|
الدخان الابيض … !
جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)
الحوار المتمدن-العدد: 6487 - 2020 / 2 / 9 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التجارب والظروف المريرة وقسوتها علمتنا ان المشكلة اذا امتدت وطالت تجاذبتها الميول والاتجاهات ، وعبثت بها رياح المصالح الضيقة والاهواء الفاسدة حتى يوصلوها الى حافة الضياع وفقدان السيطرة او نحوهما … فتزداد عندها فرص الحل ضعفاً وارتباكاً نتيجة تداخل الازمة داخليا ، والتدخلات الخارجية الحاملة لاجندات مشبوهه تهئ فرصة نادرة لبعض الدول في المنطقة وخارجها لممارسة نفوذها ، وسطوتها بواسطة عملائها و جواسيسها المزروعين مسبقاً على الارض ، والتي لا تساعد الا على زيادتها اشتعالاً وخراباً … وهكذا هو الحال مع الازمة العراقية الحالية اذ طالت وعرضت اكثر من اللازم مما صعَّب من ايجاد حل سريع ومنصف لها ، فالكل مصر وبعناد على موقفه السلبي مع ازدياد الحملات الاعلامية على منصات التواصل تُجانب هذا الفريق او ذاك ، والقسم الاعم منها ينطلق من نية قد تكون صافية ومخلصة لانجاح الحراك لان به خلاص ليس للمتظاهرين وحدهم وانما لعموم العراقيين والعراق … والقسم الاخر وكأنه يصب الزيت على النار دون ان يدرك ان دعواته للعنف او حمل السلاح ( عسكرة الحراك ) ثمنها كبير وغالي على العراق والعراقيين جميعاً ، فسقوط اي عراقي في اتون هذا الصراع هو خسارة مروعة للجميع والم يعصر قلوب العراقيين ككل ، وهو اقرب ما يكون دعوة الى هد المعبد على رؤوس الجميع ، وهذا امر مرفوض جملةً وتفصيلا ! ولا نريد اسالة المزيد من الدماء سيتعذر علينا منعها او ايقافها … ان حل اي مشكلة في العالم المتمدن الان هو في ( التفاوض ) والبناء عليه ، فاتفاق الظن افضل من سوءه ! والتفاوض ليس ضعفا كما يتوهم البعض ، بقدر ما هو قوة تعكس حدة الوعي ونضوج التفكير … نُقَدِّر بان الالم يولِّد العناد عند البعض من محدودي التصور والتفكير ، ولكننا على اية حال كلنا عراقيون ، واختلافنا في الراي يُفترض ان لا يُفسد للود قضية ، او هكذا يجب ان يكون ! ولكم ايها الاشاوس اقول : لا يفترض ان تتركوا المغرضين ، والمتسلقين على الاختلافات ولسان حالهم يقول : اتركوا الاعداء ينشغلون بانفسهم ، ولا تتركوا لغراب البين ان ينعق في عراقنا الحبيب ! ولا نريد تقسيم حالنا الى فريقين ، هذا يُجانب ذاك وذاك يُجانب الاخر … الفاسدون واللصوص والطائفيون والقتلة سينحسرون ويتلاشون كما تتلاشى موجة البحر وتتوارى خلف غيرها ، ولا مكان يليق بهم الا سلال النفايات … قد يقول قائل المسألة اصبح بها دم ، صحيح …اتفق معك تماماً ، ولكن العقل ايضا يقول بان الايغال بالمزيد من الدم هو الغباء بعينه ، ولا يخفى على الكل ان اي صراع حتى ولو بين الاخوة لا يخلوا من دم ! اذن حان الوقت لتدخل العقلاء منا لايقاف هذا الهدر بالارواح ، وكفى تسخيناً للمشهد، والنفخ بالجمرات فالشرر سيصل الى اقدام الجميع ! فاذن والحال هذه يجب ان يُنظِّم الاخوة المحتجون صفوفهم ويشكلوا وفداً يدخل في مفاوضات مع الحكومة وحوار دون تدخل اي طرف خارجي مهما كان ، فانتم تمتلكون قوة الحق ، واتركوا حق القوة الغاشمة للاذرع المسلحة فهي لن تنفعهم في كل الاحوال !! ويبدو جلياً ان الطرف الاخر قد استوعب الدرس تماما ، والصدمة المباغتة التي احدثتموها قد زلزلت كيانهم ولن يجروء اي واحد منهم على رفع عقيرته بوجهكم مرة اخرى . فانتم فتحتم بدمائكم وشجاعتكم وتضحياتكم بابا موصداً ليس في وجه العراقيين فقط بل في وجه الشعوب العربية كلها ، والحق اقول : ان