أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - لعبة الصناديق _ اللعبة الأخطر في الوجود















المزيد.....

لعبة الصناديق _ اللعبة الأخطر في الوجود


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 14:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(لعبة الصناديق _ اللعبة الأخطر في هذا الوجود )

قلم #راوند_دلعو

من المؤسف جداً أنّنا _ نحن البشر _ مجرد ضحايا للوعي و الثقافة الجَمعِيَّة للمُحيط ... ( العرف _ العادة_ التقليد _ الموروث _ طريقة التربية) ، لذلك تُعتبر عملية تغيير المُعتقدات أو مخالفة الأعراف عن عمد أو الخروج عن العادات التي ننشأ عليها منذ صغرنا من أخطر العمليات و أكبر التحديات التي تواجهنا خلال مسيرة حياتنا ...

هذا التغيير (السُّلُوعقائدي) الجذري يشبه عملية الولادة من نافذةٍ في جدار صندوق ، لا يمر عبرها إلا من ترفَّع عن الثقافة الجمعية المُقحمة إقحاماً في عقله منذ صغره و رغماً عنه .....

و تتم تلك الولادة ( الخروج) من الصندوق من خلال إخضاع الثقافة الجمعية الموروثة للنقد الموضوعي بتجرد كامل دون أدنى تحيز أو محاباة لأي تفصيل فيها.

لكن _ و للأسف _هناك من يدَّعي الموضوعية أثناء فحصه لمدى عقلانية أو منطقية موروثاته ، لكنه في الحقيقة مؤدلجٌ و متحيز حتى النخاع ... !

مؤدلج بعنف إلى درجة أنه يُصور لنا جدران صندوقه العقائدي الموروث كالسماواتٍ العُلا و آفاق الفَلا .... إذْ يريدنا أن نتفق معه أنه ليس حبيساً لأي صندوق !

فهو يرى بل يُصر على أن ميراثه المذهبي هو الحقيقة المطلقة و البياض الناصع من بين آلاف المذاهب ! و يا لها من صدفة عجيبة يبني كل حياته عليها ! فهو الوحيد الذي تَصندَق من غير صندوق أو صندقته عنايةٌ ما بصندوق الحقيقة !

فتراه مدافعاً شرساً عن موروثه الفكري و صندوقه العقائدي ... إذ ترى حياته الفكرية عبارة عن تأويلِ نصٍّ من هنا ... مع تلفيق معنىً من هناك ... إلى درء تعارض لنصوص الموروثات من هنا ... ثم تحريف رواية موروثة من هناك للتوفيق بينها و بين العلم الحديث ... ثم تراه و قد قفز إلى إعادة تفسير نص مقدس من هنا ... ليُشقلِبَ نصاً موروثاً آخرَ من هناك .... و هكذا !!

يتشقلَبُ بالنصوص كالبهلوان و لاعب الجمباز المحترف ، فهي صنعتُه و شغفه و ديدنه ، بل تراه دكتوراً في ممارسة المكياج التراثي و الترقيع المُقدس ... بل يؤلف الموسوعات في ذلك ... و يجني الكثير من المال الخبيث !

فالزرادشتي يرى (زرادشت) ناطقاً بشرياً باسم الحقيقة المُطلقة التي يجب الانصياع إليها ، و بالتالي فإنَّ عادات و طقوس قرية "خونساهور" الزرداشتية في شمال غرب بلاد فارس هي الحق المطلق الذي يجب على كل البشر اتباعه و تقليده { عقلا ً! }.

و من هنا نجد بأن المصيبة ليست في كونك حبيساً للثقافة الجمعية لبيئتك فحسب ، و إنما المصيبة الأكبر في أن تحاول إقناعنا بأن جدران صندوقك الصغير و المغلق بإحكام إلى درجة الاختناق عبارة عن كون مترامي الأطراف .... و أن عاداتك المتوارثة ليست إلا القوانين الحقيقية و الكلية للطبيعة و الكون ( نظرية كل شيء) !

الحق الحق أقول لك ، إنك و بإصرارك على دعوة الآخرين إلى وجوب تبني موروثاتك و عقائدك التي أنفقتَ عمرك في تلميعها و تجميلها و مَكيَجَتِها ، إنما تمارسُ ما أسميه بالإجرام الفكري ...

كما أنك تفقد بذلك الفعل القبيح نقاء إنسانيتك و يحق للآخرين أن يصفوك بالمجرم الخطير ... لأنك تمارس الكذب المقدس و تستحلُّه بل تتقرب إلى صُنَّاع موروثاتك من خلاله ... و هذا من شأنه أن يشوب إنسانيتك و يفقدها مصداقيتها ... بل أرى ذلك عملاً لا أخلاقياً و خيانة للإنسانية جمعاء ... لأن تلميعك لموروثاتك بالكذب و التلفيق ثم التبشير بها سينتهي حتماً بخلافات مع الآخرين الذين لن يُصدقوا أن جدران صندوقك كوناً ... و أن أعرافك قوانيناً ... و أن الصدفة منحتك الحقيقة دون غيرك !

و لو أضفنا للخلطة السابقة رشة ( مُقَدَّسٍ ) على موروثاتك مع القليل من بهارات ( العنف ) لحصلنا على ما نسميه بطبخة الحروب الدينية و الطائفية و العرقية و القبلية المُقدَّسة و هو التعريف الحقيقي لل ( إرهاب) !

فأصل الإرهاب فكرة موروثة تبناها صاحبها فلمَّعها و أخفى عيوبها و تعارضها مع المنطق العقلي السليم الذي يشترك به كل البشر ، ثم راح يبشر بها ثم انتقل إلى مرحلة فرضها بالعنف على الآخرين كونها ( مقدسة) بنظره !

