|
التنمية المستدامة وتحدياتها العربية
المصطفى عبد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 10:57
المحور:
الادارة و الاقتصاد
استحوذ موضوع التنمية المستدامة على اهتمام العالم منذ ان طرح على قمة الارض (مؤتمر الامم المتحدة الثاني للبيئة والتنمية بريودي جانيرو عام 1992) وقد احدث ذلك نقلة نوعية في مفهوم العلاقة بين التنمية من جهة والاعتبارات البيئية من جهة اخرى كاستجابة طبيعية لتنامي الوعي البيئي العالمي الذي صار يعي حقيقة أن عملية التنمية ما لم تسترشد بالاعتبارات البيئية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية فإن كثيرا منها سوف ياتي بنتائج غير مرغوبة أو يحقق فوائد قليلة أو ربما يفشل تماماً بل إن التنمية غير القابلة للاستمرار ستعمل على تفاقم المشكلات البيئية الموجودة حالياً مما يوجب ادراك حقيقة محدودية الموارد وقدرات النظم البيئية. وتتعدد المصطلحات التي تعبر عن مفهوم التنمية المستدامة فالبعض يعبر عنها بالتنمية المتواصلة ،ويطلق عليها البعض الاخر التنمية الموصولة ،ويسميها اخرون التنمية القابلة للادامة أو التنمية القابلة للاستمرار ،ويقصد بالتنمية المستدامة هي التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون الاخلال بقدرات الاجيال القادمة على تلبية احتياجاتها ،لذلك فإنها عملية تغيير حيث يجري استغلال الموارد وتوجيه الاستثمارات وتكييف التنمية التقنية والتطوير المؤسسي بتناسق يعزز الامكانات الحاضرة والمستقبلية في تلبية احياجات البشر وتطلعاتهم. ويعكس مفهوم التنمية المستدامة التطور الحاصل في مفهوم التنمية وهو مفهوم شهد جدلا واسعا سواء على الصعيد الاكاديمي أو على الصعيد العملي ،ففي عقد التنمية الاول الذي تبنته الامم المتحدة 1960-1970 اقترن مفهوم التنمية بالنمو الاقتصادي وفق مؤشرات تركز اغلبها على اعتبارات اقتصادية خاصة مثل الدخل القومي ودخل الفرد بحيث تركز مفهوم التنمية في زيادة دخل الفرد والمجتمع ممثلا في الدولة ،وفي العقد الثاني للتنمية 1970-1980 اكتسب مفهوم التنمية ابعادا اجتماعية وسياسية وثقافية بجانب البعد الاقتصادي ،فالتنمية الاقتصادية لا تعني النمو الاقتصادي فقط وإنما تشمل احداث تغيرات هيكلية في المتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تسود المجتمع ،وخلال عقد التنمية الثالث 1980-1990 اكتسب مفهوم التنمية بعداً حقوقياً وديمقراطياً يتمثل في المشاركة السياسية والشعبية في اتخاذ القرارات التنموية من منطق أن الديمقؤاطية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بموضوع الحكم الجيد الذي له تأثير في كل محاور ومجهودات التنمية وأن الديمقراطية تعني مشاركة الناس في اتخاذ القرارات والمشاركة هي أحد المتطلبات الاساسية للتنمية الناجحة ،وقد شهد عقد التنمية الرابع 1990 نقلة نوعية في مفهوم التنمية حيث تأكد مفهوم التنمية المستدامة بشكل واضح في وثيقة الارض التي صدرت في ريودي جانيرو عام 1992 التي تضمنت سبعة وعشرين مبدأ تدعو الى ضرورة تحقيق العدالة بين الاجيال المختلفة في توزيع الموارد الطبيعية ضمانا لتواصل عملية التنمية. ونطلاقا من التعريفات المتعددة للتنمية المستدامة التي تتمحور حول التنمية التي تقابل الاحتياجات الاساسية للجيل الحالي دون أن يكون ذلك على حساب التضحية بقدرة الاجيال المستقبلية في مقابلة احتياجاتهم ،يمكن القول أن التنمية المستدامة تتألف من ثلاث عناصر رئيسية هي :أولاً العنصر الاقتصادي ويستند الى المبدأ الذي يقضي بزيادة رفاه المجتمع الى اقصى حد والقضاء على الفقر من خلال الموارد الطبيعية على النمو الامثل وبكفاءة ويشير مفهوم الاحياجات الاساسية لفقراء العالم الذين