكذا يتم الانقياد إلى تأمل المشروع الشخصي للمتعلم في ضوء مرتكزات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح. هناك إقرار رسمي بأزمة خاصة ضمن الأزمة العالمية بالحاجة إلى الإصلاح والتغيير للمنظومة التعليمية لتساير الإنسانية قدرها مع العولمة؛ وهذا يحتم وضع أهداف مدروسة ومرامي نوعية لهذه الرؤية التي أصبحت في أمس الحاجة إلى التنزيل لتحقيق المستوى والكيف المطلوب والمرغوب فيه علميا وعمليا وإبداعيا ليلبي الحاجة الخاصة: - بسوق الشغل المتقلب بتطور مستمر معولم؛ - بالوطن المدعو بقوة إلى البقاء؛ - بالمتعلم الطموح المنتج لسعادته وراحة الآخر. ويستمر الكتاب في تدرجه ليلقي بنا في المحور الخامس من غير فرصة لالتقاط نفس أو الالتفات إلى حيث مكمن الفعل قصد تمكين صاحب المشروع وكل الأطراف من مقاصدها: المشروع الشخصي للتلميذ وسؤال ملائمة التكوين لسوق الشغل. فالمتحكم في المواءمة والملاءمة من التكوين إلى الإبداع هو هذا السوق، ميدان إنتاج الخيرات، وحيث أهم قيمة أصبحت فيما ينتجه الفرد ومهاراته وتكيفه المستمر، وليست فيما تملكه الأوطان والأمم من كنوز ومعادن. فصارت الحاجة إلى إنتاج شخص مستمر التكوين، قوي ذكي مبدع، قادر على المنافسة كأهم مطلب. وهذه الخاصية الأخيرة أصبحت أس التكوين عبر ترتيب المدارس والمعاهد والجامعات، ومن ثمة الأفراد والقدرات. وإذا كان سوق الشغل هو مصدر المنافسة والترتيب وتحديد الأدوار، فإنه هو نفسه مصدر إشكالية المشروع الشخصي للمتعلم وسؤال المنهجية والتنزيل. في مناخ يتسم بالترهل والهشاشة تفرض على المتعلم والمجتمع الاستمرارية في الحياة بمنافسة وندية، بالممكن من المقدرات والمتاح من الوسائل؛ وهذا يفرض تدبيرا نوعيا للوضعية الراهنة باستحضار كل المتغيرات والشروط ثم الآفاق. وعليه لابد من العمل المشترك بالفرق مع اعتماد كل المداخل العلمية انطلاقا من الدراسة السوسيولوجية التطبيقية والمقارنة كرافعة لغيرها من العلوم الفاعلة ميدانيا بتأن ومسؤولية. فهذا الكتاب لا يدعو إلى الانفتاح على المسارات بل إلى المشاركة الفعلية عن مقدرة في تحمل مسؤولية مصير الأمة وسعادة أفرادها. فالسوسيولوجي الفضائحي والناقد لم ينثر الغبار على قبره بعد وهو مدعو إلى التدخل العالم. بما أن الكتاب يمارس التكوين فهو يريد بصدق تثبيت مهارات ومعارف عبر التفاعل مع المتلقي المشدوه والمراوغ. بعد الذروة حيث تم التركيز على المشروع الشخصي للمتعلم، وترك المسؤولية في مقاربة سؤال المنهجية للآخرين وكذا تتبع التنزيل الميداني للدولة وهيئات المجتمع قبل الأفراد والمتعلم الذي هو مواطن المستقبل الفاعل وليس المسطح. وينتقل الكتاب بمن يسايره بسيولة وليونة ليعرض نماذج أنشطة معرفية تهم الإدراك حسب صنافة بلوم. - فما الموضوعات التي يجب أن يعرفها المتعلم صاحب المشروع المنقذ؟ عليه من خلال أنشطة فعلية سلوكية أن يعرف ذاته والآخر المشارك في تدبير المشروع، وآفاق المستقبل مع احترام المقدرة. ولنقف جزئيا مع المحور السابع. المعطيات عبارة عن أنشطة موجهة للمتعلم مباشرة مهما كانت وضعيته النفسية والاجتماعية والحضارية من غير اعتبار للفوارق والشروط المتحكمة في تكوين الذات وتصور المتعلم لنفسه ومجتمعه وأنداده عالميا؛ فليس التلميذ المدعى أنه يستفيد من فقره عبر برنامج "تيسير" والمقهور فعلا بهذا الأمر المرُّ هو نفسه المدني المتمكن من أسباب القوة والعافية وأنواع الدعم. في هذه الأنشطة ما يهتم بتطور النتائج خلال الثلاث سنوات الأخيرة واتجاهاتها. والثاني حول علاقة المتعلم بالمواد الدراسية. وهذه أمور رغم أهميتها غير ذات مصداقية في الوضع الحالي، لأنها لم تهتم بالمراقبة الخارجية لتطور النتائج وإحداث بيان يحمل اقتراحات وآليات تدخل الشركاء قبل أن توجه للمتعلم ليتخذ ما يلزم ويطور قناعاته. - لماذا وظف الكتاب هذه الأنشطة الموجهة(ص:81)؟ إنها نوعان: + شبكة عنكبوتية يجب التدرب على التعامل بها وتوظيفها بالمفاتيح الخاصة مما يمكن من التدرج إلى تحديد الحصيلة انطلاقا من التدبير بالنتائج. + جداول الروائز الخاصة برصد العلاقة التي تربط المتعلم بالمواد الدراسية، بوضع علامة أمام الخانة المناسبة. والملاحظ التغافل على أن العلاقة مع المواد تبنى عبر إنشاء الرغبة والمثل والوسط، بتقوية العلاقة العاطفية والمنطقية مع المادة التي تصير مربط عشق ومصدر ارتياح. وكثير من ذوي القدرات العلمية البحثة أفادوا الفلسفة والآداب والفنون أكثر ممن يستهلكون مع الانتماء والتخصص لا غير. إن الرغبة والحاجة يكونا الميول ويركزانه وبذلك توطد العلاقة مع المواد، وهذا ما يفرض تكافل الجهود في التوجيه. والحصيلة من هذا المحور تتجلى في المبادرة إلى محاولة تنزيل تقنيات مساعدة على معرفة الذات وتقديرها بمنطقية انطلاقا من مردوديتها وعلاقتها بالمواد بكل مسؤولية. فقد كان بناء الرائز على فعل يحمل في طياته الاهتمام بالمادة وذلك نحو: أهتم، أكتسب، أجرب،...أعيش. ومن الملاحظ ان المتعلم الحالي المراهق قد يضع علامة أمام كل عامل وكل مادة، وبالتالي لا يمكن التمييز بين ما يجعله مهتما بمادة ما؛ في حين لو فصلت الروائز حسب السن ومكونات المواد إجرائيا بما يسمح بالتتبع الخارجي لأنشطة المتعلم ومصادر اهتماماته نحو: صف بما يدل على واقعك الأسري والجغرافي في عشر أسطر؛ واقرأ الرسالة الموضوعة أمامك واستخرج ما يفيد الصداقة ويدعمها. أما عن الرائز: أقول من أنا وما أريد أن أكون، تقع عليه نفس الملاحظة التقنية الموجهة للتصريحات والانجازات العامة والمستهدف غير واضح المعالم من حيث السن والمستوى والجنس والشريحة. فالمشكل هو التنميط الذي يحدث المغالطة الكارثية بنمو المتعلم إلى المراهقة وما بعدها، فيدرك أهمية العلامة في تقدير ذاته وشخصه لفرض شخصيته من منطلق غير معقلن. هكذا يمكن تتبع كل مكونات سؤال المنهجية والتنزيل من حيث المحتوى إلا أن القراءة المتسرعة تفرض تجاوز الايجابيات كمكتسبات والعمل على ما يمكن من إعادة النظر والفحص في المقترحات بحسن نية. وخلاصة هذه المحاولة أن الكتاب يضع القضية تربويا في أبعادها العلمية لتكون موضوعا خصبا للدراسات الإنسانية، ويفرض منهجية لتناول وتداول الإشكالية السوسيولوجية التربوية بكيفية ميسرة تدريبية تطبيقية. فهو لا يحمل دعوة للقراءة وإنما هو درس منهجي أكاديمي تأسيسي للاستفادة والمشاركة في بنائه مع مشروع المتعلم. بعد الوقفة مع الإشكالية: المشروع الشخصي للمتعلم وسؤال المنهجية والتنزيل الميداني؛ اتضحت الشروط المنتجة لمعنى هذه الإشكالية وبالتالي الكتاب ككل والتي يمكن اختزالها في أزمة التعليم وسوق الشغل والهشاشة، ولا تزال المحاولة دؤوبة في البحث عن كيفية إنتاج هذا المعنى من خلال الفهرس أولا، ثم الكتاب في مقابلة مع الواقع ومستلزماته الحضارية. فرده إلى عناصره الأصلية وحده كفيل بترويضه. وعليه لا بأس من العود على البدء. فقد بنى الإشكالية والأطروحة وتدرج إلى قمتها ثم أخد يخوض في الجانب التطبيقي التنزيلي بعد أن اطمأن إلى ما أسسه في العقلية الأكاديمية والعامة برسم ووسم إمكانيات الانجاز عبر النماذج الخاصة بالمعرفة، بأنشطة عالم المهن، ثم بتمارين الوضعيات لبلورة تحقق المشروع وللتمكن من تتبع الانجازات وأخيرا إثارة أهمية الفرص المتاحة. فما الخلاصات الأولية؟ - أن هذه الهندسة للنص تعتمد معمارية التوازي، فالقضية احتلت الصدر وكان قبلها ست دعائم محاور وكذلك بعدها. - أنه لا أثر للحدس والتجريبية في بناء هيكل الكتاب شكلا ومعنى، فتوزيع الصفحات حسب المحاور كان تناسبيا وحسب القضية الجزئية، كما كان ترتيب هذه المحاور متناسلا منطقيا لا يسمح بإطناب ولا وقف، فإما أن يقرأ الكتاب في شموليته أو يترك سالما معافى، لأن القراءة الوظيفية ستفضح قصور الفاعل وتقلل من كفايته المنهجية. - الكتاب يبين بالملموس الكيفية والتقنية العملية في بناء وهندسة مشروع علمي يتسم بالانسجام والقبول ماديا ومعنويا باحترام التعالق والترابط بين المكونات من جهة وبينها وأحجامها من أخرى. ورغم كل هذا تبقى ضرورة وضع أسئلة واقتراحات، فرضت نفسها وقت محاولة ترتيب القراءة منها: - لماذا لم يتم الاسترسال في وضع المحاور إلى النهاية بالبداية بالمركب الإسمي: المشروع الشخصي للمتعلم وسؤال... نحو: 7 - المشروع الشخصي للمتعلم وسؤال الأنشطة المعرفية المساعدة على معرفته لذاته. 8 - ...................................أنشطة معرفة عالم الدراسة والتكوين. 9- ....................................أنشطة معرفة عالم المهن. 10-...................................استثمارا لوضعيات والتمارين لبلورة المشروع. 11- ..................................تتبع أنشطة المتعلم في إطار مشروعه.
والمعتقد أن هذه هي البنية العميقة التي فرضها البحث ومنهجية تناوله من لذن الأستاذ الفاضل. فقد اهتم بالقضية كموضوعات أسئلة محرقة ومستعجلة تفرض المطارحة والدرس كحالات في إطار من الشمولية. وهذا ما تطلب الكثير من الجهد والألم لأنه حاول الإحاطة بقضية تحتاج الى فريق عمل كبير متنوع متكامل. فضحى ليلخص ويثير ويتحمل المسؤولية حسب المستطاع قيادة هذا الفريق المكون منكم ايها الطلبة سواء كنتم تحبذون القبوع في زاوية المريدين أو المشاغبين. إن ضروريات القراءة بقلم الرصاص والعين الرقيبة بقصد استمرار الاكتساب لن تزعج الأستاذ ولا الكتاب في شيء، لأنهما تعاونا على حمل هم التربية ومصير المغاربة بأكاديمية الانجاز والصرامة العلمية. فقد استمر نفس النهج التكويني إلى أن تم تكسير أفق الانتظار المتجلي في عوائق الإنجاز والتحديات التي فرضت إبانه ولكن تم تجاوزها شكلا فلم يكن المقصود إثارة شفقة ولا تقدير غير مؤسس وإنما القيمة الاعتبارية من الكتاب نفسه. والفهرس يتضمن خاتمة (ص:157/ الكتاب) لم توضع فضلة وطبيعتها تفرض الاغتراف منها، كيف؟ 4 – مقاربة الخاتمة: إذا كانت الأمور بخواتمها وهي خلاصة الدراسة المغامرة، إلى أي حد كانت خاتمة هذا الكتاب تقليدية؟ ركزت على الخلاصات والاقتراحات والتوصيات لتذيلها بأسئلة مشروعة للبحث؟ وإلى أي مدى أدت وظيفتها التقليدية؟ لا يمكن ادعاء ذلك ولا دحضه دون ضبط معطياتها مما يمكن من فحصها، وهي ركزت على الآتي: - الحاجة الى استراتيجيات ملائمة تكفل الإنتاجية وتصويب مسار المنظومة التربوية. - الحاجة الى معرفة علمية وظيفية تضمن الانخراط في التنمية الشاملة والمستدامة. - الحاجة إلى إقدار المتعلم وتمكينه من كفاءة إنجاز حياة فيها التغير قاعدة والاستقرار استثناء مما يتطلب التكيف والإبداع. - الحاجة إلى تحقيق الملاءمة بين قدرات المتعلم وتطلعاته والفرص المتاحة بالبحث عن إمكانيات النجاح المستمر. - الحاجة الى إزاحة التنافر بين أقطاب: المحيط – الاختيارات- الذات.