الكثير من الشباب العربي اليوم بات يحسدكم ويفتخر بكم وبشجاعتكم ويتخذ منكم رمزا وايقونةً لكسركم حاجز الخوف المطوِّق لارادة الملايين من شباب هذه الامة ، وانا شخصياً ارفع لكم القبعة وانحني امامكم احتراما وتقديرا لمعاناتكم وصمودكم ، واحي بصدق واخلاص ارواح شبابنا الذين ذهبوا برصاص الغدر والخسة والجبن ، فطوبى لهم ولارواحهم الخالدة خلود الحياة ما بقيت ! اكيد ستحقق هذه المفاوضات اهدافها او الشئ الاهم منها … افضل من ترك الامر على ما هو عليه يتمسك كل طرف وبعناد بمواقفه دون زحرحة تذكر ، والخسائر لا تنتظر ولا تتوقف … كما قيل : ( سنوات من التفاوض افضل من يوم واحد من النزاع ) وارضيتكم صلبة ، واحقية مطالبكم مشروعة ، وظهوركم محمية من شعب لا يعرف الخوف ولا النكوص ! واياكم والغفلة فيسرق الجبناء وصيادوا الجوائز النصر منكم كما قيل : ( الثورات يدبرها الدهاة وينفذها الشجعان ثم يكسبها الجبناء …) وليتذكر الكل باننا جميعاً لا نساوي حفنةً من تراب بدون العراق … اما اولائك اللاهثون وراء فتات السلطة وفضلات موائدها ، والذين تفتنهم المناصب حد التقديس ، فيكفيهم ما سطره التاريخ ووعي الناس لهم من صفحات الخزي والعار … وما افضع النفس اذا خانت صاحبها !! فالعراقيون يعون تماما حجم اللعبة وبيادقها وكيف ومن يحركها من داخل وخارج البلد ، ولم يعد هذا سرا على احد ! اخطر ما في المسألة هو فقدان الهوية الحقيقية للعراق ، فبلد عريق في النضال من اجل الحرية وتقرير المصير كالعراق ، والذي قدم ما قدم في هذا الطريق من تضحيات قل نظيرها يليق به ان يعيش في نظام مدني ، حداثي ديمقراطي يحمي الكل ويدفع بالبلد نحو التقدم والازدهار والرقي ، لا ان يُستنسخ نظاماً كسيحاً متخلفاً من الخارج ، ويُفرض على الناس دون الرجوع الى رايهم في الامر ، وكاننا لم نخرج من نظام الحزب الواحد لنقع باخر شبيه به مع القليل من التحسينات الفوقية ! اخيراً نتطلع بلهفة الى اليوم الذي يخرج فيه الدخان الابيض معلناً التوصل الى حل ينهي هذه المأساة ، ويضع حداً لنزيف الدم وهدر الطاقات ، وارهاق اقتصاد البلد الذي يكفيه ما اصابه من عجز بفضل دناءة النفس عند المسؤولين الذي تجاسروا على سرقة حق الفقراء والمحرومين ! وهي دعوة مخلصة من كل الاحرار والشرفاء في العراق الى تشمير السواعد وشحذ الهمم لبناء بلدنا على اسس مدنية حضارية صحيحة تليق به وبشعبه الطيب ! الامن والسلام لبلدنا وشعبنا الطيب ، والخلود والسلام لارواح من ضحوا من اجلنا لنحيا ، والشفاء العاجل لجرحانا …
#جلال_الاسدي (هاشتاغ)
Jalal_Al_asady#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القضية الفلسطينية … الى اين ؟!
-
العجل وقع هاتوا السكاكين … !!
-
هل كان نبي الاسلام أُمي لا يقرء ولا يكتب ؟!
-
العراق هو العنوان الاكبر … !
-
تعليق على الحديث الصحيح : ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل ا
...
-
من هو صاحب السلطة والقرار في العراق ؟!
-
حصان طروادة الوهابي في مصر …!!
-
طرف ثالث … !
-
وماذا بعد … !!
-
الناس لم يعودوا على دين ملوكهم !
-
هل الكراهية في الاسلام سبب ام نتيجة ؟
-
بريطانياستان … ملاذ آمن للارهابيين !!
-
ماذا اعطانا الدين وماذا أخذ منا … ؟
-
ثورة لا نصف ثورة … !
-
بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ …
-
إشتدي يا أزمة تنفرجي … !
-
لايُقتل مسلم بكافر … !
-
إن أنكر الاصوات لصوت الحمير … اعجاز قرآني !
-
البصرة … الدمعة المحبوسة !
-
هل كرم الله بني آدم … ؟
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|