|
شجار في صحيفة الأخبار
عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري
الحوار المتمدن-العدد: 6478 - 2020 / 1 / 31 - 14:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
الحزب الشيوعي اللبناني... السابق! إبراهيم الأمين الإثنين 27 كانون الثاني 2020 جريدة الأخبار اللبنانية
في النقاشات الدائرة بين أهل اليسار، يتهم بعضهم الآخر بأنه شيوعي تعرّض للتضليل من قبل أفكار أخرى، أو شيوعي انكشفت صورته الأصلية بعد انهيار الهيكل، أو شيوعي تمّ شراؤه من قبل حكام أو اثرياء. هكذا، يصدر عليه الحكم: هذا شيوعي سابق. بعدها، ليس مهماً فهم المدلول المعرفي لكلمة «سابق». المهم، فقط، ما يجب أن يعلق في الأذهان: كأنك كنت في وظيفة أو منصب أُبعدت عنه أو استقلت منه. ومن يطلق الحكم كما من يردّدونه، يعنون فعلياً أن الشيوعي السابق هو من صار خارج التنظيم!
هذه اللعبة ليست حكراً على طرف. مثلاً، الشيوعيون الذين زالت «الغشاوة» عن أعينهم يوم تعرفوا إلى الليبرالية مذهباً في العيش، ينظرون إلى كل شيوعي لا يزال يستخدم كلمات مثل الامبريالية والرجعية على أنه متحجّر ومتخلّف...ويصفونه، أيضاً، بالشيوعي السابق. وبالمثل، فإن من بقوا في تنظيماتهم، على ترهّلها، يتهمون من ضعف وصار معجباً بالفكر الليبرالي بالخيانة العظمى، ويطلقون عليه أيضاً وصف الشيوعي السابق!
توصيف الشيوعي السابق لم يعد يقتصر على الأفراد. بل ربما صار بالمكان إطلاقه على مجموعات بأكملها، مثل المجموعات اليسارية اللبنانية والعربية التي تكاثرت منذ تسعينيات القرن الماضي. فكرة السابق مرتبطة بكون «الشيوعي المستمر» يحتاج إلى مصادقة من الحزب، باعتبار أن «العلامة التجارية» لهذا الشيوعي لا تزال حكراً على التنظيم الأمّ. وطالما أنك لم تخرج من عباءة الحزب، فإنك تعقّد مَهمة وصفك بالشيوعي السابق.
مناسبة هذا الكلام، البيان السياسي الصادر، أخيراً، عن قيادة الحزب الشيوعي اللبناني (كانون الثاني 2020)، والذي يستعرض اللحظة السياسية الراهنة في لبنان، ويعرض تقييم الحزب للتطورات، وتوصيفه لما يجري، ومقترحاته للعلاجات المطلوبة. ومشكلتي مع البيان أنه لم يقع في مطالعة أو تعليق لقيادي أو ناشط، بل كونه صدر على شكل وثيقة ممهورة بتوقيع: الحزب الشيوعي اللبناني!
وهذا البيان يتيح لي إشهار تقييمي بأن من فكر به وصاغه، سواء أكان فرداً أم مجموعة أم تنظيماً بأكمله، ليسوا إلا شيوعيين سابقين!
الأمر هنا ليس فعل نكاية. بل هو تماهٍ مع اللعبة ذاتها. فمن أُدين بأنه شيوعي سابق، كان عُرضة لمحاكمة بسبب مخالفته أصول التفكير وأدوات التحليل التي تمثل الهوية التاريخية للحزب. وبعدما جرى التثبّت من حصول المخالفة، تمّت الإدانة... هذه هي القواعد المتّبعة.
في حالة البيان المذكور، فإن المخالفة ليست جُنحة تنظيمية، بل جناية فكرية وسياسية. ولأننا في زمن الثورة على القيود، ورفض التسلّط الأعمى، وعدم الانصياع إلى سمة ضيق الصدر إزاء أي نقد، فإن النقد هنا يصيب هذه السلطة. وهي، هنا، ليست سلطة دولة أو طائفة، بل سلطة حزب ومؤسسة وعائلة أيضاً.
