ميشال شماس
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 10:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تناقلت وكالات الأنباء والصحف والمواقع الالكترونية والفضائيات والإذاعات العربية خبر ارتداء الفنانة المصرية حنان الترك للحجاب، وتقدم هذا الخبر على المأساة التي تعرضت لها اندونيسيا من جراء الزلزال المدمر الذي أودى بحياة آلاف الضحايا، كما غطى على أخبار القتل المجاني الذي يتعرض له شعبنا في العراق، وعلى المعاناة اليومية التي يعانيها أهلنا في فلسطين على أيدي قوات الاحتلال الصهيونية، والحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني عقاباً على خياره الديمقراطي.حتى إن خبر الاعتداء الإسرائيلي على لبنان لم يصل إلي مسامعنا إلا متأخراً.
مؤتمرات صحفية ومهرجانات تلفزيونية عشرات الصحفيين والمراسلين العرب يحتشدون في القاهرة لتغطية الحدث العربي "العظيم"، لقد تحجبت أخيراً الفنانة حنان الترك، فتهافت العرب على المواقع الالكترونية للتعبير عن فرحتهم الغامرة بهذا الحدث العظيم، وتقديم واجب التهنئة والتهليل والتبريك لها على هذا الانجاز "الفريد".
لست هنا بصدد مناقشة موضوع الحجاب هل هو فرض أم لا؟ بل لمناقشة المساحة الكبيرة التي احتلها خبر تحجب الفنانة حنان الترك في وسائل الإعلام والعقل العربي، فماذا يعني لنا إنها تحجبت ؟ وهل يحتاج تحجب فلانة أو علانة لكل هذا الضجيج والصخب الإعلامي "كاميرات ومؤتمرات وأحاديث صحفية وريبورتاجات" ؟ أم أن ارتداء الفنانة حنان الترك للحجاب قد فك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني؟!
ترى كيف كان سيكون الأمر لو أن نساء العرب تحجبن جمعياً ؟ هل كانت ستعود فلسطين إلى أهلها، أوهل ستنتهي مأساة شعبنا في العراق، وتعود لنا مزارع شبعا والجولان ولواء اسكندرون وعربستان وجزر أبو موسى؟! وهل كان سينتهي الفساد المنتشر بكثافة بين العرب؟ أم سيتوقف الساعون واللاهثون عن سعيهم لتوريث أبنائهم وإخوانهم مقاليد الحكم، ويحتكمون إلى إرادة الشعب في اختيار حكامه في إطار انتخابات حرة نزيهة ؟!
غريب أمرنا نحن العرب ركزنا ومازلنا نركز على القشور وننسى الجوهر، نفتش عن قصص نلهو بها، ونبحث عن فنانة تحجبت، وأخرى اعتزلت الفن.. ولابأس أن نتاجر بالدين، فالمهم أن نحصل على الشهرة إما بالتحجب أو بالتعري، وإلا لن تكون هناك شهرة، ونسينا العمل والبحث عن العلم والمعرفة والصدق والأمانة والقيم الأخلاقية التي أمرنا الله بالسعي إليها كي نكون الأقرب إليه والأجدر بمحبته.
الدين في قلوبنا وعقولنا، فإلى متى يتم الضحك علينا باسم الدين، أتمنى لو أسمع أن أحداً في بلاد العرب اخترع شيئاً يفيد به بلاده ثم البشرية، عندها فقط نثبت للعالم أن الشعب العربي ليس جاهلاً.
دمشق في 1/6/2006
#ميشال_شماس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