ينبغي إييلاؤهم الاولوية الاولى، ثانياً العنصر الاجتماعي ويشير الى العلاقة بين الطبيعة والبشر والى النهوض برفاه الناس وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الاساسية ،والوفاء بالحد الادنى من معايير الامن واحترام حقوق الانسان ،كما يشير الى تنمية الثقافات المختلفة والتنوع والتعددية والمشاركة الفعلية للقواعد الشعبية في صنع القرار ،ثالثاً العنصر البيئي ويتعلق بالحفاظ على قاعدة الموارد المادية والبيولوجية وعلى النظم الايكولوجية والنهوض بها. تحديات التنمية المستدامة هناك العديد من القضايا التي ينبغي مواجهتها لتحقيق التنمية المستدامة في العالم العربي تتمثل في التالي: أولاً : البطالة .... تعتبر البطالة إحدى أخطر المشكلات التي تواجه الدول العربية، حيث توجد بها أعلى معدلات البطالة في العالم ،وهناك من يوصفها على أنها تشكل "قنبلة موقوتة" قد تنفجر في حال لم تقم الدول العربية بخطوات متسارعة لاصلاح اقتصادي جذري. ويبلغ متوسط معدل البطالة بين الشباب في العالم العربي نحو 27 في المئة ويزيد متوسط معدل البطالة بين النساء بنحو 50 في المئة ،وذلك بالرغم من أن المتوسط العربي لمعدل نمو فرص التشغيل أعلى من معدلات الدول النامية والدول المتقدة ،إذ يبلغ 2.5% خلال الفترة 1995-2002 ولكنه لم يواكب المعدل العالي لنمو العرض من العمالة والبالغ حوالي 3.4% خلال الفترة ذاتها. وما شهدته الدول العربية من تزايد سكاني متسارع خلال العقد الماضي ومحدودية تنوع مصادر الدخل القومي والبطالة المقنعة في مؤسساتها العامة يفرض عليها مواجهة تحديات صعبة وغير مسبوقة على صعيد التحدي لشبح البطالة ،فالمجتمعات العربية تشهد معوقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤدي إلى تفاقم ظاهرة البطالة، ومن أبرزها سوء التخطيط على المستوى القومي، وعدم توجيه التنمية والاستثمار إلى المجالات المناسبة، وعدم توافق خريجي المؤسسات التعليمية والتدريبية مع متطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى ضعف الشعور بقيمة العمل، والرغبة في العمل فقط في مجال التخصص الدراسي ،ومما يزيد من تفشي هذه الظاهرة، عدم إقبال الشباب على العمل المهني بسبب نظرة الكثيرين في المجتمع إليه باعتباره من الأعمال الدنيا، وعدم الإقبال على العمل الحر بسبب الخوف من المخاطرة والميل إلى الأعمال المستقرة. ولا شك أن هناك العديد من الاسباب التي تقف وراء ظاهرة البطالة من أهمها : - ما تعانيه مجتمعاتنا العربية اليوم من انفتاح سوق العمل العربي أمام العمالة الوافدة من كل دول العالم وخاصة العمالة الآسيوية ، وهذا بالطبع يمثل واحدة من أبرز الأسباب التي تدفع باتجاه زيادة حجم البطالة في المنطقة بحيث لو توفرت فرص العمل هذه للعمالة العربية لاستطعنا بالفعل محاصرة مشكلة البطالة عربيا، لكنه للأسف الشديد لا توجد لدينا خطة عمل عربية موحدة لتنظيم سوق العمل العربي بما يحقق مصالح المواطن العربي ويحل مشكلات بعض الدول العربية. - عملية تجميد رؤوس الأموال العربية في البنوك العالمية لدى الدول الغربية مما أدى إلى عدم إتاحة الفرصة لتشغيل العمالة الوطنية في مشاريع استثمارية وطنية لتحقيق خطط التنمية داخل الوطن العربي الكبير ، هذا إلى جانب غياب التخطيط الاقتصادي المنهجي، وعدم تطابق برامج التعليم في معظم الدول العربية مع الحاجات الفعلية لسوق العمل، علاوة على أن التكوين المنهجي في معظم الدول العربية لم يواكب التطورات التكنولوجية السريعة الجارية في العالم. - ومن أهم الأسباب الاجتماعية التي تقف وراء البطالة العربية ما يمكن أن نطلق عليه "ثقافة العيب" التي تعني عدم استعداد الشباب لممارسة العديد من الأعمال المهنية