تعرض ورقة الحزب لوقائع ما جرى في البلاد منذ 17 تشرين الأول 2019. لكن العرض يخلو من أي مراجعة لطبيعة الحراك، ولا تشكّله الاجتماعي أو السياسي أو الطبقي أو المصلحي. لا يشرح لنا الرفاق تقييمهم لطبيعة التنظيم والشعار والإدارة والتنسيق. ولم يجدوا في كل ما جرى خللاً يستحق التوقف عنده. بل أكثر من ذلك، أطلقوا على الحراك صفات توحي بأننا عشية الثورة البلشفية الكبرى، حتى إنهم تجاهلوا عدم تنظيمه، وكأنهم يقبلون منطق من يبرّرون عدم تنظيم الحراك بحجة حمايته، لكنهم يريدون إدارة التحركات من خلف ستارة يعتقدون بأنها تحجب الرؤية.
لا تشرح الورقة، مثلاً، كيف يمكن لحزب شيوعي أن يجلس أصلاً مع عصابات المنظمات غير الحكومية؟ وكيف يمكن المشاركة مع هذه المجموعات، اليمينية أو الليبرالية أو الطائفية، في نضال من أجل تغيير جذري أو حتى إصلاحي؟ وكيف يمكن لحزب شيوعي وضع خطط وبرامج مع من يتلقّون الأموال من دول الاستعمار الأوروبي أو الأميركي أو الجهات المانحة؟ وهي جهات يعرف الشيوعيون، أكثر من غيرهم، دورها المركزي في تدمير الحياة النقابية والحزبية.
لكنّ السؤال، هنا، يصبح صرخة في الهواء، عندما تكتشف أن في الحزب نفسه قيادات رئيسية تجد نفسها أقرب إلى شخصيات هذه المنظمات؛ تعيش مثلها وتلبس مثلها وتسافر مثلها وتمارس نفس طقوسها في الحياة اليومية. وفوق ذلك كله، يصرّ بعض هذه القيادات على عضويته السرية، وكأنّ هناك من يخشى حرمانه من تأشيرة دخول إلى بلاد الغرب إن عُرف أنه عضو في الحزب الشيوعي.
الورقة تذهب بعيداً في إطلاق الصفات الثورية والكلمات الفضفاضة على الحراك الشعبي، وتتجاهل أن الحزب الشيوعي عجز عن إقناع ممثلي هذا الحراك بالتوقيع على ورقة تنسيق (لقاء الكومودور). يمتنع الحزب عن قراءة الظروف التي تحيط بالحراك. بل يتحدث، بصبيانية غريبة، عن سلطة وشعب ونظام. لكنه لا يخبرنا، أبداً، عن أي بلد يتحدث. لا نعرف إن كان من كتب الورقة يعرف موقع لبنان في الإقليم، أو بما يجري من حولنا، اللهم إلا إذا كان الحزب قد أُصيب، هو أيضاً، بفيروس «لبنان أولاً».
ألا يفرك قياديو الحزب أعينهم وهم يرون كيف عاد المنشقون إلى صفوفهم. هل تاب هؤلاء، فعلاً، عن خيانتهم السياسية والفكرية والطبقية عندما ذهبوا إلى حضن 14 آذار ومتفرعاتها من يسار السفارات وجورج سوروس إلى جماعة اليوغا؟ هل يصدّق الشيوعيون أن خجل مارسيل خليفة وكريم مروة من السير في تظاهرة عمالية للحزب الشيوعي، في الأول من أيار، يمكن أن يُمحى بمجرد أن احتلّا المنصات، غناءً ودبكةً، مع بقية الفولكلور تحت علم لبنان. أي لبنان هذا الذي تتحدث عنه ورقة الحزب الشيوعي؟
في أيام الجامعة، كنا ننظر إلى رئيس الجامعة بفوقية من يسيطر على نصف الأرض. كانت المنظومة الاشتراكية تمنحنا قوة كونية. كنا لا نقبل أن تُرفع رجل عن رجل إلا بأمرنا أو بعلمنا. هذه الحكاية سقطت دفعة واحدة. لكن يبدو أن الرفاق لا يزالون يتوهمون وحدة تنظيمية ليس لها أساس، ووحدة فكرية وسياسية غير موجودة إلا في خطب الخيم وشاشات الثورة، مثل خطابات العيش المشترك بين الطوائف اللبنانية. والأنكى، توهم الحزب الشيوعي للدور الريادي، حتى يكاد الواحد منا يظن أن الحزب هو فعلاً من يقود الانتفاضة في لبنان. بينما نعرف جميعاً أنه بمجرد أن أقدم طلاب وشباب شيوعيون على رفع الصوت والقبضة والتوجه مباشرة إلى الأدوات الفعلية للنظام الرأسمالي المتوحّش، حتى صار حراكهم عبارة عن زعرنة وفوضى، وتخلى عنهم كل من أنشدوا القصائد في حب الوطن ومحاربة الفساد على وقع قرع الطناجر!
