أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد يعقوب الهنداوي - العلمانية ضرورة لازمة للتطور الانساني وجذوة الأمل















المزيد.....

العلمانية ضرورة لازمة للتطور الانساني وجذوة الأمل


محمد يعقوب الهنداوي
كاتب

(Mohamed Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 6484 - 2020 / 2 / 6 - 03:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العلمانية إدراك معرفي يتفاوت من شخص الى آخر. والعلماني بشر يمكن ان يكون من أي صنف او عرق أو جنسية أو جنس أو عمر. وليس هناك حزب للعلمانيين أو تجمع سياسي أو اجتماعي مثلا. فالعلمانية ليست دينا ولا حزبا إذ لا صلة لها بالسياسة والتحزب كموقف بل هي منهجية تفكير ومن هنا لا مجال لأن يكون هناك علماني متطرف وإلا لكان كاذبا دجالا لا صلة له بالعلمانية من الأساس.

والشرط الأول لأن تكون علمانيا هو أن تكون حرا بفكرك متفتح العقل ترفض التعصب ولا تتشبث برأي إلا اذا كان قائما على معطيات موضوعية قابلة للاختبار والقياس والتعميم (اي لا يقتصر على حالات فردية شاذة او معزولة غير قابلة للتكرار والاختبار، كما تزعم الأديان عن معجزاتها المثيرة للسخرية).

والعلمانية قد يتبناها اليساريون أو اليمينيون. لكن اليساري لا يمكن أن يتواطأ ضد العلمانية فهي في جوهر وصلب مبادئه وموقفه من الكون والمجتمع. أما اليميني فيمكن أن يتذبذب مسوقا بالمصلحة الفردية، والرأسمالية بصفة عامة علمانية، لكنها منخورة بالنفاق ولهذا فهي تسهم في نشر العداء للعلمانية حين يناسب ذلك مصالحها، والشواهد أكثر من أن تعد أو تحصى وخصوصا في تجارب العراق وسوريا وأفغانستان وحتى في إحلالهم محل العمائم الشيعية المتخلفة محل شاه ايران السابق الذي لم يكن الاسلام في عهده "دين الدولة الرسمي" ولا "مصدر التشريع"، كما هو الحال اليوم في جمهورية التخلف والرعب الاسلامية في ظل "الولي الفقيه"، وكذلك موقف الغرب الرأسمالي من الأنظمة الطفيلية، المعتاشة على إرث أهل القبور الذين أكلهم الدود، في السعودية ومحميات الخليج والمغرب وغيرها.

أتباع الأديان يتخيلون أو يعتقدون أن العلمانية قرار يتخذه المرء في حالة صحو أو سكر أو عصبية أو نفور أو ضياع فكري أو ما شابه فيقرر وقتها ان ينبذ الدين ليصبح علمانيا منذ الغد، وانه يمكن اقناعه بالعدول عن موقفه والعودة الى جادة "الصواب"، التي هي لبّ الخطأ وخطل العقل، لكنهم يتخيلونها صوابا لخلل في العقول والادراك لديهم، وبذلك تفوتهم حقيقة عظيمة هي أن هذه الخطوة لا يتخذها العلماني الحقيقي إلا على أرضية من الثقافة العميقة والدراسة الجادة والفكر الشجاع المتعمق في كل ما يحيط به لعشرات السنين حتى اذا ما بلغها فلن يقابل دعوات المتدينين الا بالسخرية لأنها ستكون أمامه محض هراء صغار ساذجين لا أكثر.

ومن هنا لن يستطيع كل متديني الأرض إقناع علماني حقيقي واحد بالعودة عن آرائه ولو قطعوه إربا لأنه اختيار ناضج وعميق ويواجه لأجله التحديات رافضا كل اغراءات الوهم الديني بالجنة وباقي الخرافات وترهات الأوهام، وهذا سيبقى يسبب لهم الاحباط الى الأبد لأن الحياة تمضي قدما والعلمانية تنتشر كلما انتشرت المعرفة العلمية وتراجعت الخرافة، والأديان على وشك الانقراض النهائي بالفعل

الليبرالية والعلمانية ليست أوج التحضر والرقي لكنها حتما مراحل مهمة جدا بلغتها الانسانية في سعيها الحثيث لبلوغ ذلك بعكس مسار الأديان التي جرت البشرية عبر التواريخ الى التخلف والجهل والبؤس والانحطاط والعبودية.