والحرفية التي هي دون الأعمال المكتبية والإدارية في الترتيب الوظيفي، يضاف إلى ذلك النظرة الاجتماعية الظالمة التي تعتبر الشريحة التي تمارس العمل المهني والحرفي أقل مكانة من غيرهم الذين يمارسون الأعمال الإدارية الأخرى. - أصبحت الخلافات السياسية سمة بارزة من سمات العلاقات بين العديد من أقطارنا العربية تعد واحدة من الأسباب الرئيسية في انتشار ظاهرة البطالة وضياع الكثير من فرص العمل للمواطن العربي، في مقابل إعطاء الأولوية للعمالة الأجنبية الوافدة التي لم تعد خطورتها مقتصرة على الجانب الاقتصادي فحسب وإنما تجاوزتها لتشمل الجوانب الأخلاقية والثقافية من خلال التأثير على عاداتنا وقيمنا، وقد بدا ذلك واضحا في صفوف شبابنا الذين انتشر بينهم التقليد الأعمى لسلوكيات تلك العمالة وتصرفاتها البعيدة عن القيم والأخلاق العربية والإسلامية، ولا شك أن إشكالية ازدياد العمالة الأجنبية الوافدة لا يقع على مسؤولية حكوماتنا فحسب، وإنما على المجتمع العربي عامة والأسرة العربية خاصة مما كان له أثر سلبي على تنمية النشء على صيغ ثقافية وأنماط سلوكية شاذة بعيدة كل البعد عن طبيعة الحياة العربية وتقاليدها. ويذهب بعض الباحثين إلى أن هناك آثارا خطيرة للبطالة على مستوى الفرد والمجتمع، فالفرد قد يصاب بأمراض نفسية عديدة، ويمكن أن يلجأ إلى تعاطي المخدرات هروبا من الواقع المؤلم، وانتشار الجرائم، وضعف الانتماء للوطن، وكراهية المجتمع، وصولا إلى ممارسة العنف والإرهاب ضده، فضلا عما تمثله البطالة من إهدار للموارد الكبيرة التي استثمرها المجتمع في تعليم هؤلاء الشباب ورعايتهم صحياً واجتماعياً. ثانياً : نقص المياه العذبة ..... تحتل قضية المياه الكثير من النقاشات وخاصة في ظل أقاويل توضح بأن المياه سوف تكون السبب الرئيسي في نزاعات المستقبل وجزء من هذه الازمة هي أزمة المياه العذبة على الصعيد العالمي عموماً والعالم العربي خصوصاً حتى قيل في مؤتمر استوكهلم عام 1982 حول المياه :” ان المياه العذبة ستأخذ مكانها الى جانب مصادر الطاقه الأخرى, كقضية سياسية اساسية خلال العقد القادم, وان منطقة الشرق الأوسط هي الأكثر حساسيه في هذا الأمر “. لذلك تعد أزمة المياه من أخطر التحديات التي تواجه منطقتنا العربية في الفترة القادمة، خصوصاً إذا تعاملنا معها بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع مشكلاتنا جميعاً إذ نفضل تركها لتحل نفسها مع الوقت معتقدين أن الزمن كفيل بحل أي مشكلة. رغم أن العالم العربي يشغل 10% من مساحة العالم و5% من عدد سكانه، إلا أنه لا يحظى بأكثر من 0.5% من الموارد المائية العذبة المتجددة في العالم ويشهد الواقع تراجعًا ملحوظًا في حصة الفرد العربي من المياه، وصلت إلى حد الفقر المائي (يبلغ حاليًا أقل من 1000م3، ومتوقع أن ينخفض إلى 464م3 سنويًّا في عام 2025)، ويمكن إرجاع هذه الازمة إلى عدد من الاسباب منها أن معظم المياه تنبع من خارج أراضيه حيث تتحكم ثماني دول غير عربية في 85% من الموارد المائية العربية ،وإلى جانب ذلك يعاني العالم العربي من وقوعه في الحزام الجاف وشبه الجاف من العالم، قلة الموارد المائية المتجددة فيه عن 1% من المياه المتجددة في العالم، ومعدل هطول الأمطار بالوطن العربي بين 5-450 ملم سنويا، في حين يتراوح في أوروبا مثلا بين 200 ـ 3000 ملم سنوياً ،بالاضافة إلة أن الصحاري تمثل 43% من إجمالي مساحة الوطن العربي، وفي عام 2005م حيث بلغ عدد سكانه 300 مليون نسمة فإن عجز الموارد المائية العربية وصل إلى 127 مليار متر مكعب، وذلك لأن حجم الموارد المائية المتاحة تبلغ 338 مليار متر مكعب سنويا لا يستثمر منها إلا 173 مليار متر مكعب ،في حين أن الوطن العربي يحتاج