ما هو هذا الحزب الشيوعي الذي يناقش الأزمة الاقتصادية على طريقة حزب الكتلة الوطنية؟ ما هو هذا الحزب الذي صار قلقاً حيال مستقبل القطاع المصرفي؟ لتذهب المصارف إلى الجحيم. وليذهب معها من راهن عليها، ومن استدان منها، ومن أودع أمواله في صناديقها المثقوبة. هل صار الحزب الشيوعي ينادي بعلاجات للدين العام على قاعدة مفاوضة سارقي المال العام والخاص باسم الفوائد وحرية السوق؟ ألا يخجل الشيوعيون من كونهم يناقشون الأمر أصلاً؟ فيما الحد الأدنى المتوقّع منهم، ولو بالكلام فقط، هو الدعوة إلى إلغاء الديون ووضع اليد على البنوك، وليس الحديث عما يقترب حتى من إعادة جدولة. لكن الحقيقة المرة، والكارثة الكبرى، أن الفكر الليبرالي تغلغل في العقل القيادي للحزب الشيوعي.
ولا تقف الأمور عند هذا الحد. فجأة ترى الشيوعيين وقد أصابتهم لطشة اليمين اللبناني الفاشي. هل صرتم معجبين بأدبيات التيار الوطني الحر حول أزمة النازحين السوريين؟ وهل تخشون على التوازن الديموغرافي في لبنان إن بقي السوريون عندنا لعدة عقود؟ هل تعرفون قوة العمل التي مثّلها هؤلاء في لبنان ما بعد الحرب الأهلية؟ ألا يعرف الشيوعيون أن إعادة تشكّل النقابات العمالية اليوم لن تتم من دون عمال حقيقيين؟ ومع قليل من التدقيق، سيتبيّن للرفاق أن لا وجود لعمال حقيقيين إلا بين المقيمين السوريين والمصريين والسودانيين وأبناء القارة السمراء وشرق آسيا!
ثم عندما تقترب الورقة من الحديث عن الوضع في سوريا يخرج أرنب الحل السياسي. تتحدث الورقة بشيء من الغربة، وكأننا أمام حزب الوسط في الأرجنتين. هل أفاق الحزب الشيوعي من سباته بعد وينتظر على التل أيضا؟ هل لديه شكوك في ماهية الوضع وطبيعة المعركة القائمة في الإقليم؟ هل هو مقتنع بأن هناك حلاً سياسياً ترعاه دول القهر والاستعمار من الغرب والشرق وما بينهما؟ هل ناقش الحزب واقع سوريا مع أهلها أصلاً؟ وهل يعرف الشيوعيون حقيقة ما يجري في سوريا والعراق اليوم.
المشكلة، هنا، أن الحزب الشيوعي في هذه اللحظة بالذات، حيث الصراع على وشك الحسم، يقارب المسألة السورية بعقل يخلو من أي حس سياسي. كيف يمكن لحزب شيوعي تناسى أن جلّ همنا، كلبنانيين على الأقل، هو أن تقف سوريا على قدميها، وأن تستعيد دورها كدولة تملك كياناً اقتصادياً متكاملاً، وتشكل المدى الاقتصادي الحيوي لهذا البلد التافه المتخصّص بالتسوّل. هل تعتقدون أن تنمية شمال لبنان وبقاعه باتت ممكنة من دون اتصالهما العضوي بالاقتصاد السوري؟ هل نسيتم أن كل مشروع الغرب هدفه تثبيت فكرة الانفصال عن سوريا اقتصادياً وثقافياً قبل الانفصال السياسي، أم صرنا معجبين بمقولة الصفر الاستعماري ليسار سوريا المرتهن للغرب؟ ألا تعرفون أن الاندماج مع سوريا هو أحد محدّدات مستقبل اقتصاد لبنان؟ هل تحتاجون إلى درس في الإنتاج وآلياته والتسليع ورأس المال والثروات الوطنية، أم تنتظرون غودو المؤسسات المالية الدولية؟
ما الذي تقوله الورقة في ما خصّ قضية فلسطين؟ هل صار الحزب الشيوعي يخجل أو يخشى الدعوة إلى مقاومة شاملة لتحرير كل فلسطين؟ هل بين قيادته من يصدق حيلة القرار الوطني الفلسطيني المستقل؟ ما الذي تفعلونه يا شباب. هل بات دوركم يقتصر على إقراركم بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة؟ هل أنتم فرع لمنظمة أممية تتحدث عن حقوق الإنسان أم ماذا.؟ هل تصدقون فعلاً أن تحرير فلسطين ممكن من دون معركة كبيرة في الإقليم، أم أنكم تنظرون إلى المقاومين في فلسطين، اليوم، على أنهم مرتزقة؟ كان ينقص بيانكم مناشدة السلطة الوطنية الفلسطينية تعزيز التعليم الرسمي في البيرة وتحسين شبكة الصرف الصحي في طولكرم!
