|
بصرتنا لم تعذب محب ، لكن النفط عذبها
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 10:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الشطر الاول من العنوان مأخوذ عن اغنية مشهورة في البصرة خاصة ، والعراق عامة ، كان قد غناها الفنان فؤاد سالم اسمها " ابو بلم عشاري ـ يقول مطلعها : بصرتنا ما عذبت محب ، واحنا العشك عذبنا " ، اما الشطر الثاني فهو قطعة من صميم اغنية منتشرة وبحدة في البصرة هذه الايام ، ولا تغنيها الحناجر ، وانما البنادق والخناجر ! تقول مقاطعها الخفية : النفط لمن يهربه ، ونفط البصرة لحماتها ، والحزب الذي لا يملك موردا نفطيا حزب جائع ، والنفط سلاح الميليشيات في معركة السلطة !. حمدان انحدر بسفينتك المثقلة بالنفط نحو ايران ، حمدان الموج حطم كل قوارب المحبين ، لقد صار شط العرب شريانا للقراصنة والمهربين ، بعد ان كان شريانا للعاشقين ، حمدان افرغ حمولتك النفطية وانحدر مع المد ، بانتظار جزر جديد ، انس ياحمدان انك كنت محبا مثل قيس ، فليلى لم تعد ليلى ، وقيسنا قد جن جنونه ، لك الله يا حمدان . ثغر العراق الباسم لم يعد باسما ! :
انه مفتوح الفاه ، متيبس الشفاه ، يبرطم نصف الوقت ، ويغيب بالملكوت في نصفه الاخر ، يسيل منه سائل لزج وكانه دبس ، لتمرها او نفطها او دمها ، يرطن بكلام يشبه التعاويذ ، هي الام والاب لمدن الخليج ، يسرق الان منها الخليج ، وتباع فيه كانها جارية ! ؟ أم قصر ، حصن البصرة و فنارتها ، تعج بسوس الارض والخشب والاحتلال ، هذا حال البصرة والعراق ، منذ 31 اذار / 2003 تاريخ احتلال ام قصر والبصرة ، ودخول القوات البريطانية واستقرارها فيها ، وحتى الان انقلب حال البصرة راسا على عقب ، حيث اصبحت مدينة مستباحة من اطراف العدوان ، والجيران ، وكل من له مطمع ، وبدون استأذان ! صارالوصول للبصرة غاية ووسيلة معا ، فهي وسيلة طبيعية ، عبرها يتم الوصول الى بغداد ، وهي غاية بحد ذاتها لانها عصب الصادرات والواردات ومخزن غني بالنفط والموارد وهي البوابة البحرية الوحيدة للعراق والمركز السكاني الثالث بعد بغداد والموصل ، وعليه فان طلائع ، ثم جحافل جيوش الاحتلال الاخير مرت بالبصرة بعد انطلاقها من الكويت ، ومن الاساطيل الحربية التي كانت تدق على ابوابها البحرية ، ثم دخلتها امواج من العراقيين الذين كانوا في ايران او الكويت ، ودخلتها الاحزاب العراقية الايرانية " بدر ، الدعوة " وبقية الجوقات ؛ والبصرة على درب الذين يمرون ، تنادي ، بالنجدة ولا تاتي ، فالدولة في العراق الجديد دولة مهربة ، ليس فيها شيء من الدولة الا الاسم ، وكل ذلك يجري بفعل افعال واعمال المحتلين ، واعوانهم ، واحزاب الميليشيات المتنازعة علىالسلطة ، وتجار الدين والمخدرات والنفط ، الذين كونوا كارتلات عشائرية تحتكر الثروة والسلطة وحريات الناس مع سبق الاصرار والترصد ، باسم الفضيلة او المنتظر عجل الله فرجه او باسم البدر او الهلال الذين خاصما ليال العراقيين وجعلاها ظلاما دامسا يشبه ظلام العصور الوسطى منذ ان حلت بها فيالق الحكيم وغيره ، فتحولت بصرة ابوالحسن والسياب الى بصرة النذور وصكوك الغفران والخموس ، والتقليد الاعمى لهذا الشيخ او ذاك الملا اوفتاح الفال ، وفريسة يتقاتل عليها المتهافتون وقطاع الطرق وصعاليك الحوزات والحيازات غير الشرعية لا عرفا ولاقانونا ولا دينا ولا خلقا !!. ليست فقط حقول الرميلة الشمالية وغير الشمالية ، وليست فقط خطوط انابيبها التي تتعرض للنهب والسرقات وبلطجة الميليشيات ، وانما حقول وخطوط نقل نفط العمارة ، الحلفاية والعزير، وهي الاغنى باحتياطياتها من البصرة الام ، كلها مع مكاتبها تتعرض لما تتعرض له نفوط البصرة ، بل قل كل نفوط العراق ، للسرقة والسمسرة والعبث والعقود المفركة والمجحفة بحق شعب العراق ومصدر قوته الوحيد بعد ان خربت كل الامكانيات الحقيقية لنهضة اقتصادية تعدل من اعتماد البلاد على عائدات النفط فقط ، ان المالك الوحيد لهذه الثروات لا يعرف عن حقيقة ما يجري بصددها ! الامريكان يسرقون بلا حساب ولا وجود لعدادات او حاسبات اصلا ، وشركاتهم هي التي تبيع وتشتري ، الكل يسرق على طريقته ، وكأن البلاد في مولد صاحبه غائب !
ترقيعات المالكي لا تصمد :
امام استفحال ظاهرة انهيار مفاصل الدولة ومؤسساتها والتفكك السياسي والاداري الحاصل في اجزاءها ، واستمرار فعل مسبباته وتوالدها ، وتسربها الى كل مناحي الحياة في الدولة والمجتمع ، تصبح اي شعارات او ادعاءات اوخطب طنانة رنانة عن المعالجات والاصلاحات لا تتعدى كونها كلام للاستهلاك وهي بالتالي كلام فارغ ! وهذا ما نجده ينطبق تماما على ما يقوم به رئيس الوزراء نوري المالكي ، ان حالة التردي العامة والشاملة التي يعيشها العراق هي سلسلة مترابطة من مظاهر، الفساد، والتفسخ ، والتحلل ، والفوضى ، وغياب القانون ، بل غياب السلطة الحقيقية بكل مراحلها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وغياب ادواتها الوطنية ، كالجيش الوطني ، والدستور الذي يحترمه الجميع ، ثم كل الاجهزة الادارية التي تكفل للدولة هيكليتها وهيبتها على كامل ترابها ، ان السلطة الحقيقية في العراق هي سلطة الاحتلال ودستوره وجيشه ، وادارته ، اما ما يتوافر على هامش ذلك فهو جزء من ديكور لعبة العرائس التي يخرجها عادة الحاكمين الفعليين ، وكما وعد فانه سوف يعمل على حل الميليشيات ، وقد جاءه الرد سريعا ، فتراجع واستثنى ! ووعد ايضا بانه سوف وسوف اكثر من 30 مفردة في برنامجه الحكومي ، لا اعتقد انه قادر على تنفيذها الا اذا اعتبرنا ان مجرد توافق الفرقاء على وزير للداخلية والدفاع هو انجاز ! ؟ وهذه ام مهازل اخرى بعد مهزلة السيادة والدستور الدائم الذي اكتشفوا اخيرا انه ليس بدائم ، فطلبوا تشكيل لجنة للادامة والصيانة ! امامنا الان مثال صارخ لعدم قدرة اي مدعي في ظل الاحتلال وخرابه على عمل ما يجب لانقاذ البلاد والعباد من الكوارث المتلاحقة ، والنتكلم الان عن ازمة البصرة ، فاطرافها من حلف سياسي ومذهبي واحد ، وكلهم يشتركون بهذا الشكل او ذاك بالسلطة ، فهل يقدر ؟ بالتاكيد لا ، لان المشكلة ليست متعلقة بارادة الائتلاف واطرافه ، ليست هناك دولة ، هناك اطر وهياكل هشة وليست مؤهلة ، ليس هناك جيش وامن واستخبارات ، ليست هناك حدود لا يتجرء على اختراقها المتامرون ، هل يستطيع الائتلاف او غيره ، المالكي او غيره ، تغيير هذه الوقائع ، لااعتقد ذلك ومعي اغلب ابناء البصرة والعراق ، وعليه لا يسعنا ان نقول الا ان الترقيعات والاجراءات السطحية والمساومات التي ستحصل سينتج عنها اخفاء لمظاهر العراك المسلح والسرقات الكلية ، مع بقاء الحال على ماهو عليه ، سيتم استرضاء حزب الفضيلة بابقاء منتسبيه المهيمنين على بعض مفاصل وزارة النفط بالاستمرار في عملهم ، وقد يصل الحال الى تعيين نائب للوزير او الوزير نفسه من الفضيلة ، مقابل مشاركة الاخرين في غنائم البصرة ! ان سقوط العشرات من المواطنين من ذوي الكفاءات ضحايا عشوائية وغير عشوائية ، بسبب حصاد الارواح الجاري على قدم وساق ، هو اكبر خسارة للبصرة واهلها ، والعراق واهله ، وهذا يتلازم مع نهج كتم الانفاس الجاري باسم الدين والعقيدة ، الذي يدلل وبشكل صارخ على ان الارهاب الحقيقي ، والقتل الحقيقي يأتي من غياب الدولة ووجود الميليشيات المتعايشة مع الاحتلال ومرتزقته ، ولا خلاص حقيقي منه ، الا بالخلاص من كل هؤلاء .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في حاج عمران حصان طروادة امريكي يترصد ايران
-
اربيل وبغداد شهدت (مولد) حكومي صاخب ، صاحبه غائب
-
دولة الفشل المذهل !
-
من هم الارهابيون ؟ من المطالب بتزكية نفسه ، المقاومة ام الاح
...
-
هنري كسينجر يطالب بالانتقام من العراق
-
المقاومة الرقم الاصعب في المعادلة العراقية
-
في داخل العراق ازمة شعر وشعراء
-
حزورة المليشيات في العراق
-
البنتاغون يتأبط حربا جديدة
-
الطبقة العاملة العراقية العدو الاول للاحتلال
-
لقطات
-
القيادات الكردية العراقية مدمنة على التصيد في المياه العكرة
-
اليُتم اليساري في العراق
-
الاعلام العراقي بين التخلف والتزلف
-
بين الاستهتار الامريكي والخبث الايراني
-
الجحيم لم يأتي بعد العقدة والحل
-
الطينة الفكرية لرجالات العهد الجديد في العراق
-
نقطة نظام - حالة الدجيل مسببة حسب القانون العراقي وقتها
-
احتلال المرأة
-
التحشيش الطائفي والتجييش الامريكي
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|