لتلبية احتياجاته من المياه -إذا أحسن استخدامها وتم عمل خطط لسد الفجوة الغذائية- إلى نحو 500 مليار متر مكعب من المياه سنويا. كما تعتبر الازمات والتوترات والخلافات السياسية والفكرية بين الدول التي تشترك على مصدر مائي من أكبر واخطر الاسباب التي أدت وستؤدي الى تعميق ازمة المياه مابين مثل تلك الدول ،ولاسيما في منطقة الشرق الاوسط ، ومنها ما بين الدول العربية, تلجا مثل تلك الدول الى التهديد بقوم السلاح أو تستخدم احيانا المياه كمصدرسياسي من قبل دولة ضد دولة اخرى ، وخاضة في حوض نهري دجلة والفرات وحوض نهرالنيل ، احواض الانهارالمشتركة بين الدول العربية( سوريا , الاردن ،لبنان واسرائيل) حيث ادت تلك الصراع السياسي الى الاستخدام المفرط لمصادر المياه . ويمكن القول ان العجز المائي العربي بلغ 30 مليار متر مكعب في عام 2000 يمثل الفجوة بين المصادر المتاحة من المياه، وبين الكمية التي تحتاجها دول المنطقة لأغراض الزراعة والتحديث والتنمية والتصنيع. ويتوقع أن يصل العجز إلى 282 مليار متر مكعب في عام 2030، في ظل معدلات النمو السكاني المتسارعة التي يشهدها العالم العربي اليوم ،ورغم ذلك فأن أزمة المياه تختلف أبعادها في الوطن العربي من منطقة إلى أخرى على النحو التالي: - في منطقة المغرب العربي: تعتبر أزمة المياه في هذه الدول ذات بعد فني، وذلك لأن الدول في هذه المنطقة لا تستخدم إلا ما يتراوح بين 11% إلى 53% من مواردها المائية التقليدية المتجددة، وذلك لأن استغلالها يكلفها الكثير لأن أغلبها مياه أمطار ومياه جوفية. - في منطقة حوض النيل: يتوفر لدى مصر والسودان المياه، ولكن في مصر تم وضع خطة سيتم تنفيذها بنهاية عام 2017 وتهدف إلى زيادة الموارد المائية من المصادر المختلفة بما في ذلك تحلية مياه البحر في سيناء وساحل البحر الأحمر؛ لمواجهة التوسع في استصلاح الأراضي، كما أن الحرب في جنوب السودان تعطل إنهاء مشروع قناة "جونجلي" التي ستوفر مزيدأ من المياه لمصر والسودان. - في دول مجلس التعاون الخليجي واليمن: تعتبر المياه الجوفية وتحلية مياه البحر المصدر الرئيسي للمياه، ويستهلك القطاع الزراعي 85% من المياه، ويصل نقص المياه إلى حوالي مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على المياه في هذه الدول إلى 47 مليار متر مكعب بحلول عام 2015، ولكن سيكون المتوفر في ذلك الوقت 21.5 مليار متر مكعب، وهو ما يعني تفاقم عجز المياه في هذه الدول مستقبلاً. - في المناطق العربية الأخرى: مثل سوريا والأردن ولبنان وفلسطين والعراق فإن أزمة المياه لها أبعاد أخرى منها ما هو فني ناجم عن الطبيعة المناخية القاحلة في بعض هذه الدول، ومنها ما هو سياسي مرتبط بسياسة تركيا بشأن نهري دجلة والفرات وبإسرائيل التي تسعى للسيطرة على المياه العربية في المناطق المحيطة بها. ثالثاً : أزمة البحث العلمي ..... تتضح أهمية البحث العلمي من خلال أن تطور العالم يتم من خلال ازدياد العلم والمعرفة والإنتاج التكنولوجي, الذي يسهل حياة الإنسان ويدعم التعليم والصحة والحفاظ على البيئة ،ورغم هذه الاهمية إلا أن البحث العلمي في الوطن العربي لايزال متخلفاً عن الدول المتقدمة بسنوات بعيدة ويذكر أن الإنفاق على البحث العلمي في الدول العربية قد بلغ نحو (22) دولار و29 دولار للفرد الواحد في السنة باستثناء الدول النفطية، كما أن مستوى الإنفاق للفرد العربي حتى عام 1979 0.5% من الناتج القومي بينما في إسرائيل 1% كما أن متوسط إنتاجية الوطن العربي من حيث نشر الأبحاث أقل من 1% من متوسط إنتاج نظيره في البلدان الأخرى ،كما أنه في الوطن العربي يوجد (2.7) باحث لكل 10 ألاف من القوة العاملة في حين يرتفع هذا الرقم إلى 66 في أمريكا و99 في الاتحاد السوفيتي السابق . ويذكر عالمنا الكبير فاروق الباز أننا أضعنا الكثير من الفرص للمشاركة في النشاط الحضاري المعاصر والأحداث المهمة التي توالت دون مشاركتنا, فمثلا: فاتنا عصر الصناعة ولم نشارك في الثورة الصناعية التي غيرت معالم بلدان كثيرة وبقينا نستورد كل ما نحتاج إليه من دول بعضها أقل منا تعدادا ومكانة ومقدرة. وفاتنا عصر الذرة الذي شاركت فيه أمم لا تزيد عنا علما أو خبرة وبقينا مبهورين بما يقوم بعمله الغير في هذا المجال العلمي المهم .