ماذا أصابكم، وما الذي دهاكم؟ هل هو العمى الايديولوجي؟. إذا كانت قوى المقاومة الفعّالة ليست على ذوقنا الفكري، هل نتحول إلى معادين لها، ثم نتحدث مثل كل جماعات أميركا في العالم العربي، ممن يؤكدون حق الفلسطينيين في دولة وضرورة مناهضة الاحتلال، من خلال استرضاء المجتمع الدولي، أو من خلال خطب وعظات؟
وبعد، لا يكتفي البيان بهذه المهزلة، فعند انتقاله إلى الحديث عن لبنان وصراعه مع العدو، يخرج بمفردات مثل «دولة مقاومة» و«تعزيز قدرات الجيش». ألم ينتبه كاتب البيان إلى استعارة مُقيتة لشعار «احتكار الدولة للسلاح» الذي ترفعه قوى 14 آذار العميلة لأميركا والتي غطّت العدوان الإسرائيلي على لبنان ودعمته؟ هل يتذاكى الشيوعيون على أنفسهم وهم يعرفون أنه ليست لدى لبنان أي إمكانيات حقيقية - مادية وسياسية - لمواجهة إسرائيل من دون إطار مقاوم واسع في المنطقة؟ وفي الأساس، كيف يمكن للشيوعيين تجاهل أن إسقاط إسرائيل، قلعة الامبريالية في المنطقة، بات شرطاً لازماً لأي استقلال كامل وتنمية حقيقية، ليس في فلسطين فقط، بل في لبنان وكل العالم العربي... ماذا دهاكم يا رفاق. هل تنطقون بعبارات «القوات اللبنانية» وكل من يتحدثون عن تقوية الجيش وهم يقصدون التهجّم على المقاومة؟
فوق ذلك كله، يعود الحزب إلى الحديث عن التغيير الداخلي للنظام في لبنان. ويطالب بإجراء انتخابات نيابية وفق نظام الاقتراع النسبي وعلى أساس اعتماد لبنان دائرة واحدة بعد مغادرة القيد الطائفي. هل تمزحون معنا؟ وهل تعتقدون فعلاً أن هذه الانتخابات إن حصلت، الليلة قبل الغد، يمكن أن تأتينا بالحل؟ هل أنتم مقتنعون، فعلاً، بأن أسابيع من قرع الطناجر ستقود إلى إسقاط سلطة لا نظام؟ ألا تعرفون، أو لنقل ألا تخشون أن تأتينا الانتخابات بغوايدو آخر... أم تريدون نسخاً إضافية من بولا يعقوبيان؟
حتى العلمانية التي ترددون الأغاني عنها، لا تنفع، ولم تنفع، في مواجهة الطائفية. هذا الطرح يكشف الخلل العميق في فهمكم لجوهر الطائفية في لبنان وفي فهم العلمانية أيضاً. الطائفية لا علاقة لها بالدين حتى يكون الحل بالعلمانية. الطائفية هي شكل من أشكال الفساد وليست جذره. الفساد بنيوي في أصل الرأسمالية، سواء أكان القائمون عليها ملحدين أم من طيف ديني واحد.
منذ توقّف الحرب الأهلية في لبنان، حصل انزياح كبير لدى عدد كبير من كوادر الحزب الشيوعي وقواعده نحو الفكر الغربي بحجة التعلّم. لكن جلّ ما يبحث عنه المعنيون بالتجارب الغربية من الكوادر، وبعضهم صار ضمن الهيئات القيادية، هو انتزاع اعتراف الرجل الأبيض بهم. يهيم هؤلاء على وجوههم لتشكيل منظمات غير حكومية أو تحويل الحزب نفسه إلى منظمة غير حكومية. يكفي الاستماع إلى يساريين أجانب وهم يصفون سلوك هؤلاء إزاء الرجل الأبيض أو ممثله في المؤتمرات الخارجية. ومشكلة هؤلاء اعتقادهم بأن صياغة منهج فكري جديد أمر ممكن على طريقة صناعة العجّة: قليل من الماركسية لكن وفق الطبعة الغربية، تُخلط مع باقة من الأفكار الإنسانية حول العدالة الاجتماعية، وتُضاف إليها رشّة من حقوق المرأة والطفل، وملعقة من زيت الاستقلالية الوطنية، وتضعها على نار الثورات الملوّنة الهادئة. وانتظر بضعة أسابيع، لتكون لديك دولة اشتراكية!
