|
صرخة طالبان : المنحة حق ثابت لكل طالب باحث
عماد العزابي
الحوار المتمدن-العدد: 6486 - 2020 / 2 / 8 - 19:31
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
عماد العزابي/ أيوب برجال صرخة طالبان نحن مجتمع حكاء نحب الحكاية وقد اخترنا أن يكون مطلع هذا المقال بالحكاية وحكايتنا هنا حول "بيسمارك و المانيا" التي اعتادت أن تتذوق طعم الهزيمة من فرنسا على يد نابليون بونبارت، وحين اعتلى بيسمارك حكم ألمانيا استطاعت ألمانيا أن تنتصر على فرنسا وحين سؤل هذا لأخير في ندوة صحفية: بماذا انتصرت ألمانيا التي تجرعت الهزائم في مناسبات متعددة؟ إذ كان يعتقد أنها انتصرت بالقنابل و الأسلحة الفتاكة، فكانت إجابة بيسمارك خارقة للانتظارات: لقد انتصرت ألمانيا بالمعلم و بالعلم و المعرفة" عبر تاريخ المجتمعات البشرية شكل حقل التعليم نقطة حاسمة في تقدم و تنمية الشعوب من خلال مواجهة الجهل و الأمية و استبدالها بالعلم و المعرفة، ودلك لارتباطه الجدلي بين النمو الاقتصادي و تحقيق الرفاه الاجتماعي، و تعد الجامعة التي تمثل قمة الهرم التعليمي إحدى المؤسسات المهمة والحساسة في المجتمع لما تقوم به من دور طلائعي في إنتاج قدرات و طاقات علمية مؤهلة لقيادة لأمم نحو الاستقلال الذاتي و التقدم، هذا ما جعلها مصب اهتمام جل الدول الراغبة في خدمة شعوبها، فالازدهار على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي لا يأتي إلا بوجود مجتمع متعلم قادر على الإنتاج ومسايرة التطورات التكنولوجية وتجاوز ثقافة الاستهلاك، في حين لم تستطع مجموعة من الدول مواكبة هذه التطورات وظلت غارقة في مستنقع التفاهة و التقليد الأعمى لمخططات تعليمية نجحت في بيئة خصبة لها وغير منسجمة مع خصوصيات مجتمعات أخرى، ولا يخرج المغرب عن هذا السياق حيث عمل منذ "الاستقلال" إلى يومنا هذا على إرساء مجموعة من المخططات التعليمية كان أخرها وليس بآخرها الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 الهادفة إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه في أفق إصلاح شامل يوازي متطلبات المحيط السوسيو اقتصادي، وكل متتبع لأحوال الجامعة المغربية سيكشف لا محالة الشرخ الواضح بين الخطاب الجامعي و بنياته من "مطاعم، أحياء، منح جامعية ..." التي تمثل القوى المادية الأساسية لاستمرار الطلاب من داخل الجامعة، وبسبب ضعفها أو انعدامها تؤثر على المسار الدراسي لعدد كبير من الطلاب و الطالبات وذلك بحرمانهم من حقهم المقدس في التعليم، واستكمالا للمشروع الطبقي المتضمن في صندوق النقد الدولي لسنة 1995 الهادف إلى تقليص عدد المستفيدين من لأحياء و المنح الجامعية، وعلى اعتبار الدولة المغربية خادمة مطيعة لأسيادها الامبرياليين ستعمل على تفعيل مجموعة من الشروط التعجيزية، أخرها ما يسمى بمشروع "دعم الطالب المتفوق المحتاج" في سلك الماجستير و المتمثل المرسوم الوزاري رقم 2.18.512 الصادر بتاريخ 15 ماي 2019 خصوصا المادة الأولى (تخول المنح الدراسية حسب معايير الاستحقاق الاجتماعي أو الاستحقاق العلمي أو هما معا.) و المادة الخامسة (تخول المنح الدراسية المخصصة للسلم الثاني للطلبة الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة) و الذي وقعه كل من رئيس الحكومة و ووزير التربية الوطنية و التعليم العالي و البحث العلمي ووزير الاقتصاد و المالية، كل هذا كان بعد المداولة الحكومية المنعقدة يوم 28 فبراير 2019، و أمام هذا الوضع يطرح سؤال عريض هل المخططات و البرامج تهدف إلى تحسين جودة التعليم أم أنها تهدف إلى تخريبه؟ تشكل المنح الجامعية مصدرا أساسيا لا غنى عنه لاستمرار الطالب من داخل الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح التي تأوي أبناء الفلاحين و الكداح من أجل الاستفادة من تعليم مجاني يوازي انحدارهم الطبقي لدى فأن المنحة الجامعية ضرورة قصوى للتحصيل العلمي و المعرفي، وبدونها لن يستطيع الطالب أن يواصل الإبحار في اكتساب العلم، فبالموازاة مع القرارات الجديدة يكون أمام الطالب خيارين أحلاهما مر: إما أن يحزم حقائبه ويعود من حيث أتى، أو أن يبحث على مصدر أخر لتلبية حاجاته الدراسية وهو مرغم أن يوازي بين قسوة الحياة من جهة و التحصيل الدراسي من جهة ثانية، ولا ننسى بذلك قرار الحضور الإجباري للحصص النظرية، فالطالب معرض للطرد من سلك الماجستير بمجرد غيابه لثلاث حصص متتابعة، أمام هذا الوضع يبقى التعليم العالي حكرا على فئات اجتماعية دون أخرى، إذ يتحول التعليم من مجال عمومي في شموليته إلى تعليم خصوصي ذو طابع لا ديمقراطي يستنزف جيوب الأسر المقهورة من متطلبات أبناءها للتحصيل العلمي و يتهدم حلمها في الخروج من وضعها المأزوم، اعتقادا منها أن الحل يكمن في التعليم بغية حصول فلذة أكبادها على فرصة للعيش الكريم و تغيير واقعها البئيس، فهل كان أليكس دوطوكفيل مخطئا في كون أن المجتمعات تتجه نحو الديمقراطية، فما يظهر لنا ميدانيا أن هذه المجتمعات تسير في طريق إرساء البيروقراطية في كل المجالات ونقل التعليم من الحق المقدس لأي إنسان إلى سلعة محتكرة في يد الأقلية البرجوازية من حكماء التفاهة، وأصحاب الشركات و المصانع التي تتطلب يد عاملة كآلة جوفاء تقوم بوظيفة محددة لها سلفا من خلال نظام اجتماعي ميزته لأساسية اغناء الغني و افقار الفقير( تبع حرفا تبوك لايغلبوك)، وهنا نطرح سؤالا على أصحاب الرأسمال الرمزي عن كيفية الحصول عليه في غياب الرأسمال المادي؟. والذي أجاب عنه عالم الاجتماع الفرنسي بير بورديو من خلال كتابه" الورثة" لكون التعليم العالي يعكس التمايزات الطبقية الموجودة داخل المجتمع، و بالتالي فإن الجامعة هي صورة طبق الأصل لما يعيشه العالم الاجتماعي من هيمنة الطبقة البرجوازية على الإنتاج المادي، وهيمنتها كذلك على الإنتاج الرمزي، ونحن هنا لا نغفل الدور الهام للرأسمال الرمزي في التحصيل العلمي، وإنما نذرك تمام الإدراك أن المحدد الأول من داخل المجتمع هو الرأسمال المادي المتمثل أساسا في شروط الوجود من داخل الجامعة، وما حرمان الطالب من المنحة إلا إجابة غير مباشرة عن إقصاء ممنهج في حقه العادل و المشروع في متابعة دراسته للحصول على الرأسمال الرمزي الذي يخول له الاعتراف الاجتماعي ويضمن له الرأسمال المادي الكفيل بالاستجابة لمتطلباته اليومية، فمن خلال بحث سابق حول مصادر التمويل المادي للطلاب كانت عينته طلاب وطالبات جامعة "سيدي محمد بن عبد الله" بفاس تبين أن 78% من أفراد العينة يعتمدون بشكل أساسي على المنحة الجامعية كمصدر للتمويل المادي في حياتهم الجامعية بحيث يتأرجح مصروفهم الشهري بين 300 و 800 درهم شهريا، وإن قارناه مع قيمة المنحة الدراسية فإننا نجد شرخا واضحا بينهما وعجزا عن سداد الحاجيات التي يفترض أن تتوفر لطالب العلم من اجل أن يكون فاعلا في حقله الجامعي و قادرا على التحصيل الدراسي كهدف يؤطر وجوده من داخل الجامعة، و بالتالي امام هذا الوضع يبقى على طالب الماجستير تحصين مكتسبات تاريخية قدمت في سبيلها أغلى التضحيات من طرف أجيال سابقة وهبة دماءها وحرياتها في سبيل قضية التعليم، وبحكم أننا جزء من الكل نصرخ بأقلامنا الحرة المدافعة عن هذا الحق الذي ينتزع ولا يعطى، ولكون أيضا أن المعرفة وجدت من أجل تغيير العالم فإن دورنا كباحثين عنها هو المساهمة الجادة و المسؤولة في زرع قيم التضحية ونكران الذات في سبيل تحصين حقوقنا من داخل الجامعة كطلبة باحثين في علم الاجتماع ضمن ماستر " سوسيولوجيا المجالات القروية و التنمية" وغيرتا منا على مصلحة التعليم كحق مقدس للجميع وإيمانا أن الرمزي نتاج للمادي وأن التاريخ لم ينتهي لصالح الرأسمالية المتوحشة بل إنه مليء بالتناقضات و التطاحنات بين من يملك ومن لا يملك لوسائل الإنتاج، فالسياق كفيل بإنتاج المعنى و سياقنا سياق طبقي في مجتمع امتزجت فيه معاني الحب و التضامن مع الاستغلال المادي و الرمزي.
#عماد_العزابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|