وفاتنا عصر الفضاء لأن أولي الأمر منا اعتقدوا أن العمل في هذا المجال ترف للدول الغنية وبقينا كالمتفرج الذي لا يعي قوانين اللعبة. واليوم يقفز عصر المعلومات بخطى فائقة السرعة, ومعظمنا ينظر ولا يرى, وبقينا في مؤخرة العالم أجمع من ناحية الإنتاجية في هذا المجال الحيوي. وتتشابك العديد من الاسباب وراء هذا التأخر العلمي منها : غياب الرؤية السياسية للبحث العلمي فكلنا نذكر انطلاق سبوتنيك الذي كرس تفوق الاتحاد السوفييتي السابق في الفضاء فرد كيندي بتجاوز هذه الكبوة والهبوط على سطح القمر وهذا المثال يؤكد اهمية توافر الارادة السياسية في مجال البحث العلمي ، الفجوة المعرفية في منظومة البحث العلمي العربي ومثال على ذلك تخلف طرق تدريس العلوم في مختلف المراحل التعليمية عن الوفاء بتشكيل الكتلة الحرجة من الشباب المحب للاشتغال بالعلم والقادر على البحث فيه بالإبداع والابتكار اللازمينفكثير منا يشعر بالرضا الشديد لمهارة الصغار في التعامل مع الكمبيوتر (كمستخدمين) أو ما هو أزيد قليلاً, دون أن ندرك الفارق بين فهم وتملك أدوات العلم الذي أدى إلى الآلة وبين استخدام الآلة ، هذا إلى جانب ما يعانيه العالم العربي من تفشي التواكل أي الاعتماد على الغير في كل شيء, وخلق أسباب واهية لشرح الواقع المر في صورة وردية, وعدم الشعور بالمسئولية, لدرجة إلقاء اللوم على الآخرين في أمورنا ،لذلك لابد أن نناقش الواقع للتعرف على أسباب التأخر والتعامل مع الحاضر, مع التفكير في وسائل تصحيح المسار ثم القيام بالمبادرات التي تؤهل للوصول إلى الغرض المنشود. وأخيرا يمكن القول أن تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي والتوسع الحضري في الدول العربية شكل ضغوطاً كبيرة على الموارد الطبيعية العربية وترتب على هذه الضغوط أن كثير من هذه الموارد أخذ في التدهور وهناك ما هو أخذ في الاختفاء جراء هذه الضغوط لذلك لابد من التعامل مع هذه الموارد والامكانات المتوافرة في ضوء مفهوم التنمية المستدامة التي تلبي احتياجات الحاضر دون الاخلال بقدرات الاجيال القادمة على تلبية احتياجاتها .
#المصطفى_عبد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية والهند ... آفاق جديدة للتعاون
-
القوة الناعمة للصين بأفريقيا: من إجماع بيجين إلى دبلوماسية ا
...
-
النساء في الرؤية الخليجية
-
الانتخابات النيابية والمشاركة السياسية في مصر
المزيد.....
-
وزير الاستثمار السعودي: الجنوب العالمي يستقطب نصف التدفقات ا
...
-
انخفاض أسعار الذهب بعد سلسلة مكاسب
-
أهمية مؤشرات الأداء الرئيسية لتحقيق النجاح في الأعمال
-
-فينيسيوس استحقها-.. بيريز يطالب بتغيير آلية التصويت بالكرة
...
-
ألمانيا.. حزب شولتس يرشحه رسميا للمنافسة على منصب المستشار
-
انخفاض أسعار الذهب الأسود بعد موجة ارتفاع
-
في البحرين.. سياحة فن الطهي تعزَّز التنوع الاقتصادي
-
توقف صادرات الغاز الإيراني الى العراق بالكامل
-
عالم روسي: الغرب يطرح مشكلات علمية زائفة من أجل الربح
-
مسؤول إسرائيلي: وضع اقتصادي -صعب- في حيفا جراء صواريخ حزب ال
...
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|