عملياً، هذا هو حال من أعدّ هذه الورقة المزحة. على الأقل، يمكن لهؤلاء أن يفعلوا ما يشاؤون. أن يكتبوا وينظروا ويقرروا. لكن ليفعلوا ذلك بصفتهم الحقيقية التي لا تمتّ بصلة إلى الحزب الشيوعي. وهم، أساساً، يعبّرون صراحة عن رغبتهم بكسر القالب الجامد والمتخلّف. فلماذا لا يفعلون ذلك وهم يعلنون، ببساطة، أنهم باتوا مثلنا: شيوعيين سابقين!؟
التُّفَّهُ المبهورون بالفضاء العلمي الغربي، ألا يسألون أنفسهم عن كيفية حصول الغرب على هذه القدرات؟ إذا كانت الطبيعة قد قررت أن ثرواتها متوافرة في أماكن معيّنة من هذا العالم، فمن قرر أين يكون استثمارها؟ هل فكّر هؤلاء في أنه لو قُيّض لنا، أبناء الجنوب، أن نحرم أهل الشمال من ثرواتنا الوطنية في الطاقة والمياه والبشر، كيف كان سيكون الوضع عندهم؟ وهل تخلينا طوعاً عن هذه القدرات، أم نسي أساتذة التاريخ حروب استعمار البشر على مدى مئات السنين، لينتهي الأمر بحياة هانئة في بعض الشمال مقابل جوع وموت يسيطران على بقية سكان الأرض؟
كيف يمكن لحزب شيوعي وضع برامج مع من يتلقّون الأموال من دول الاستعمار الأوروبي والأميركي والجهات المانحة. ليراجع هؤلاء بعض الأرقام البسيطة عن حال العالم الذي رحلت عنه الاشتراكية المحقّقة، بفعل الثورات الملوّنة. يكفي، فقط، إيراد رقم يتعلق بثلاث دول، هي أوكرانيا وبلغاريا ورومانيا، حيث خيضت معارك الحريات في مواجهة القمع والتسلط وحيث تلعب المنظمات غير الحكومية دورها الرائع. وللعلم فقط: لقد تراجع عدد سكان هذه الدول من 85 مليون نسمة في عام 1989 إلى أقل من 60 مليون نسمة اليوم. هلّا دقّقتم في الأسباب. ما هي أسباب ارتفاع نسبة الوفيات، وتراجع نسبة الزواج والولادات، وما هي نسبة المهاجرين للعمل بالسخرة عند رفاق جورج سوروس في الغرب الأبيض، أو أولئك الذين أُعيد إحياء عالم الرقيق بهم في مواخير أوروبا؟ هل تعرفون حجم تراجع التقديمات الاجتماعية في أوروبا الغربية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي حتى اليوم، وفوق ذلك، نرى بينكم من يعاني الأمرّين لأنه لم يزر بعد ديزني لاند!؟
يُفترض أن الحزب الشيوعي هو من يقود الناس لا من يسير خلفهم. وليس من المنطقي ولا من العقل أن ينجرّ خلف شعارات ومواقف شعبوية تشبه البيانات الوزارية للحكومات أو خطابات النواب في حملاتهم الانتخابية.
الحزب، مع هذا البيان، كمن يقف على رأسه، لا على قدميه. وطالما لا يرى الشيوعيون علاقة لبنان واندماجه بالمنظومة الدولية - الرأسمالية، وطالما لا يرون إلا الداخل أساساً للأزمة والحل، وطالما لا يرون أن المقاومة هي ذخر استراتيجي لأي مشروع فكّ ارتباط مع الخارج، فلن يكون بمقدور الحزب الشيوعي سوى رمي المزيد من الوسخ تحت سجادته. ومثل هذا البيان، في أحسن الأحوال، يمكن أن تصدره شخصيات محترمة معنيّة بالوضع العام، لا حزب يفترض أن يعرف عناصر الأزمة!