بعد رصد الحاجات التي لا تزال راهنة قوية حادة بفعل العولمة والمنافسة، تمت الإشارة إلى أن المشروع الشخصي للمتعلم أصبح آلية استراتجية لإعادة النظر باستمرار في المدرسة والشأن التربوي بصفة عامة، وضمنه هندسة الإنسان راشد المستقبل؛ وإلى أهميته في توجيه الممارسة التربوية الميدانية، وفي ترسيخ نوع بيداغوجي مكرس لمعنى ودلالة جديدة للحياة، والى دوره في تحصين المتعلم وجعله قادرا على الاندماج حاضرا ومستقبلا. هذا الرهان لا يتم عفويا لأنه يتطلب مستلزمات هي: - الديمومة والشراكة، والعمل الجماعي بانسجام بين مختلف والشركاء مع اعتماد الأنشطة السلوكية والتعاقد بانخراط كل الفاعلين بمسؤولية. - جعل المتعلم قادرا على المشاركة والفعل والتأثير من خلال وضعيات واقعية، مما يتطلب التنسيق المحكم والإرادة الصادقة. المشروع الشخصي للمتعلم إطار منظم وموجه للتفاعلات والعلاقات، يتطلب من الفاعلين القدرة على صناعة الايجابية والأمل عن كفاءة فتشتد الحاجة إلى تكوين الشركاء لتحقيق النجاعة. 5- خلاصة الدراسة للكتاب انطلاقا من الفهرس: - إنه كتاب يمارس الأستاذية بمنهجية أكاديمية. - إنه كتاب حابل بالقضايا الواجب تدارسها من لدن عدة علوم إنسانية نحو السوسيولوجيا، الأنثروبولوجيا، الاقتصاد، العلوم السياسية، علوم التربية والتوجيه، علوم الاستراتيجية.... - إن الكتاب دخر علمي أكاديمي، بني بيداغوجيا بكيفية حاسوبية، بروابط منطقية حيث كل عنصر يفضي إلى الآخر الأعمق منه. وقد تم توضيح مسألة التدرج المنطقي. - كتاب سار بتنظيم عميق بالانطلاق من محاور أساسية تبدو بسيطة الى خلق موضوعات ثقافية معقدة بالإرغام والاستلزام. - كتاب سار على هدى من بنية عميقة واضحة كأزمة وجودية حضارية بارزة معالم الفشل أمام التطور والتغير والإبداع إلى الأشكال المكونة للأسئلة النوعية لتجلي الإشكالية. - إن المحاور الست الأولى الأساسية للكتاب كانت بمثابة قضايا وفرضيات لمواجهة الإشكالية بحلول عملية ناجعة؛ والأواخر هي محاولات اختبار وتحقيق للفرضيات، ولكن كيف؟ من لم يدرك البنية العميقة للكتاب ولم يتبصر كيفية اشتغالها وآلياتها لإنتاج المعنى؛ يرى الكتاب كله وصف وتناول متنافر لقضايا لا جامع بينها غير المجال التعليمي. ورغم سلاسة النفحة السوسيولوجية في الكتاب ففيه ما يزينه ويثري مدارك وتجارب محبي وقناصة المعرفة. - إن الخاتمة لخصت الحاجات وحددت المستلزمات، لتفرض قرار الحرص على مواكبة العصر وإدخال مستجدات العلم والتكنولوجيا التي يفرضها سوق الشغل بمثابرة وجدية جماعية. فالعالم اليوم منطقه الإبداع وروحه المنافسة لرفع كم وجودة الإنتاج مع خفض التكلفة. لقد أنجز الكاتب والكتاب وعدهما بصدق في استنفار القوى الاجتماعية الحية للتفاعل والتفكير والمشاركة في استثمار الدعامة البيداغوجية العالمية المتجلية في المشروع الشخصي للمتعلم ليمتلك التعليم والمدرسة وإنسان المستقبل معنى. وهذا لم يكن عزيزا على خبير مكون نشيط لا يتنفس إلا الهم التربوي ولا ينبض إلا بآليات التحدي بإصرار. الشكر موصول لمن مارس الأستاذية عن كفاءة ولكتاب المشروع الشخصي للمتعلم على ما قدمه من منهجية وما أظهره من احترام لهندسة الأطروحة.
#كريمة_بكراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بَالُكِ؟
-
جذلية أخي
-
شذرات حول التعليم و المدرسة المغربية
-
عَرَبِيَةٌ
-
حكمة النساء
-
هيامي يا أمل قريب
-
يوم من الأيام
-
يا من رحلت عني؟؟؟
-
أي دور للمجتمع المدني في تطوير التماسك الوحدوي؟
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|