ان سوء الفهم للعلمانية ينبع من الجهل والنقل القاصر والتشويه المتعمد المبني على العداء للعلم والديمقراطية. فالعلمانية، وقبل أن تكون فصل الدين عن الدولة، فهي ترتكز على الديمقراطية. ولأن الأديان كلها ضد الديمقراطية وتؤمن بمبدأ الحكم المطلق وضد الفردانية والخصوصية الفردية، وضد حرية التفكير وحرية التعبير وحرية الاختيار، لذا يعمد المدافعون عن الدين والحكم المطلق الى اتهام العلمانية بكل ما يشاؤون من التهم الباطلة والبعيدة اصلا عن جوهر الصراع.

ولا ينفع نفاق العلمانيين الانتهازيين هنا في محاولتهم استرضاء معسطر المتدينين والزعم ان "العلمانية تتوافق مع الدين ولا تتناقض معه"، فالمعركة بين العلمانية والدين ليست معركة فكرية على الاطلاق، بل هي معركة مصالح وصراع بين تيار يسعى لتحرير الانسانية من قيود العبودية والذل والاستغلال والامتهان وتيار يسعى لجرّ التاريخ الى الوراء وإعادة البشرية الى أسوأ حقب الظلم والظلام.

وإذا لم يبادر العلمانيون الى فضح حقيقة الدين ورجعيته وضرورة القضاء عليه كقوة تفرض نفوذها وتنشر فسادها وخرافاتها العفنة على المجتمع وسيرورة الحياة ونظام الحكم، فلن تنجح ألاعيب العلمانيين في استغفالهم وتحييدهم، لأن معسكر الدين أكثر خبثا وإدراكا لمصالحه من تلك المناورات الساذجة، وهو يشن الحرب على العلمانية بكل شراسة وحقد ولؤم دون أن تخدعه توفيقية أو دعوة للحياد.

والعلمانية حركة تنويرية كونية جذرية جبارة لا تنفصل ولا تفترق عن قضايا تحرير المرأة وحقوق الطفولة وحماية البيئة والسعي الى ضمان مستقبل مشرق وأمن للانسان، وهنا أيضا تتصادم مصالح الدين ومعسكره مع العلمانية، فالدين يقوم في الأساس على ذكورية العقيدة وتسخير المرأة لاسترضاء الغرائز البهيمية للرجل، ولا يتورع الاسلام ودعاته عن تشريع يداقع عن "حق" الرجل باغتصاب الطفلة الرضيعة بل وتزويجها له حتى ولو كانت جنينا في رحم أمها. وعلى أرضية الواقع يمتد ذلك الى "حقه" في اغتصاب الأطفال الذكور أيضا.

أما الاسلام (كأفضل ممثل للأديان وأبشع تجسيد لها) فهو دين الحقيقة المطلقة والحكم المطلق، وهو عدو العلم وعدو الفنون الجميلة وعدو الجمال وعدو الابداع وعدو التنوير وعدو المرأة وعدو الطفولة وعدو حرمة الحياة وعدو الانفتاح على العالم والأقوام الأخرى والديانات الأخرى وعدو حق اختيار الفرد لديانته ومعتقده وعدو الحرية الشخصية وحقوق الانسان وعدو الديمقراطية وطبعا الاسلام عدو العلمانية، وعدو للإنسان والإنسانية جذريا وبلا أية فرصة للقاء او للمقارنة.

معظم المتدينين الحمقى، وكل المتدينين حمقى في الواقع، يظنون أني صرت علمانيا مثلا لأني قليل الثقافة أو قليل العلم والمعرفة. و"الثقافة" و"العلم والمعرفة" بنظر هؤلاء وفي قواميسهم البدائية الفجة ليست الثقافة والعلم والمعرفة المتعارف عليها لدى البشرية، بل هراء وترهات الأجيال العتيقة والعمائم الجاهلة المخرفة الموروثة من مراحل ما قبل تطور أسلافهم الأقدمين الى هيئة البشر. فهي تجميع من طقوس السحر والخرافة والشعوذة وعبادة القبور والتمسح بالخرق والأحجار والأبواب والزحف على البطون والمشي على النار وجلد الظهور وطبر الرؤوس ولطم الصدور، ونكران قدرة العقل البشري على التطور والابداع وكشف أسرار الوجود وبناء منظومة علمية حقيقية تخالف وتفضح "علومهم" البائسة، فهم يسمون خطباء المنابر الدجالين والفوالين وبياعي الخرز والأحراز والأدعية وخيوط دشداشة العباس وخيمة القاسم "علماء".