ولأنه كذلك، فإن من كتبه صار مثلنا، نحن الذين خرجنا أو أُخرجنا من الحزب الشيوعي، ثم اتُّفق على تسميته بالشيوعي السابق!
تحت عنوان: الحزب هو الحزب الشيوعي اللبناني رد على ما جاء في جريدة الأخبار الجمعة 31 كانون الثاني 2020 نشر الرد في جريدة الأخبار رداً على مقال رئيس تحرير جريدة «الأخبار» اللبنانية المنشور يوم 27 كانون الثاني 2020، جاءنا من الحزب الشيوعي اللبناني المقال الآتي:
إن مناقشة موقف الحزب الشيوعي اللبناني وموقعه من الأحداث الجارية، في لبنان كما في المنطقة، هو أمر مرحّب به، بل مطلوب. ولكن الاستفادة من هذه المناقشة تتطلّب أخذ جانب الموضوعية والمصداقية والنقد البنّاء في تشريح الموقف وتحليله.
لم يكن الحزب الشيوعي اللبناني مضطراً، في مرة من المرات ولن يكون، إلى أن يقدم تقريراً أو شرحاً لأحد إلّا للشعب اللبناني. وهو يقدّمه لا بالمقالة أو التوضيح أو التصريح فقط، بل في الشارع. هو حزب المقاومة الوطنية اللبنانية والعربية، وآلاف الشهداء والجرحى والأسرى الذين غطّوا مساحة لبنان، منذ الشهيد الشيوعي الأول عساف الصبّاغ عام 1936 الذي قضى على طريق فلسطين. وعليه، نعم شاءت الظروف أن تعاند هذه الحركة الثورية، التي تكاد تكون الوحيدة في لبنان التي قدمت مشروعاً وطنياً للتحرير والتغيير عبر المقاومة، واستمرّت حتى اليوم متمسّكة بهذا الموقف.
لقد ربط الحزب الشيوعي على الدوام ما بين النضال المباشر ضدّ مشروع إمبريالي غربي، تجاوز حضوره في منطقتنا قرناً من الزمن، والنضال الديموقراطي من أجل التغيير في لبنان، منطلقاً من أن هذا المشروع يفتّت دولنا، زارعاً كياناً سرطانياً، ويستتبع أنظمة سياسية حكمت فاستبدت وخسرت معركتَي التحرير وبناء الدولة مع تبديدها للثروات، ولم تنجح إلّا في قهر شعوبها التي ما أخطأت ولو لمرة واحدة في القضية الأساس، مهمة تحرير فلسطين والأراضي المحتلة. أما تناول هذا الموضوع بشكل انتقائي، وعلى قاعدة حسم التموضع في الصراع قبل فهمه أو لمصلحة خاصّة، فإنه يُفقد المقاربة السياسية موضوعيتها. فالتناقض الأساسي في لبنان والمنطقة كان ولا يزال محكوماً بمواجهة الإمبريالية الغربية ومشاريعها العدوانية المتعددة وما يدور في فلكها من أنظمة سياسية رجعية وفاسدة.
وفي الشأن الداخلي، لم تلتبس القضية ــــ قضية العمال والشباب والنساء والمقهورين والمقصيّين والفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة ــــ بل بقيت واضحة كوضوح الشمس. لم يتعب الحزب الشيوعي اللبناني على مدى قرن من الزمن ولم يهن، فيما تعب كثيرون. فقد صمد الحزب الشيوعي، بالرغم من كل الصعوبات والأزمات، وواجه، وتشهد له اليوم ساحات الانتفاضة التي تعمّ لبنان. وربّما لم يتمكّن الحزب من تخطّي كل هذه الصعوبات والأزمات، ولكن جمهوره بقي متحرّراً من أوبئة الطوائف والمذاهب وفتات منافعهم الزبائنية وأموالهم، وتصدّى باللحم الحيّ لناهبي الأموال العامة والسلطة المتنفّذة الجائرة التي تشترك فيها كل «الفدراليات المذهبية الحاكمة» انطلاقاً من انتمائها المشترك إلى النظام السياسي الطائفي نفسه.
نعم، هنا تكمن المعضلة. فكيف لنا أن نقاوم ونكون في الوقت نفسه شركاء في سلطة تأتمر أكثرية مكوناتها بأوامر الإدارة الأميركية، أو شركاء في تحالفات ملتبسة وغير مبدئية. وكيف لنا أن نضمن ــــ ونحن نرفع الرايات في ساحات المواجهة ــــ عدم التحوّل، سواء عن وعي أو غير وعي، إلى رافعة تحمي منظومة سياسية ائتلفت في نظام طبقي ــــ طائفي، أقل ما يُقال فيه، إنه فاسد واستئثاري في الداخل، وخاضع للتبعية والارتهان للخارج. هذا ما يجب أن يُقال كي لا نقع في فخّ المشاركة في التعمية على ما يحصل. فالانتفاضة الشعبية الحاصلة قُمعت على أيدي أدوات السلطة الأمنية وبعض القوى المحسوبة على المقاومة الإسلامية، وجرى ويجري تعويم النظام الطائفي عبر الدعم ــــ غير المتوقع ــــ من جانب هذه القوى بالذات التي يُفترض أن تكون الدرع الحامية لمشروعية تطلّعات الشعب اللبناني. وكان يجب أن يتسع هذا المشروع لكل فقراء لبنان ومن كل المناطق، وأن يحتل الدفاع عن مصالحهم الملموسة أولوية الأولويات، وإذا ما حصل اختراق مشبوه، فإن الشعب المنتفض هو الكفيل بمواجهته. أما الكلام السطحي، عن انزلاق الحزب الشيوعي أو قيادته، إلى مستنقع مؤامرات «المجتمع المدني» والانحراف الليبرالي والسفارات وإلى «غربة» عن القضية الفلسطينية والأزمة السورية، وغير ذلك من مقولات يراد منها الترهيب والإسقاط الفوقي، فإننا لا نجد حاجة للتوقف عنده، تاركين للمناقش العودة ليس فقط إلى وثائق الحزب وإعلامه وبياناته ومؤتمراته الصحافية، بل إلى نشاط وتضحيات جمهوره القاعدي في كل المعارك الوطنية والسياسية والاجتماعية الكبرى وفي الشوارع والساحات العامة.
إن ما يواجهه الشعب اللبناني اليوم من سياسات امتدت لثلاثين سنة خلت، ناتج من بنية نظام سياسي عميق ومتوارث أوصل البلد إلى الانهيار. والطبيعة الطبقية والطائفية للنظام الحاكم وتبعيته المطلقة للخارج وتماهيه الفجّ مع الاستئثار والفساد وهدر المرفق العام، وإنتاجه الدائم لظاهرات البطالة والفقر وتهجير الشباب، هو ما كان يلزم تسليط الضوء عليه ومحاسبة من تسبّب به أو شارك فيه أو تغاضى فعلياً عنه، وهذه البلطجة الإعلامية على موقف الحزب هي لحماية هؤلاء وضرب الانتفاضة. لقد نزل الشعب اللبناني بكثافة غير مسبوقة إلى الشارع وفي كل المناطق رفضاً للنظام الطائفي البائس وتشكيلاته المختلفة، وتجسيداً للحقّ وتكافؤ الفرص في العمل والعلم والصحّة والنقل العام والسكن والبيئة النظيفة. وقد أسقط الشعب الحرم المفروض على الاعتراض في وجه السلطة المتحكّمة التي تتقاسمها الموالاة والمعارضة. ولم يَرُقْ قوى السلطة وسياسييها وأبواقها وكتّابها وأقلامها المتنمّرة والمستهزئة هذا المشهد العام الذي فتح الباب فعلياً أمام إمكان إحداث تغيير فعلي في نظام سياسي طائفي فقد السيطرة على كل آلياته الإجرائية وقوّض أسس الانتظام العام.
نعم، لم تستطع مجاميع السلطة وأدواتها الإعلامية أن تفهم أو تتخيل أن مواطنين من كل لبنان قد كسروا، ولو آنياً، حواجز المناطق وشرانق المذاهب، فهبّت الأقلام لتصرف النظر عن نظام متداع وتلصق التهم بالمشاركين وتنعتهم بالعمالة والتبعية والاستزلام للخارج، مع العلم بأن «الشركاء في الوطن»، الموجودين في حكومات «الوحدة الوطنية» المتتالية لم يخفوا يوماً من الأيام ارتباطهم بمشاريع سياسية في المنطقة معادية وموالية للمشروع الأميركي تحديداً.
إن ما قام به الشعب اللبناني طوال مدة تزيد على ثلاثة أشهر لم يكن بفعل تدخل خارجي أو مؤامرة حاكتها دوائر الاستعمار الغربي، بل بفعل تبعية نظامنا السياسي الطائفي بالأساس للرأسمال المعولم وخضوعه لضغوطه. نعم، لقد نزل الشعب اللبناني بمجموعات فيها من تنوّع المواقف والأسباب والموجبات والولاءات والتطلعات ما يجعل التناقض أو التمايز في العديد من الآراء أمراً قائماً. وهذا إن دلّ على شيء فإنه يؤشر إلى شمول التحركات كل المناطق وأكثرية الفئات المتضررة، وهو إدانة صارخة لمجمل الاصطفافات الطائفية والمذهبية السلطوية التي ضربت الحركة النقابية المستقلة، وهيمنت على كل أطر العمل الاجتماعي والبلدي طوال ثلاثين عاماً، لكن الانتفاضة جعلت من إمكانية قيام مشروع مشترك أو قيادة موحّدة للتغيير الديموقراطي أمراً أكثر نضوجاً وهو كما يبدو مصدر قلق وإزعاج وخوف. وعليه، فإن مجموعة المبادرات التي حصلت، والتي كانت بأكثريتها تنشد تجميع القوى حول قواسم كبيرة ومشتركة، لم تنجح حتى الآن بشكل كليّ، ولكن هذه المبادرات مستمرّة وهي نجحت على الأقلّ في توحيد أكثرية الشعارات وفي معظم الساحات.
وهذا الواقع المتنوع لم يلغ تنسيق المواجهة وتوحيدها وتجذيرها باتجاه المصرف المركزي وجمعية المصارف وكبريات المصارف في بيروت والمناطق، وضد مواقع الفساد من شركات ومؤسسات عامة، كالكهرباء وTVA وأوجيرو ومجلس الجنوب وغيرها الكثير... حيث استهدف المنتفضون كسر الأذرع المالية للفساد وللمؤسسات المالية الدولية وسياساتها المنحازة لأصحاب رأس المال على حساب أكثرية اللبنانيين. وما قامت به تلك القطاعات الشبابية يعبّر عن وعي طبقي وثوري نقيّ، ويعكس صوابية خيارها السياسي ومصداقيته.
إن ما يجري اليوم في لبنان هو انتفاضة ضد نظام طائفي متخلّف ومدمّر للموارد والطاقات، ولا حل إلّا بكسر هذا النظام عبر الانتقال إلى نظام انتخابي قائم على النسبية خارج القيد الطائفي، بصرف النظر عن النتائج المتحقّقة. فخيار بناء الدولة الوطنية القادرة على المواجهة لا يمكن أن ينجز إلّا من هذا الباب، وعبر قيام اقتصاد منتج يقوم على بنى اقتصادية حقيقية وتكامل مع الدول العربية المجاورة أيضاً، لن يكون إلّا من خلال إلغاء نظام المحاصصة والتبعية.
في النهاية، فإن صفة «السابق» لن تكون إلّا لهؤلاء، الذين بكّروا في الفرار من مركب الحزب يوم شحّت الموارد وضعفت الامتيازات وكثرت الإغراءات الداخلية والخارجية. ونطمئن الجميع إلى أن كل صاحب رأي، وإن كان مخالفاً، تبقى مكانته قائمة ومحترمة داخل الحزب وبين رفاقه، أمّا الانتهازي والفوقي والمتنمّر والمتوزّع شتاتاً فلم يعد له مكانة على جدول أعمال الشيوعيين في هذه الأيام.
بيروت في 30/1/2020 قطاع الإعلام المركزي في الحزب الشيوعي اللبناني
#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثون عاماً على كتاب الرأسمالية تجدد نفسها
-
يعجبني ماركس أكثر من سواه
-
من يملك الدَّين الأمريكي؟
-
قرية سورية منحوتة في الصخر
-
حدثنا عن العدالة يا أردَشير
-
صورة الشاعر إيمي سيزار
-
جهاد محمد...والرقص مع الذئاب
-
ماذا سيحدث غداً يا تولستوي؟
-
تجدُّد ماركس
-
كيف تكون شيوعياً جيداً؟
-
على عتبة المؤتمر
-
في الحيلة لدفع الأحزان
-
منصور الأتاسي وداعاً
-
غزة في الوجدان
-
براميل متفجرة وطناجر مطبخ
-
دقيقتان مع ونستون تشرشل
-
مات طباخ الرئيس
-
عبدالله حنا يكتب عن خالد بكداش
-
امرأة شجاعة من أهل البادية السورية
-
قِلَّة أدب
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|