و من هنا أرى أن الإنسان البسيط الملتزم بتقاليده و موروثاته التي نشأ عليها عن جهل و عفوية ، أشد انسجاماً مع نقاء إنسانيته من الداعية و الباحث المزيف الذي ينكبُّ على هذه التقاليد غير المنطقية فيُجمِّلها و يُمنطقها بالتأويل و التزييف و الكذب على الذات ثم ينتقل إلى إقناع الآخرين بأن موروثاته حق و أن عاداته الموروثة هي القوانين التي يعمل وفقها الكون و التي يجب عليهم تبنيها بحذافيرها !

فهو يريدنا أن نكذب عقلانيّتنا و حواسنا ثم نصدق بأن جدران صندوقه أفقٌ لا منتهى له .... !

و من هنا يجب منع التبشير بكل عقائد و موروثات و تقاليد القرون الوسطى و العصور القديمة جملة و تفصيلاً ، و ذلك للحَد من صندَقَة البشر و تكبيلهم باللاعقلانيات المُلمَّعَة ...

كما يجب منع و محاربة ظاهرة ( أدلجة الطفولة) و اعتبارها جريمة كبرى لا تقل عن الاغتصاب ... فاغتصاب العقول أشد جرماً من اغتصاب الأجساد ... لذلك نجد أن بعض الأيديولوجيات الموروثة تفرض نفسها على الطفولة بالضرب و الإكراه و الفاشية المفرطة لما لهذه المرحلة من حساسية في حياة الإنسان ... فهي المرحلة التي يكون فيها عقل الطفل كصفحة بيضاء خالية ... فها هو مستسلم بكامل براءته و ضعفه بين يدي أبويه كالإسفنجة القابلة لامتصاص كل شيء ... ثم ها هما يَنقضَّان عليه ليفترسانه بأمر من الموروث ، فيُلقِّنانه قصة الوجود بناء على الأساطير السخيفة الموروثة عن الأجداد و التي تحكمها الصدفة الجغرافية و التاريخية و الزمنية ... و بعد الاستمرار في حقن الطفل بالموروثات النمطية لسنين طويلة ، إذا به يُنفق عُمُراً كاملاً كي يتحرر من هذه السخافات ( هذا إن كان محظوظاً و امتلك الذكاء الكافي لاكتشاف الجريمة التي ارتُكِبت بحقه منذ الصغر ) ... و إلا فهو حبيس صندوق أبويه إلى الأبد .... فالهندوسي يعيش و يموت هندوسياً و الزردشتي زردشتياً و المانوي مانوياً و اليساري يسارياً و هكذا ... و كل منهم يظن بأن موروثاته ليست إلا ( نظرية كل شيء) التي لا تقبل النقد !!

و لا بد أن أنوِّه في نهاية مقالتي إلى أن الخروج من الصندوق ليس نهاية المطاف ... فقد يخرج أحدنا من صندوق ليحبس نفسه في صندوق آخر ...

و كي تتجنّب الانتقال من صندوق إلى صندوق عليك التزام العقلانية التي يحكمها المنطق الخالي من المغالطات و التحيزات التأكيدية للموروثات ...

عندها فقط ستتمتع بلحظة الخروج الكامل من كل الصناديق و ستربح في هذه اللعبة الأخطر في العالم ( لعبة تكسير الصناديق ) ، فستكسر كل الصناديق و تخرج منها دون أن تأسف عليها ... و عندما تصبح خارج الصناديق ستتكامل عندك الرؤية لتكتشف بسهولة أن صندوقك الذي خرجت للتوِّ منه ليس إلا صندوقاً مماثلاً لكل الصناديق الأخرى التي توارثها غيرك و بالتالي قادته الصدفة البحتة كي يكون حبيس أحدها بينما قادتك صدفة أخرى إلى أن تكون حبيس صندوق آخر.

إنها عملية الولادة من جديد ... عملية كسر جميع الصناديق لتحقيق الرؤية الشمولية الواعية و ذلك على أرضية من مُشتَرَكٍ عام من المبادئ الإنسانية العقلانية الحرة ، و بذلك فقط يتحد البشر على عقلانية واحدة قائمة على منهج المنطق السليم.

الحق الحق أقول لكم ، يولد أحدنا في هذا العالم ثلاث مرات .... ميلاده الأول يوم يخرج من بطن أمه ، و ميلاده الثاني يوم يخرج من صندوق الموروثات _ و هو الأهم _ ، و ميلاده الثالث يوم يموت ...



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نحزن أم نفرح لمقتل قاسم سليماني ؟
- قصيدة بلا عنوان
- هذه الدنيا
- ميل حمرة
- رسالة من مرتد إلى أهله
- عالم الغيلان الذي نعيش فيه
- أرفض تداول كلمة { ملحد } رفضاً قاطعاً ، لأنها نحتت لتكون شتي ...
- صرخة إنسان كوني
- حل القضية الفلسطينية و معضلة الرَّضَّاعة ( الببرونة)
- طوبولوجيا التعليم الشبكي المعاصر
- الأديان جراثيم الكوكب الأزرق
- فيه اختلافاً كثيراً _ أخطاء قرآنية واضحة في السجعية رقم 4 من ...
- السارق من الماضي و السارق من المستقبل
- مغالطة التوسل بالعيون الزرقاء و الشعر الأشقر !!
- كوميديا الأغبياء _ محمد يقوم بتسريب نتائج يوم القيامة.
- القصيدة اللاأدريَّة
- فيه اختلافاً كثيراً _ خطأ قرآني واضح في الترتيلة المسماة ( ف ...
- الدين على مذبح السخرية و الازدراء
- لاهوتُ مِحبَرَة !
- أنت هو دماغك !


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - لعبة الصناديق _ اللعبة الأخطر في الوجود