وهؤلاء، المصابون بالشيزوفرينيا (بمعنى النفاق المتأصل في الشخصية)، يرفضون ما تتوصل اليه عبقرية بني الانسان من منجزات تقنية وعلوم حديثة ويصرون على أن بول البعير مثلا فيه من الخير والبركة والعلاج من الأمراض أكثر مما يفعل الأسبرين والمطهرات، أو ان العباس بن علي يستطيع فعل المعجزات حتى وهو في قبره، بل حتى (بنات الحسن بن علي) يستطعن فعل ما يعجز حتى الله عنه!

لكنهم، في نفاقهم المقيم، لا يخجلون من مغافلة المجتمع والكذب عليه فينفقون بعض ما يمتصونه من الفقراء والبائسين من اتباعهم على علاجات كيميائية لأنفسهم أهمها علاج العقم وضعف الانتصاب، لأن هؤلاء تبدأ حكمتهم وعلومهم وتنتهي وتتمحور على غرائزهم وشهواتهم البهيمية، فالدين في حقيقته سيف وجنس واستبداد (غزو واجتياح – سبي واستباحة – إخضاع واستعباد من ينجو) اضافة الى السلب والنهب طبعا.

وهم يلومون من يقول أن العلم توصل الى نظرية تشرح أن تطور الكائنات الحية تراكم عبر مئات ملايين او ربما حتى مليارات السنين، وان أسلاف البشر ربما كانوا سلالة من القرود التي تطورت خلال ملايين كثيرة من السنين لتستطيع الانتصاب والمشي على قدمين بدل الحبو على أربع، كما تطورت مصادر تغذيتها وتحدياتها مع الحياة فصارت كما نرى اليوم، وأن هذه النظرية التطورية بديل أفضل يدعمه العلم ومشروع عقليا لمنطقهم الأحمق الذي يقول ان ربّا ما كان يلهو يوما بالطين فعجنه فكوره فصنع منه دمية نفخ عليها فإذا هي بشرا سويّا يرى ويسمع ويعقل وينطق ويفكر.

بل وأدركت الدمية فورا أنها فحل وأنه يحتاج الى امرأة فقام إلهه المعتوه بانتزاع ضلع من صدره (لأنه بال على الطين الذي لم يعد يصلح لشيء) فجعله في هيئة امرأة وضعها في خدمة دميته الطينية المباركة وإشباع غرائزها البهيمية الهوجاء، وحكم عليها بأنها ناقصة عقل ودين وللرجل أن يتلاعب بها وبجسدها ومصيرها كيفما مال هواه، حتى لو كان هذا الرجل أحمقا أو جاهلا أو مخبولا، فالرجل رجل في نظر الدين، والرجال قوامون على النساء.

هؤلاء المتدينون قدر لهم، لسوء حظنا، أن لا يتطوروا كباقي القرود وسيبقون الى الأبد عاهة تعيق درب البشرية نحو الحضارة والتطور والتنوير. ويأتيك أتباعهم اليوم ليتحداك أحدهم قائلا بكل سخف وسفاهة وغباء: "سآتيك بقرد واصنع لي منه انسانا!"، أو "اثبت لي كيف ان الضفدع صار طيرا وطار!". ولا يملك أحدنا إلا ان يغرق ملء شدقيه بعاصفة جارفة من الضحك على قردية هؤلاء المستديمة.

هم يظنون أن أمثالي، مثلا، لم يصادفهم أحد علمائهم الأفذاذ من المشعوذين القادرين على "الهداية"، ولذا يتخيلون، بكل حماقتهم المعجونة في كيانهم، بأن أي تافه من معمميهم أو "طلابهم" الفاشلين علميا ودراسيا من الذين قرأوا كتابا او اثنين أو عشرة من كتب خرافات أهل القبور او نال شهادة جامعية في أي شيء كان، أن يفند العلمانية ويثبت ان الإسلام دين الحق وان الله ناصرهم ولو كره الكافرون.

ومنحت جامعة الأزهر الشريف المصرية شهادة دكتوراه مؤخرا في "العبرة المباركة والحكمة الإلهية في طول الضرطة والفساء" وهناك "شهادات عليا" مماثلة في "حرمة البول وقوفا"، وفي "نكاح الميتة والبهيمة" و"نكاح العجوز" ومنحت (جامعة الامام الصادق) الشيعية العراقية شهادات "دكتوراه" في "الوضوء ومبطلاته" وكيف اغتصب نبيهم محمد طفلة لم تبلع العشر سنين من العمر وكان شيخا فاق الخمسين من العمر، تحت مسمى "زواج"، ومجالات حقيرة أخرى.

وينادي هؤلاء بعضهم بعضا مرفقا بلقب "دكتور" بل وهم يحكموننا اليوم ويقررون مصير كل شعب العراق وبناته وأبنائه ويتلاعبون بمقدراته بدعم مطلق من الامبراليين الأمريكان الذين يحرضونهم على مزيد من الفساد واللصوصية والقمع بحق شعوبنا، حتى أنهم يعلنون بكل صلافة عن "تشريعات" تتضمن تزويج الطفلة ذات التسع سنين.

كما يتخيلون ان ما نشرحه لهم عن نظرية التطور لا تحصل ولم تحصل في الواقع، ولا يمكن أن تحصل دون "إرادة غيبية" خارقة يطلقون عليها في أحسن الأحوال صفة "المهندس الذكي"، أي "الله"، بينما يقوم مشايخهم ومعمموهم الدجالون بخداع أرملة مسكينة أو مطلقة أو طفلة يتيمة فيغتصبها على بركة الله كما اغتصبوا دائما ويغتصبون القاصرات على سنة نبيهم صلوات الله عليه وآله الذي دأب على ممارسة شهوانيته البهيمية حتى مات.

لذا يحاول بعضهم أن يحرجني بأسئلة تافهة لا تليق بعقل طفل طبيعي. واذا خادعت نفسي وأقنعتها بأن هؤلاء بشر مساكين يحتاجون اللطف والشرح والإفهام، فبذلت جهودا جبارة لإيصال فكرة علمية صائبة لهم وحشوٍها في رؤوسهم الخاوية فهم لن يلبثوا أن يعودوا صبيحة اليوم التالي ليكرروا نفس أسئلة الأمس بكل غباوة... إنها أمة الزهايمر المحمدي الأصيل، وغباء الغرائز الذكورية المنفلتة.

* * *

إذا كنت علمانيا فالشمس مبتغاك ولن يؤدي بك نبش القبور والبحث في الهراء المقدس للرجعية القريشية وجدالات المتدينين إلا الى أن تؤكد أنك متدين آخر مثلهم مستعبد للوهم... ولهذا عليك باحتقارهم وعدم إتلاف وقتك معهم، فالنتيجة سواء وعقم هؤلاء أو تبدلهم كأفراد لن يبدل جوهر الصراع بين الإنسانية وأعدائها من دعاة التخلف والاستعباد.

العلمانية مستقبل المعرفة الانسانية العظيمة وأملها، والمعرفة والعلوم الحديثة ومنجزات الحضارة البشرية مشروع انساني مشترك جبار أسهمت وتسهم فيه كل الأقوام والشعوب وبني الانسان، كل على قدر استطاعته وما أتيح له من قدرات وفرص.

والدين هراء الماضي، وكلمة الالحاد وصف ديني تافه لا يتوافق إلا مع ذوق ورؤية وانحطاط عقليات المتدينين التافهين الذين أطلقوه بقصد الإساءة.

الالحاد (ويوازيه تعبير "كفر" و"كافر" ونعوت أخرى من نفس مستنقع الفكر الديني) وصف حقير ابتدعه المتدينون المنحطون لوصف خصومهم من أعداء الخرافة والموروث الديني المنحط. وإذا واصل دعاة العلمانية الدوران في مدارات المتدينين والاهتمام بسخافاتهم وهرائهم والمجادلات العقيمة معهم فهؤلاء لن يختلفوا عن أولئك بل سيظل كلاهما مستعبدا لخرافات الأديان ويسعى لهيمنتها على اهتماماته وهموم الناس.

الأديان كلها، والإسلام خاصة، جثة ميتة متعفنة ومجرد تركها وبقاؤها في العراء دون دفن حاسم ونهائي سيسمّم الحياة والهواء. أما منح البراغيث الإسلامية التي تتقافز هنا وهناك فرصة خوض المجادلات الكلامية، التي يسمونها "علم الكلام" وهي في واقعها "فن الهراء الأجوف" و"تدوير الهذيان الأحمق""، ليدافعوا عن هذه العقيدة فلا يعدو أن يكون منحهم فرصة لطرح الإسلام وكأنه فكر لا زال يستحق المحاورة ووضعه في دائرة الضوء، وهو كله ضار ومذي وصار عدوا للحياة.

ولكن... ما هو البديل ومن سيقود هذه الثورة المزعومة وما هو برنامجه وهل ستكفي هذه الخطوة الشكلية "الشفوية" لإصلاح منظومة عفنة بكل مفاصلها ومكوناتها؟

الحلم الساذج لا يكفي لمحاربة الفاسدين!

الأديان مستنقعات عفن وسموم معادية للإنسانية والانسان مهما كانت مسمياتها وبراقعها ومزاعمها ودعاواها، وأسوأها على الاطلاق هو الاسلام بكل طوائفه بسبب دمويته المفرطة جدا والتي تجاوز بها كل دين سواه.

والخطوة الاولى نحو هدم الفكر اللاهوتي الغيبي المعادي للانسان والقائم على استلاب العقل وحرف الوعي واستعباد البشرية هي تسخيف هذا الفكر، الذي هو إرث أصحاب القبور الذين أكلهم الدود منذ عصور، ونسف جذوره المبنية على الأوهام.

لكن هذا لا يكفي، بل ان الاغراق فيه خسارة يومية حقيقية واضاعة للجهود بحافز الحماقة والسذاجة المفرطة. فما نحتاجه هو منظومة معرفية وبنية فكرية علمية وعملية صلبة تناسب هذه المجتمعات وتقود ثورة التنوير العظيمة للقضاء على الأديان مرة والى الأبد. فالمشروع التنويري الناضج أصبح ضروريا وحاجة ماسة لا بد من تلبيتها لتعزيز الوعي العلمي والنظرة العلمانية الى الوجود والمجتمع لدى العلمانيين، وتشكل طريقا ومنهجا يمكن للنافرين من فساد المؤسسة الدينية وعفنها أن يستعينوا به ليخطوا نحو مستقبلهم المضيء.

فلا ديمقراطية لدى الأديان ولا قدسية للانسان وحرمة الحياة ولا حرية تفكير أو تعبير ولا حرية اختيار، ولا حوار أو توافقات مع معسكر المدافعين عن الأديان.

ولولا عوائق المسافات وأقنعة التخفي والتستر على الانترنت لرأيت جثامين المفكرين، المعترضين على حكم الدين والمناوئين لمنطقه المعوجّ المتناقض والهادف الى ارضاء غرائز الفئة المستفيدة منه من الطفيليين، معلقة على النخيل والاشجار واعمدة الطرقات في كل مكان.

فالفكر الديني كله، والإسلامي على وجه التحديد، داعشي في جوهره مهما اتخذ من اقنعة وصور وذرائع وواجهات زائفة أو ظهر في صورة طوائف متباينة، فالديانات كلها تزعم امتلاكها الحقائق المطلقة ومن يعارضها لا يستحق، في عرفهم، حتى أن يتنفس الهواء.

وعليه فالخطوة الأولى تبدأ من اقناع المتدينين، استنادا الى تلك المنهجية العلمية المتماسكة، بأنهم أجداثٌ سلفيون فات عهدهم وولى زمانهم وعليهم ان يتقبلوا حقائق الحياة المتجددة وواقع ان العلمانية هي الوليد الشرعي للعقل البشري والمعرفة العقلية والتقدم الحضاري، كما ان ابنك هو وليدك الشرعي الذي خرج من صلبك، وعليك ان تخلي له المكان.

واذا تمّ ذلك فلن يرى أتباع الديانات من العلمانيين والملحدين إلا تشييعا حافلا مهيبا الى مقابر التاريخ دون خدش كبريائهم الأجوف الذي استغلوه لاستغفال البشرية طويلا...

فالانسان، هو الكائن الحي الوحيد الذي حقق نقلة تطورية جبارة من (منظومة الجينات) الى (منظومة المخ) ثم الى المنظومة المعرفية خارج الجسد الحي والقابلة للتداول والتبادل والتوارث والتراكم، وهي الكتابة والمكتبات ووسائل التواصل عبر المسافات وما نشأ عنها من التقنيات المعلوماتية الحديثة وما سيحمله المستقبل سيكون أعظم بكثير دون ريب!

ان كل ما ينسبه "الاسلامجية" لشخصيات غربية يزعمون انها امتدحت الاسلام أو شخصا ما له صلة بالإسلام، مثل محمد أو علي أو الحسين، كلها مزاعم باطلة وهراء أجوف وكذب صفيق يخدعون به بعضهم بعضا والجموع الساذجة البليدة في المجتمع. بل وبلغت الصفاقة بهم حدّ الزعم بأن (كارل ماركس) أو (تشي كيفارا) أو (كاندي) امتدح الاسلام أو رموزا اسلامية معينة، وان المجرم النازي (هتلر) قال: "كلما تعرضت للهزيمة تذكرت فلسفة الحسين بن علي وانتصار ثورته، فانتصرت!".

في حين ان ما يسميه الشيعة "ثورة الحسين" ليست إلا مسخرة وفشل ذريع لهذا الامام المزعوم في سعيه لانتزاع السلطة من أبناء عمومته القريشيين، لا غير، وانتهت بقتله وسبي زوجاته وبناته كما تروي مصادرهم ذاتها.

كل هذا، كما هو واضح ومكشوف، كذب في كذب في كذب، ولكن المسلمين لتفاهتهم الشديدة يرددونه ويتمطقون به مما يدل قطعا انهم بحاجة الى أية شهادة حتى ولو كانت كاذبة من أية شخصية، "غربية" تحديدا، ليتأكدوا من قيمة دينهم الذي هو بلا قيمة في الواقع سوى الاجرام وسوى تواريخ القبح والقيح والسبي والسلب والنهب والانتهاك، وأي جهد على طريق فضح هذه السخافات سيكون جيدا ومفيدا للإنسان.



#محمد_يعقوب_الهنداوي (هاشتاغ)       Mohamed_Aziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتمية التصادم وإستحالة التوفيق بين العلمانية والدين
- بنفسج
- نار الخيمة ترفد شعلة الثورة
- الاسلام والمرأة
- هَوى كلُّ قلبي
- حماية الطبيعة
- من قتل رياض البكري ومن جرّ على العراق كل هذا الخراب (2)
- من قتل رياض البكري ومن جرّ على العراق كل هذا الخراب (1)
- نشأة الكون ودور المرأة في الحضارة وظهور الأديان
- الثورة التي لا تضع قضايا المرأة في صدارة أهدافها لا أمل لها ...
- العائلة ومؤسسة الزواج ومستقبلها بين العلمانية والدين
- هذه هي القيادة المؤهلة لثورة شعبنا وهذا هو برنامجها
- ثورة أهل الجحيم - شعر الزهاوي العظيم
- أسلحة قادتنا تطلق للخلف (6) مذكرات شيوعي
- القوميون أعداء شعوبهم وأوطانهم (5) - مذكرات شيوعي
- تماهي الشيوعيين مع الممارسات الفاشية (4) مذكرات شيوعي
- السجن والحرية والقبلة الأولى (3) مذكرات شيوعي
- رسائل الضبع وعواقبها (2) مذكرات شيوعي
- الحقيقة دائما ثورية (1) مذكرات شيوعي
- المَوتُ مَعْشُوقي


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد يعقوب الهنداوي - العلمانية ضرورة لازمة للتطور الانساني وجذوة الأمل