#أحاديث #الصباح #والمساء 2- متوهم الحق (أ)

عصام شعبان عامر

الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 20:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

حين طفا نجمك العباب السما ظننت أنك الحقيقة والحقيقة انت وما لبثت أن تلبدت سماؤك بالغيوم فخبا نجمك وانطفأ ضوءك وها أنت تتأرجح بين ظهور وخفوت وإشراق وأفول وتقول ها انا ذا
إنك يوم ان قررت ان تصير وجودا بالجمود تجمدت عن معرفة الحقيقة فالحقيقة انسياب فانسكاب وانت قد تجمدت مكانا وانسكبت زمانا فى تغاير من قديم الماضى إلى جديد الحاضر وغياب المستقبل ولم تزل على هذه الحالة تتطلع إلى ركاب تشعر فيه انك قد ادركت الحقيقة وأصبت الحق ولم تزل على هذه الحالة كسكير تحت وطأة هذيانه يخيل إليه ان الشمس قد انفلقت نصفين بجلاء
المشكلة تكمن فى جمودك أنت ترصد وترصد فطالما تجمدت ترصد الوجود ويرصدك الوجود وبينما انت مستغرق فى كذبتك الكبرى أنا الوجود والوجود انا مستغفل عن إدراك كونك وعى محبوس داخل إطار (الزمكان ) منغلق على سببية وموضوع فى محلية وأنك بمجموع رصودك شاهدا لم يرى شئ (شاهد ما شفش حاجة)فى مسرحية الوجود الهزلية
نعم :- لقد تم خداعك فأنت لم ترى شئ بل رؤيت أنت أنت المرئى ولست الرائى لقد تم خداعك انت لم ترصد شئ ولم تدرك شئ بل أنت نفسك مجرد احتمال وجود ولما ترتقى بعد لتصير وجود ويتحقق بوجودك أن تكون انت دليل شهود
أنت مجرد انهيار لحظى لجريان كبير ليس إلا ! وقد تكون محظوظ لو أن انهيارك اللحظى هذا يحوى بداخله عصارة كل ذلك الإنسياب وأن تندفع بجمودك نحو التدفق الأعظم
أنت متوهم حقيقة يبحث عن متوهم حق ليستريح من عناء ثبوته فى لحظة انهيار لذا طرقت كل الأبواب باحثا عن تجلى أعظم خارجك بينما فى الحقيقة ما من تجلى ليكون له عظمة سوى داخلك وأن كل ما تبحث عنه خارجك مجرد سراب أو انعكاس لما فى داخلك محصور فى مرآة وبينما تبحث خارجك وداخلك ارض بور وخرائب ترى العالم خارجك أرض بور وخرائب وزرائب ولن تدرك جمال العالم خارجك إلا بإدراك جمالك الذاتى داخلك ولن تدرك أى حق أو اى حقيقة إلا إذا انتصرت للحق وللحقيقة داخلك
فما هو داخلك على الحقيقة ؟
لا شئ توهم فارغ فأنت كنت ولم تكن وزلت ولم تزل بنيان قام فزلزال تهدم انتفاخ قائم يباهى عظمة كاذبة فارغة فأنت كما كنت متوهم نفس فأنت أيضا متوهم حقيقة وذاتك متوهم حق نمط من صورة مكررة فى اللانهائية حد الأبد والخلود مجرد كذبة أخرى فأنت تتكرر ومن كل تكرار تتجرجر إلى أن ترجع إلى صورتك الاولى مجرد انسياب فتدفق فى الأبد السرمدى انسياب فانسكاب فتموضع فإياب فرحيل فغياب
حبيسة سيدها تنظر خلاصها بعتقها أو تحررها بحبلها فتكون أم ولد وفى كلا الحالين لا انعتاق ولا غاية للإتفاق والمكاتبة
مكبلة ايادينا بالحديد والنار حديد الرق ونار السيد حديد الوجود ونار العدم ولا تزال أسواط الجلاد تشق العباب وتفلق الهام وتدمل فى الجلود الدمامل والقروح والأقياح فتندمل الجروح وتفتح طاقات السواد فى الأرواح فتصير أشباح
هذا هو متوهم الحق فكل تبربر هو أباطيل توهمتها وكل سد لفراغ حاولت جاهدا بناؤه وهم التخييل والتزيين لقد كبلت بالحديد والنار ولا زلت فى هم ومرار مع كل تغاير وترحال فى كل انبلاج بعث وفى كل خفوت فوت وموت وها انت تتكرر مرات ومرات ومرات وترجعت مر الهزائم والآهات وتجرعت السم الزعاف ألف ألف ألف مرة ومرة وتعاود فتتكرر وانت تحت هذيان السوط وقد علا ظهرك الجلد وأنت تتلمس حقيقة كاذبة حقيقة الحرية حقيقة انك حر
لن تكون حر طالما أنك تريد ومن يريد ولا يستطيع تنفيذ ما يريد ليس بحر على الحقيقة
اخترع ما شئت من وهم الأباطيل وزيف الأقاويل مدعيا أنك حر زين ما شئت من معابد حرية مزخرفة فما هى إلا محاريب عبوديتك شاهدة على ذلك والسياط التى على ظهرك احملها واجلد بها نفسك فما أنت سوى عبد
أمة تنتظر سيدها ليغتصبها فى الفراش كل ليلة فتجلد فى الليلة ألف ليلة وليلة
ذق طعم المهانة والذل
أو تحسب أنك بانتحارك وفوتك وقتلك لنفسك قد ادركت النهاية وفوزت وأصبحت حرا فى عدم الفوت وأنه بموتك انقضى كل اجل وصوت وأنه بانقضاء الأنفاس انقضاء الأقدار هيهات هيهات
ولما تبتعث بعد بدل المرة ألف ألف مرة بل فى كل مرة منها ألف الف مرة أخرى وفى كل مرة تذوق وتذاق وتحيا بالأنين ألما للفراق واللحاق
أوتظن بابتعاث كذبك سيكون هناك لتكرارك آخرة حيث الخلود مرصود فى جنات بها حور منضود وآرائك قرية سدوم فيها الغلمان تدور
أو أن حقا هناك ميزان وحساب وصراط وعقاب أو حتى نار السموم جهنم وعمود
لا خلاص فهيهات هيهات
سبق القلم المقال وفاض بالأقدار وقال بكل ما قد قيل ويقال وانفك من قيد اللجام العقال فلا سبيل لمناص او حتى خلاص
اخترع ما شئت من اوهام الهام
اخترع أديانك وأخلاقك وآلهتك ومحاريب معابدك وتماثيل تزخرفها بالأديان تارة وبالأخلاق تارة
تبجح بحريتك الكاذبة وادعى انسانية وفضيلة بل اخترع الضمير وقل بكل بجاحة وفجاجة فجر الضمير
اعلم انك يوم تنبلج فى دورة التكرارات كل يوم لك فيه جديد اختراع وتلبيس جديد بجبة الحديد ما تلبث ان تصرعك وتوديك نحو يوم مدفنك
يابن النجوم أرأيت أن يكون مصيرك مجرد تراب غبار يتناثر ولب طين يتداثر وغبار يتخثر ويتبعثر وفى كل مرة تراب فغبار فغباء ففناء فبعث فى جبة التكبيل رتيل يلبس حلة الشهيد القتيل
تموت فتبعث وتفنى فتكنس ولا خلاص
فكيف يستقيم لك عيش وقد كبلت بلبست الحياة وتدثرت بالخيش ولحست التراب بدل العيش ولزحفت إلى سحيق دربك ورجعت إلى اياب حتفك
فمتى ؟
متى تكون ابن نجوم السماء بحق كما كنت
لأن تكون سدما فى غيمة خيرمن أن تكون ملكا فى خيمة
لا تعاود الكرة يابن التكرار ففى التكرار ضلال وغيار وليس لك فى كل غيار خيار
هى جبة التكبيل بالحديد عودا أبديا يتكرر فى كل الصور وفى كل الأحوال بكل الصفات بكل العوالم
خلودك هو تكرارك هو عين جحيمك أيها الباحث عن الخلود المفتون نارك التى تتلظى بها فتكوى لتتبدل الجلود لتذوق

#عصام_شعبان_عامر (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات